“مصدر دبلوماسي”:
كتبت مارلين خليفة:
تعرضت اليونيفيل الى هجمات غير مسبوقة تكثفت في نهاية الاسبوع : أصيب جنديان من حفظة السلام بعد أن أطلقت دبابة ميركافا تابعة للجيش الاسرائيلي النار من سلاحها باتجاه برج مراقبة في مقر اليونيفيل في الناقورة فأصابته بشكل مباشر، وتعرض المقر للمرة الثانية يوم السبت لانفجارات وأصيب جنديان آخران وانهارت نتيجة القصف جدران حماية في موقع اليونيفيل بالقرب من الخط الأزرق في منطقة اللبونة، وفي اليوم ذاته جرح جندي في المقر العام في الناقورة باطلاق نار بسبب نشاط عسكري في الجوار، ولحقت اضرار جسيمة بالمباني التابعة لليونيفيل في بلدة رامية بسبب الانفجارات الناجمة عن القصف القريب. أما يوم الاحد فقد قامت دبابتان من طراز ميركافا تابعتان للجيش الاسرائيلي بتدمير البوابة الرئيسية لموقع رامية ودخلتاه عنوة، وقد طلبوا عدة مرات اطفاء انوار القاعدة، ثم غادرت الدبابتان بعد حوالي 45 دقيقة. وبعد ساعة، ابلغ جنود حفظة السلام في نفس الموقع عن اطلاق عدة رشقات نارية على مسافة 100 متر شمالا، مما أدى الى انبعاث دخان كثيف. وعلى الرغم من ارتداء اقنعة واقية، عانى 15 جنديا من حفظة السلام من آثار ذلك بما في ذلك تهيّج الجلد ومشاكل في المعدة، بعد دخول الدخان الى القاعدة. بالاضافة الى ذلك، اوقف جنود الجيش الاسرائيلي يوم امس حركة لوجستية شديدة الاهمية لليونيفيل بالقرب من ميس الجبل، ومنعوها من المرور، ولم يكن من الممكن اكمال تلك الحركة المهمة.
نتنياهو يطالب قوات “اليونيفيل” بالمغادرة
بعد تصريح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الاحد داعيا الامين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيرش إلى سحب قوات حفظ السلام الأممية في لبنان اليونيفيل فورا من الجنوب، قائلا : “لقد حان الوقت لكم لإخراج اليونيفيل من معاقل حزب الله ومن مناطق القتال”، وتابع بأن الجيش الإسرائيلي طلب انسحاب قوات اليونيفيل مرارا لكن طلبه رفض “لتوفير درع بشري” لحماية مقاتلي حزب الله، وفق زعمه، بات وضع هذه القوات معقدا جدا، وهي التي يبلغ عديها 10500 جندي وضابط ينتمون الى 47 بلدا من بينها 19 بلدا أوروبيا.
بيان وزارة الخارجية اللبنانية
وقبل 3 ايام، وبعد تكرار الاعتداءات على مقرات اليونيفيل في الناقورة حيث مقرها الرسمي وجرح أكثر من جندي دولي بسبب استهداف الجيش الاسرائيلي أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين في لبنان بيانا أدانت فيه “الاستهداف الممنهج والمتعمّد الذي يقوم به الجيش الاسرائيلي لقوات الامم المتحدة المؤقتة العاملة في جنوب لبنان وخصوصا قصف ابراج المراقبة في المقر الرئيسي في الناقورة حيث مقر الكتيبة السيريلنكية ما أدى الى سقوط جرحى هو عمل مدان وغير مشروع ويخالف ولايتها التي حددها مجلس الامن الدولي، وقال البيان بأن لبنان يطالب مجلس الامن الدولي والمجتمع الدولي والدول المساهمة في مهمة اليونيفيل بالدعوة لفتح تحقيق بالموضوع واتخاذ موقف حازم وصارم من هذه الاعتداءات وادانتها بشدة لأن عدم ردع اسرائيل ووضع حد لانتهاكاتها سيسمح لها بالتمادي في هجماتها على اليونيفيل.
بيان الممثل الأعلى باسم الاتحاد الأوروبي حول الهجمات الأخيرة على قوات اليونيفيل
وأصدر الممثل الأعلى باسم الاتحاد الأوروبي حول الهجمات الأخيرة على قوات اليونيفيل بيانا يوم الاثنين في 14 الجاري جاء فيه:”يعرب الاتحاد الأوروبي عن بالغ قلقه إزاء التصعيد الأخير على طول الخط الأزرق. ويدين الاتحاد جميع الهجمات التي تستهدف بعثات الأمم المتحدة، ويعرب بشكل خاص عن قلقه العميق إزاء الهجمات التي شنّتها قوات الدفاع الإسرائيلية (IDF) ضد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، والتي أسفرت عن إصابة عدد من أفراد قوات حفظ السلام. إن مثل هذه الهجمات على قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي وهي غير مقبولة تمامًا، ويجب وقف هذه الهجمات فورًا.
