مقالات مختارة
يتسحاق بريك
القناة أن 12
تُعد عملية تفجير أجهزة الاستدعاء وأجهزة الاتصال اللاسلكي الخاصة بأفراد حزب الله، والتي تسببت بإصابة الآلاف، منهم مئات المصابين بإصابات خطِرة وعشرات القتلى، حدثاً تكتيكياً مذهلاً بكل المقاييس، يُظهر قدرات استخباراتية وتقنية على أعلى مستوى. وعلى الرغم من أن إسرائيل لم تتبنَ أي مسؤولية عن الحادث، فإن حزب الله يتهمها ويتوعد برد شديد جداً. كذلك الأمر نفسه بعد تصفية قادة قوة الرضوان في حي الضاحية في بيروت يوم أمس (الجمعة).
مع الأسف الشديد، لا يُحدث هذا العمل التكتيكي أي تغيير في الواقع الاستراتيجي الخطِر الذي نعيشه؛ فبسبب تفجير أجهزة الاستدعاء، هناك إمكان كبير لتصعيد الحرب، على الرغم من الإنجاز الهائل الاستخباري والتقني، تخوض إسرائيل حرب استنزاف منذ عام ضد “حماس” وحزب الله، وهي حرب تلحق بنا أضراراً جسيمة في جميع مجالات الحياة. وقرار نتنياهو مواصلة القتال في غزة قلب الأمور رأساً على عقب، ودمر أي فرصة للتوصل إلى اتفاق مع “حماس” لإطلاق سراح الأسرى، ووقف حرب الاستنزاف معها ومع حزب الله.
وإذا استمرت حرب الاستنزاف هذه لعام آخر، فإن هناك إمكان كبير لأن تتعرض إسرائيل لأضرار حقيقية في جميع المجالات: الاقتصاد، والمجتمع، والصحة، والتعليم، والعلاقات الدولية، والاحتياط، وغير ذلك من المجالات. لقد زاد تفجير أجهزة الاستدعاء الخاصة بأفراد حزب الله من تأكيد استمرار حرب الاستنزاف، مع إمكان وجود خطر فعلي لنشوب حرب إقليمية متعددة الجبهات، يمكن أن تشارك فيها إيران وحلفاؤها. وهذا مسار سيسرع من تدهور إسرائيل نحو الهاوية.
ليست لدى دولة إسرائيل القدرة على الانتصار في هذه الحرب ضد العالم العربي بأسره، الذي يمتد على مساحات شاسعة من جميع الاتجاهات، ويتلقى موارد ضخمة من روسيا والصين بهدف تسليح دول العدو والمنظمات “الإرهابية”. كما أن المصريين كذلك بدأوا يُظهرون مواقف واضحة مضادة لإسرائيل، فضلاً عن أن “الإرهاب” يهدد الأردن أيضاً، بدعم من الإيرانيين وحزب الله؛ فالأردن دولة لها حدود طويلة تبلغ 400 كيلومتر مع إسرائيل، وهي مفتوحة في أجزاء كبيرة من امتدادها.
لن تتمكن إسرائيل من البقاء لفترة طويلة من دون مساعدة العالم الغربي المتنور المتمثل في الولايات المتحدة ودول أوروبا، لكن هؤلاء أيضاً، بدلاً من تقديم المساعدة، فقد بدأوا يبتعدون عنا، وحتى الدول الصديقة تقرر فرض حظر أسلحة على إسرائيل وعقوبات اقتصادية. إن إسرائيل الآن تزداد عزلة في هذا العالم، وعزلتها تتفاقم يوماً بعد يوم، وقد حصلنا على كل ذلك بجدارة تحت قيادة بنيامين نتنياهو ومقاولَيه المنفذَين، يوآف غالانت وهرتسي هليفي، الذين ارتكبوا ويرتكبون كل خطأ ممكن لإبعاد أصدقائنا عنا.
لا شيء سوى استبدال هؤلاء سيتيح لنا الخروج من هذه الضائقة.