مقالات مختارة
عاموس يادلين
قناة أن 12
ترجمة مركز الدراسات الفلسطينية
مساء يوم الثلاثاء، هاجمت إسرائيل، استناداً إلى معلومات استخباراتية وقدرات عملياتية خاصة، مبنى كان القيادي في حزب الله، والمعروف أيضاً بلقب الحاج محسن، فؤاد شكر، موجوداً فيه. شُكر هو أحد المقربين جداً من نصر الله، وعضو مجلس الجهاد، والشخص الذي ينسّق جميع العمليات العسكرية لحزب الله ضد إسرائيل في المعركة الحالية. إنه المسؤول عن المنظومات الاستراتيجية والتكنولوجية للتنظيم، وأيضاً عن مشروع الصواريخ الدقيقة لحزب الله. دخل فؤاد شكر إلى صفوف حزب الله منذ 40 عاماً، وكان يعمل إلى جانب عماد مغنية، ومعاً نفّذا العملية ضد جنود المارينز الأميركيين في بيروت في سنة 1983. وبعد اغتيال مغنية في دمشق سنة 2008، كان شُكر أحد الذين دخلوا لملء الفراغ الكبير الذي تركه مغنية.
المجزرة البشعة التي راح ضحيتها 12 طفلاً في ملعب كرة القدم دفعت إسرائيل إلى الرد رداً مؤلماً ورادعاً. حقيقة أن حزب الله أخرج 60 ألف إسرائيلي من منازلهم تشكل ضرراً لا يمكن لإسرائيل الاستمرار في التصالح معه – لأنه قد يزعزع الشعور بالأمان لدى سكان إسرائيل، وثقتهم بالجيش والدولة، ويُراكم الإضرار بالردع. عندما تمنع ضربات العدو، أو التهديد بها، الإسرائيليين من السكن في بلدهم، فهذا شأن قومي – استراتيجي، وليس مجرد وضعية عملياتية. بهذه الضربة، بعثت إسرائيل برسالة قوية إلى المنطقة، بدأت من ميدان الحُديدة، وصولاً إلى الضاحية الجنوبية في بيروت: “إسرائيل صيف 2024” ليست هي نفسها “إسرائيل خريف 2023″، وهي مصممة على ضرب أعدائها وترميم قدرتها على الردع.
الضربة في الضاحية هي رسالة للمسؤولين في حزب الله أنهم، جميعهم، في متناول يد إسرائيل، استخباراتياً وعملياتياً، وأن بيروت ليست خارج المجال، على الرغم من تهديدات حزب الله والطلب الأميركي من إسرائيل بالامتناع من الرد في عاصمة لبنان رداً يمكن أن يؤدي، في تقديرهم، إلى مضاعفة احتمال التدحرج إلى حرب شاملة.
تم تنفيذ الضربة بصورة موزونة، بحيث تكون، من جهة، جدية ومؤلمة كرد على ضرب مدنيين، عبر تدفيع مسؤول كبير بشكل مباشر الثمن ووضع خطوط حمراء لحزب الله؛ وفي الوقت نفسه، لا تدفع المنطقة إلى الانجرار إلى حرب في وقت غير مريح لإسرائيل.
إن مصير شُكر غير واضح – هل نجا من الضربة بسلام، أم تم اغتياله – وفي هذا الوقت، الكرة في ملعب حزب الله، وشكل الرد سيؤثر في استمرار تسلسُل الأحداث. نصر الله، رجل المعادلات، سيحاول الرد باستهداف مسؤول إسرائيلي، أو بلدة إسرائيلية مهمة، أو بقصف صاروخي بعيد المدى، أو ضرب أهداف مختلفة عن الأهداف التي استهدفها حزب الله منذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر. لا شك في أن مصير فؤاد شكر – إن قُتل، أم نجا- سيؤثر في رد حزب الله.
التهديدات الإيرانية التي سُمعت قبل الضربة، بالرد على أيّ هجوم إسرائيلي على لبنان، توضح مدى تصاعُد الثقة بالنفس في طهران، وفي الأساس، بسبب فهم ارتداع إدارة بايدن عن المخاطرة قبل الانتخابات، وتصميم إسرائيل على الإبقاء على غزة كساحة مركزية، على الرغم من أن التهديدات على حدود إسرائيل الشمالية والشرقية، هي اليوم أخطر مما تبقى من “حماس” في غزة. في مقابل تهديد كهذا، يجب أن يكون هناك تنسيق استراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل. لذلك، يجب دفع الولايات المتحدة إلى تغيير سياساتها في مجال الأسلحة، وأن تعبّر عن دعمها الحاسم لإسرائيل – وفي حال لم تقُم بذلك، فيمكن أن تجد أنها تقرّب الحرب التي تحاول منعها.
