بقلم سفير الهند في لبنان محمد نور رحمن شيخ
بمناسبة عيد استقلال الهند الثامن والسبعين الواقع في 15 آب 2024، أتقدم بأطيب تمنياتي وتحياتي إلى مواطني بلدي وخاصة في لبنان!
نالت الهند استقلالها في 15 آب 1947، بعد أن قاد رسول السلام مهاتما غاندي النضال من أجل الحرية من خلال مبادئ اللاعنف أي الأهيمسا والتمسُّك بالحقيقة ضد الحكم الاستعماري البريطاني أي ساتياغراها . وقد ترسخت هذه المبادئ بقوة في سياسة الهند الخارجية.
عكست رئاسة الهند لمجموعة العشرين العام الماضي، والأدوار الكبيرة التي تلعبها في مجموعة البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) وتوسعها، ومجموعة إبسا (الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا)، ومبادرة الهند الخاصة بقمة صوت الجنوب العالمي، اهتمامها بمعالجة القضايا التي تواجهها بلدان الجنوب العالمي وتحقيق النمو الشامل والتنمية لهذه البلدان.
تتمتع الهند ولبنان بعلاقات ممتازة. فمنذ افتتاح السفارة الهندية في بيروت العام 1954 لم تقفل أبوابها أبدا، حتى في الفترات الصعبة التي شهدها لبنان.
ساهمت الهند بكتيبة من الجيش اتخذت من إبل السقي مقرا لها. تضمّ الكتيبة الهندية حوالي 850 فردًا تعمل في قوات اليونيفيل لأكثر من 25 عامًا منذ نوفمبر 1998. نحن فخورون بالعلاقة الرائعة التي بنتها الكتيبة الهندية مع المجتمع المحلي وخاصة في جنوب لبنان في شبعا ومرجعيون وما إلى ذلك من خلال اقامة معسكرات طبية وبيطرية ورياضية وغيرها من الفعاليات المجتمعية.
هناك حوالي 3000 مواطن هندي في لبنان بعضهم موجود هنا منذ أكثر من 40 عامًا. لقد عملوا بجد واجتهاد وخلقوا صورة الأفراد التي تعمل بجد وتحترم القانون وساهموا بشكل إيجابي في تقدم لبنان.
منذ بدء مهامي كسفير للهند في لبنان في 2 آب 2023، لمست حبًا ومودة كبيرين من كل فرد من أفراد الشعب اللبناني العظيم بدءا من الوزراء والنواب والقادة السياسيين وكبار المسؤولين مرورا بالمجتمع الأكاديمي ومجتمع الأعمال وصولا الى السكان بشكل عام.
تعمل لجنة الصداقة البرلمانية اللبنانية -الهندية LIPFC وجمعية تطوير العلاقات اللبنانية الهندية ADLIR على تعزيز العلاقات الثنائية. وقد شكّل دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري لجنة الصداقة البرلمانية اللبنانية الهندية التي تضمّ 10 نواب ويرأسها سعادة النائب علي عسيران. أمّ جمعية ADLIR فهي تعمل منذ عام 2011.
ستقدم حكومة الهند قريبًا أدوية بقيمة مليون دولار أمريكي تقريبًا إلى لبنان. وفي وقت سابق، أرسلت الهند 58 طنًا متريًا من إمدادات الإغاثة من الأدوية والمواد الغذائية وما إلى ذلك بعد انفجار مرفأ بيروت في آب 2020.
وكجزء من المشاريع ذات الأثر السريع، قدمت الهند مؤخرًا مولدًا كهربائيًا بقوة 180 كيلو فولت أمبير لوزارة الخارجية، وخمس درّاجات لكلّ من وزارة الخارجية ومحافظة بيروت. كما تولت الهند (أ) تجديد حديقة المهاتما غاندي في إبل سقي، (ب) تجديد مجمع سردار باتيل الرياضي في كوكباكا، (ج) بناء وتأثيث مبنى الدفاع المدني التابع للصليب الأحمر في شبعا، (د) التبرع بمجموعة مولدات كهربائية لقرية برغز، (هـ) التبرع بمبنى لفرز النفايات ومكبس ضغط القمامة لكفرشوبا و(و) زراعة 800 شجرة أرز في محمية أرز الشوف.
