“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة
وصل الحبر الاعظم البابا فرنسيس الى بغداد في زيارة لبلاد الرافدين تستمر 4 ايام سيجول خلالها على عدد من المحافظات العراقية من بينها النجف الاشرف وذي قار واربيل والموصل.
تعتبر هذه الزيارة تاريخية لانها الاولى لرأس الكنيسة الكاثوليكية الى العراق، مهد الاديان والبلد الجريح الذي عانى شعبه بمكوناته كلها من مرارة الحروب المتلاحقة، وهجّر المسيحيون فيه فغادروه بالآلاف وكذلك الأقليات وابرزها الإيزيديين وذلك على يد تنظيم داعش الارهابي وتنظيمات مرتبطة بمنظمة القاعدة.
ووسط مخاطر وباء كورونا، ووضع امني مهتز شهد منذ أيام قليلة ضربات صاروخية على قاعدة عين الاسد في الانبار، وقبلها ضربات اميركية على الحدود العراقية السورية، حزم البابا فرنسيس امره وقام بالزيارة في زمن الصوم المجيد، حيث عرف البابا منذ انتخابه في العام 2013 انه لا يألو جهدا لدعم الفقراء والمهمشين والمظلومين.
وباستقبال ضخم، وصل البابا الى مطار بغداد وكان باستقباله رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ليتوجه بعدها للقاء الرئيس العراق برهم صالح.
وعن الدلالات السياسية والروحية لزيارة قداسة البابا الذي احتلت صوره العراق الى جانب المرجعية الشيعية الاعلى في العالم السيد علي السيستاني، وهو سيزور النجف الاشرف غدا السبت حيث سيلتقي السيد السيستاني، تحدث الى موقع “مصدر دبلوماسي” الباحث في شؤون الحوار الاسلامي المسيحي قاسم قصير.
أهمية زيارة النجف الاشرف
تعتبر النجف الاشرف عاصمة التشيع في العالم وفيها مقام الامام علي عليه السلام، وهي قريبة من الكوفة، حيث اقام الامام علي دولته، وهي مقر الحوزة الدينية العلمية الكبرى لدى الشيعة، وفيها عدد كبير من العلماء والمراجع الدينيين. والعراق بلد مهم حضاريا ودينيا كما هو معروف، وقد اختار قداسة البابا زيارة عدة مناطق منها النجف الاشرف ومدينة أور التاريخية ومدينة الموصل حيث اطلق تنظيم داعش الارهابي دولته، وهي مركز مسيحي مهم وإربيل ايضا اضافة الى العاصمة بغداد.
يشير قاسم قصير الى أن أهمية الزيارة هي دينية وسياسية وثقافية واجتماعية وسياحية، ويقول بأن “اختيار البابا للعراق هو من اجل دعم الوجود المسيحي فيه، واستكمالا لمشروعه في اطلاق وثيقة الأخوّة الانسانية مع الأزهر الشريف قبل سنتين في الامارات، ومن اجل اشراك المرجعيات الدينية الشيعية في هذا المشروع”.
وكشف قصير عن مشروع لم يتبلور بعد عن وثيقة مشتركة بين المرجعية الشيعية والفاتيكان “وثمة مقترحات عدة كاقامة حوارات مشتركة وانشطة منها مثلا ما يصب في صالح السياحة الدينية لاستعادة العلاقة التاريخية بين العالم ومسيحيي العراق”. يضيف قصير الذي يتابع تفاصيل هذه الزيارة عن كثب:” يريد البابا دعم الوجود المسيحي في الشرق بالتنسيق مع المرجعيات الدينية المسيحية والشيعية في العراق”. ويشرح قصير بأن “السيد السيستاني هو اعلى مرجعية دينية شيعية في العالم، وصحيح انه ذو اصول ايرانية لكنه يعيش في النجف، وفي هذه الزيارة ستكون قمة بين المرجعية الكاثوليكية الاعلى في العالم والمرجعية الشيعية الاعلى عالميا في النجف الاشرف وهي عاصمة التشيّع في العالم”.
وعن الدلالات السياسية للزيارة يقول قصير:” يمر العراق بمرحلة انتقالية بعد اعوام صعبة، فهو ساحة صراع ايراني اميركي وساحة لداعش، ويحتاج العراق لاستعادة دوره الحواري والتواصلي بين العرب وايران من جهة وبين ايران والأميركيين من جهة ثانية، وبين الاميركيين والعرب. وعوض ان يكون ساحة صراع يمكنه ان يكون ساحة حوار وخصوصا مع وجود رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي الذي تربطه علاقة جيدة بالغرب وبإيران وبالعرب من السعودية الى الامارات العربية المتحدة ومصر”. يضيف قصير:” يدعم الفاتيكان هذا التوجه، أي خيار تحويل العراق الى جسر تواصل وحوار بدل أن يكون ساحة صراع وازمات”.
من الناحية الاقتصادية للزيارة دور ايضا يشرحه قصير كالآتي:” يأمل العراقيون ان تعمل هذه الزيارة على استعادة السياحة الدينية المسيحية للعراق، وهو اليوم احد اهم مراكز السياحة الدينية الشيعية وبامكانه ان يكون ايضا مركزا للسياحة المسيحية وتساعد هذه الزيارة على اعادة وضع العراق على خريطة السياحة الدينية العالمية. من هنا اختار البابا زيارة مدينة أور، حيث عاش النبي ابراهيم. وفي أور سيعقد لقاء دينيا مشتركا. كذلك سيزور الموصل التي تعرضت لهجوم داعشي فهجر اهلها من مسيحيين وايزيديين، والى كنيسة النجاة في بغداد تعرضت ايضا لتفجير من قبل تنظيم داعش”.
أما لماذا لم يختر البابا زيارة لبنان فيقول قاسم قصير:” بأن زيارة العراق كانت مقررة منذ قرابة السنة والنصف، لكن ثمة كلام مع البطريرك الراعي بزيارة لبنان انطلاقا من اهتمام البابا بكل مسيحيي الشرق”.