طوم براك هدد لبنان في حوار مع ذا ناشونال
مقالات مختارة
عدلا مسعود
نيويورك
12 تموز/يوليو 2025
حذّر المبعوث الأميركي الخاص توم باراك يوم الجمعة [11 تموز يوليو الجاري] من أنّ لبنان يواجه خطر الوقوع تحت سيطرة قوى إقليمية ما لم تتحرّك بيروت لمعالجة مخزون الأسلحة لدى حزب الله.
وقال السيد باراك، وهو المبعوث الخاص إلى سوريا وسفير الولايات المتحدة لدى تركيا، لصحيفة «ذا ناشيونال» إنّ على لبنان أن يحل هذه المسألة وإلا فإنه قد يواجه تهديدًا وجوديًا.
“لديكم إسرائيل من جهة، وإيران من الجهة الأخرى، والآن باتت سوريا تُظهِر نفسها بسرعة كبيرة، فإذا لم يتحرك لبنان، سيعود ليصبح بلاد الشام مرة أخرى”، قال مستخدمًا الاسم التاريخي لمنطقة سوريا.
“السوريون يقولون إنّ لبنان هو منتجعنا البحري. لذا علينا أن نتحرّك. وأنا أعلم كم يشعر الشعب اللبناني بالإحباط. هذا الأمر يُحبطني أيضًا”.
وقال السيد باراك إنّ الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر مستعدون لتقديم المساعدة إذا تولّى لبنان زمام المبادرة.
ويوم السبت، [12 تموز يوليو الجاري] نشر السيد باراك على وسائل التواصل الاجتماعي أنّ تصريحاته كانت تهدف إلى الإشادة بـ«التقدّم اللافت الذي أحرزته سوريا» وليس إلى توجيه «تهديد للبنان”.
وقال على منصة «إكس»: «أؤكد أنّ قادة سوريا لا يريدون إلا التعايش والازدهار المشترك مع لبنان، والولايات المتحدة ملتزمة بدعم تلك العلاقة بين جارين متكافئين يتمتعان بالسيادة، ينعم كلاهما بالسلام والازدهار”.
“تصريحاتي يوم أمس كانت إشادة بالتقدّم اللافت الذي أحرزته سوريا، وليست تهديدًا للبنان. لقد وصفت الواقع المتمثل في أنّ سوريا تتحرك بسرعة الضوء لاقتناص الفرصة التاريخية التي وفّرها رفع العقوبات من قِبل @POTUS: استثمارات من تركيا والخليج، وانفتاح دبلوماسي.
في الشهر الماضي، قدّم السيد باراك للمسؤولين اللبنانيين مقترحًا لنزع سلاح حزب الله وتنفيذ إصلاحات اقتصادية، بهدف المساعدة في إخراج البلاد من أزمتها المالية المستمرة منذ ست سنوات، وهي من أسوأ الأزمات في التاريخ الحديث.
يربط المقترح الأميركي المساعدات المخصّصة لإعادة الإعمار ووقف العمليات العسكرية الإسرائيلية بنزع سلاح حزب الله الكامل في أنحاء البلاد.
ومنذ بدء وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر، سحبت الجماعة المدعومة من إيران معظم قواتها من الحدود مع إسرائيل. وتصرّ إسرائيل على ضرورة نزع سلاح الحزب على مستوى الوطن بأسره.
ورداً على المقترح، قدّمت السلطات اللبنانية وثيقة من سبع صفحات تطالب بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي المتنازع عليها، بما في ذلك مزارع شبعا، وتؤكد على سيادة الدولة على جميع الأسلحة، مع التعهد بتفكيك ترسانة حزب الله في جنوب لبنان.
لكن الوثيقة لم تصل إلى حد الموافقة على نزع سلاح الحزب على مستوى البلاد.
وقال السيد باراك: «وجدتُها متجاوبة، متجاوبة جدًا»، مع إقراره بأن هناك نقاط خلاف باقية.
“هناك مسائل علينا أن نصارع حولها لنصل إلى استنتاج نهائي. تذكّروا أنّ لدينا اتفاقًا… لقد كان اتفاقًا عظيمًا. المشكلة أنّ أحدًا لم يلتزم به”.
وشدّد على ضرورة تحرّك لبنان بشكل عاجل.
وعندما سُئل عمّا إذا كانت موافقة حزب الله على إلقاء سلاحه والتحوّل إلى حزب سياسي بحت ستدفع إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى رفع اسمه عن قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية الأميركية، كما فعلت مع هيئة تحرير الشام في سوريا، رفض الخوض في التفاصيل.
