“مصدر دبلوماسي”
استقبل رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون اليوم الجمعة في قصر بعبدا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي جاء خصيصا لتهنئته بتبوئه رئاسة الجمهورية. وكان ماكرون قد جال في منطقة الجميزة واستقبله الناس في الشوارع وتذوق المأكولات اللبنانية.
كلمة رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون:
السيد الرئيس،
السيدات والسادة في الوفد المرافق،
شهيرةٌ مقولةُ الجنرال ديغول، “أنّ في عمق كل فرنسي، شيئاً من لبنان”.
ونحن في المقابل نقول، بأنّ في قلبِ كلِ لبناني، وفي عقلِه ووجدانِه ولغتِه اليومية وتاريخِه الحيّ وثقافتِه المبدعة … الكثيرَ الكثيرَ من فرنسا.
فها هو وادي لامارتين جارُنا هنا.
وها هو ترابُه الذي احتضنَ شقيقتَه جولي .
وها هي دراساتُ إرنست رينان، التي حفظت تراثَنا وتاريخَ بلادِ الأرز .
وقبلهما بقرون، وبعدهما أيضاً، كنا معاً وبقينا معاً…
نتبادلُ أنوارَ الحرية والحداثة، من أجل خيرِ إنسانِنا وخيرِ العالم.
ولم يبخلْ لبنان. ولم يجحَدْ ولم يتكاسلْ. فردَّ جميلَ فرنسا بكلِ ما هو جميل.
من “مهاجِرِ” جورج شحادة إلى “صخرةِ” أمين معلوف …
ومن أنامل غبريال يارد وأوتارِ ميكا إلى ترومبيت معلوفٍ آخر هو إبراهيم …
وما بين هؤلاء من نتاجِ الكبار أدبياً وفنياً وعلمياً وفي كل مجال: أندريه شديد وصلاح ستيتيه… فينوس خوري ورينيه حبشي وجو مايلا…
والعشرات الذين أغنوا إنسانَنا والثقافة …
فما بين بلدينا وشعبينا، يُشبهُ هذا البحرَ الذي بيننا. مدٌ وجزرٌ جمعانا، “من يوم اللي تكوّن يا وطني الموج”، كما تغني سيدتُنا فيروز …
فيروز التي قمتم بزيارتِها عزيزي إيمانوييل، يومَ كان لبنانُ يتألم.
وتعودون اليومَ لزيارتنا، ولبنانُ يأمَلُ ويحلُم.
فعلى مدى الأعوام الأخيرة، دفعَ شعبي الكثير.
من دمائه ومن حجره. من أبنائه ومن ثرواتهم.
لكننا فعلاً – لا شِعراً – شعبُ الفينيق.
وها نحن قد انبعثنا أحياءَ. لأننا أبناءُ الحياة وأبناءُ الرجاء وأبناءُ القيامة.
ولأنّ فينا شيئاً لا ينتهي ولا يَفنى. هو خصوصيةُ حياتِنا. وقدرتُنا الفريدة على اختراع الفرح المستدام.
السيد الرئيس، تأتون اليومَ لتهنئتنا. وأنتم تدركون أنّ التهنئة هي للبنان. ولكلِ لبناني.
للذين صمدوا وناضلوا وتمسكوا بوطنِهم وأرضهم.
للذين عادوا إلى بيوتهم المدمرة أمس، وهم يبتسمون للغد.
وللذين رحلوا وعيونُهم علينا. أو سافروا، وأيديهم على حقيبةِ العودة، ينتظرون … وننتظرُهم.
قد يطولُ الكلامُ عما يحتاجُ إليه وطنُنا الآن. في السياسةِ والاقتصادِ والأمنِ وشتى المجالات.
لكنني اليوم، بإسمِ شعبي، وباسمي شخصياً، أتمنى منكم السيدَ الرئيس أمراً واحداً فقط.
أنْ تشهدوا للعالم كلِه، بأنّ ثقةَ اللبنانيين ببلدِهم ودولتِهم قد عادت.
وأنّ ثقةَ العالمِ بلبنانَ يجب أن تعودَ كاملة. لأن لبنانَ الحقيقي الأصيل قد عاد.
أما الباقي كلُه، فنحن وأنتم وأصدقاؤنا في العالم، قادرون عليه.
