كتبت مارلين خليفة في موقع “مصدر دبلوماسي”:
تشهد نيويورك لقاءات دبلوماسية مكثفة يشارك فيها مسؤولون لبنانيون ودوليون قبيل قرار التجديد لقوات اليونيفيل في 31 آب/أغسطس الجاري، الثابت حتى الآن أن البند 16 موضوع النقاش لن يخضع لأي تعديل، كما أن مسودة التجديد التي تكتبها فرنسا كحاملة القلم عن لبنان لا تتضمن نصا لجعل تفويض اليونيفيل تحت البند السابع… بينما المطروح تعديل محلي ثنائي بين اليونيفيل والحكومة اللبنانية والجيش اللبناني وهو يتعلق بـ”السوفا”، وهي الاتفاقية المعقودة بين الامم المتحدة من جهة والبلد المضيف من جهة ثانية لتنفيذ القرار 1701 ولا علاقة لها البتة بقرارات مجلس الامن الدولي، هذا التعديل قد يكون تبعا لقرار الجهتين المعنيتين فحسب.
في هذا السياق، شرحت اوساط واسعة الاطلاع في الامم المتحدة لموقع “مصدر دبلوماسي” بأنه لا يوجد نصّ مكتوب في مسودة التجديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان لوضع تفويضها تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، وأن مسودّة قرار التجديد السنوي لـ”اليونيفيل” لا تتضمن نصا مماثلا، وكل ما ينشر في الاعلام تحليلات لا اكثر”.
وكانت صحف لبنانية ومواقع نشرت في اليومين الاخيرين عن وجود نص بهذا المعنى في قرار التجديد المتوقع في 31 آب اغسطس الجاري، وهي استقت معلوماتها من بيان أصدره وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب حول الموضوع ما يشي بأن المفاوضات التي تسبق عادة اتخاذ القرار تنطوي على تحديات هذه السنة ايضا.
يدور نقاش حام حول الغاء البند 16 الذي تبدلت صياغته في العام الفائت والذي أجاز للمرة الاولى لقوات الطوارئ الدولية القيام بدورياتها من دون العودة الى الجيش اللبناني، وهذا خلافا لما كان يحصل منذ العام 2007.
أضيفت هذه الفقرة في قرار التجديد العام الفائت، من دون أن يتنبّه لبنان لها إلا يوم التصويت في مجلس الامن الدولي. استدراكا لعدم تكرار هذا الخطأ توجه وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب الى نيويورك من أجل حثّ اعضاء مجلس الامن الدولي عبر اتصالات دبلوماسية عالية المستوى على اعادة صياغة لهذا البند بشكل لا يكون فيه لليونيفيل حق القيام بدوريات بلا أن علم الجيش اللبناني ومواكبته. إلا أن المعلومات المستقاة من نيويورك لا تشي بأن الرياح ستجري كما يشتهي لبنان. وقد اصدرت وزارة الخارجية اللبنانية بيانا جاء فيه:” بعد اطلاع وزير الخارجية والمغتربين الدكتور عبدالله بوحبيب على مسودة مشروع القرار المطروحة حاليا في مجلس الامن والمتعلقة بتجديد ولاية “اليونيفيل،” عبّر الوزير بوضوح عن رفض لبنان للصيغة المتداولة كونها لا تشير الى ضرورة واهمية تنسيق “اليونيفيل” في عملياتها مع الحكومة اللبنانية ممثلة بالجيش اللبناني، كما تنص إتفاقية عمل اليونيفيل المعروفة بالـ
SOFA
Status of Forces Agreement
كما ذكّر الوزير بوحبيب بأن التجديد السنوي للقوة الدولية في الجنوب يأتي بطلب من الحكومة اللبنانية. كذلك شدد على رفض لبنان بأن يعطي الشرعية لنقل ولاية “اليونيفيل” من الفصل السادس، وفقا” لقرار مجلس الامن الدولي ١٧٠١ الصادر عام ٢٠٠٦ والداعي الى حل النزاع بالطرق السلمية، الى الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة الذي يدعو الى فرض القرار بالقوة”.
وفي المعلومات التي توافرت لموقع “مصدر دبلوماسي” من مصدر واسع الاطلاع في الامم المتحدة بأن أي نص حول وضع التفويض تحت البند السابع “هو مجرّد تكهّنات لبنانية”.
