مسؤول العلاقات الاعلامية في حزب الله الدكتور يوسف الزين يجول في معرض "سوق أرضي"
“مصدر دبلوماسي”
مارلين خليفة
في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت وتحديدًا في باحة مجمع سيد الشهداء التي صمدت رغم أنقاض الحرب الإسرائيلية المدمّرة، عاد معرض “أرضي“ هذا العام في نسخته الحادية عشرة كعرسٍ وطنيٍّ يجمع لبنان من جنوبه الى شماله.
المكان الذي يزدان بصور الشهداء والمنظمين الذين غيّبتهم الحرب الأخيرة يضجّ بالحياة من جديد. اصوات النساء تختلط برائحة الزعتر البريّ وصابون الغار وزيت الزيتون الطازج، فيما تتدلّى أكياس المونة على الرفوف وتُعرض في الزوايا قناني العسل الذهبيّ والمربّيات والمكدوس وكلها منتجات تحكي قصص الأرض والذاكرة.

منذ افتتاحه، قبل 3 ايام استقطب المعرض أكثر من 17 ألف زائر من مختلف المناطق اللبنانية، ليشاركوا نحو 1500 عارضٍ فرحتهم بعودة السوق الذي تحوّل إلى مساحةٍ للمقاومة المدنية والاقتصادية والثقافية في آن.
يستمرّ المعرض يوميًا حتى التاسع من الشهر الحالي من العاشرة صباحًا حتى العاشرة مساءً، ويختتم كل يوم بسحب “التومبولا” عند السابعة والنصف، في أجواء عائلية تعبق بالدفء واللقاء.

خلال جولةٍ للإعلاميين في المعرض التي شارك فيها مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله الدكتور يوسف الزين، قال مسؤول الإعلام في سوق “أرضي” عادل الحاج إن “أهالي القرى الحدودية اليوم هم من أكثر العارضين، وهم يعتبرون أن هذه المونة التي يعرضونها هي أحد عناصر الصمود في الأرض التي تغمست بدماء الشهداء والتي لا يمكن التخلي عنها أياً تكن الظروف”.
وأضاف الحاج: “من أهم ميزات سوق أرضي هذه السنة أنه جمع لبنان كله في باحة واحدة، فالسوق ليس لبيع المنتجات فحسب بل هو مهرجان وطني يجمع كل أطياف لبنان، حيث نلمس الألفة والمحبة بين العارضين والاطمئنان على بعضهم البعض، ما يجسد لبنان الحقيقي، لبنان الذي يجتمع اليوم رغم كل الجراح”.
“الأرض تعطي من يعطيها“
في ستاند الشهداء، حيث تكثر صور من فقدوا حياتهم دفاعًا عن أرضهم تقول المسؤولة عن الجناح إن “أهمية هذا المعرض تكمن في تسويق منتجات القرى الجنوبية والبقاعية والشمالية، وتعزيز العلاقة بين الإنسان والأرض، لأنه كلما أعطينا الأرض، كلما أعطتنا أكثر”.
وتروي بابتسامة يغلبها الحنين: “الشهيد محمد علي شحادة لم يكن يقبل أن يعمل عامل غريب في الأرض، وخصوصًا في موسم قطاف الزيتون. كان يقول: هذه الأرض يجب أن تعطوها من روحكم لكي تعطيكم“.

وفي الركن نفسه، تحدثت الناشطة الإعلامية زهراء ريحان عن رمزية الجناح قائلة: “الكثير من الشهداء كانت لهم علاقة مباشرة بمعرض أرضي، فإما أنهم شاركوا شخصيًا، أو أن عائلاتهم من الداعمين. الحاج إسماعيل حمود مثلًا، كان لديه طاولة هنا يعرض عليها المونة الزراعية من قريته الحدودية رب ثلاثين، وبقي في ضيعته أثناء الحرب حتى استُشهد وهو في قافلة إنسانية استهدفها القصف الإسرائيلي”.
يمتاز “أرضي” هذا العام بكونه معرضًا للذاكرة بقدر ما هو معرض للمنتجات. فالجدران المحيطة بباحة العرض مغطاة بصور من رحلوا في الحرب الأخيرة: مهندسين، مزارعين، إعلاميين ومنظمين، من بينهم الشهيد الدكتور المهندس حسن شعيتو الذي كان يشرف سابقًا على الجودة في السوق واستُشهد خلال العدوان.
حولهم، تتعالى أصوات الزوار الذين جاءوا من الشمال والبقاع والجنوب والجبل، يتبادلون التمر والعسل والزيت والزهرات المجففة، وكأنهم يعيدون تشكيل لبنان من جديد عبر طعم ترابه ورائحته.
قاسم: “أرضي لأهلها… لكل لبنان“
وكان الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم القى كلمةً في افتتاح “ارضي” عبّر فيها عن فخره بهذا المعرض واصفًا سوق “أرضي” بأنه “فكرة مبدعة، تنموية، تسويقية ومنتجة”، وموجهًا الشكر إلى جمعية جهاد البناء الإنمائية التي عملت على مدى سنوات طويلة لخدمة المزارعين والحرفيين في لبنان.
وقال قاسم:
“أعجبني الشعار الذي وُضع لهذا الحفل: أرضي لأهلها. هؤلاء المشاركون هم أهل الأرض، هم الذين بذلوا فيها وأعطوها، وهم أصحاب السيادة الحقيقيون الذين يحصدون الزيتون في القرى الأمامية في مشهد استقلالٍ وكرامةٍ بكل ما للكلمة من معنى”.
وأضاف:
“هذا المعرض ليس لبيئةٍ ولا لطائفةٍ معينة، بل لكل اللبنانيين. كل قطعة أرض في لبنان اسمها لبنان، لا أرض لطائفة دون أخرى. صاحب الأرض يملك المستقبل، والاحتلال وجود عابر، ومن يقاوم يستعيد أرضه، ومن يستسلم يخسر نفسه ومستقبله”.

واختتم بالقول: “بارك الله بكم أيها المزارعون والحرفيون، لأن إحياء الأرض هو الذي يعطي الاستمرارية والمستقبل لأجيالنا. فلبنان واحد، موحد، مترابط، له اسم واحد في الجنوب والبقاع والجبل والشمال وبيروت والضاحية، الاسم هو لبنان، والأرض هي لبنان، وهذه أرضنا جميعًا نتشارك فيها”.
