ترجمة موقع “مصدر دبلوماسي”
مقالات مختارة- أن بي آر
ليلى فاضل
لقد كانت رحلة ذي مخاطر عالية إلى واشنطن لرئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني هذا الأسبوع، إذ تحاول بلاده التوسط في اتفاق بين إسرائيل وحماس من شأنه أن يؤدي إلى وقف الإقتتال، على الأقل مؤقتا.
كذلك، من شأن أي اتفاق أن يؤدي إلى إطلاق سراح بعض الرهائن المتبقين والبالغ عددهم 136 رهينة تم أسرهم من اسرائيل خلال هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين. كما أنها ستتيح بعض الراحة للمدنيين المحاصرين في غزة الذين يعيشون تحت القصف، وستوفر وصول المساعدات الى منطقة كوارث إنسانية صنعها الانسان.
بعد الإعلان عن إطار العمل الذي تقوم حماس بمراجعته حاليا، جلس آل ثاني مع مقدمة برنامج Morning Edition ليلى فاضل.
قال الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني: “أعتقد أننا يجب أن نتحد جميعًا لوقف هذه الحرب، وإنقاذ أولئك الأطفال والنساء من القتل والمطاردة والقصف بالغارات الجوية والدبابات وكل شيء”.
وحذر من أنه إذا لم يتوقف الصراع بين إسرائيل وحماس قريبا، فإن مخاطر نشوب حرب إقليمية ستزداد.
وجاءت زيارة آل ثاني في لحظة خطرة بشكل خاص حيث تدرس الولايات المتحدة كيفية الرد على مقتل ثلاثة من جنود الاحتياط التابعين لها في غارة جوية بطائرة بدون طيار في الأردن. واتهمت الولايات المتحدة ميليشيا تدعمها إيران. وتدعم إيران العديد من الجماعات المسلحة في المنطقة، بما في ذلك حماس التي تهاجم إسرائيل والمواقع الاستيطانية والسفن الأمريكية في البحر الأحمر احتجاجًا على حد قولهم، على رد إسرائيل على هجوم حماس.
قطر دولة صغيرة في الخليج العربي تتمتع بنفوذ كبير مستمد من ثروتها، وقناة الجزيرة الإخبارية الفضائية التي تحظى بشعبية كبيرة، ومن خلال دورها كوسيط إقليمي. وتتمتع قطر بعلاقات ودية مع أحزاب ودول لا تتحدث مع بعضها البعض. فهي حليف للولايات المتحدة التي تدعم إسرائيل ولإيران التي تدعم حماس. كما أنها تتحدث مع حماس بناء على طلب من الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد استخدمت قطر دورها كوسيط لإنجاز صفقات صعبة أخرى. فقد تفاوضت على صفقة تبادل الرهائن بين إيران والولايات المتحدة وتفاوضت مع طالبان وتوسطت في اتفاق مع روسيا لإعادة الأطفال الأوكرانيين المختطفين إلى وطنهم.
لكن في هذه الحالة، أوضح آل ثاني أنه لا يعرف متى قد تحدث انفراجة بين إسرائيل وحماس.
وأضاف: “الأمر كله يعتمد على الطرفين”. مشيرا: “هدفنا هو إنهاء هذا الأمر في أسرع وقت ممكن وإعادة الرهائن ولكن وضع حد للحرب أيضا”.
ويضيف أن الوساطة القطرية حققت نتائج لم يحققها الاقتتال بما في ذلك إطلاق سراح أكثر من 100 رهينة.
وقال آل ثاني: “لقد أثبتت العملية [الوساطة] نجاحها، بينما لم تحقق ذلك العملية العسكرية. بل على العكس، في الواقع. لقد قتلت بعضهم”.
هذه المحادثة مع رئيس وزراء قطر محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني تتضمن مقتطفات لم تكن ضمن النسخة المذاعة. لقد تم تحريرها وتكثيفها بغية الوضوح ولحجم التقرير.
