مارلين خليفة
استشهد مسؤول العلاقات الاعلامية في حزب الله الحاج محمد عفيف ظهر اليوم الاحد في غارة اسرائيلية استهدفته بينما كان متواجدا في مقر لحزب البعث العربي الاشتراكي في رأس النبع، فصحّت “نبوءات” اعدائه من الشيخ محمد علي الحسيني الذي نعاه منذ أكثر من شهر عبر قناة “العربية”، وفرح الاعلاميون اللبنانيون من خصوم حزب الله الذين بلّوا اقلامهم به طيلة الاسبوع الفائت وقبله ووصفوه بـ”الصحاف”.
أخيرا، ارتاح جميع هؤلاء من الناطق الرسمي لحزب الله، ومسؤول العلاقات الاعلامية “المزعج” لأنه لوحده كان يفضح آلة اعلامية حربية تبدأ من الغرب ولا تنتهي في لبنان، تحاول التعمية عن الحقائق وزعزعة المعنويات.
وحده، رفيق السيد حسن نصر الله، وذراعه الاعلامية اليمنى منذ العام 2014، نجل العلامة الشيخ عفيف النابلسي، إبن صيدا بقي حاضرا في الميدان بالرغم من علمه بأنه مدرج على لائحة الاغتيالات، عقد 4 مؤتمرات صحافية تحت ركام الضاحية الجنوبية وكأنه يشرّع صدره للعدو قائلا: تعال! هاأنذا على استعداد لملاقاة السيد.
تعرّفت الى الحاج محمد عفيف منذ كنت صحافية في جريدة السفير، اعتقد في العام 2015 وكنت كلّ بضعة أشهر أزوره، لأستمع الى تحليلاته وقراءته للحوادث، وطالما كنت ألتقي في مكتبه في شارع معوض كبار المراسلين الغربيين من صحف مثل الواشنطن بوست والنيويورك تايمز وول ستريت جورنال وسواها. وفي إحدى المرات، كان الحاج محمد غاضيا جدا، طلب مني انتظاره لخمس دقائق في مكتبه، بينما خرج وهو يتكلم على الهاتف، سمعته يؤنّب أحد الصحافيين المحسوبين على المقاومة لأنه نشر خبرا مغلوطا ضد قناة أم تي في التي كانت الأسرع الى رجمه في الحرب الأخيره.
رجل حوار، دمث، أعتبره من أنجح المسؤولين الاعلاميين في لبنان، ضليع بالسياسة المحلية والعربية والايرانية، يتقبل الرأي الآخر، لا يغضب من سؤال ولا يؤنب على تلميح ولا يشعر الصحافي بأنه متهم إن سأله أصعب الاسئلة.
في إحدى المرات، اتصل به السيد حسن نصر الله بينما كنت عنده، وعلمت حينها مكانته لديه. لا مكان الآن للندب وللبكاء، فالحاج محمد كان شجاعا بما فيه الكفاية ليدرك أنه سيرتقي شهيدا. ضيعانك يا حاج، و”الله لا يسامح الاسرائيلي”، لقد حرمنا من شخصية متزنة وقريبة وناضجة، لن انسى نصائحك لي حين علمت بأنني أتولى مسؤولية اعلامية محددة، فقدمت لي العديد من النصائح كي لا اقع في شراك الافخاخ التي ينصبها الصحافيون وخصوصا المراسلون الاجانب.
ضيعانك يا حاج، و”الله لا يسامح الاسرائيلي” الذي حرمنا حتى من صوتك ومن قلمك الجميل الذي كان ليوثق أمورا كثيرا عن حزب الله وهذه التجربة المرة التي نعيشها منذ أيلول الفائت وحرمنا من أن تكتب عن السيد حسن نصر الله ما لن يكتبه أحد سواك. رحمك الله وأسكنك فسيح جناته وتعازي الحارة لزملائك والاصدقاء في العلاقات الاعلامية.