كتبت مارلين خليفة:
خيّمت الحوادث في مخيم عين الحلوة أكبر مخيمات الشتات الفلسطيني حيث يقطنه 70 ألف نسمة يعيشون في قلب مدينة صيدا بوابة الجنوب على كل المستجدات السياسية والمالية في لبنان. فالمخيم يقع عند نقطة جغرافية استراتيجية تتقاطع مع مصالح اقليمية ودولية وتتضارب مع مصالح الشعب الفلسطيني وأولها حق العودة.
القراءات السياسية لما يجري في المخيم وفي هذا التوقيت بالذات تأتي ضمن سياق بات مؤكدا بالكامل من قبل المعنيين العارفين بأدق التفاصيل وهو السيطرة على المخيم من قبل الجماعات الإسلامية المتطرفة.
وفي القراءة السياسية السائدة لدى هؤلاء المطلعين على الحوادث وتطورها أنه توجد فصائل فلسطينية اسلامية قررت السيطرة على المخيم مدفوعة من قوى خارجية في إطار إعادة تموضع للجماعات داخل المخيم كما كان في السابق ليكون محطة ارتكاز وخصوصا بعد وصول اعداد من الاصوليين ممن كانوا يقاتلون في سوريا والعراق إلى المخيم وعلى مراحل.
اندلعت هذه الاشتباكات التي دمرت اجزاء لا يستهان بها من المخيم وشردت قرابة الألفي شخص لغاية اليوم بحسب بيان للاونروا، على خلفية اغتيال قائد قوات الامن الوطني الفلسطيني يوم الاحد الفائت اللواء ابو اشرف العرموشي و4 من رفاقه بكمين محكم من قبل مجموعة إرهابية تتحصن في المخيم منذ مدة وقامت قبل ذلك بالعديد من عمليات الاغتيالات.
قبل عملية الاغتيال بيوم واحد، وتحديدا ليل السبت الفائت، قام المدعو محمد زبيدات الملقب بـ”الصومالي” بالانتقام لشقيقه العنصر في قوات الامن الوطني الذي اغتيل في آذار\مارس الفائت على يد أحد الاسلاميين، فقتل ليل السبت الفائت شخصا يدعى عبد فرهود واصاب آخرا ليس الا المطلوب ابو قتادة.
وبعد اجتماع للفصائل، قرر اللواء العرموشي تسليم القاتل للجهات الامنية المعنية فقتل ورفاقه بكمين عند منطقة البركسات ليشتعل المخيم لغاية كتابة هذه السطور.
هيثم الشعبي وفّر الغطاء لمن اغتالوا اللواء العرموشي
وعلم موقع “مصدر دبلوماسي” من أوساط فلسطينية واسعة الاطلاع أنه اثناء التحقيق الدقيق من قبل الجهات الفلسطينية الامنية في المخيم تبيّن بشكل قاطع أن مسؤول “الشباب المسلم” المدعو هيثم الشعبي هو من وفّر الملاذ الآمن والحماية ومكان الكمين والمشاركة للمجموعة المنفذة لعملية الاغتيال التي طاولت اللواء العرموشي ورفاقه وهذا ما يفتح الباب على مصراعيه حول دخول متورطين يقطنون في حي الطوارئ على خط تنفيذ مشروع السيطرة على بعض احياء المخيم.
وكانت معلومات صحافية متداولة تحدثت عن مجموعة من المتطرفين الذين وصلوا قبل أسبوع الى المخيم منهم المطلوب عيسى حمد ونضال المقدح وخالد جمال شريدي. ونقلت المعلومات ومنها مقال نشره موقع “لبنان الكبير” أن “مؤسس مجموعة المقدسي فادي الصالح دبر عملية عودتهم وهو مقرب من حركة حماس ويعمل مع منظمات غير حكومية تركية ويدعم مجموعة الشباب المسلم ومن ضمنهم المطلوب بلال بدر.
