مقالات مختارة
معاريف
داني سترينو بيتس
باحث في برنامج إيران في معهد بحوث الأمن القومي
في نظر حكومة إسرائيل ورئيسها لا يوجد عدو أكبر لإسرائيل في المنطقة من إيران.
لهذا السبب فإن إسرائيل تقود في السنوات الأخيرة سلسلة خطوات سياسية وأمنية هدفها الإضعاف الدراماتيكي لإيران في المنطقة وما وراءها.
هذه المعركة مهمة للغاية الآن أساساً، حين تواصل القيادة في طهران التقدم في برنامجها النووي وتواصل مساعدة وكلائها في المنطقة.
يبدو أن الاستراتيجية الإسرائيلية كانت تركز في الماضي على التهديد الإيراني، في ظل “القفز” عن المسألة الفلسطينية. وذلك على ما يبدو انطلاقاً من التفكير بأن القوة الإسرائيلية تجاه إيران تقدرها دول المنطقة التي تخاف هي منها وأنه سيكون ممكناً التقدم في العلاقات معها على أساس هذه القوة – ودون تقديم تنازلات ذات مغزى في المسألة الفلسطينية.
تفرض أحداث 7 أكتوبر على إسرائيل إعادة التفكير في هذه الاستراتيجية، وذلك لان الهجمة الإجرامية للمنظمة الإرهابية حماس أعادت المسألة الفلسطينية إلى مركز الطاولة.
هذه الحقيقة والمعركة في غزة في أعقاب هجمة حماس، جعلتا القدرة اليوم على مواصلة مسيرة التطبيع، وأساساً مع السعودية، دون أي تقدم في المسألة الفلسطينية، تتآكل بشكل كبير، وذلك دون أي صلة بخطوات إسرائيل تجاه إيران، ودون أي صلة باستعدادها لبرنامج نووي على الأراضي السعودية.
ينبغي التشديد على أنه من المشكوك فيه أن تكون هناك خطوة تمس بإيران أكثر من التطبيع بين إسرائيل والسعودية.
إيران تدير معركة أخيرة لمنع إسرائيل من أن تكون جزءا لا يتجزأ من الشرق الأوسط بعامة ومن الخليج بخاصة، وهي تخشى بعمق تعميق موطئ القدم الإسرائيلية في الدول القريبة منها. لهذا السبب، عملت إيران كثيراً على تعميق علاقاتها السياسية مع السعودية في الأشهر الأخيرة، فيما هي تحاول إقناعها وإقناع الدول الأخرى في الشرق الأوسط على تشديد الضغط السياسي والاقتصادي عليها.
اتفاق بين إسرائيل والسعودية سيوجه ضربة ذات مغزى إلى خطى إيران تجاه إسرائيل في المجال وكما أسلفنا سيساعد جداً في الردع الإسرائيلي تجاهها، لكن عدم التقدم في هذه المسيرة من شأنه أن يقرب إيران والسعودية أكثر فأكثر.
بعد سنوات من محاولة دحر المسألة الفلسطينية في الزاوية، فإن الطريق الإسرائيلية إلى الرياض، في ظل استياء طهران تمر في التنازلات في المسألة الفلسطينية.
سيتعين على إسرائيل أن تنهي المعركة في القطاع، تقبل عودة السلطة إلى غزة بهذا الشكل أو ذاك، وأن تبدي أيضاً استعداداً (علنيا على الأقل) للتقدم في مفاوضات سياسية مع السلطة الفلسطينية. لهذه الخطوة توجد بالطبع فضائل أخرى ذات مغزى، كتحرير المخطوفين، وقف القتال في غزة وفي الشمال (وإمكانية إعادة السكان إلى بيوتهم)، تعزيز الشرعية الدولية لإسرائيل (بما في ذلك في كل ما يتعلق بتشديد الضغط على إيران) وغيرها
في السطر الأخير، إذا كانت إسرائيل تسعى لأن تضرب إيران، مشكوك أن تكون هناك خطة أهم من الوصول إلى اتفاق تطبيع مع السعودية. لكن بخلاف الماضي، فإن الوصول إلى اتفاق كهذا يوجب تنازلات سياسية للفلسطينيين.
دون هذه التنازلات فإن نافذة التطبيع ستغلق بما يرضي طهران والمحور كله.
توجد للتنازلات للفلسطينيين أثمان باهظة، وسيتعين على حكومة إسرائيل أن تقرر إذا كان من الصواب دفعه هذه الأثمان لأجل الحصول على المكاسب المرافقة لها، بما في ذلك تشديد الضغط على إيران وصب الاهتمام الدولي عليها.