
عن بيان المكتب الاعلامي في القصر الجمهوري في لبنان
البوصلة
كتبت مارلين خليفة
حسناً فعل المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية بتأكيده على “التمسك الكامل بحرية التعبير وبقدسيتها”، ونحن أول من نرفع القبعة لهذا الموقف. لكن بما أنه “لكل جملة تكملة” فاسمحوا لنا أن نسأل بكل محبة و”لبننة”: لماذا هذا البيان اليوم وفي هذا التوقيت وبهذه اللغة الصارمة؟ ولماذا يتم تذكير الاعلام اللبناني ولأول مرة بهذا الشكل بما يجوز وما لا يجوز وكأننا على مشارف فرض حظر تجوّل على الأقلام؟
وهل بات لزاماً على كل صحافي أن يُخضع كلماته للرقابة الذاتية قبل أن يكتب أي سطر؟ وما هي حدود “التطاول”؟ ومتى تتحوّل الكلمة إلى “ارتكاب مشهود”؟
نطلب بكل محبة أن يضع لنا المكتب الإعلامي في القصر الجمهوري “دليل المستخدم للحرية المقدّسة” حتى لا نقع بالصدفة في “خانة الارتكاب” ونفك رقبتنا على الساكت!
نفهم طبعاً حرص الرئاسة على العلاقات مع الدول العربية الشقيقة وندرك جيداً أن لا مصلحة للبنان بالخروج من العباءة العربية، بل العكس، نريده أن يكون دائماً في قلب الحضن العربي. ولكن، هل يُعقل أن ينتقل هذا “الحضن” إلى القصر أيضاً ويُقفل على أي انتقاد أو تساؤل مشروع؟
يا فخامة الرئيس، لقد قلتَ في تغريدتك بمناسبة ذكرى شهداء الصحافة إنهم “حملوا قلماً بيد وكاميرا بالأخرى”، وواجهوا الموت “ليصل صوت لبنان وصرخته إلى كل أرجاء المعمورة”. فهل نقول اليوم للإعلاميين: “اصمتوا حفاظاً على الانتظام العام”؟
وهنا نسأل ولا نجزم: إذا لم يتّسع القصر الجمهوري لكلمة حرة فمَن سيحمي الكلمة؟ وإذا لم يكن صدر الدولة رحباً للنقد فأين نمارس حريتنا؟ وهل أصبحت الجرأة في الرأي تهديداً والمساءلة تآمراً والموقف المغاير ارتكاباً مشهوداً؟
نتمنى ألّا يكون هذا البيان فاتحة نهج جديد يضع الإعلام في قفص الاتهام المسبق… لأن الكلمة التي تُخنق، لا تموت، بل تتحوّل إلى صرخة.