“مصدر دبلوماسي”
مارلين خليفة
لا يتعب مسؤول العلاقات الاعلامية في “حزب الله” الحاج محمّد عفيف من القيام بمسؤولياته في أحلك الظروف واخطرها، وبعد أن فجّر الاسرئيليون بناية شاهقة الاسبوع الفائت في منطقة الغبيري بينما كان يعقد مؤتمرا صحافيا يفنّد فيه اضاليل الاعلام الخصم، واضعا الحقائق أمام الرأي العام، وبعد أن دعاه الشيخ محمد علي الحسيني ضيف قناة العربية الأكثر مشاهدة هذه الأيام قائلا له:” إجمع شملك واعهد عهدك واكتب وصيتك فالحصاد آت، وعجّل بمؤتمراتك الصحافية”، ووصف الحسيني القيادي عفيف بأنه “ميت يمشي على رجليه”، بعد أقل من ساعة على عرض الحلقة توجهت مسيّرة اسرائيلية الى منطقة الجناح وقصفت مبنى تابعا لقناة “الميادين”، قيل وقتها أن محمد عفيف قضى نحبه فيه، ولم يعد أحد يسمع أخباره.
لكنّ الرجل ظهر اليوم الخميس، في لقاء عقده مع اكثر 40 صحافيا وصحافية ينضوون ضمن اللقاء الوطني الاعلامي، ومنسقه الزميل سمير الحسن.
لو كان عفيف مسؤولاً إعلامياً تقليدياً، لما تحدى المسيرات الإسرائيلية بثبات وعقد ثلاثة مؤتمرات صحافية في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، بين ركام الدمار وأطلال المباني المهدمة. كانت الطائرات المُسيرة الإسرائيلية تحوم فوقه بحرية، وتلحقها الطائرات الحربية تقصف الأبنية المحيطة، فيما كان عفيف لا يزال واقفاً أمام الإعلام، ينقل رسائل المقاومة بصوت مفعم بالثقة وكلمات جريئة تضع النقاط على الحروف وتقزّم المصطادين بالمياه العكرة من الاعلام المرتزق.
ثلاث مرات اختار عفيف هذا النوع من المواجهة الصعبة؛ في الثاني والحادي عشر والثاني والعشرين من تشرين الاول أكتوبر الجاري حيث كاد يفقد حياته في المرة الثالثة. ورغم أن اسمه صار ضمن بنك أهداف العدو، كونه الناطق الرسمي الأوحد للحزب، إلا أنه لم يتراجع عن واجبه، متمسكاً بدوره كمقاوم بالكلمة والصوت، مُجسّداً الشجاعة في كل حرف ينطقه.
ارتدى الحاج محمد الاسود، كيف لا، وهو في حداد على الشهداء جميعهم وفي مقدمتهم الامين العام الراحل لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي شغل عفيف منصب مستشاره الاعلامي ويده اليمنى في العلاقات مع الاعلام الداخلي والخارجي وكذلك مع الفاعليات السياسية والحزبية والوطنية والاجتماعية منذ العام 2014 ولغاية اليوم. الأسود، بات ملازما له، وسيبقى ملازما على ما يبدو لفترة ليست بقليلة هو الذي بدأ يعدّ العدّة لذكرى أربعين السيد حسن:” في معركة كربلاء استشهد الحسين، سيد الشهداء وكاننا نعيش المعركة ذاتها باستشهاد السيد حسن نصر الله”. يوم الاربعاء المقبل، تحلّ الذكرى المشؤومة التي توّج فيها الاسرائيليون اجرامهم باغتيال نصر الله في 27 ايلول\سمتمبر الفائت في قلب الضاحية الجنوبية، قال عفيف:” إن بنك اهداف العدو انتهى منذ استشهد السيد حسن نصر الله، وبالتالي هم اليوم يخوضون معركة كسر ارادة المقاومين لكنهم يفشلون”.
يشنّ العدو حملة نفسية لا تقل وحشية عن قصفه بلغت أوجها الاسبوع الفائت والحالي على اهل البقاع، من خلال التحذيرات واوامر الاخلاء والقصف بأحزمة النيران التي تدمر أجمل المنازل وتمحو أعرق الآثار.
في اخبار ميادين القتال “المقاومون بخير” ومعنوياتهم في السماء، ومن ضمن الحرب النفسية ما يروجه الاعلام العبري عن دخول جنود اسرائيل وتوغلهم في الاراضي اللبنانية، وهو أمر عار عن الصحة، فما يحصل عمليات كر وفرّ ولم يتمكن العدو من الثبات في أية نقطة و لا يزال قابعا عند أطراف بعض البلدات لا يجرؤ على التقدم بحسب عفيف.
بالنسبة الى المفاوضات وسيل التفاؤل الذي حل بالامس وتناقلته بعض وسائل الاعلام المحلية أشار الحاج محمد عفيف الى أن هذه المفاوضات ليست في مرحلة متقدمة كما يروّج، ولا يمكن التأكيد إلام ستؤول من نتائج. وقال:” تسريب ورقة المفاوضات هو مناورة لكسر الإرادة وبالتالي يجب علينا استنهاض الوعي وعدم الانجرار إلى الحرب النفسية التي يشنّها العدو”.
أكد الحاج عفيف أن الوضع ممتاز وأن هناك ذخيرة تكفي لأربعة أشهر في الخطوط الأولى، واستعدادات للقتال حتى لو لسنة، وقال أن الانتصارات في الميدان تجعلنا نقول للاسرائيلي أنه ليس في موقع تفاوض وأن ما عرض بالأمس مرفوض مذكرًا بأن حزب الـڶـه استعاد تماسكه بعد عشرة أيام من اغتيال السيد حسن نصر الله”.
إلى ذلك، قال عفيف أن مخطط اسرائيل هو إنهاء المقاومة لأجيال وهدفها الثاني بعد لبنان سيكون سوريا.
وأكد عفيف في اللقاء على أهمية دور الاعلام في المعركة الحالية سيما وأنها تدار على ثلاثة محاور : عسكريًّا على مستوى الميدان، اجتماعيًّا على مستوى النازحين وإعلاميًّا.
وتابع عفيف قائلاً: “الإعلام هو جزء من معركة النازحين، وهي معركة دونها الكثير من التضحيات، وصمود الأهالي هو ركن مهم من الصمود ومواجهة العدو الذي راهن على كسر إرادة الصمود”.
وختم عفيف: “على الإعلام دور بالغ الأهمية في نقل الصورة وفي تنميط السردية وللأسف هناك إعلام ينتمي إلى عصر التفاهة ولا يصوب على الانتهاك الحقيقي للسيادة والمتمثل بقيام العدو بالقصف اليومي”.