بدعم من حكومة الهند، أقيم معسكر تركيب الأطراف الصناعية (Jaipur Foot) في مستشفى رفيق الحريري في بيروت في كانون الثاني وشباط من العام 2023 حيث تم توفير أطراف صناعية لأكثر من 300 شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة . ومن المقرر عقد معسكر آخر قريبًا لتقديم الدعم لأكثر من 500 شخص.
تقدم الهند 75 فرصة (مدنية) و21 فرصة (دفاع) إلى لبنان في إطار برنامج التعاون الفني والاقتصادي الهندي (ITEC) لبناء قدرات الموظفين الحكوميين اللبنانيين من خلال الدورات المختلفة في معاهد مرموقة في الهند التي تتكفل بتذاكر الطيران والإقامة وما إلى ذلك، وتحظى هذه البرامج التدريبية بشعبية واسعة في لبنان.
بلغ حجم التجارة الثنائية بين الهند ولبنان 456 مليون دولار أمريكي في الفترة 2023-2024، حيث بلغت واردات الهند من لبنان 112 مليون دولار أمريكي وصادرات الهند إلى لبنان 344 مليون دولار أمريكي. تعدّ الهند المصدر الحادي عشر الأكبر للواردات إلى لبنان. هناك مجال كبير لزيادة التجارة الثنائية.
أما بالنسبة الى اليوغا, فهناك حماس كبير لها في جميع أنحاء لبنان. ففي شهر حزيران من هذا العام، كجزء من اليوم العالمي العاشر لليوغا، نظمت السفارة 8 نشاطات يوغا ناجحة جدا في جميع أنحاء البلاد بالتعاون مع العديد من مدربي اليوغا اللبنانيين.
ونظراً للإمكانات الهائلة التي يتمتع بها لبنان في مجال توليد الطاقة الشمسية، عُرض على لبنان الانضمام إلى التحالف الدولي للطاقة الشمسية(ISA) ومن المرجح أن يحدث هذا قريباً.
وكان هناك تبادل منتظم للرسائل بين البلدين على مستوى رؤساء البرلمانات ورؤساء الوزراء.
في السابع من حزيران، أرسل معالي رئيس الوزراء نجيب ميقاتي رسالة تهنئة إلى رئيس الوزراء المحترم السيد ناريندرا مودي بمناسبة إعادة انتخابه، وذكر فيها أن “علاقاتنا الثنائية ستستمر في الازدهار تحت قيادتك”. وفي 25 حزيران ، أرسل رئيس الوزراء مودي ردّه إلى الرئيس ميقاتي قائلاً: “أتطلع إلى العمل معك لتعزيز تعاوننا المتبادل المنفعة في جميع المجالات” كما أرسل في 11 حزيران رسالة أخرى بمناسبة اليوم العالمي العاشر لليوغا، تمنى فيها أن تجمع اليوغا البشرية ، من أجل صحتنا ورفاهتنا، ومن أجل كوكب أكثر خضرة”.
ومن المتوقع أن يشتد زخم التفاعلات الأخيرة والزيارات رفيعة المستوى، والتي بدأت بمشاركة معالي وزير المالية الدكتور يوسف الخليل في قمة صوت الجنوب العالمي في كانون الثاني 2023 وزيارة معالي وزير الصناعة جورج بوشيكيان إلى نيودلهي في تشرين الثاني 2023 للمشاركة في معرض الهند الدولي للغذاء 2023، مع المزيد من الدعوات من الهند الموجهة للتفاعلات والزيارات الوزارية.
لطالما دعت الهند إلى السلام والاستقرار في المنطقة. ونحن نؤمن إيمانًا راسخًا بأن أي نزاع لا يمكن حله الاّ من خلال الحوار الدبلوماسي.
سأواصل أنا وفريقي في السفارة الهندية في لبنان العمل بشكل وثيق مع حكومة جمهورية لبنان وشعبها لتعزيز العلاقات الثنائية.
عاشت الصداقة الهندية اللبنانية!
عاشت الهند