“مصدر دبلوماسي”
مارلين خليفة:
نشرت منظمة دعم الرهائن حول العالم Hostage Aid Worldwide تغريدة أمس على منصة “إكس” كشفت فيها بأن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي طرح قضية الصحفي الأميركي أوستن تايس المفقود في سوريا منذ 12 عاما خلال أول اجتماع له مع رئيس الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع. التغريدة تضمنت تساؤلا مثيرا للجدل: “لماذا يبدو أن الجميع مهتم بإعادة أوستن إلى وطنه باستثناء الحكومة الأميركية؟ يقول رئيس المنظمة الموجود في سوريا حاليا الدكتور نزار زكا في حوار مع موقع “مصدر دبلوماسي” بأن “عائلة أوستن تايس تُثمن مبادرة رئيس الوزراء ميقاتي الذي أثار هذه القضية وعرض دعم النظام السوري الجديد بقيادة السيد أحمد الشرع. ميقاتي أكد أن موارد الدولة اللبنانية متاحة للمساعدة في تحديد مكان أوستن وكل اللبنانيين المفقودين في سوريا، وهذا جهد قوبل بالامتنان من عائلته .”
وأضاف زكا الذي يجول متنقلا منذ شهر في مراكز الاعتقال والسجون السورية بحثا عن دليل عن مكان وجود تايس الذي تحولت قضيته الى قضية رأي عام عالمي وخصصت الحكومة الاميركية مبلغ 10 ملايين دولار لمن يعرف عنه شيئا قال:”
“في الواقع، طلبت العائلة من ميقاتي قبل الاجتماع إثارة هذا الموضوع. هم يشعرون أن الحكومة الأميركية لم تبذل الجهد الكافي. الإدارة الأميركية ليست على الأرض في سوريا، ولا تعمل بجدية. الزيارات التي تقوم بها الإدارة الحالية هي زيارات شكلية وغير موجهة للبحث عن أوستن. العائلة تعتمد على الإدارة الأميركية الجديدة المقبلة وعلى جهود منظمة دعم الرهائن حول العالم والعديد من الأطراف الأخرى.”
وأكد أن العائلة ترى أن “الجميع في العالم يهتم بأوستن، بما في ذلك لبنان، باستثناء الولايات المتحدة التي لا تفعل ما يكفي. الانتقادات موجهة بشكل خاص إلى مكتب شؤون الرهائن والمسؤول عن الملف، الذي لا يقوم بواجبه كما يجب. المسؤولون الأميركيون يزورون سوريا في اجتماعات سريعة تستغرق ساعة واحدة دون أن يجعلوا البحث عن أوستن أولوية.”
تقاعس إدارة بايدن في البحث عن تايس
وأشار زكا إلى أن زيارة المبعوثين الأميركييين دانيال روبنشتاين وروجر كارستنز إلى سوريا قبل أسابيع لم تحقق أي تقدم يذكر. وقال:
“منذ وقوع الحادث، قامت الحكومة الأميركية بأربع زيارات فقط إلى سوريا. كانت زيارات سريعة جدًا وناقشت قضايا متعددة، ولكن البحث عن أوستن لم يكن من أولوياتها.”
وفيما يتعلق بزيارة المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص بالرهائن السيد روجر كارستنز، إلى بيروت وسوريا، قال زكا: كارستنز زار بيروت لمدة أسبوع تقريبًا، ثم توجه إلى سوريا لمدة ساعة أو نحو ذلك. نعتقد أن الهدف من زيارته كان فقط لإظهار أنه يعمل. الواقع أن السيد كارستنز يتم استبداله من قبل الإدارة الجديدة، ولذلك لم يُظهر حماسة كبيرة لمساعدة قضية أوستن أو اتخاذ خطوات جدية لحلها.”
وأشار زكا إلى أن الوضع معقد أيضًا بسبب غياب تمثيل رسمي للولايات المتحدة في سوريا، ما يزيد التحديات أمام حل هذه القضية الإنسانية.
التحقيق في مصير الدكتور مجد كمالماز والأب غريغوري إبراهيم
في حديثه عن الدكتور مجد كمالماز المغقود في سوريا ايضا وهو أميركي سوري ذكر الدكتور نزار أن منظمتهم “Hostage Aid Worldwide” تعمل على التحقق مما إذا كان السيد كمالماز قد توفي بالفعل في سوريا. وأضاف أن لديهم وثائق من الحكومة السورية تشير إلى أن السيد كمالماز يُعتقد أنه ميت، لكنهم لا يمتلكون تأكيدًا قاطعًا حول هذا الأمر، حيث لا يوجد جثة أو تحليل للحمض النووي لذا، تواصل المنظمة العمل للتحقق من مصيره.
وعن وجود رهائن أميركيين آخرين غير أوستن تايس أكد زكا أنهم يتابعون قضية الأب غريغوري إبراهيم، الذي اختفى في حلب، ويبحثون عن أي معلومات حول اختطافه. كما أشار إلى أن الأب غريغوري إبراهيم، وهو سوري-أميركي كان مفقودًا لفترة طويلة، مؤكدًا أن المنظمة تواصل البحث عنه أيضًا.
