«مصدر دبلوماسي»
“مقالات مختارة” – أمجد اسكندر- إندبندنت عربية
بين الماورائيات و”الميتافيرس” المطلوب على وجه السرعة فلاسفة ومفكرون وجهابذة لطمأنتنا بأننا لسنا كائنات افتراضية
في بداية هذا العام نشرت وكالة “رويترز” تقريراً ورد فيه أن تطبيق “تشات جي بي تي” جاء الأسرع نمواً في التاريخ، فبعد شهرين من إطلاقه بلغ عدد مستخدميه 100 مليون. ألا يستحق هذا التطبيق أن يكون “شخصية العام”؟
كبريات الصحف والمؤسسات العالمية تختار في المعتاد شخصيات استثنائية لعبت أدوراً مهمة في قضية من القضايا. “تشات جي بي تي” تأثيره عالمي وعابر للقارات والطبقات والفئات الوظيفية، و… آني.
على “أمازون” أو “علي إكسبرس” تختار سلعة فينبهك الموقع إلى الوقت الفاصل إلى حين التسليم. فترات التسليم تمتد إلى ساعات وأيام وأسابيع. تطبيقات (ai) أسرع خدمة “ديليفري”، ما إن تعافى العالم من جائحة كورونا البشعة حتى ضربته جائحة الذكاء الاصطناعي. وبينما لم يعرف عن كورونا أية فوائد سرعان ما انشغلت الحكومات والمؤسسات بالأضرار الجانبية لهذا المتطفل الذكي. “هل الذكاء الاصطناعي حلال أم حرام؟” قلة من أصحاب الأسئلة التي ليست في محلها تجرأ في منطقتنا على هذا السؤال. بدلاً من الحلال والحرام سيطرت فكرة منطقية أكثر تدور حول “الفوائد والأضرار”. في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، استضافت بريطانيا “قمة سلامة الذكاء الاصطناعي”. قادة العالم اجتمعوا وناقشوا. 28 من الحاضرين وقعوا على “إعلان بلتشلي” الذي أقر بضرورة التعاون والتصدي للتحديات وتقليل أخطار هذا الوافد الجديد. حتى الصين وافقت. خوارزميات وبيانات استدعت قمة عالمية. قبل ذلك فيروس أصغر من رأس الدبوس جعل العالم يجثو على ركبتيه. قبل أقل من سنة على “قمة سلامة الذكاء الاصطناعي” التي نظمها ريشي سوناك، وقع إيلون ماسك ومجموعة من عمالقة التكنولوجيا على إعلان يدعو إلى وقف البحوث في الذكاء الاصطناعي لستة أشهر ريثما توضع قواعد ضبطه. أحد مخترعي هذا الذكاء إليزر يودكاوسكي، رفض التوقيع. برأيه، كما كتب في مجلة “تايم”، الوقف الموقت لا يكفي، يجب إطفاء المحركات كلياً. السطور الأخيرة من مقالته تحتاج إلى إعادة قراءة حتى تصدق عينيك. كتب حرفياً “إذا مضينا قدماً في هذا المشروع فسيموت الجميع، بما في ذلك الأطفال الذين لم يختاروا هذا ولم يرتكبوا أي خطأ”.
ماسك أرادنا أن نقلق، يودكاوسكي أراد أن نصاب بالهلع، ونجح. قذيفة، أو رصاصة، أو حبل مشنقة… أو لابتوب، تعددت الأسباب والموت واحد. السيد يودكاوسكي يضيف تشاؤماً على تشاؤمه إذ يقول “إلى حد بعيد، فإن الخطر الأعظم الذي يشكله الذكاء الاصطناعي هو أن الناس يستنتجون في وقت مبكر للغاية أنهم يفهمونه”.
يريد يودكاوسكي إقفال كل الأبواب في وجهنا. قبل الإنترنت والكمبيوتر، كان العالم صغيراً، وكان من العصي إدراك الأفكار والفلسفات والنوازع البشرية. كل جواب كان مفتاحاً لآلاف الأسئلة. كانت الساعة 60 دقيقة، والجيل 25 سنة. بين أيدينا هواتف من الجيل الخامس. وبما أننا في العصر الافتراضي، فهواتفنا أقدم منا بنحو 100 سنة. وقبل أن نحل أية أحجية من أحاجي عالم الماورائيات، حل علينا زمن الميتافيرس. هذه الكلمة تعني تحديداً “ما وراء العالم”.
بين الماورائيات والميتافيرس، المطلوب على وجه السرعة فلاسفة ومفكرون وجهابذة لطمأنتنا بأننا لسنا كائنات افتراضية. لربما الكائنات الفضائية التي نتوق إلى الاتصال بها تسللت إلى حواسيبنا، وهي تريد بنا شراً. هل تريد أن ترى كائناً فضائياً؟ انظر إلى شاشتك لا إلى السماء يا غبي. ستيفن بولياك أحد رواد الأبحاث في الخلايا البشرية والفيروسات قدم لنا نصيحة مجانية وموجعة في الوقت ذاته. قال، “قبل أن نعمل على الذكاء الاصطناعي، لماذا لا نفعل شيئاً حيال الغباء الطبيعي؟”. في المحصلة، نحن منشغلون بـ”اليوم التالي” في الشرق الأوسط، وغيرنا أصبح في “العصر التالي”.