“مصدر دبلوماسي”:
أكد أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمس الأحد، تطلعه إلى أن يسهم “منتدى الدوحة 2023″، في إثراء النقاش بين القادة وصناع القرار، بما يقود إلى مقترحات، وحلول ملموسة للتحديات العالمية المعقدة.
وقال أمير قطر في منشور عبر حسابه الرسمي على منصة التواصل الاجتماعي “إكس”: “افتتحت اليوم منتدى الدوحة 2023 تحت شعار معًا نحو بناء مستقبل مشترك، ونأمل أن يسهم في إثراء النقاش بين القادة، وصناع القرار من مختلف المشارب بما يقود إلى مقترحات وحلول ملموسة للتحديات المعقدة لعالمنا”.
وأضاف الشيخ تميم بن حمد آل ثاني: “مستقبل الإنسانية المشترك رهين بالاستقرار والأمن وحق الجميع في الوجود”.
وافتتح الشيخ تميم بن حمد منتدى الدوحة 2023 في فندق شيراتون الدوحة، بمشاركة عدد من رؤساء الدول والحكومات ورؤساء المنظمات الإقليمية والدولية.
وتعقد فعاليات المنتدى بنسخته الـ21 يومَي الأحد والإثنين، وتحمل عنوان: “نحو بناء مستقبل مشرق”، وتناقش أهم القضايا الراهنة وعلى رأسها تطورات الأوضاع في فلسطين المحتلة.
من جهته، قال الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، أن النسخة الحادية والعشرين من منتدى الدوحة الذي يعقد تحت شعار” معا نحو بناء مستقبل مشترك” الذي أردناه منصة للتواصل بين الشعوب، ليس حين يكون هذا التواصل سهلاً فحسب، بل حتى في أحلك الأوقات وفي ظل تصاعد الاستقطاب في العالم، حين يكون التواصل بيننا حاجة لا غنى عنها.
وأوضح في كلمته في الحفل الإفتتاحي للنسخة الحادية والعشرين من منتدى الدوحة قائلا:” حين اخترنا شعار منتدى الدوحة هذا العام، “معاً نحو بناء مستقبل مشترك”، كنا نأمل أن ينعقد المنتدى في ظروف تسمح لنا أن نتحاور بإيجابية حول مستقبلنا المشترك، بما يترجم طموحات وأحلام شعوب العالم، ولكن، وبكثير من الحزن والألم، نلتقي اليوم، والعالم يعاني تحت ظل أزمات متلاحقة لا هوادة فيها”.
وقال معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية:” إن ما يحدث في غزة من كارثة إنسانية غير مسبوقة، يدفع الشعوب الحرة حول العالم إلى توجيه أسئلةٍ مشروعة حول ماهية النظام الدولي، وفاعلية أدواته القانونية، وصدق مبادئه، وهذه الأسئلة تزداد إلحاحاً مع تزايد المشاهد المؤلمة، التي ربما نشيح بوجوهنا عنها من فظاعتها، ولكنها واقع يعيشه مليونان وثلاثمائة ألف إنسان كل يوم منذ أكثر من 60 يوماً”.
وأعرب معاليه عن أسفه بأن تكون الذرائع التي تساق حول استهداف المدنيين مقبولة لدى البعض، وشدد على أن استهداف المدنيين من النساء والأطفال والأبرياء بشكل متعمد مرفوض تحت أي ذريعة، مضيفا:” فالقانون الدولي، وقيمنا الإنسانية والدينية، تفرض حمايتهم. وإدانتنا قتلهم وحصارهم وتجويعهم موقف مبدئي ثابت لا يتزعزع”.
وأكد على أن هذه الأزمة أظهرت بوضوح، حجم الفجوة بين الشرق والغرب، وبين الأجيال المتعاقبة، وازدواجية المعايير في المجتمع الدولي، حيث انقسم العالم إلى مطالبٍ بإنهاء هذه الحرب وإيقاف آلة القتل، ومتردد حتى في مجرد الدعوة إلى وقف إطلاق النار. . لافتا إلى من كان يطالب بوقفة عالمية ضد الاحتلال في سياق آخر، يرفض اليوم مجرد إدانة جرائم الاحتلال في الأراضي الفلسطينية ويقف عائقاً أمام التوافق الدولي على إيقافها”.