مصير تايس يحدده لقاء بوتين وترامب
وبالحديث عن سبب عدم العثور على أوستن تايس بعد مرور شهر على سقوط الأسد أو تنحيه، أوضح زكا أن “الوضع في سوريا معقد للغاية. وأضاف أنه حتى في غزة، وهي منطقة أصغر بكثير من سوريا، هناك حوالي 50 رهينة مفقودون، يُعتقد أن نصفهم قد قُتل والنصف الآخر لا يزال مفقودًا، مما يبرز صعوبة العثور على الرهائن في مناطق مثل سوريا”.
وعن مصير أوستن تايس في الوقت الحالي، قال زكا إنهم يعتقدون أن أوستن يخضع للإقامة الجبرية من قبل النظام السوري ويُستخدم كورقة تفاوض من قبل بشار الأسد الذي هرب الى سوريا مع احتمال أن يساعد الرئيس بوتين في الضغط على الأسد للكشف عن مكانه في الأسابيع المقبلة بعد اجتماع منتظر مع الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب.
وعند سؤاله عن صحة الأخبار المتعلقة باللواء صفوان حبيب بهلول، الذي قال إنه كان قد تحدث مع أوستن تايس أثناء احتجازه في المخابرات السورية؟ أكد زكا ان القصة لم يتم تأكيدها بالكامل ومع ذلك، أضاف زكا أن الأهم في القضية هو أن بهلول كان أول من اعترف بأن اوستن تايس كان معتقلا من قبل النظام السوري”.
وعن أهمية أوستن تايس بالنسبة للشعب الأميركي وهو كان ضابطًا بارزًا في مشاة البحرية الأميركية حيث خدم في أفغانستان وإيران ثم صحافيا متعاونا مع عدة صحف ابرزها الواشنطن بوست ووضح زكا أن “أوستن تايس هو نموذج للمواطن الأميركي الجيد، حيث كان يتمتع بتعليم عال ويتحدر من عائلة أميركية عريقة”. وأضاف أن أوستن تايس يشكل مثالا يحتذى به للأميركيين الآخرين، ولهذا السبب تعتبر قضيته مهمة للغاية، إذ إن أوستن لم يكن مجرد صحفي، بل كان شخصًا خدم بلاده وكرس نفسه لخدمة الإنسانية”.
مصير أوستن تايس وآمال الأسرة الدولية
أما عن عمله وفريقه في سوريا، فقد أكد زكا أنهم يعملون بشكل مكثف في توثيق كل التفاصيل المتعلقة بمصير أوستن تايس وغيره من الأجانب الذين تم احتجازهم كرهائن. وأشار إلى أنهم يزورون السجون ومراكز الاحتجاز في دمشق وفي أماكن أخرى في سوريا، ويتعاملون مع معلومات وملفات لعلها تقودهم إلى الحقيقة. كما أنهم يرسلون مليون رسالة نصية يوميًا في دمشق للمساعدة في تحديد مكان أوستن تايس. وأضاف أنهم يسعون لتقديم إجابات لعائلات هؤلاء الرهائن، وأنهم يعملون بلا توقف رغم محدودية إمكانياتهم.
وفيما يخص الرهائن الأميركيين في إيران، تحدث زكا عن وجود عدد قليل من مزدوجي الجنسية الأميركيين، لكنه أشار إلى أن الإيرانيين قد يطلقون سراحهم قريبًا، وأن التعاون بين السلطات الأميركية والإيرانية حول هذه القضية مسألة ممكنة وخصوصًا في ظل الوضع الراهن لإيران، التي لا تملك الكثير من الخيارات. وأكد أن إيران في موقف ضعيف جدًا ولا ترغب في إغضاب الرئيس ترامب، لأنهم يدركون أن ترامب قد يتخذ إجراءات صارمة في حال تم إساءة معاملة المواطنين الأميركيين.
المفقودون اللبنانيون
وفيما يخص الرهائن اللبنانيين في سوريا، أشار زكا:” أنا أبحث في كل مكان. لم أتوقف عن البحث عن أي لبناني أي دليل أو إشارة تدل على وجود لبنانيين، أي شيء.
من الواضح أن جميع السجناء قد خرجوا من أنظمة السجون الرسمية، لكن ربما هناك أشخاص لم يتم الإفراج عنهم. وقد يكون لديهم شيء ما، لكن لا أعلم إذا كانوا أحياء أو ما حدث لهم.
ما يجب أن نفعله هو التأكد من أن العائلات تحصل على الإجابة وتصل إلى مرحلة اليقين بشأن مصير أحبائها.
لذلك، علينا أن نقدم لهم ما يستحقونه من معلومات بشأن أحبائهم. أنا أحاول بكل ما أستطيع توثيق ما يمكن توثيقه أو طلب مساعدة السلطات السورية، أو هيئة تحرير الشام، أو الحكومة اللبنانية لإرسال وفد للتحقيق في كل هذه الملفات قبل أن يتم تدميرها بالكامل.
الملفات يتم تدميرها ونحن نتحدث الآن. يتم تدميرها يوميًا.
أريد أن يعرف النظام السوري، وأريد أن تعرف العائلات اللبنانية ما حدث لأحبائهم، سواء كان الشخص بالفعل في سوريا أم لا”.