“مصدر دبلوماسي”
حذّر رئيس الحكومة القطري ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني من وجود “كيانات غير رسمية بدأت تحاول أن تلعب دورا في هذا الصراع [غزّة] وهذا أمر حذرنا منه في البداية وقلنا أن هذا الصراع قد يمتد إلى المنطقة بأكملها وهذا ما بدأنا نراه سواء في العراق أو لبنان أو البحر الأحمر، ومع ذلك نحن كدول في المنطقة نحاول أن نبذل كل ما في وسعنا حتى لا يكون هناك أي تغيير في موقفنا وحتى لا يتغير حكم الشعوب على مصداقيتنا.
وأشار ردّا على أسئلة في جلسة استضافته في مؤتمر ميونيخ للامن أمس السبت بأنه
“نود أن نرى حكومة فلسطينية موحدة تحكم الشعب الفلسطيني سواء في الضفة الغربية أو في غزة، وبكل تأكيد كل الفلسطينيين سينضمون تحت مظلة السلطة”.
أكد رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني أنه يجب وقف الحرب في غزة بدون شروط مسبقة، مشددا على أن “الوقت ليس في صالحنا لا سيما أن الوضع الإنساني في غزة صعب للغاية، خاصة عند الحديث وجود تهديد لمدينة رفح”.
وأوضح آل ثاني في كلمته خلال جلسة نقاشية بمؤتمر ميونخ للأمن أمس السبت، أن الأسابيع الثلاثة الماضية شهدت تقدما في المفاوضات بين الطرفين (إسرائيل وحماس)، إلا أن الأيام الأخيرة لم تشهد تقدما كما توقعنا بسبب الخلافات بين الطرفين.
وردا على سؤال حول رؤية قطر في ظل اشتعال الوضع في الشرق الأوسط، قال رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري: “إن الوقت ليس في صالحنا، فقد حققنا تقدما في الأسابيع الثلاثة الماضية وحاولنا أن نصل إلى اتفاق بين الطرفين، ولكن في الأيام الأخيرة لم يحدث تقدم كما توقعنا، ونظن أن هناك خلافات مازالت قائمة بين الطرفين، حيث كان لدينا اتفاق في نوفمبر ونجحنا في إطلاق سراح 109 من الرهائن مع وقف إطلاق نار إنساني لمدة أسبوع”.
وتابع آل ثاني: أي اتفاق بشأن هذا الصراع يتضمن عنصرين: أولهما البعد الإنساني في غزة والتعامل معه، والعنصر الثاني هو عدد من سيتم إطلاق سراحهم في اتفاق إطلاق سراح الأسري، وأنا أؤمن أنه في هذا الاتفاق نحن نتحدث عن عدد أكبر (من الأسرى الذين سيفرج عنهم)، ولا نزال نرى صعوبات في الشق الخاص بالبعد الإنساني في هذه المفاوضات، ونحن نرى أن هذا سيمكننا ويساعدنا من التأكد من أن نضع الضغوطات الكافية بهدف تقليل حجم الضحايا ومعدل الخسائر، وإذا تمكنا من وضع الشروط المناسبة في الأيام القادمة فنتوقع أن نرى اتفاقا قريبا، ولكن الوتيرة في اليومين الماضيين ليست واعدة، ولطالما كررت أنه لطالما سنبقى متفائلين وسنواصل الضغط وسنبذل كل ما في وسعنا من أجل الوصول إلى هذا الاتفاق لأن المعاناة الإنسانية كبيرة والمسألة صعب التعامل معها، والوضع الإنساني في غزة، وخاصة عند الحديث عن رفح، صعب للغاية ونحن في لحظة تهديد”.
وفي سؤال حول العوائق والعراقيل التي تعيق التوصل لاتفاق، قال معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، “لا يمكنني أن أكشف الكثير حول تفاصيل التفاوض احتراما لأطراف التفاوض، ولكن كما ذكرت أننا لا نزال نؤمن بأنه إذا تمكنا من الوصول لاتفاق على الجانب الإنساني فربما الأعداد ستبقى عائقا، ولكن ليس أكبر العوائق، وأظن أن الوقت ليس في صالحنا، وكما قلت بأن رمضان على الأبواب ومع تطور الأحداث في رفح سيكون الوضع خطيرا جدا على المنطقة بأكملها، وأحاول تجنب الدخول في تفاصيل الاتفاق، كما أحاول احترام الأطراف المتفاوضة ولكن أظن بأننا إذا تمكنا من تحديد الحزمة الإنسانية في الاتفاق فسوف نكون قادرين على تجنب العوائق الأخرى”.
