
السفير الروسي ألكسندر روداكوف متحدثا الى موقع #مصدر_دبلوماسي
“مصدر دبلوماسي”
كتبت مارلين خليفة:
في لقاء خاص مع موقع “مصدر دبلوماسي”، استعرض السفير الروسي في بيروت ألكسندر روداكوف رؤية بلاده تجاه الأوضاع في سوريا ولبنان، مسلطا الضوء على التحديات الإقليمية التي تثير قلق موسكو سواء فيما يتعلق بالسلوك الإسرائيلي في لبنان أو بمستقبل الإدارة السياسية الجديدة في سوريا بعد خروج بشار الأسد من الحكم.
روداكوف شدد على أن روسيا ترفض أي مساعٍ لتفكيك الدولة السورية، معتبرًا أن الاستقرار في سوريا لا يزال هشا في ظل تعطل مؤسسات الدولة وغياب الاتفاقات السياسية الشاملة بين مختلف المكونات السورية. وأعرب السفير الروس عن استغرابه من تزايد أعداد النازحين السوريين إلى لبنان بدلًا من عودتهم إلى بلادهم بعد التغيير السياسي في سوريا معتبرا أن هذا التطور يزيد من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على اللبنانيين. كما أكد أن موسكو تواصل العمل مع الإدارة الجديدة في دمشق مشيرا الى زيارة وفد روسي رفيع المستوى إلى سوريا اخيرا لمتابعة التطورات عن كثب.
أما في الملف اللبناني، فقد عبّر السفير الروسي عن رفض بلاده للخروق الإسرائيلية المتكررة، معتبرًا أن التصعيد في لبنان وسوريا وغزة يشكل انتهاكًا واضحًا للشرعية الدولية. وأشار إلى أن تبرير إسرائيل للضربات الاخيرة وخصوصا على الضاحية الجنوبية لبيروت بأنها دفاع عن النفس غير مقنع متسائلًا عن الجدوى من قصف الضاحية الجنوبية في بيروت مرتين في حين لم يكن هناك أي هجوم من لبنان ضد إسرائيل. وفي ما يتعلق بمستقبل العلاقات الروسية-السورية، أكد روداكوف أن موسكو تحافظ على وجودها العسكري في سوريا عبر قاعدتي طرطوس وحميميم، مشيرا الى أن الأخيرة لعبت دورا في حماية العلويين خلال حوادث العنف الأخيرة في الساحل السوري. كما شدد على أن بلاده تراقب عن كثب كيفية ادارة النظام الجديد في سوريا لشؤون البلاد لا سيما في ما يخص التوازنات الداخلية بين مختلف القوميات والطوائف.
المقابلة تناولت أيضا الموقف الروسي من سلاح حزب الله إضافة إلى تطورات الأزمة الأوكرانية حيث أشار السفير روداكوف إلى أن موسكو تحرز تقدمًا عسكريا في الميدان، مؤكدًا أن بلاده منفتحة على الحلول الدبلوماسية التي بدأت في اجتماعات الرياض وجدّة بالرغم استمرار المواجهة.
*ما هي رؤيتكم كروسيا الاتحادية للحكم الجديد في سوريا برئاسة أحمد الشرع؟
- السفير ألكسندر روداكوف: يتعلق مستقبل سوريا بأمور عدة وخصوصًا ما سيؤول إليه الوضع الداخلي والصراع بين القوميات والأقليات. ويتعلق أيضًا بدور البلدان المجاورة مثل تركيا وإسرائيل وليس لبنان بطبيعة الحال، لأن لبنان دولة مجاورة ولكنه لطالما كان تحت السيطرة السورية وليس لديه دور هام في التأثير على الحكومة السورية. لاحظت أن تاريخ 8 ديسمبر الماضي شكل حالة فرح في لبنان بعد سقوط النظام السوري، لكنني لم أعد ألمس هذا الفرح بعد ذلك ولغاية اليوم. من السهل جدًا إسقاط النظام في دولة، ولكن البناء يتطلب جهودًا وأدوات وآليات واتفاقيات وبناء مجتمع يتمتع بالرفاهية والازدهار. وأنا لم أعثر الآن على أي بريق فرح في لبنان ولكن دلائل ما يحصل مقلقة ولا تشير إلى أن لبنان وسوريا بخير. ما أراه اليوم هو زيادة نسبة النزوح إلى لبنان بعد أن تغير النظام ولكن ما كان يجب أن يحدث هو عكس ذلك إذ كان ينبغي أن يعود النازحون إلى سوريا، غير أن الأعداد بقيت كما هي وازدادت خلال ثلاثة أشهر، مما يزيد الضغط على المجتمع اللبناني ويخلق مشكلات في توزيع الاقتصاد والمساعدات الإنسانية.
