“مصدر دبلوماسي
كتبت مارلين خليفة:
تستمر فرنسا في لعب دور محوري على الساحة اللبنانية وخصوصًا في ظل الفراغ الرئاسي الذي امتد لأكثر من عامين وشهرين. ومع انتخاب العماد جوزيف عون رئيسًا للجمهورية اللبنانية يبرز دور فرنسا في تحقيق هذا الإنجاز عبر جهودها الدبلوماسية المتواصلة بالإضافة إلى تركيزها على تنفيذ القرارات الدولية وتشكيل حكومة قادرة على مواجهة التحديات الراهنة.
ماكرون على أهبة الاستعداد لزيارة لبنان
أصبحت زيارة لبنان مدرجة على جدول أعمال الإليزيه، وصار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أهبة الاستعداد لزيارة لبنان لأنه بكل بساطة صار له نظير، وهو الرئيس العماد جوزيف عون الذي انتُخب أمس بإجماع وطني بأغلبية 99 صوتًا من أعضاء المجلس النيابي.
لعبت فرنسا، بإصرارها على انتشال لبنان من الفراغ الرئاسي، دورًا كبيرًا منذ 30 أكتوبر 2022، تاريخ انتهاء ولاية العماد ميشال عون. وللتذكير، فإن فكرة اللجنة الخماسية للدول (المملكة العربية السعودية، الولايات المتحدة الأميركية، قطر، مصر، وفرنسا) تعود للرئيس ماكرون، الذي أوفد خلال العامين الماضيين أكثر من خمسة وزراء خارجية إلى لبنان لحث اللبنانيين على التوافق من جهة، وتحذير حزب الله من جهة ثانية بأنه “يلعب بالنار” في فتحه جبهة إسناد لغزة. لكن، للأسف، لم تلقَ التحذيرات الفرنسية الآذان الصاغية.
مع ذلك، تبقى فرنسا الدولة الأوروبية الوحيدة التي تتمتع بقدرة على محاورة حزب الله وهي مقبولة منه. وكان آخر اجتماع للموفد الفرنسي جان-إيف لودريان مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد إيجابيًا للغاية، حيث لاحظ الفرنسيون مدى تعاون حزب الله في إنجاز الاستحقاق الرئاسي.
الاستحقاق الرئاسي ثمرة توافق دولي ومحلي
الاستحقاق الرئاسي الذي تحتفل به فرنسا تحقق بعد مشاورات حثيثة قادتها باريس مع المملكة العربية السعودية، الولايات المتحدة الأميركية، وأعضاء اللجنة الخماسية للسفراء. هذه الجهود أثمرت بعد استشعار توافق لبناني محلي حول اسم العماد جوزيف عون.
شهدت المرحلة الأخيرة تنسيقا مكثفًا مع القوى المحلية من خلال زيارات جان-إيف لودريان، والأمير يزيد بن فرحان، والمبعوث الأميركي آموس هوكستين، ما أدى إلى تصاعد “الدخان الأبيض” من المجلس النيابي اللبناني.
القرارات الدولية وتحديات المرحلة المقبلة
عنوانان رئيسيان سيطبعان المرحلة القادمة فرنسيًا ودوليًا، وفق ما ظهر في تغريدات عدد من السفراء الغربيين ومن خلال مصادر دبلوماسية غربية متقاطعة:
- تطبيق القرار 1701 بمندرجاته كافة، إلى جانب القرارين 1559 و1680.
- تشكيل حكومة فاعلة قادرة على إنجاز الإصلاحات المطلوبة.
بالنسبة إلى الحكومة، فإن شكلها ليس محط اهتمام المجتمع الدولي أو فرنسا تحديدًا، بل ما يهم هو قدرتها على تنفيذ الإصلاحات البنيوية المطلوبة اجتماعيًا، اقتصاديًا، ماليًا، وقضائيًا، بمساعدة صندوق النقد الدولي. وأكد مصدر دبلوماسي فرنسي لموقع “مصدر دبلوماسي” أن باريس والمجتمع الدولي سيراقبان هذا الأمر عن كثب، تفاديًا لتعطيل الطبقة السياسية اللبنانية كما كان يحدث سابقًا.
أما تطبيق القرار 1701، فقد كان في الواجهة قبل وبعد انتخاب العماد جوزيف عون رئيسًا. انتقال عون من قيادة المؤسسة العسكرية إلى رئاسة الجمهورية يُعد عاملًا إيجابيًا، لأنه سيكون مساعدًا على تطبيق القرار. وأوضح المصدر الدبلوماسي الفرنسي أن تطبيق القرار مرتبط بسيادة لبنان، الاستراتيجية الدفاعية، واستمرار الاستقرار على الحدود بعد انتهاء الهدنة.
وأضاف المصدر: “الوضع يتجه إلى التحسن على الحدود اللبنانية مع إسرائيل، حيث بدأت مرحلة التطبيق الجدي، وتم انتشار الجيش اللبناني بالتوازي مع انسحابات إسرائيلية”.
وفيما يتعلق بالتفسير المتناقض للقرار 1701، شدد المصدر على أن القرار ينص على خلو جنوب الليطاني من أي أسلحة، ويتكامل مع القرارين 1559 و1680 اللذين ينصان على نزع السلاح على كامل الأراضي اللبنانية.
وختم الدبلوماسي الفرنسي بالقول إن “البراغماتية ستشكل النهج المعتمد في معالجة هذا الملف الشائك، مع إمكانية تحقيقه تدريجيًا وعلى مراحل، بحيث يكون السلاح محصورًا بيد الجيش اللبناني، وهو أمر منوط بالحكومة اللبنانية”.