تجديد التفويض لليونيفيل يتم كل 31 آب اغسطس من كل سنة بطلب من الحكومة اللبنانية، وتكون فرنسا هي “حاملة القلم” من اجل لبنان، أي أنها هي التي تكتب مسودّة قرار التجديد سنويا لعرضها على اعضاء مجلس الامن الدولي الخمسة وعلى اسرائيل وعلى الدول الـ10 من غير الدول الدائمة العضوية للتصويت عليها واقرارها بالاجماع .
توجد هذه السنة دول عدة بين الدول غير الدائمة العضوية منها الامارات العربية المتحدة وسويسرا وكوريا الجنوبية الارجنتين…
هذه الدول تطلع على التقرير السابق الصادر في العام الفائت وتقوم بمقارنته مع المسودة المقدمة لهم هذه السنة، وما المتغيرات وما يمكن أن يحذفونها أو يضيفونها، وإذا نفّذت أية فقرة لا يعاد ذكرها مجددا هذه السنة. في الآلية ايضا، تكتب فرنسا حاملة القلم المسودة وتجتمع مع لبنان واسرائيل قبل شهر من انعقاد مجلس الامن الدولي للتداول في المسودة الاولى وبعدها تكتب المسودة النهائية التي ستعرض على مجلس الامن الدولي، وفي هذه المرحلة يحصل الكثير من المد والجزر في المفاوضات تبعا للمواد المكتوبة. طالما مرّت قرارات التجديد لليونيفيل بسلاسة إلا في العام 2016 حيث بدأت ضغوط أميركية قوية لتغيير اللغة المستخدمة لجعلها اكثر تشددا، كذلك في العام 2022 حيث تضمنت المادة 16 فقرة جديدة بمضمونها الذي ينص على أن دوريات اليونيفيل يمكن ان تتم دون الرجوع او مواكبة الجيش اللبناني وذلك بشكل مستقل. في المسودات الماضية والقرارات الماضية كانت الفقرة تنص على أن اليونيفيل تقوم بدوريات من دون تحديد كيفة قيامها بذلك. ويذهب المصدر الأممي الذي تحدث اليه موقع “مصدر دبلوماسي” الى القول بأن “الترجمة لم تكن موفقة السنة الماضية، واللغة الانكليزية هي مرنة الى حد ما”. في العام الماضي، أرسلت المندوبة الدائمة للبنان في الامم المتحدة السفيرة أمل مدللي التي تقاعدت منذ أشهر المسودة الى وزراة الخارجية والمغتربين وبعد الاطلاع عليها مسبقا لم يتم التنبه الى ما تضمنته الفقرة 16، وحصلت “صحوة” وزارة الخارجية اللبنانية بحسب محدثنا عندما عرض النص على اعضاء مجلس الامن الدولي.
في المحصلة، قام قائد اليونيفيل الاسباني اللواء آرولدو لاثارو بلملمة الموضوع. لا يتوقع المصدر في الامم المتحدة أن يتم تعديل الفقرة 16 هذه السنة لتعود كما كانت، بناء على أمر عمليات أميركي تقوده السفيرة ليندا توماس غرينفيلد. جلّ ما سيحصل هو أن قائد اليونيفيل سيقوم هذه السنة ايضا بعقد اجتماع مع الجيش اللبناني ووزارة الخارجية اللبنانية لطلب المساعدة في تنفيذ القرار 1701، وطالما كان لبنان متعاونا ولم تحصل مشاكل ميدانية كبرى، باستثناء مقتل الجندي الايرلندي شون روني في كانون الاول ديسمبر الفائت في العاقبية.
بالنسبة الى المضامين التي سيتطرق اليها قرار التجديد لليونيفيل فهي بحسب المصدر الآنف الذاكر ستشهد فقرة أطول عن منطقتي الغجر وكفرشوبا وذلك بضغط من لبنان ما سيعطي زخما لهاتين المنطقتين المحتلتين من اسرائيل حيث سيطلب منها الخروج منهما. في المقابل هنالك ضغط اسرائيلي لترسيم النقاط الـ13 البرية المتنازع عليها، دفاعا عن نفسها، ولبنان ايضا أبدى رغبة بانهاء الترسيم لأنه يريد ضمان حقوقه بأرضه على قاعدة الكسب للجميع، ومن المنتظر بعد صدور القرار الجديد في 31 آب اغسطس الجاري أن يتم الاستعجال في ملف الانتهاء من ترسيم هذه النقاط، وجميع الاطراف اللبنانية كما اسرائيل تنتظر نص القرار الجديد. سيذكر القرار ايضا جمعية اخضر بلا حدود التي زادت من مراكزها الحدودية مع اسرائيل ومن اعداد المنضوين فيها تحت غطاء البيئة.