يتعين على جميع الأطراف اتخاذ التدابير اللازمة لضمان سلامة وأمن أفراد وممتلكات الأمم المتحدة، واحترام حرمة مقرات الأمم المتحدة في جميع الأوقات. ننتظر بشكل عاجل توضيحات وتحقيقًا شاملًا من السلطات الإسرائيلية حول الهجمات على اليونيفيل، التي تلعب دورًا أساسيًا في استقرار جنوب لبنان.
نحث جميع الأطراف على الوفاء الكامل بالتزاماتهم لضمان سلامة وأمن أفراد اليونيفيل في جميع الأوقات، والسماح لليونيفيل بمواصلة تنفيذ ولايتها.
إن القوات والعاملين في اليونيفيل، والتي تساهم فيها حاليًا ستة عشر دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، يعملون في ظروف صعبة دفاعًا عن السلام والأمن الدوليين. ويثمن الاتحاد الأوروبي احترافيتهم ويجدد دعمه الراسخ لدور اليونيفيل.
كما نشعر بقلق بالغ إزاء استمرار حزب الله في إطلاق الصواريخ على “إسرائيل”، الأمر الذي يجب أن يتوقف، وكذلك الضربات التي تنفذها قوات الدفاع الإسرائيلية في المناطق المكتظة بالسكان في لبنان، والتي تسببت في خسائر كبيرة بين المدنيين وتشريد العديد منهم. نحث جميع الأطراف على احترام القانون الإنساني الدولي في جميع الظروف.
يكرر الاتحاد الأوروبي دعوته إلى وقف فوري لإطلاق النار في لبنان، والتزام جميع الأطراف بالعمل على التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701”.
تيننتي: اليونيفيل باقية
الناطق الرسمي بإسم قوات الطوارئ الدولية أندريا تيننتي قال لموقع “مصدر دبلوماسي”:
“تم اتخاذ قرار من قبل البعثة. في الواقع، كان الأمين العام واضحًا وصريحًا بشأن مستقبل اليونيفيل. نحن ملتزمون بالبقاء. من الضروري أن تبقى قوات حفظ السلام في جنوب لبنان. نحن هنا بناءً على طلب مجلس الأمن. وعلاوة على ذلك، من المهم أن ترفرف علم الأمم المتحدة في هذه المنطقة، ليس فقط لمراقبة الوضع الحالي الذي يُعدّ صعبًا، ولكن أيضًا لتقديم تقارير إلى مجلس الأمن وتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية للسكان في الجنوب. لا يزال الآلاف من الأفراد عالقين في القرى، دون الوصول إلى الاحتياجات الأساسية. لذلك، سنواصل وجودنا. إن الوضع بالفعل صعب ومقلق، لكن قوات حفظ السلام ستبقى في مواقعها. وأي قرار يتعلق بتطورات الوضع سيظل بيد مجلس الأمن، وليس بيد قوات حفظ السلام على الأرض”.
لا يحق لنتنياهو طلب مغادرة اليونيفيل
في سياق متصل قالت أوساط واسعة الاطلاع على مناخ اليونيفيل لموقعنا بأنه لا يحق لبنيامين نتنياهو الطلب من اليونيفيل مغادرة لبنان لأنه ليس الدولة المضيفة.
“عادةً، فإن الحكومة المضيفة، التي في حالة اليونيفيل هي حكومة لبنان، تطلب من مجلس الأمن تمديد التفويض أو نشر قوة حفظ السلام. وهذا الأمر مستمر. لكن هذا لا يعني أن مجلس الأمن لا يستطيع اتخاذ قراره بشأن اليونيفيل. مجلس الأمن دائماً لديه الحق في اتخاذ القرارات، فإذا قرر على سبيل المثال أن الوضع خطير جداً على قوات حفظ السلام، فمن الممكن أن يقرر نقلها أو تغيير انتشارها. هذا دائماً من صلاحيات مجلس الأمن ولا يمكننا التشكيك في ذلك. لكن عادةً، يكون القرار بين الحكومة المضيفة ومجلس الأمن، وليس “إسرائيل”، لأنها ليست الحكومة المضيفة”.