- هل من الممكن فعليا التوصل إلى اتفاق؟ علما بأنّ إسرائيل تطالب بهدنة تدوم 45 يوما فيما تريد “حماس” إنهاء الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية؟ هل من الممكن التوصل إلى اتفاق من هذا النوع في وضح النهار بين الطرفين؟
-نحن في مرحلة بات لدينا إطار عمل متفق عليه مع الإسرائيليين يتم تقديمه الآن إلى “حماس”. لذلك ننتظر الردود ونأمل أن تحصل مفاوضات غير مباشرة في الأيام المقبلة للخوض في التفاصيل. في الوقت الراهن، بالطبع، لا يمكننا التنبؤ بذلك. سيعتمد الأمر كله على كلا الطرفين، وكيفية موافقتهما على التفاصيل. هدفنا هو الانتهاء من هذا الامر في أقرب وقت ممكن وذلك لإعادة الرهائن ولوضع نهاية للحرب أيضًا. أعتقد أن الإطار الذي اقترحته قطر يستند إلى اقتراح قدمه الإسرائيليون والى الاقتراح المضاد الذي قدمته “حماس”. لقد مزجنا الاقتراحين معًا وتوصلنا إلى هذا الإطار الذي نأمل أن يصبح مقبولًا أيضًا لدى “حماس” للمضي به قدمًا.
* هل ترى امكانية وقف اطلاق النار وعودة الرهائن خلال أيام أو في الأسبوع القادم؟
-في بعض الأحيان يمكن أن تفاجئنا المفاوضات ويمكن أن تنتهي في غضون أيام، ولكن في أحيان أخرى نعلق في التفاصيل، يتوقف كل ذلك على كيف ستكون الأجواء بين الجانبين.
* نحن نتحدث في وقت يشهد توترات متصاعدة للغاية بعد غارة جوية بطائرة بدون طيار أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة كثر آخرين. كيف يؤثر ذلك على المفاوضات وما هي مخاوفك بشأن المنطقة بينما تدرس الولايات المتحدة كيفية الرد على هجوم الطائرات بدون طيار؟
-بداية، أود أن أعرب عن تعازي لخسارة الجنود الأمريكيين وعائلاتهم. الوضع في المنطقة آخذ في الاضطراب وقد رأينا الاستفزازات تحدث وتتزايد يوميا. وحذرنا من أن الوضع قد يستغله الآخرون وأنه قد يؤجج المنطقة وقد يقودنا إلى حرب إقليمية أوسع. هذا ما كنا نحاول تجنب حدوثه، حيث تحدثنا مع الجميع من أجل وقف التصعيد واحتواء الوضع. هل يؤثر ذلك على المفاوضات بشكل مباشر؟ ليس الامر كذلك. نأمل أن يتم احتواء كل شيء في أسرع وقت ممكن. ونحن نتفهم تلك الخسارة. وبطبيعة الحال، من حق الولايات المتحدة أن تقرر كيفية الرد. لكن دعونا نأمل أن تكون أمامنا عقول أكثر برودة وألا نخرج عن نطاق السيطرة.
*بالنسبة الى كثر من الأمريكيين فهم لا يفهمون دعم قطر لـ”حماس”. هل بالامكان شرح سبب استضافة قطر لمسؤولي “حماس”؟ ولماذا تحظى “حماس” بدعم قطر؟
–حسنًا، قطر تدعم السلام بالفعل. وهي تدعم الشعب الفلسطيني ليعيش بكرامة. نحن لا ندعم “حماس” أو أية فصائل سياسية هناك. وفي الواقع فإن الدعم [المالي] الذي تقدمه قطر يذهب للفلسطينيين. وذهب 55 في المئة من هذا الدعم إلى الضفة الغربية، وذهب 45 في المئة إلى غزة مباشرة إلى الناس. ولا علاقة له بأي حزب سياسي هناك. عندما تمّ انشاء مكتب “حماس” في الدوحة تم بالتنسيق مع الولايات المتحدة وكان لغرض ما. وقد خدم هذا الوجود هذا الغرض على مر السنين. حروب مختلفة وصراعات مختلفة وتصعيدات مختلفة. وتم احتواء الكثير منها في مرحلة مبكرة جدًا. لقد كانت تخدم هذا الغرض، وقالت قطر إنها كانت بمثابة قناة اتصال بين الكثير من الأطراف: حماس وطالبان وغيرهما. لذا، فهذا جزء من دورنا كوسطاء. ولسوء الحظ، يتم إساءة استخدام هذا ضدنا بطرق عدة. في كل مرة تكون هناك خسارة، يحاولون ممارسة لعبة إلقاء اللوم على قطر. وهذا يثني أي دولة أخرى عن الاضطلاع بدور في استعادة السلام والاستقرار في منطقتنا. لقد قال لنا سمو الأمير مرارا وتكرارا: تجاهلوا الضجيج وركزوا على هدفكم فحسب. إذا أنقذنا الأرواح، فسيكون ذلك كافياً بالنسبة الينا.