وقال للصحفيين في نيويورك في وقت سابق من يوم الجمعة: «لست أتهرب من الإجابة، لكن لا أستطيع الإجابة عنها».
ولدى سؤاله عن سبب عدم إعلان رئيس لبنان جوزيف عون التزامًا علنيًا بجدول زمني لنزع السلاح، قال باراك: “إنه لا يريد إشعال حرب أهلية”.
قال السيد باراك إنّ القوات المسلحة اللبنانية يُنظر إليها على نطاق واسع بوصفها «الأفضل، والأكثر حيادية، والوسيط الموثوق» في الأزمة الحالية، لكنها تواجه نقصًا حادًا في التمويل بسبب الانهيار الاقتصادي في لبنان.
وأشار إلى أنّه على الرغم من مصداقية الجيش اللبناني، فإنه يعمل «بميزانية هزيلة للغاية»، ما يضطر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان، «اليونيفيل»، إلى سدّ هذه الفجوة بنحو 10 آلاف جندي.
وقال السيد باراك: «بارك الله في الأمم المتحدة وقوات اليونيفيل، لكنهم لا يملكون حقًا القدرة على القيادة والسيطرة على الأمور الصعبة”.وأقرّ السيد باراك بأنّ أي محاولة لنزع سلاح حزب الله بالكامل قد تكون شديدة الحساسية وتنطوي على خطر إشعال حرب أهلية.
واقترح مسارًا ممكنًا قد يتضمن موافقة حزب الله طوعًا على نزع سلاحه الثقيل، بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيّرة، وتسليمها إلى مستودعات خاضعة للرقابة ضمن «آلية» تضم الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل والجيش اللبناني.
وقال السيد باراك إنّ الجيش اللبناني يفتقر إلى الموارد والقدرات البشرية اللازمة لتنفيذ مثل هذه المهمة.
وأضاف: «ليس لدينا الجنود على الأرض لكي يتمكن الجيش اللبناني من القيام بذلك بعد، لأنهم لا يملكون المال. إنهم يستخدمون معدات عمرها 60 عامًا”.
ونتيجة لذلك، أوضح أنّ حزب الله يجادل بأنه لا يستطيع الاعتماد على الجيش اللبناني لحمايته.
وقال: «حزب الله ينظر إلى الأمر ويقول: لا يمكننا الاعتماد على الجيش اللبناني. علينا الاعتماد على أنفسنا لأنّ إسرائيل تقصفنا كل يوم، وما زالت تحتل أرضنا»، في إشارة إلى المناطق الحدودية المتنازع عليها المعروفة بـ«النقاط الخمس».
وأوضح السيد باراك أنّ معالجة هذه المخاوف الأمنية، مع تجنّب التصعيد نحو نزاع، ستتطلب دعمًا دوليًا لتعزيز قدرات الجيش اللبناني وآلية لإدارة الأسلحة الثقيلة بموافقة جميع الأطراف.
وقال إنّ الولايات المتحدة تواصلت مع شركائها في الخليج طلبًا لتمويل القوات المسلحة اللبنانية، لكنها واجهت مقاومة.
وأضاف: «الولايات المتحدة تذهب إلى شركائنا الخليجيين الموقرين وتقول لهم: نريد أموالًا تذهب إلى الجيش اللبناني. لماذا لا يرغب شركاؤنا في الخليج بفعل ذلك؟ لأنهم أعطوا الكثير من الأموال للبنان في الماضي، لكنها ذهبت إلى القادة الفاسدين. لذا يقولون: نعم، انتهينا».
وأشار إلى أنّ دول الخليج مترددة في الاستثمار مجددًا من دون ضمانات بأنّ الأموال ستتجاوز النخبة السياسية الراسخة والفساد في لبنان.
وقال السيد باراك: «هذه هي المعضلة الكبرى»، مضيفًا أنّه من دون دعم مستدام للجيش اللبناني سيظل هذا الجيش يفتقر إلى الموارد، ما يعقّد أي جهود لاستقرار البلاد وتقليص نفوذ حزب الله.
وقال السيد باراك: «نحن بحاجة إلى المساعدة في تعزيز الجيش اللبناني. يمكننا القيام بذلك جنبًا إلى جنب مع دول الخليج، وجنبًا إلى جنب مع اليونيفيل، بينما نعيد تعريف دورها على نحو مستمر».