*كيف يمكن وصف علاقة روسيا الاتحادية بالإدارة السياسية الجديدة في سوريا؟
- السفير ألكسندر روداكوف: لغاية اليوم، فإن السفارة الروسية موجودة وكذلك الصلات مع الحكومة السورية. في فبراير الماضي، زار وفد روسي برئاسة الكسندر بوغدانوف المبعوث الخاص للرئيس الروسي، سوريا، وضم شخصيات من مختلف المؤسسات الروسية وذلك بهدف التعرف على تطورات الأمور في سوريا وخصوصًا العلاقات مع الدولة السورية التي كانت إبان عهد بشار الأسد وهي بقيت لغاية اليوم. استمع الوفد إلى ماهية الأفكار وتشكيل البلد ومستقبله. إن موقف روسيا يتمثل بضرورة الحفاظ على وحدة سوريا وعدم تفكيكها. نحن نزمع العمل في المستقبل القريب من شعب إلى شعب، وقد شكلت الرسالة الأخيرة للرئيس فلاديمير بوتين للشرع دليلًا قويًا على كيفية التعاون المستقبلي وموقف روسيا بضرورة الحفاظ على البلد كما كان سابقًا تحت سيطرة النظام السابق. لروسيا قاعدتان، جوية في طرطوس وبرية في حميميم، وهما باقيتان، وكان للقاعدة الأخيرة في حميميم دور مهم إبان حوادث الساحل الأخيرة في حماية العلويين، حيث آوت القاعدة 9 آلاف علوي وجدوا في القاعدة الروسية حماية من القتل الذي حصل منذ بداية مارس الفائت.
*كيف تنظر روسيا إلى حوادث الساحل الأخيرة وما رافقها من مجازر؟
- السفير ألكسندر روداكوف: لقد استنكرنا ما حصل استنكارا شديدا فهذه ليست معايير مقبولة لبناء بلد بعناوين الديمقراطية وحقوق الإنسان.
*ماذا عن إسرائيل التي قامت بتدمير الجيش السوري الذي بنته روسيا لأعوام؟
- السفير ألكسندر روداكوف: كان الجيش السوري قد ضعف كثيرًا مع خروج الأسد، أما إسرائيل فقد دمرت مخازن ومصانع الأسلحة كي لا تعطي النظام الجديد أي شيء ملموس، فهي لا تريد للنظام الجديد أن يتسلم الأسلحة.
*ما هي مخاوف روسيا في سوريا اليوم؟
- السفير ألكسندر روداكوف: كما هو الحال في كل الثورات التي تغير أنظمة بالقوة، هناك طموحات بتغيير كل المؤسسات، ومن المستحيل تحقيق ذلك بسرعة. في ديسمبر ويناير الماضيين، توقفت خدمات البلديات للمواطنين وتعطلت إدارات الدولة، وبالتالي يجب ترتيب الدولة من جديد. الأمر الثاني المهم هو تحقيق اتفاقيات مع كل الحركات والأحزاب في سوريا من جديد. إن سوريا دولة متعددة القوميات، ويجب أن تكون هناك اتفاقيات مع كل القوميات الموجودة كما كان في عهد النظام السابق. المخاوف تتعلق بكيفية إعادة ترتيب السلطة والمجتمع السوري من جديد. هناك ضغوط داخلية وخارجية، ولكن ما سيكون الأفق والاتجاهات؟ وماذا سيبنون في النهاية، مجتمعًا ديمقراطيًا أم مجتمعًا غير ديمقراطي؟
*هل من مخاوف روسية من الإسلام المتطرف؟
- السفير ألكسندر روداكوف: نحن في روسيا نعرف ما هو الإسلام المتطرف. لدينا 20 مليون مسلم في روسيا، ونعمل مع المجتمع الإسلامي بنفس الطريقة التي نعمل بها مع بقية المواطنين في روسيا الاتحادية. يظهر بعض التطرف في كل المجتمعات، وقد ظهر أن هناك في سوريا دلائل على وجود إسلام متطرف. ما هو الإسلام المتطرف؟ إنه السيطرة على النظام بالقوة وبغير الطرق السلمية وفرض أمور غير مقبولة على المجتمع عبر طرق إرهابية. كانت توجد في سوريا داعش والنصرة، وهي منظمات مسجلة كإرهابية في سجلات الأمم المتحدة وليس من قبل دولة واحدة. نحن نحاول مع السلطة الحالية مراقبة الأمور، ونسعى لمعرفة ماهية أفكار السلطة الجديدة وكيفية ترتيب مستقبل المجتمع والقوميات والجيش السوري. نحن ضد توتير الوضع في سوريا ونريد بناء مجتمع على أسس مقبولة لكل مكونات الدولة السورية.