* في هذا الصدد، قال وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريش، إن قطر “تشجع الإرهاب وتمويل الإرهاب وتدفع الإرهاب وتلعب لعبة مزدوجة”. ووصف تسجيل صوتي مسرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قطر بأنها “إشكالية”، وقال بأن بلدكم يفشل في استخدام نفوذه على “حماس” لأن قطر تؤويهم وتمولهم وفقا لهذا التسريب. إذا كان بإمكانك الرد على هذه التصريحات، بما في ذلك من وزير ينظر اليه كمتطرف للغاية؟
-لن أزعج نفسي بالتعليق على التصريحات غير المسؤولة التي ذكرتها للتو، لكن فرضية تمويل “حماس” مرفوضة تماما. وكان واضحًا منذ اليوم الأول أن طريقة تمويلنا كانت تتم تحت مراقبة [نتنياهو] وحكومته. وهي عملية شرعية وشفافة للغاية تذهب مباشرة إلى الناس ويتم التحقق منها من قبل الأمم المتحدة. أعتقد أن جميع الأشخاص الذين يعرفون العملية ويفهمونها، يدركون أن هذه أكاذيب وأنهم يحاولون تضليل الرأي العام فحسب.
*أريد أن أسأل عن هدف إسرائيل المعلن من هذه الحرب والذي تجد صداه لدى الولايات المتحدة أي القضاء على “حماس”، هل هذا ممكن من وجهة نظرك؟
-حسنًا، إن القضاء على جماعة ليس له تعريف. التعريف هو القتل. لقد رأينا نتائج الحرب الآن. وقتل أكثر من 25 ألف شخص. وثلثاهم من الأطفال والنساء. هل هذا جزء من القضاء على “حماس”؟ إذا أردت استبدال فكرة ما، عليك أن تقدم فكرة أفضل. والفكرة الأفضل هي الآفاق المستقبلية للفلسطينيين، والأفق السياسي، وهذا ما نسعى إليه جميعاً.
*هل ينبغي أن يكون لـ”حماس” دور في الحكم الفلسطيني المستقبلي؟
– ليس من حقنا أن نقرر هذا الامر. إنه قرار الشعب الفلسطيني. وأعتقد أنهم قادرون على تقرير مصيرهم ومستقبلهم. ما نقوم به هنا هو دعم الفلسطينيين ونود أن نرى آفاقا سياسية لكي يحصلوا على دولتهم.
*لكن كدولة تتعامل مع “حماس”، هل تعتقد أنه من الممكن أن يكون لهم دور بناء؟ قال أحد مسؤولي حماس إنهم سيكررون يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول مراراً وتكراراً. فهل ترى مستقبلاً يكون فيه لحماس دور بناء؟
-حسنًا، في الواقع، إذا كانت هنالك آفاق سياسية وهم على استعداد للالتزام بها والتعايش معها، فإن الأمر متروك لشعبهم ليقرر مصيره. أعتقد أن هذا موقف عادل من بلدنا. نحن نرى أن الشعب الفلسطيني هو الوحيد الذي له الحق في أن يقول مع من يريد أن يحكم. وما نحتاج إليه هو أن نقدم له خيارات أفضل. وهذا ما يجب علينا جميعا أن نسانده.
*أنت في الولايات المتحدة هذا الأسبوع وتتحدث إلى مسؤولين أمريكيين. لقد كنت تتحدث إلى المسؤولين الأمريكيين طوال عملية التفاوض هذه. ما هي الرسالة الرئيسية التي توجهها قطر إلى الولايات المتحدة عندما تصف المنطقة على حد تعبيرك، بأنها تغلي على نار هادئة؟
–حسنًا، نحن بحاجة إلى التركيز على إنهاء هذه الحرب، والتركيز على التغلب على العقبات التي تعترض صفقة الرهائن وكيفية احتواء الوضع في المنطقة وضمان وجود آفاق أفضل للفلسطينيين حتى لا يكون هناك مثل هذا الصراع في المستقبل.
*إذا لم ينته هذا الأمر قريباً، فما هي مخاطر نشوب حرب إقليمية كاملة تجر الولايات المتحدة وقطر وغيرهما إليها؟
– سيظل هذا خطرًا دائمًا طالما استمر هذا الصراع. ولا أعتقد أن الوضع بات محتملاً بعد الآن. لقد رأينا المعاناة والخسارة الإنسانية وهو امر لم نشهده في أي حرب حديثة، انه المكان الوحيد الذي لا يوجد فيه مكان آمن للناس ليهربوا إليه. إنه أمر مرعب ومفجع.