وحول رفض إسرائيل وجود حركة /حماس/ في أيه مفاوضات بشأن القضية الفلسطينية، قال رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية “قد يكون واقعي عندما تبدأ التفاوض حول فلسطين والمستقبل الفلسطيني أن ننظر إلى 3 عقود مضت، نحن كنا ندور في دورة لم تفض إلى أي تقدم أو حل، وعلى سبيل المثال لقد رأينا زيادة مطردة في أعداد المستوطنات وعنف المستوطنين واستمرارا في انتهاك الأماكن المقدسة واستفزازات بين الحين والآخر، وقد رأينا الحروب التي مررنا بها خلال الـ 30 عاما التي مضت، ورأينا أن الحديث عن حل الدولتين لا تقدم فيه، ونأمل أنه مع ما جرى في 7 أكتوبر أن يكون هناك ما يشبه بـ(نداء صحوة) لأن الوضع غير مستدام ونحن بحاجة لأن نرتقي وأن ننظر لمستقبل أفضل لشعوب المنطقة، ونرى أن الفلسطينيين والعرب والإسرائيليين الكل يود أن يرى مستقبل افضل”.
وتابع : فيما يتعلق بمسألة حماس وأن تكون جزءا من الحل، ما نتحدث عنه هو ممثل للفلسطينيين وهناك طبعا منظمة التحرير الفلسطينية وهي تمثل الفلسطينيين وهي الموكلة بالتفاوض وأيا كان هذا قرار فلسطيني، وهم من يقررون من يكون جزءا بهذا، وأظن أن للفلسطينيين حقوق مثل أي شعب في العالم، ومن حقهم أن يختاروا من يمثلهم أو يشارك بالنيابة عنهم، وأريد أن أعود إلى نقطة ذكرها رئيس وزراء النرويج، وهي أن التحدي أو التهديد الأكبر الذي نراه هو أن هناك علامة استفهام كبيرة أصبحت لدى شعوبنا الآن، لأننا نرى الشعب في غزة يتعرض للقتل ويتم تهجيره ولم نر نفس الموقف تجاه صراعات أخرى، فعندما يتعلق الأمر بقتل الفلسطينيين فإننا نرى أن هناك تخليا عن المبدأ الأساسي في الحق والصواب والخطأ، وأنا لا أتحدث عن أوكرانيا هنا فقط، هناك أوكرانيا وغيرها من الصراعات، نحن لا ننظر إلى الفعل نفسه ولكن نتحدث دائما عن من هو المعتدى ومن هو المتضرر وما هو الصواب وما هو الخطأ بهذه الأفعال.
وأضاف الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني: “شعوبنا الآن يتشككون في المصداقية، فهل تم القيام بما فيه الكفاية لحماية هؤلاء الملايين من الفلسطينيين أم لا؟، وأيضا عندما يرون أطرافا أو كيانات غير رسمية يبرزون ويقومون بأمور على زعم أن هذا من أجل حماية الشعب في غزة، فبالتالي كيف سنواجه شعبنا ونقول لهم بأننا لم نستطع القيام بما فيه الكفاية وكيف لم نستطع مساعدة الفلسطينيين؟، بالتالي نحن الآن على مفترق طرق ومن المهم أن نقف بجانب النظام العالمي، وما يتحدث عنه الجميع هنا في ميونخ أو غيرها من الفعاليات هو عدم التمييز بين الطرف المعتدي ومن هو الضحية”.
