العميد تشنغ يو تشونغ، ملحق الدفاع الصيني
في الأول من آب/أغسطس من هذا العام، سيحتفل جيش التحرير الشعبي الصيني بالذكرى الـ97 لتأسيسه، وسيحتفل الجيش اللبناني أيضًا بالذكرى الـ79 لتأسيسه. أنا مسرور جدًا بالاحتفال مع الجانب اللبناني بهذه الذكرى الرائعة.
منذ انعقاد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، لطالما التزم الجيش الصيني باتباع أفكار الرئيس الصيني شي جينبينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، ودفع بقوة قضية تقوية الجيش في العصر الجديد، وحقق بنشاط المسؤوليات والالتزامات الدولية لجيش الدولة الكبرى، وقدّم باستمرار مساهمات إيجابية في الحفاظ على السلام العالمي.
أوّلًا: التركيز على تحقيق هدف الكفاح عند حلول الذكرى المئوية لتأسيس الجيش الصيني وتسريع قضية تقوية الجيش في العصر الجديد
قال الرئيس الصيني شي جينبينغ في التقرير المقدم إلى المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني إنّ “تحقيق هدف الكفاح لتقوية الجيش عند حلول الذكرى المئوية لتأسيسه في الموعد المقرر وتسريع بناء الجيش الشعبي ليصبح جيشاً من الدرجة الأولى في العالم هما من المتطلبات الإستراتيجية لبناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل”. إنّ الجيش الصيني يرسي هدف الكفاح لتقوية الجيش عند حلول الذكرى المئوية لتأسيسه، ويلتزم بتطبيق أفكار الرئيس الصيني شي جينبينغ حول تقوية الجيش، وتنفيذ السياسات الاستراتيجية العسكرية في العصر الجديد، والتمسك بقيادة الحزب الشيوعي الصيني المطلقة لجيش الشعب، وتطبيق نظام مسؤولية رئيس اللجنة العسكرية المركزية،ودفع قضية تقوية الجيش في العصر الجديد بشكل مستمر.
إنّ جيش التحرير الشعبي الصيني يتمسك بقيادة الحزب الشيوعي الصيني المطلقة للجيش الصيني، وينفذ الإستراتيجية السياسية لبناء الجيش في العصر الجديد، ويفهم متطلبات العصر السياسية لبناء الجيش بشكل عميق، سعيًا لتوفير ضمانة سياسية قوية لقضية تقوية الجيش. تعمل الصين على تحسين نظام القوة العسكرية ذات الخصائص الصينية والهيكلية العامة للجيوش البرية والبحرية والجوية والقوة الصاروخية وقوة الطيران العسكري وقوة الفضاء الالكتروني وقوة دعم المعلومات وقوة الدعم اللوجستي وغيرها من الفصائل العسكرية التي تأتي تحت قيادة اللجنة العسكرية المركزية. إنّ الصين تركز على أساسيات التدريب العسكري، والتدريب القتالي الفعلي، والتدريب العلمي والتكنولوجي، والتدريب الدولي، وتدفع بقوة التدريب العسكري النظامي والتدريب العسكري التكنولوجي والتدريب العسكري القتالي، مما يحسن مستوى التدريب القتالي الفعلي والقدرات القتالية للقوات بشكل ثابت. كما يلتزم جيش التحرير الشعبي الصيني بالهدف الأساسي المتمثل في خدمة الشعب بإخلاص، فهو على استعداد في أي وقت لدعم عمليات الإنقاذ في حالات الكوارث الطبيعية المحلية، حيث أرسل عددًا من الأفراد والمعدات اللازمة للمشاركة في عمليات الإغاثة بعد وقوع زلزال قانسو، ونفذ مهمات الإنقاذ من الفيضانات والكوارث الجيولوجية التي حدثت في العديد من المناطق في جنوب الصين، فعل دورًا مهمًا في حماية سلامة المواطنين وممتلكاتهم وتخفيف حدة الضرر الناتج عن هذه الكوارث. يضع جيش التحرير الشعبي الصيني في اعتباره دائمًا مهمته الأصلية، المتمثلة بالدفاع عن السيادة الوطنية والأمن الوطني والمصالح التنموية بقدرات أقوى ووسائل أكثر ضمانة.
ثانيًا: تنفيذ “مبادرة الأمن العالمي” بجهد وتقديم خدمات الأمن العام بشكل فعّال
لطالما كانت الصين دولة بانية للسلام العالمي، ومساهمة في التنمية العالمية، ومحافظة عن النظام الدولي. اقترح الرئيس الصيني شي جينبينغ “مبادرة الأمن العالمي”، مؤكدًا على أن “الأمن لن يكون راسخًا ومستدامًا إلا عندما يكون مدعومًا بالأخلاق والعدالة والأفكار الصحيحة “.يلتزم الجيش الصيني بتنفيذ مبادرة الأمن العالمي بإجراءات عملية، ويفي بالمسؤوليات والالتزامات الدولية كجيش دولة كبرى، ويقدم بنشاط خدمات الأمن العام مثل حفظ السلام الدولي، والمرافقة البحرية، وعمليات الإنقاذ الإنسانية.