وماذا الآن؟
- تكتيكياً وفورياً – يجب التجهز، استخباراتياً وعملياتياً، لرد حزب الله، والمواجهة الفعالة – الدفاعية والهجومية – لهذا الرد، والرد الإسرائيلي الموجع على هذا الرد، استناداً إلى قوته والضرر الذي سيؤدي إليه. وفي المقابل، يجب التجهز، عسكرياً وقومياً، لتصعيد واسع قد يحدث قريباً، ومن ضمنه الحرب.
استراتيجياً – الدفع قدماً بصفقة تبادل بشكل فوري وتهدئة جميع الحدود وجبهات المواجهة، ومن ضمنها لبنان، بمساعدة الوسيط الأميركي. هذا التوقف سيسمح لإسرائيل بالتركيز على وقف التدهور الداخلي، والتحقيق، وإعادة تعبئة مخازن السلاح، وتبديل ضباط الجيش، والتجهز لاستمرار المعركة في غزة، أو الحرب في لبنان مع حزب الله. طبعاً، من الممكن ألّا يكون هناك مهرب من حرب في الشمال، لكن من الضروري أن يتم البدء بها بالتخطيط بشأن الوقت وطريقة العمل التي نختارها، وليس نتيجة الانجرار إلى التصعيد من دون تخطيط. هذه الخطوات ستساعد على بناء تنسيق أفضل، في مقابل جميع التحديات، مع الولايات المتحدة، حليفنا الوحيد الذي يمدنا بالدعم الضروري جداً من قوة عظمى.
في الوقت نفسه، يجب على إسرائيل وضع سقف ردود جديد في مواجهة حزب الله – وهذا يشمل تحذير جميع سكان مناطق جنوب الليطاني والمناطق الشيعية، وضرب عمق لبنان ومسؤولين آخرين في حزب الله، بحسب التطورات. وإلى جانب ذلك، من المهم الدفع باقتراح وقف النار الخاص بالوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين، وإقرار موعد لإعادة السكان إلى البلدات، وتحذير حزب الله من أن استمرار الضرر بالمدنيين، معناه حرب.
في الختام، من الواضح جداً أنه من غير المعقول الاستمرار في القتال، استناداً إلى أهداف الحرب التي تم إقرارها في تشرين الأول/أكتوبر في غزة، بعد مرور 10 أشهر على القتال المستمر مع حزب الله، وإسرائيل تتعرض للقصف من اليمن والعراق، وكان هناك اشتباك مباشر أيضاً مع إيران. على أيّ حكومة مسؤولة تحديث أهداف الحرب، استناداً إلى الصورة الواسعة لكل ساحة حرب، ومن خلال رؤية إقليمية شاملة. رئيس الحكومة يتحدث كثيراً عن “النصر المطلق”، لكنه لا يعرف الأهداف التي ستقود إليه: إعادة المخطوفين جميعاً، نزع قدرات “حماس” ومنع تكرار هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر (هدف تم تحقيقه)، ووقف النار في الجنوب والشمال بشكل يسمح بإعادة توطين النقب والجليل من جديد، وتحسين الجاهزية للحرب مع حزب الله، وإعادة التركيز على مشكلة النووي الإيراني، وغيرها.
- نحن في معركة إقليمية في مواجهة محور يريد جرّنا إلى حرب استنزاف طويلة ومتعددة الجبهات. التعامل مع هذه الاستراتيجيا الإيرانية ممنوع. في مقابل ائتلاف العدو من أجل مهاجمة إسرائيل، يجب بناء تحالف آخر يقف إلى جانب إسرائيل، بقيادة الولايات المتحدة، التي يجب تجنيدها للمعركة الدولية التي تدور في الشرق الأوسط – ضد المحور الإيراني المدعوم من روسيا والصين. يجب على الأميركيين أن يأخذوا على عاتقهم مهمة ردع إيران، ومنحنا القبة الحديدية الدبلوماسية التي تشمل منظومات إنهاء الحرب واستراتيجيات الخروج، وطبعاً، منح إسرائيل الأدوات المطلوبة لكي تقوم بالدفاع عن نفسها.