وفي سؤال حول رؤية قطر بعيدة المدى بشأن السلطة الفلسطينية، قال الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية “أظن بأننا الآن نركز على الأولويات وهي إنهاء الحرب ووضع حد لها ومنع تصعيد آخر، وفيما يتعلق بالسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، نظن أنه في الوقت الحالي هي الممثل المعترف به للشعب الفلسطيني بعد أوسلو، والسلطة الفلسطينية هي السلطة التي تحكم الضفة الغربية للوقت الحالي ولسوء الحظ بعد الانقسام هي لا تحكم غزة، ونود أن نرى حكومة فلسطينية موحدة تحكم الشعب الفلسطيني سواء في الضفة الغربية أو في غزة، وبكل تأكيد كل الفلسطينيين سينضمون تحت مظلة السلطة لأنهم يريدون من يمثل الشعب الفلسطيني حتى يصلوا إلى تحقيق دولتهم الخاصة”.
وتابع : فيما يتعلق برفح، نحن لا نرى في المقام الأول سببا لاستمرار الحرب، ونحن نعرف مدى أهمية أن يكون هناك اتفاق حول الأسرى وإطلاق سراحهم، ولكن أيضا ندرك مدى أهمية وقف الحرب اليوم حتى من دون شروط مسبقة، ونحن نؤمن بأن وقف الحرب هو ما سيؤدي إلى عودة الأسرى إلى منازلهم.
وأضاف الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني أن عودة الأسرى سيؤدي إلى إنهاء الحرب، ولكننا نود أن نرى هذا يحدث بدون أي أعذار أخرى، والآن هذه هي المعضلة التي نواجهها، ولسوء الحظ تم استغلال هذا من قبل كثير من الدول، بأنه حتى يكون هناك وقف إطلاق نار فهناك شرط إطلاق سراح الأسرى، لا ينبغي بأن يكون الأمر مشروطا، الشرط الوحيد هو الكارثة الإنسانية التي تتكشف في غزة.
وردا على سؤال حول التناقض في الموقف الدولي بين أوكرانيا وغزة؟ قال رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية “ذكرت بأننا في حاجة إلى أن نطبق نفس المبادئ على كل الحالات والمواقف، بهذه الطريقة نحن نرى الأمور، وبهذه الطريقة نحن نقيم موقفنا، وكان ذلك موقفنا عندما حدثت الحرب الروسية الأوكرانية، وبقي موقفنا كما هو وطبقناه على ما يجري في غزة، أو حتى ما يجري في صراعات أخرى”.
وأضاف أن مبعث القلق هو أنه ومع كل هذه الاستجابات وردود الفعل مع هذا الصراع، بدأت شعوبنا تطرح الأسئلة حول أصدقائنا وحلفائنا وشركائنا مع دول في الغرب، تغير موقفها فقط لمجرد أن هذه شعوب مختلفة، إذن هذا موضوع بحد ذاته خطير، أما الأمر الثاني فأتحدث عن كيانات غير رسمية بدأت تحاول أن تلعب دورا في هذا الصراع، وهذا أمر حذرنا منه في البداية وقلنا أن هذا الصراع قد يمتد إلى المنطقة بأكملها وهذا ما بدأنا نراه سواء في العراق أو لبنان أو البحر الأحمر، ومع ذلك نحن كدول في المنطقة نحاول أن نبذل كل ما في وسعنا حتى لا يكون هناك أي تغيير في موقفنا وحتى لا يتغير حكم الشعوب على مصداقيتنا.
وحول تقييم موقف الصين من دعم الفلسطينيين في غزة رغم وضع حقوق الإنسان بها، قال رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، “إنه عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية حول صراعات مختلفة فهذا هو المجال الذي أستطيع أن أعلق فيه، ونحن نرى موقف الصين حول الصراع في غزة أو حتى بشكل عام حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو موقف احترمناه ورأيناه موقفا داعما جدا متماشيا مع موقف الدول العربية، لكن سؤالك حول مسألة داخلية لها علاقة بالصين هذا أمر لست في موقع للتعليق عليه، وأظن أننا إذا حكمنا فإننا نحكم على الصراع الحالي”.
وفي ختام حديثة أكد رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية التعاطف مع جميع الشعوب، مشددا على أن الجرائم كلها مدانة أيا كان من ارتكبها، مبديا تعاطفا مع الضحايا ومع من يعانون من الطرفين من الجانب الفلسطيني والإسرائيلي، معربا عن مستقبل أفضل للجميع وأن يعود الجميع إلى منازلهم آمنين.