بعد أن بدأ الجيش الصيني يشارك في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة منذ 34 عامًا حتى الآن، شكّل الجيش قوة احتياطية لحفظ السلام مكونة من 8000 فرد، وأرسل أكثر من 50000 فرد من قوات حفظ السلام إلى أكثر من 20 دولة ومنطقة للمشاركة في 25 عملية لحفظ السلام، وتمكّن من إزالة أكثر من 20 ألف لغم، وتنفيذ أكثر من 6200 دورية أمنية، وبناء وإصلاح أكثر من 18 ألف كيلومتر من الطرق، وتم معالجة أكثر من 267 ألف شخص من الإصابات والأمراض، كما ضحّى 17 ضابطًا وجنديًا صينيًا بحياتهم الثمينة في سبيل قضية السلام العالمي. أشاد المجتمع الدولي بمساهمات قوات حفظ السلام الصينية حيث اعتبرها عاملًا رئيسيًا وقوة رئيسية في عمليات حفظ السلام”.
وفقًا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أرسلت الحكومة الصينية أساطيل من القوات البحرية إلى خليج عدن والمياه الاقليمية الصومالية للقيام بعمليات مرافقة منتظمة منذ كانون الأول/ديسمبر 2008. وعلى مدار الأعوام الـ 16 الماضية، أرسلت الصين بشكل منتظم 46 دفعة من الأساطيل، وأكثر من 150 سفينة، وأكثر من 36 ألف ضابط وجندي، كما قامت بمرافقة أكثر من 7290 سفينة صينية وأجنبية في أكثر من 1640 دفعة، وأنقذت ووفرت الحماية لما يقارب 100 سفينة من مختلف الأنواع، شكلت السفن الأجنبية أكثر من 50% منها. وقد اتخذ الجيش الصيني إجراءات عملية لتحويل “المناطق البحرية الخطرة” إلى “ممرات شحن ذهبية”.
خلال تفشي وباء كورونا (كوفيد-19)، قدّم الجيش الصيني اللقاحات المضادة لكوفيد-19 لجيوش أكثر من 30 دولة، من بينها لبنان، ومن خلال توفير مواد الوقاية من الأوبئة، وإرسال فرق الخبراء العسكريين لمكافحة الأوبئة، وعقد المؤتمرات عبر الفيديو لتبادل الخبرات في مجال مكافحة والوقاية من الأوبئة، تمكّنت الصين من تنفيذ تعاونات في مجال مكافحة الوباء مع جيوش أكثر من 50 دولة، الأمر الذي حظيَ باعتراف كبير وترحيب واسع النطاق من قبل المجتمع الدولي. أمّا في مواجهة الكوارث مثل الزلازل وتسونامي والأمراض والأوبئة وغيرها، يساهم الجيش الصيني بإرسال قوات محترفة إلى البلدان المنكوبة للمشاركة في عمليات الإنقاذ والإغاثة، حاملًا معه الحب والأمل في وقت الضيق، موثقًا الوفاء بالواجب والمسؤولية. وواصلت السفينة المستشفى “بيس آرك” التابعة للبحرية الصينية تنفيذ مهمة المساعدة الطبية “الوئام” (Mission Harmony) لمدة 14 عامًا، حيث زارت 45 دولة ومنطقة وقدّمت خدمات طبية مجانية لأكثر من 250 ألف شخص، فحازت على لقب “سفينة الحياة” و”قارب الأمل”.
ثالثًا: تعميق التبادلات العسكرية مع الدول العربية والمساهمة بقوة الصينية في الحفاظ على السلام الإقليمي
يشكّل الجيش الصيني وجيوش الدول العربية قوات دافعة مهمة للحفاظ على السلام والاستقرار العالميين. وفي السنوات الأخيرة، تطورت العلاقات العسكرية بين الصين والدول العربية بشكل سريع وسليم، فتوسّع التعاون العملي إلى مختلف المجالات وحقّق نتائج مثمرة. إنّ الجيش الصيني على استعداد للعمل مع جيوش الدول العربية للمضي قدمًا في تنفيذ مبادرة الأمن العالمي، وتعميق الثقة الاستراتيجية المتبادلة، وتوسيع التعاون في مجال التبادلات العسكرية، والتدريب المشترك، وتدريب الأفراد، من أجل بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك في العصر الجديد. عقدت وزارة الدفاع الوطني الصينية في الفترة من 18 حزيران/يونيو إلى 2 تموز/يوليو 2024 ندوة في الصين لكبار الضباط العسكريين من الصين والدول العربية تحت عنوان “التعاون الأمني الصيني العربي من أجل المستقبل”، من أجل بدأ تنفيذ نتائج منتدى التعاون الصيني العربي، وتعميق التعاون الدفاعي بين الصين والدول العربية، وتعزيز بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك. وشارك ضباط عسكريون كبار من 13 دولة عربية، من بينها لبنان، في المناقشات والتبادلات حول السياسة الخارجية للصين، والعلاقات الصينية العربية في العصر الجديد، والتعاون الأمني الصيني العربي ومبادرة الأمن العالمي ومسارات محددة لتعميق التعاون الأمني الصيني العربي.