وسيكون للجندي الايرلندي شون روني (23 عاما) الذي قضى العام الفائت فقرة هامة بضغط كبير من الايرلنديين الذين زار كبار مسؤوليهم لبنان في غضون عام وسيركز القرار على ضرورة القاء القبض على الجناة. وكان شون روني وهو جندي إيرلندي من قوّة الأمم المتّحدة الموقّتة في لبنان قتل وأصيب ثلاثة آخرون بجروح جراء “حادثة” تخلّلها إطلاق رصاص على عربة مدرعة كانوا على متنها في منطقة العاقبية وفق ما أفادت اليونيفيل ودبلن ومصدر قضائي لبناني حينها اي بتاريخ (15 كانون الأول\ديسمبر 2022).
ويذكر ان نائب رئيس مجلس الوزراء الايرلندي مايكل مارتن، الذي يشغل ايضا منصب وزير الدفاع الايرلندي ووزير خارجية ايرلندا زار كتيبة بلاده في مقرها في بلدة الطيري في الجنوب، يرافقه قائد قوات الدفاع الايرلندي الجنرال شين كلانسي والسفيرة الايرلندية في لبنان ومصر وسوريا نوالا أوبراين، والأمينة العامة لوزارة الدفاع جاكي ماك كروم في 26 كانون الثاني يناير 2023.
ما الفرق بين الفصل السابع والفصل السادس؟
عندما تهدد دولة ما السلام والأمن الدوليين، يمكن لمجلس الأمن أن يتدخل، ويضعها تحت الفصل السادس أو الفصل السابع.
بالاضافة الى ذلك، يتضمن الفصل السادس حل النزاعات بالوسائل السلمية. وفي هذه الحالة يمكن لمجلس الأمن أن يقترح إجراءات على الأطراف المتنازعة لمنع تصعيد النزاع، مثل المفاوضات أو الوساطة أو التحكيم أو اللجوء إلى المحاكم الدولية.
هل نحن الآن تحت الفصل السادس؟
في القانون الدولي، لبنان أعلى قليلاً من الفصل السادس منذ نشر القوات الدولية بسبب الوضع الدقيق في جنوب لبنان. لكننا لم نصل بعد إلى الفصل السابع الذي يتضمن المزيد من الإجراءات التصعيدية.
ماذا يعني وضع الدول تحت الفصل السابع؟
عندما يرى مجلس الأمن أن الإجراءات المتخذة غير فعالة وأن الوضع قد وصل إلى مستوى معين من الخطر، فيمكنه تصعيد الإجراءات درجتين.
ويمكن أن يتراوح ذلك من فرض عقوبات، بما في ذلك العقوبات الاقتصادية وقطع العلاقات الدبلوماسية، إلى استخدام القوة العسكرية على الأرض. وهذا يعني البدء بمهمة مراقبة يمكن أن تتصاعد إلى التدخل العسكري لوقف الصراع بين الطرفين.
لكن هذا السيناريو بعيد حالياً عن لبنان، لأننا لسنا في حالة صراع عسكري مع إسرائيل.
فهل يؤدي وضع دولة ما تحت الفصل السابع تلقائيا إلى مثل هذه الإجراءات؟
ليس تلقائيًا، ولكنه يكون بمثابة تحذير للدولة بأنها إذا لم تمتثل للتدابير المطلوبة، فيمكن اتخاذ مثل هذه الإجراءات بقرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهو قرار ملزم لأي دولة موقعة على ميثاق الأمم المتحدة.
كما أن لبنان، بصفته موقعاً، لا يمكنه إلا أن يعبر عن رأيه، لأنه عندما تكون هناك قوات دولية، فإن القرار لم يعد في أيدي السلطات المحلية وحدها.
وللتوضيح، لا يمكن إيقاف القرار إلا من قبل إحدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن التي تمارس حق النقض: الولايات المتحدة، أو فرنسا، أو المملكة المتحدة، أو الصين، أو روسيا.