ودعا الشيخ محمد إلى وقفة أمام من يريد أن يعيد صياغة الصراع على شكل حرب دينية وقال:” هذا الصراع كان ولا زال قضية احتلال ومطالبة بالحق المسلوب في تقرير المصير. وعلى مر العقود، كان خيار السلام مطروحاً، ولكنه كان ضحية المماطلة والتسويف، وعلينا أن نسأل من هو الطرف الذي واجه كل مبادرات السلام بوضع العراقيل أمامها والتصعيد لإفشالها”.
وأضاف :” إذا كنا مخلصين حقاً في العمل “معاّ نحو بناء مستقبل مشترك”، فالبداية هي الاعتراف المُوجع بحقيقة الخلل في النظام العالمي، هذا الخلل الذي يسمح بالقبول باستدامة الصراع وعدم الوصول إلى حل، ولا يمكن لهذا الحل أن يكون مستداماً إلا إذا كان عادلاً وشاملاً”.
وطالب الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية في كلمته بتكثيف الجهود المخلصة في وضع تصورات جديدة للنظام الدولي، تتناسب مع ظروف عالم اليوم، والتخلي عن حسابات الماضي التي خرجت من حيز الواقع، والبدء من اليوم في “بناء المستقبل” بمراجعة شاملة للنظام الدولي والإنساني. مراجعة تُؤسس لنظام عالمي يقوم على أنظمة وقواعد ومؤسسات تحترم المساواة بين الشعوب، لا امتيازات فيها للقوة، ولا تمييز أو تفضيل فيها على أساس العرق أو الدين أو الانتماء السياسي.
وتابع ” قد يقول قائل بأن هذا الوقت ليس مناسباً للحديث عن مستقبل مشترك للعالم أجمع، في ظل التباين الشاسع في المواقف تجاه قضية تختبر انسانيتنا جميعا ولكننا نرى بأننا أحوج ما نكون اليوم، إلى أن يسمع بعضنا بعضاً، وأن يفهم كل منا الآخر، وأن نناقش بصراحة لا مجاملة فيها، وبأمل يتجاوز مآسي الحاضر، كيف نعود بالعالم إلى الرؤى التي شكلت النظام الدولي”.
ونبه بأن التاريخ قد علمنا بأن الحوار، هو الطريق الأمثل لمواجهة أعقد الصراعات، إذا توفرت الإرادة الخيرة والقيادة السياسية الحكيمة، وهذا هو منطلق إيمان دولة قطر بأهمية الوساطة في حل النزاعات، وبذلها لكافة الجهود في سبيل تحقيق ذلك، بما في ذلك الجهود المستمرة، مع الشركاء في مصر الشقيقة والولايات المتحدة الأمريكية، لوقف إطلاق النار في غزة.
وقال رئيس الوزراء القطري:” إن هذا الحضور المتنوع في هذه القاعة، وخلال اليومين القادمين، يمثل فرصة لنقاشات متعمقة، تأخذ في الحسبان كل تعقيدات الحاضر، وتبحث في ثنايا الصورة القاتمة لواقعنا اليوم، عن بصيص أمل، لمستقبل يكون عنوانه السلام والازدهار والتعاون. ولذا أدعوكم إلى استغلال جلسات هذا المنتدى ولقاءاته، للوصول إلى أفكار ورؤى تعين صناع القرار في التعامل مع التحديات التي نواجهها، وتعكس الرغبة الحقيقية في بناء مستقبل مشترك”.
وأكد الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية في ختام كلمته ” على الرغم من الآلام المتراكمة التي خلفتها الصراعات والنزاعات في عالمنا اليوم، علينا التمسك بالأمل في غد مشرق وبناء مستقبل مشترك، ونحن جميعاً في هذه اللحظة الفارقة أمام تحدٍ لإثبات إنسانيتنا، ولإبقاء جذوة الأمل لدى شعوبنا حية بقدرة البشرية على مواجهة الحرب بالسلام، والصراع بالحوار، والدمار بالبناء”، متمنيا للجميع التوفيق ولأعمال المنتدى النجاح.