السيد الرئيس، يقولُ الكاتبُ الفرنسي جان جينيه (Genet)، قوله مرة عنا، “إنّ لبنانَ بلدٌ نتعلمُ فيه كيف نعيش. وخصوصاً كيف نموت”.
اليومَ أقولُ لكم، إننا أنجزنا القسمَ الثاني من هذا التعليم، نهائياً وإلى غير رجعة.
ومن الآنَ فصاعداً، نحن طلابُ الحياة لا موت فيها.
السيد الرئيس، أهلاً بكم وبصحبكم في بيروت الحية أبداً.
عاشت فرنسا
عاش لبنان.
بدأ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون زيارة رسمية للبنان لتهنئة رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون بانتخابه وعقد محادثات تتناول سبل دعم لبنان.
وكان في استقباله في مقر كبار الزوار في المطار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والسفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو.
ورافق ماكرون وفد يضم في عداده الموفد الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان ايف لودريان.
وعقد الرئيس ماكرون ورئيس الحكومة ميقاتي اجتماعا ثنائيا استمر قرابة ثلاثة ارباع الساعة، قال في نهايته الرئيس ماكرون للصحافيين :”انا سعيد لوجودي في لبنان الذي دخل مرحلة جديدة، وعبّرت عن امتناني وتقديري للرئيس ميقاتي وللمهمة التي قام بها على مدى سنوات لخدمة الجميع في لبنان لاسيما خلال المرحلة الصعبة جدا بسبب الحرب الاخيرة. وجهت الى دولة الرئيس رسالة تقدير، وسأجتمع بعد قليل مع عضوي لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، كما ساجتمع مع الرئيس عون ثم مع رئيس البرلمان والرئيس ميقاتي”.
الرئيس ميقاتي
وقال الرئيس ميقاتي: تشرفت هذا الصباح باستقبال الرئيس ايمانويل ماكرون في لبنان. وبعد الاستقبال جرى اجتماع بيني وبين فخامته وتحدثنا عن الاوضاع الراهنة وضرورة المتابعة لدعم لبنان على الصعد كافة، لا سيما اقتصاديا وفي مجال اعادة الاعمار. كما تحدثنا عن التحديات الراهنة، وكان الرئيس ماكرون متفهما جدا للاوضاع اللبنانية، واعدا بمتابعة العمل والدعم للحكومة الجديدة.
وردا على سؤال عن النية الفرنسية بتأمين الدعم للبنان قال: الرئيس ماكرون وعد بمتابعة هذا الموضوع من خلال عقد اجتماع على غرار الاجتماع الذي حصل في تشرين الفائت في باريس لدعم الجيش واغاثة النازحين. والرئيس ماكرون على استعداد لدعم لبنان من خلال الصندوق الائتماني الذي تنوي الحكومة القيام به بالتعاون مع البنك الدولي من أجل اعادة اعمار الجنوب ، ويمكن للجميع المساهمة فيه.
وعما اذا كان البحث تناول موضوع قرب انتهاء المهلة المحددة للانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان قال: الاجتماع الاول الذي سيعقده الرئيس ماكرون هو مع الضابطين الاميركي والفرنسي المعنيين بآلية تنفيذ التدابير المتعلقة بوقف اطلاق النار والتطبيق الكامل للقرار 1701، وبالتأكيد سيطلعنا الرئيس ماكرون في اجتماع بعبدا عند الظهر على نتيجة هذا اللقاء. واعتقد ان الامور تسير باتجاه اتمام الانسحاب في الوقت المحدد.
اضاف: ان موضوع الخروقات الاسرائيلية تتم متابعته مع لجنة تطبيق القرار 1701، كما يتم تقديم الشكاوى اللازمة، وهناك وعود بان الخروقات ستنتهي مع انتهاء مهلة الستين يوما نهاية الشهر الحالي . ونتمنى ان يحصل ذلك وان تكون الوعود في مكانها الصحيح.
وعما اذا كان الجانب الفرنسي يمكن ان يضمن الانسحاب الاسرائيلي قال: لم نتحدث عن هذا الموضوع مع الرئيس ماكرون، والجانبان الفرنسي والاميركي يتابعان هذا الملف، واؤكد مجددا ان الرئيس ماكرون يشدد على اهمية التعاون مع لبنان وحرصه عليه . وتمنيت بدوري ان تستمر هذه العلاقة لانها علاقة تاريخية بين الدولتين الفرنسية واللبنانية وشعبي البلدين.