“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
ألقى ممثل حركة “حماس” في لبنان، أحمد عبد الهادي، مداخلةً في ندوة نظّمها “اللقاء الوطني الإعلامي” في قاعدة مكتبة “الساحة“. (المادة كاملة مع الاسئلة خاصة بالمشتركين في موقع “مصدر دبلوماسي”)
قال عبد الهادي بأن فشل المفاوضات حتى اليوم يُفسر بالسياق والفضاء الاستراتيجي الذي حدثت فيه عملية طوفان الأقصى. وأضاف أن هذا يؤكد أن الحرب ستستمر ما دامت لا توجد البيئة الاستراتيجية التي تمكّن الاسرائيليين وحلفائهم الاميركيين من تحقيق أهدافهم، “بل سيسعون إلى نقل الحرب إلى جبهة لبنان لخلط الأوراق وتغيير موازين القوى في المنطقة، من أجل التهيئة لاستئناف المشروع. ولذا، تعتبر استراتيجية نتنياهو المماطلة بهدف تخفيف الضغط عليه من الداخل وإيحائه للأميركيين بأنه يتعاطى بإيجابية”.
وتساءل عبد الهادي: لماذا لا تضغط الولايات المتحدة على نتنياهو لإلزامه بالاتفاق؟ هل هي غير قادرة أو غير راغبة؟
وتابع عبد الهادي مشيرًا إلى أن “الأميركيين لا يريدون توسيع الحرب ولديهم سببان لذلك. الأول، أن يكون مشروعهم جاهزًا بينما يمارسون الخداع الاستراتيجي، كما مارسنا الخداع الاستراتيجي في معركة طوفان الأقصى. وقد كان العدو مقتنعًا أننا أصبحنا في مكان آخر ولم نعد نفكر بحرب، ولا علاقة لنا بوحدة الساحات”. وأوضح “أن غزة فعلت ما عليها، واليوم، يوجد خداع استراتيجي للإيحاء بأن الإدارة الأميركية لا تريد توسيع الحرب في المنطقة”. برأيه، “هم يريدونها في الوقت الذي تحدده الإدارة، وهذا ليس له علاقة بمن سيكون الرئيس لأن هذا قرار يتعلق بالدولة العميقة”.
استراتيجية اميركا واسرائيل التي حتمت عملية طوفان الاقصى
وأضاف عبد الهادي أنه “بعد نقاش معمق من الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأميركية، “وجدوا أن هناك ثلاث تحديات استراتيجية تواجه المصالح الأميركية الإستراتيجية في العالم. أولها هو التحدي الصيني، الذي يتمثل في صعود الصين على خلفية النمو الاقتصادي المبهر. ثانيها هو التحدي الأمني والعسكري، الذي تمثله روسيا. وثالثها هو التحدي الأيديولوجي وتحدي القوة، الذي يمثله محور المقاومة في المنطقة والإسلام السياسي، بكل أطيافه بغض النظر عن المذهب”.
ثم انتقل عبد الهادي للحديث عن مشروع تصفية المقاومة الفلسطينية، مشيرًا إلى أنه بشكل سريع، ” كان لا بد من تصفية المقاومة الفلسطينية وخصوصًا ما تسيطر عليه هذه المقاومة في غزة، لأنه جزء من المشروع المشار إليه بسبب الغاز على ساحل غزة، وبسبب قناة بن غوريون التي تعد أساسية في المشروع، وبسبب قناة حيفا التي سيمر فيها خط الهند في إطار الصراع موازاةً مع خط الحرير الصيني، وبسبب مشروع نيوم الذي هو جزء من هذا المشروع الكبير”.
بناءً على ذلك، “وجدت المقاومة الفلسطينية أن المقاربة العادية الروتينية، حتى معركة سيف القدس، لم تعد مجدية”. وأضاف عبد الهادي :”بالرغم من أننا نعتبر عملية سيف القدس إنجازا كبيرا قبل معركة طوفان الأقصى، وهي كذلك في حينه، إلا أنه كان لا بدّ من حدث استثنائي غير عادي يقلب الطاولة”. وأوضح “أن الطاولة كانت ثقيلة جدًا، محملة بهذا المشروع الخطر الكبير الذي كان مطلوبًا له أن يدوم مئة سنة في منطقتنا على أنقاض سايكس بيكو. ووجد الخبراء في الدولة العميقة في الولايات المتحدة أن بنيان سايكس بيكو لم يعد مناسبًا للمرحلة القادمة، لذا كان لا بد من نسفه ووضع نظام جديد يدوم مئة سنة أخرى. لذلك، حصل طوفان الأقصى”.
وأشار عبد الهادي إلى أن ضمن هذا المشروع، الهيمنة على ساحل المتوسط الغني بالغاز كانت جزءًا من المشروع الأميركي في المنطقة. اضاف:” بناءً عليه، جاءت الإدارة الأميركية لتثبيت الكيان من جهة، ولإدارة الحرب حتى تصل المرحلة التي تحيد فيها التهديد الذي نفذ معركة طوفان الأقصى وتعود إلى المشروع الذي كان قائمًا في المنطقة، لأن ذلك له علاقة في مواجهة الصين وروسيا في المشروع الكبير”.
وأخيرًا، أوضح عبد الهادي أهمية الإسناد لمحور المقاومة، الذي أقام نوعًا من التوازن والردع الاستراتيجي. وأضاف “أنه من الواضح أن الإدارة الأميركية أرادت أن تستفرد بغزة لتكمل مشروعها ضد لبنان وتحديدًا حزب الله. وعندما تضرب المقاومة الفلسطينية وتضرب حزب الله، ستوجه بالتأكيد ضربة لإيران لإزالة التهديد. لذا، كان دور جبهات الإسناد مهمًا جدًا بالنسبة لنا وأقام التوازن والردع الاستراتيجي”.
وفيما يتعلق بالمفاوضات، اختتم عبد الهادي بأن كل الأوراق التي قُدّمت إلينا كان عنوانها تحقيق انتصار سياسي بعدما فشلوا في تحقيقه في الميدان. وهم لا يريدوننا أن نثمر إنجازاتنا في الميدان سواء في 7 أكتوبر أو ما تلاها، ويريدون منا تسليم الأسرى والاستمرار في الحرب. أما من جهتنا، فنريد تثبيت إنجاز معركة طوفان الأقصى وما تلاها من عمليات للمقاومة، لنبني عليها في الانتقال لليوم التالي واستثمارها في مشروعنا التحرري بإزالة الكيان بالتنسيق مع محور المقاومة الذي لعب دورًا مؤثرًا في المنطقة.