أشافت الاوساط:” عندما يُمدد التفويض كل عام تكون حكومة لبنان هي التي تطلب ذلك وليس حكومة “إسرائيل”. هذه هي المسألة من الناحية التقنية. وأيضًا من المهم التذكير أنه ليس الأمر بيد الأمم المتحدة وحدها، فالأمم المتحدة واليونيفيل واضحان في موقفهما بأن عليهما البقاء هناك، لكن الدول المساهمة بقواتها يمكنها أن تقرر، فدولة مساهمة معينة قد ترى أن الوضع خطير جدًا على قواتها ولا ترغب في تعريضهم للخطر. قد تقرر تلك الدولة المساهمة سحب قواتها دون أن يكون لهذا القرار تأثير على البعثة ككل. وبالتالي ليست زمام الامور برمتها بيد الامم المتحدة”.
هجومات
تعرضت قوات اليونيفيل (قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان) في مرات عديدة لمواقف صعبة، بما في ذلك تهديدات وهجمات، سواء من قبل أطراف النزاع أي اسرائيل وحزب الله أو أثناء التصعيد العسكري في المنطقة، ولكنها المرة الأولى التي تتعرض لها لهجومات متتالية من قبل اسرائيل وبشكل فاضح. ليس الغضب الاسرائيلي على اليونيفيل مستجدا فإسرائيل تعتبر بأن هذه القوات تقع تحت سيطرة حزب الله، وهي لم تنجح في ردعه عن تخزين السلاح جنوب نهر الليطاني خلافا لما ينص عليه القرار 1701 الصادر في 11 آب 2006. فيما كرر قائد اليونيفيل الاسباني آرولدو لاثارو مرارا بأن اليونيفيل ليس لها تفويضا باستخدام بالقوة وتفويضها لا يندرج تحت الفصل السابع، وبالتالي جلّ ما تقوم به هو كتابة التقارير الدورية التي يناقشها مجلس الامن الدولي كل أربعة أشهر ويصدر بدوره تقريرا لم ينجح لغاية الآن أن يكون ملزما لأحد.
كذلك فإن علاقة هذه القوات بحزب الله يشوبها الحذر، فالبيئة الشعبية في جنوب لبنان هي كلها موالية لحزب الله، وهو ما تسميه اليونيفيل المجتمع المحلي، وسكان القرى والبلدات الجنوبية الذين يستفيدون منذ العام 1978 من خدمات اليونيفيل وتدريباتها للسكان والمزارعين والنساء، يراقبون تحركات الدوريات اليومية التي يصل عددها الى 400 بطريقة فيها شكوك، وقد تعرضت بعض الدوريات الى هجومات دامية وآخرها في العاقبية في العام 2022 عندما قتل الأهالي جنديا ايرلنديا وحطموا آلية اليونيفيل لأنها دخلت في طريق فرعية، ما عزز الشبهات بأنها تتجسس عليهم. إن تهمة التجسس هي دوما حاضرة من قبل البيئة الشعبية لحزب الله، وخصوصا وأن بعض الدوريات وخصوصا الفرنسية والاسبانية حاولت مرارا الدخول الى الأملاك الخاصة لالتقاط الصور فتمّ منعها عبر ضربها بالحجارة.
وإذا كانت الحكومة اللبنانية مستنفرة حاليا لأن اليونيفيل تتعرض لهجمات اسرائيلية فلأن هذه القوات نجحت في توفير السلم لمدة 18 عاما، وسقط هذا كله في 8 اكتوبر 2023 حين قرر حزب الله فتح جبهة ضد اسرائيل في ما أسماه حرب الاسناد لغزّة تطورت على مدى عام لتصبح حربا شاملة في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية وبعض أحياء بيروت التي قصفتها اسرائيل الى بقية الاقضةي اللبنانية.
القرار الأممي والتفويض
اليونيفيل موجودة في لبنان بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي والتفويض يتجدد عادة سنويًا في 31 من شهر آب اغسطس من كل عام أي قرار بسحب القوات يجب أن يكون من خلال مجلس الأمن، الذي يأخذ بعين الاعتبار الظروف على الأرض ومستوى التهديدات والاتفاقيات الدولية القائمة، وقد تمّ التجديد لليونيفيل هذا العام بناء على طلب الحكومة اللبنانية وهذا ما يحصل سنويا منذ العام 1978 وحتى مع قيام اليونيفيل المعززة في العام 2006 إثر صدور القرار 1701. وبعد حرب يوليو/تموز 2006، قرر مجلس الأمن الدولي تكليف اليونيفيل بمهام أخرى على غرار مراقبة وقف الاعتداءات الإسرائيلية، ومرافقة ودعم القوات اللبنانية في عملية الانتشار في جنوب لبنان، وتمديد المساعدة لتأكيد وصول المعونات الإنسانية للمواطنين، والعودة الطوعية الآمنة للمهجرين. يبلغ عدد الدول الاوروبية المشاركة بقوات في اليونيفيل 19 من أصل 47 دولة ويبلغ عدديها راهنا 10500 جندي وضابط.