“مصدر دبلوماسي”
اعتبر محللون إسرائيليون اليوم، الأحد، اعتراض إسرائيل عشرات الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية، الليلة الماضية، أنه “نجاح عملياتي كبير”، لكنهم أشاروا إلى أن الهجوم الإيراني “غير مسبوق”، وأن “إسرائيل هزمت الليلة سوية مع الولايات المتحدة وحلفاء آخرين العملية العسكرية الجوية (الإيرانية) الهائلة”.
وأشار رئيس “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب، الجنرال في الاحتياط تَمير هايمن، إلى أنه إلى جانب “نجاح عملياتي كبير”، فإن الهجوم الإيراني ينطوي على “تعقيدات إستراتيجية”.
وأضاف هايمن، وهو قائد شعبة الاستخبارات العسكرية (“أمان”) السابق، في منشور، أن “كل شيء انجز بشكل ممتاز من الناحية العملياتية: معلومات استخباراتية مسبقة وفرتها “أمان” منظومة رصد ناجعة ومنظومة اعتراض ممتازة لسلاح الجو”.
ولفت إلى أن “الوضع معقد أكثر من الناحية الإستراتيجية:
إسرائيل والولايات المتحدة لم تنجحا في ردع إيران عن تنفيذ الهجوم؛ إيران نجحت في استهداف إسرائيل وذلك من دون إلزام الولايات المتحدة بالرد بهجوم مع إسرائيل“.
وتابع هايمن أن “إسرائيل عملت الليلة الماضية لأول مرة في إطار تحالف. وهذا ناجع وهام، لكنه سيقيد حرية العمل في الرد. والتحالف الذي عمل الليلة الماضية هو الإجابة على اليوم الذي يلي الحرب في غزة، الذي ينبغي أن نتطلع إلى الوصول إليه، وهو منظومة إقليمية ضد إيران وجبهة المقاومة”.
وحسب هايمن، فإن “الرد الإسرائيلي آت، وفي الأراضي الإيرانية. لكن الأجدى ألا نُحدث وضوحا في هذا الموضوع، ودعونا نجعل الجانب الآخر يتعذب بانعدام يقين. الوقت بأيدينا، وبالإمكان التفكير والتخطيط والعمل بحكمة، فالنجاح في الدفاع يسمح بذلك”.
من جانبه، اعتبر المحلل العسكري في موقع “واينت” الإلكتروني، رون بن يشاي، أنه بالهجوم الإيراني “حصلت إسرائيل على فرصة من أجل ترميم شرعيتها السياسية والإدراكية في الحلبة الدولية، التي تبددت طوال حرب السيوف الحديدية” على غزة.
وأضاف بن يشاي أن “السؤال المركز هو إذا كانت إسرائيل سترد وكيف. وثمة اتجاهان متناقضان يؤثران على القرار المتوقع لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، والوزير بيني غانتس“.
وتابع أن الاتجاه الأول هو ضرورة ردع إيران. فقد نفذ آيات الله هذه الليلة ما لم يفعلوه أبدا عندما هاجموا إسرائيل عازمين على إلحاق ضرر شديد ومن أجل استهداف الأمن الشخصي لمواطنيها. وإذا لم ترد إسرائيل بشكل مؤلم على الهجوم، فإنه من شأن آيات الله وحلفائهم في ’محور المقاومة’، وكذلك دول المنطقة المستعدة لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، أن يروا بذلك على أنه ضعف”.
والاتجاه الثاني، حسب بن يشاي، هو “الأهمية التي توليها إسرائيل لتهديد النظام في طهران بواسطة كشف ضعفه، وهنا يدخل تأثير الاتجاه الثاني، وهو المطلب الحازم للولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا وكندا، بأن تمتنع إسرائيل عن رد غير تناسبي من شأنه أن يشكل خطرا على الاستقرار في المنطقة”.
وأضاف أن “حربا إقليمية ستخدم زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار. ولذلك توجد أهمية بالنسبة لإسرائيل بالاستجابة لمطلب الغرب والعودة إلى التركيز على الحرب في غزة والشمال، وإبقاء العناية الأساسية بإيران لفرصة أخرى”.
وأشار إلى أن “الهجوم الإيراني فشل بعد أن زوّد الأميركيون، البريطانيون، الفرنسيون، وعلى ما يبدو سلاح الجو الأردني أيضا، حزام رصد مسبق لمئات الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة وصواريخ كروز التي أطلقتها إيران. ونتيجة لذلك تمكنت منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي من تركيز جهودها على اعتراضها قبل وصولها إلى الأراضي الإسرائيلية”.
واعتبر بن يشاي أن “إنجازا آخر لإسرائيل يكمن في حقيقة أن الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا والأردن أيضا لم يرتدعوا من تهديدات إيران باستهدافهم، وإنما حاربوا بشكل فعال من خلال تقاسم عمل دقيق ومخطط له مسبقا إلى جانب إسرائيل… وبذلك تحقق حلم إسرائيل الإستراتيجي بـ”هندسة الدفاع الإقليمي أمام إيران”.
وأشار إلى أنه “كانت هناك أهمية كبيرة وواضحة لدى الأميركيين، البريطانيين، الفرنسيين، الأردنيين والمصريين بمنع نجاح الهجوم، كي لا ترد إسرائيل بضربة عسكرية شديدة في الأراضي الإيرانية ويتحقق بعدها السيناريو الخطير” بحرب إقليمية واسعة.
وأضاف بن يشاي أن أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، شاهد نتائج الهجوم الإيراني، ويدرك قدرات الدفاع والاعتراض الإسرائيلية، إلى جانب قدرات سلاحها الجوي. “وفي الخلاصة، فإن ما حدث الليلة الماضية من شأنه أن يؤثر على نصر الله كي يقترب من الموافقة على تسوية دبلوماسية في المواجهة التي بدأها عند حدود الشمال في أعقاب الحرب في غزة”.