يولي الجيش الصيني أهمية كبيرة لتطوير علاقات الصداقة مع الجيش اللبناني، وفي السنوات الأخيرة، استمر تعميق التعاون بين الجانبين في مجال تدريب الأفراد، وزيارات الوفود، والتبرعات المادية وغيرها، واستمر تعزيز التبادلات الودية الثنائية والتعاون العملي. يشارك الجيش الصيني بنشاط في عمليات حفظ السلام في لبنان. فمنذ عام 2006، تمّ مسح ما يزيد عن مليوني متر مربع من حقول الألغام المشتبه بها ومناطق المتفجرات المتناثرة، وأقيمت دوريات على مساحة 84 ألف متر مربع من الطرق، وتمّت إزالة أكثر من 20 ألف لغم أرضي وأنواع مختلفة من الذخائر غير المنفجرة. كما تمّ ارسال الأطباء بشكل منتظم لإجراء الفحوصات الطبية في مختلف القرى، وتقديم الاستشارات الطبية المجانية والتبرعات والمساعدات لأكثر من 60 ألف شخص من القرويين المقيمين. وتم التبرع بأكثر من قطعة 200 من المعدات الطبية والضروريات اليومية واللوازم المدرسية للقرى والمدارس المحيطة، وإصلاح 320 كيلومترًا من الطرق، الأمر الذي نال ثناءً كبيرًا من قبل السكان المحليين. بعد انفجار مرفأ بيروت عام 2020، غادر عناصر قوات حفظ السلام الصينية منطقة المهمة في جنوب لبنان لأوّل مرّة وتوجهوا إلى مرفأ بيروت للمشاركة بمهام الإنقاذ بعد الكارثة، وأكملوا إزالة مساحة ما يقارب 60 ألف متر مربع من الأنقاض في مرفأ بيروت ومبنى وزارة الخارجية اللبنانية والشوارع العامة، فأشاد بهم اللبنانيون ولقّبوهم بـ ” ألطف صديق من الشرق”. منذ وصول الدفعة الثانية والعشرين من قوات حفظ السلام الصينية إلى لبنان في كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، تحت قيادة القائد دو جيا، قاموا بأداء واجباتهم بضمير حي بغض النظر عن المخاطر، فتبرعوا أيضًا باللوازم اليومية والمدرسية للمدارس والقرى والبلدات المحلية، وقاموا بترميم وتجديد الأماكن الدراسية، وفتح صفوف لتعليم اللغة الصينية والكونغ فو الصيني في المدارس المحلية، وإجراء تبادلات ثقافية تقليدية مع المعلمين والطلاب، ودعوة السكان المحليين للمشاركة في أنشطة مختلفة مثل احتفال بعيد الربيع ومهرجان المأكولات الصينية، ممّا عزّز الصداقة والثقة المتبادلة بين الجانبين، وأثبت وفاء قوات حفظ السلام الصينية بوعدها الرسمي المتمثل بـ “الوفاء بالمهمة بإخلاص والحفاظ على السلام العالمي” من خلال الجهود المبذولة على أرض الواقع. وفي الفترة الأخيرة، أصبح الوضع على الحدود بين لبنان واسرائيل أكثر توترًا، فقام قائد قوات اليونيفيل الجنرال أرولدو لازارو ورئيس الأركان اللواء سيدريك دو جاردان بزيارة الكتبية الصينية، وأعربا عن اهتمامهما وثقتهما بالكتبية الصينية. وأشار نائب رئيس البعثة لليونيفيل هيرفيه ليكوك إلى أنّه يتطلع إلى استعادة الهدوء في وقت قريب على الحدود بين لبنان واسرائيل وأنّ قوات حفظ السلام الصينية في لبنان ستقدم مساهمات أكبر في مهام ما بعد الحرب مثل إزالة الألغام وبناء المخيمات وتقديم المساعدة الطبية وغيرها.