مخيم عين الحلوة هدف لجبهة النصرة وداعش
في هذا السياق، كشف مصدر فلسطيني رفيع عن وجود مشروع كبير يتعدى مخيم عين الحلوة الى لبنان من أجل سيطرة تنظيمي “جبهة النصرة” و”داعش” الارهابيين على المخيم. وقال المصدر الفلسطيني الرفيع ردّا على أسئلة موقع “مصدر دبلوماسي” بأن “الدولة اللبنانية حكومة واجهزة تعرف جيدا بدخول عدد من الاشخاص إلى المخيم من الذين حاربوا في سوريا الى لبنان وهم من جنسيات لبنانية وسورية وعراقية.
وكشف المصدر الفلسطيني الواسع الاطلاع عن وجود “مشروع يرتكز الى عدة نقاط، اولها، محاولة السيطرة على مخيم عين الحلوة من خلال الاستيلاء على مربعات محددة، ثانيها، القضاء على قوات الامن الوطني الفلسطيني التابعة لمنظمة فتح” القوة الأقدرعلى فرض الأمن والنظام في المخيم بتعاونها مع بعض القوى في المخيم حيث انها تقود القوة الأمنية المشتركة في المخيم. وسأل المصدر الفلسطيني الرفيع:” هل يقبل اللبنانييون ان ترفع اعلام داعش والنصرة فوق مباني المخيم والتي ستتمدد حكما الى لبنان أم أنهم سيتنبهون للمشروع على حقيقته ويمنعون تمريره في لبنان؟”.
وبالعودة الى اغتيال قائد قوات الامن الوطني اللواء ابو أشرف العرموشي ورفاقه في كمين مسلح روى المصدر الفلسطيني الرفيع وقائع لم يعلن عنها في الاعلام تشير الى أنه “بعد اغتيال اللواء العرموشي شنّت هذه المجموعات المتطرفة هجمات بلا هوادة لمدة يومين اثنين على 6 مواقع تابعة للأمن الوطني الفلسطيني بهدف السيطرة عليها لكنها لم تتمكن من تحقيق هدفها”. وتابع:” بدأت المؤامرة بقتل قائد قوات الامن الوطني لضعضعة عناصر الأمن الوطني وسحقها معنويا بهدف السيطرة التامة على المخيم ليكون قاعدة ارتكاز لهذه المجموعات”. يضيف المصدر:” من المؤسف ان هناك مرجعيات لبنانية أضافت إلى كل من له علاقة بالاسلاميين توفّر الغطاء لتلك المجموعات، وثمة علامات استفهام عن السبب الذي لم يجعلها تستشعر بهذا الخطر الحقيقي الذي يهدد أمن لبنان وكذلك حول تعاطي الدولة اللبنانية مع ما يجري”.
يذكر في هذا السياق ان لهؤلاء المتطرفين بيئة حاضنة في بعض احياء المخيم وهناك احياء كاملة يسيطرون عليها.
ماكينة اعلامية مضللة واكبت حوادث مخيم عين الحلوة
وقال المصدر الفلسطيني الرفيع أن ” ماكينة إعلامية رافقت التمهيد للعملية من خلال صرف الأنظار عن الحقيقة، وكل ما نشر عبر وسائل الاعلام فيه تضليل كبير ومجاف الحقيقة”. وأضاف:” إن منظمة فتح تنظيم ملؤه الحيوية وعناصره شابة، وكل كلام عن أنه تنظيم هرم هو تضليل” ووصف الكلام عن نفاذ الذخيرة لدى المقاتلين بأنه “مضحك ومثير للسخرية، مقاتلو “فتح” ليسوا حديثي النعمة بحمل السلاح”. وعن سبب وقف إطلاق النار قال:” فقط لإفساح المجال امام المرجعيات والقوى التي تريد الخير لشعبنا للوصول إلى نتائج في تسليم القتلة إلى القضاء ونحن نتجاوب مع الواقع والمرجعيات احتراما لها وحقنا للدماء”.