*كيف تقيّم روسيا دور إسرائيل في سوريا؟
- السفير ألكسندر روداكوف: لدينا علاقات مع إسرائيل، ولكن بعد حوادث غزة وسوريا ولبنان، هناك أمور ضد الشرعية الدولية، وهذا يشكل خروقات من إسرائيل تجاه كل معايير الأمم المتحدة والشرعية الدولية. أما ما يشاع عن أن ذلك دفاع عن النفس، فهذا غير مقنع. ما جدوى قصف ضاحية بيروت الجنوبية مرتين؟ وأين هو الدفاع عن النفس؟ الأمر سيان في سوريا، حيث لم يحدث أي هجوم ضد إسرائيل.
يبدو أن الاستباحة الإسرائيلية للبنان مستمرة، فقد خرقت إسرائيل اتفاقية الهدنة قرابة 1500 مرة منذ نوفمبر الماضي؟
- السفير ألكسندر روداكوف: نحن نستنكر استباحة لبنان. تعقد جلسات في مجلس الأمن الدولي في الأمم المتحدة، وموقفنا واضح بأننا ضد التعرض للبنان واستباحته. إن تطبيق القرار 1701 يجب أن يكون لكلا الجانبين، ونحن نرى الخروق من الجانب الإسرائيلي، فبعد قبول الطرفين باتفاقية الهدنة في نوفمبر، لم يحصل وقف لإطلاق النار، بل كثفت إسرائيل خروقاتها.
*ما هو الحل لإيقاف ذلك؟
- السفير ألكسندر روداكوف: برأيي، من المفترض أن يضغط المجتمع الدولي على إسرائيل لتطبيق قرارات الشرعية الدولية وأن يكون المجتمع الدولي واضحًا تجاه إسرائيل.
*ثمة مطالبات بنزع سلاح حزب الله بالكامل، هل من رأي روسي في هذا الشأن؟
- السفير ألكسندر روداكوف: نحن نعتبر أن هذه الأمور شأن داخلي لبناني يخص الجمهورية اللبنانية. إن المجتمع اللبناني معقد، وفيه الكثير من التفاصيل، لذا يجب إيجاد طرق واضحة وسلمية بين كل الطوائف وعدم فرض أي شيء على أي طرف من الخارج.
*أين أصبحت القضية الأوكرانية، وخصوصًا بعد اجتماعات الرياض الأخيرة بين الطرفين الروسي والأميركي؟
- السفير ألكسندر روداكوف: لدى روسيا حاليًا تقدم كبير في كل الاتجاهات في الاشتباكات الحربية على الجبهة. ما حصل هو تحرير كورسك بشكل كامل، وبقيت بعض النقاط البسيطة. ضمن هذه الظروف، تريد الإدارة الأميركية الجديدة تحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا، ونحن نؤيد ذلك. الرئيس فلاديمير بوتين أكد ضرورة إيجاد حلول سلمية، ولكن لا بد من مناقشة بعض التفاصيل. إن اللقاءات التي حصلت في جدة والرياض كانت ممتازة، حيث جرت لقاءات بين الأطراف من روسيا والولايات المتحدة الأميركية، وتعني هذه اللقاءات كل المواضيع العالمية، وذلك لتجنب الوصول إلى الحرب العالمية الثالثة أو الحرب النووية. نحن نناقش موضوع أوكرانيا ونطمح للوصول إلى قواسم مشتركة تكون مقبولة من الجميع، وسنستمر بالتواصل، وقد تقف الحرب في أوكرانيا قريبًا.
تقرير مخصص للمشتركين في موقع مصدر دبلوماسي
تحظر اعادة نشره
جميع الحقوق محفوظة لموقع مصدر دبلوماسي
اشترك الآن للحصول على اتقارير والمقابلات الخاصة واتصل على الرقم 03239957