مارلين خليفة
نالت زيارة مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” الحاج وفيق صفا اهتماما اعلاميا لبنانيا قابله صمت مطبق من الاعلام الاماراتي بشكل خاص والخليجي بشكل عام، هذا الأمر أثار تساؤلات عن اسباب هذا التكتم والامتناع عن الادلاء بأي تعليق في قضية إنسانية من المفترض أن تنتهي بإطلاق سراح 7 محتجزين لبنانيين لا يزالون يقبعون في سجن “الوثبة” الاماراتي بتهم متفرّقة تصبّ كلها في خانة الانتماء او التجسس أو التعاطف مع “حزب الله” الذي سبق وصنّفه الامارات العربية المتحدة حزبا ارهابيا في العام 2016 ومعها دول مجلس التعاون الخليجي. كما أنها تعيد الألق الى صورة الامارات العربية المتحدة في ما يخص حقوق الانسان.
أمضى رئيس وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا يومين في الامارات العربية المتحدة وعاد أمس الاول، وأحيطت لقاءاته بتكتم شديد لناحية هوية المسؤولين الاماراتيين الذين التقاهم، ولكن المؤكد –بحسب اوساط واسعة الاطلاع على مجريات القضية- بأن المهمة التي أوكلت اليه تعلقت حصرا بالافراج عن الموقوفين اللبنانيين السبعة، في مسعى كان بدأه منذ اعوام المدير العام السابق للأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم، وعالجه لسنوات وحقق فيه الافراج عن عشرات اللبنانيين من دون الاعلان عن ذالك في غالبية الاحيان.
مع تبدّل المعطيات الجيو -سياسية والاصطفافات السياسية في العامين الاخيرين، واندلاع حرب غزّة، وتبيان فاعلية الجانب الايراني و”أذرعه” في المنطقة، يبدو بحسب التحليل بأن الامارات العربية المتحدة تعيد النظر في علاقاتها مع دول معينة: أعادت الوصال مع سوريا، خففت من حدّة تدخلها في اليمن، أعادت تطبيع العلاقات مع تركيا، أعادت الوصل مع القضية الفلسطينية فأرسلت الامارات المساعدات الإغاثية لأهل غزّة عبر عمليات “الفارس الشهم” كل ذلك على خلفية فشل اتفاقيات ابراهام من الناحية الشعبية وآخر مظاهر ذلك التظاهرات العربية في اكثر من عاصمة عربية رفضا للتطبيع مع اسرائيل، والتردد الكبير للمملكة العربية السعودية في توقيع اي اتفاق سلام بالرغم من استمرار المساعي الاميركية في سبيل ذلك.
يقع لبنان حاليا في صلب المرحلة المقبلة من ناحية التجاذب على النفوذ فيه وخصوصا في ظلّ وجود مرافق هامة للاستثمار: بناء مرفأ بيروت، تنشيط مرفأ طرابلس، توسعة المطار، التنقيب عن الغاز والنفط، الدور الفرنسي، الدول القطري المتنامي في لبنان والذي يحظى بقبول واسع من قبل معظم الاطراف اللبنانيين نظرا لاعتداله، وقوف المملكة العربية السعودية في جهة الحياد الايجابي في انتظار “يقظة” لبنانية للاصلاحات التي تنادي بها، فضلا عن الحراك التركي المتنامي ايضا في المناطق السنية. وبالتالي، فإن الرغبة الاماراتية بحل قضية الموقوفين اللبنانيين الشيعة عبر مسوؤل في حزب الله، وليس عبر وسطاء ليس مستغربا، لما لحزب الله من نفوذ في لبنان وليس بسبب تحوّل إماراتي تجاه الحزب، بل انطلاقا من سياسة تصفير المشاكل التي تنتهجها الامارات العربية المتحدة من أجل إعادة تموضع لم تتبلور بعد.
بالعودة الى ملف الموقوفين، قبل “حزب الله” العرض الاماراتي بحل هذه القضية الحيوية أيضا بالنسبة الى بيئته الشيعية، ولكن “حزب الله” المعروفة مواقف أمينه العام السيد حسن نصر الله الحادة ضد التطبيع مع اسرائيل عرض أن يكون التواصل عبر دولة محددة هي سوريا أو عبر شخصية لبنانية سبق وعالجت هذا الملف وحققت فيه انجازات واطلقت العديد من الموقوفين الشيعة وغير الشيعة من السجون الاماراتية.
ولكن الاماراتيين، -بحسب اوساط واسعة الاطلاع على مجريات قضية الموقوفين- آثروا حل هذا الملف مباشرة مع “حزب الله” أو “راس براس” كما يقال بالعربية الدارجة. وبعد قبول “حزب الله”، تم تحديد موعد للحاج وفيق صفا، إلا أن تسريبا ما للاعلام اللبناني جعل الاعلام يكبّر حجم الزيارة ويوسّع آفاقها ويكثر من التحليلات الاستراتيجية والجيو سياسية ما اثار بلبلة فعلية سواء لدى “حزب الله” الذي لا يستسيغ عادة الانوار الاعلامية على قضايا حساسة لم تنجز تفاصيلها بعد، وتسبب بنقزة لدى الاماراتيين الذين يعتصمون بالصمت وخصوصا إزاء قضايا أمنية حساسة يعتبرون أنها تمسّ بأمنهم القومي ولا تجوز “شرشرتها” على السوشال ميديا والمواقع الاخبارية، فضلا عن الاحراج الدبلوماسي والدولي الذي يسببه لهم ذلك نظرا لطبيعة العلاقة مع “حزب الله” وهي طبيعة عدائية.
في الخلاصة، اجتمع الحاج وفيق صفا بمسؤولين إماراتيين مولجين بهذا الملف وبعد يومين من اللقاءات، يبدو أن الامور تتجه الى حلحلة غير فورية إذ تتطلب الاجراءات القضائية أسابيع وكذلك الترتيبات اللوجستية لعائلات الموقوفين السبعة، ومن المحتمل أن تتم حلحلة القضية في الاسابيع القادمة. في هذا السياق، تؤكد الاوساط المطلعة على مجريات هذه القضية أن كل ما نشر في الاعلام اللبناني عن “زيارة انقلابية في ساعة صفا”، وبحث الملف الرئاسي ووساطات دولية وسعودية وعن دخول” حزب الله” في وساطة في اليمن فضلا عن تغريدة مثيرة للجدل للمغرد الاماراتي الشهير الدكتور عبد الخالق عبد الله قال فيها: بأن زيارة رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” قد يكون هدفها: بحث ملف الموقوفين من الحزب في الامارات، أو وساطة إماراتية لوقف الاشتباكات بين الحزب واسرائيل ودور اماراتي لحل الشغور الرئاسي بالتنسيق مع قطر التي يزورها حاليا علي حسن خليل من حركة أمل، كل هذه الاقاويل تصفها الاوساط بأنها “أكاذيب” لا صحة لها فلا الحاج وفيق كان مفوضا للحديث في السياسة ولا “حزب الله” في هذا الوارد، بل إن مهمته انحصرت فقط في إعادة الموقوفين اللبنانيين السبعة.
*نشر هذا التقرير بالتزامن مع صحيفة “اللواء” اللبنانية