“مصدر دبلوماسي”
وجّه القائم بالاعمال الفرنسي في لبنان هيرفي ماغرو رسالة الى اللبنانيين بمناسبة حلول الاعياد جاء فيها:
أصدقائي اللبنانيين الأعزّاء،
مواطنيّ الأعزّاء،
إسمحوا لي بأن أتقدّم منكم، مع زوجتي، بأحرّ التمنّيات القلبيّة في نهاية هذا العام 2023. وأودّ في المناسبة نفسها أن أشكركم على سخائكم الذي عبّرتم عنه من خلال استقبالكم لنا منذ أربعة أشهر في هذا البلد الجميل جداً.
كنت أودّ أن أوجّه إليكم رسالة التهنئة هذه في جوّ أقلّ وطأة. إن الحرب التي تجري في غزة، والتي تمتدّ بالفعل إلى جنوب لبنان، هي من أخطر الأزمات التي اجتازها الشرق الأدنى، وهي تعرّض أمن هذا البلد واستقراره إلى تهديد حقيقي. ويجري ذلك في الوقت الذي يواجه فيه لبنان منذ عدّة سنوات أزمة إقتصادية لا سابق لها، وهي أزمة تفاقمت منذ عام من جرّاء الفراغ المؤسساتي وما أدّى إليه من تفكّك للدولة.
في هذه المحن، تبقى فرنسا على إلتزامها التامّ إلى جانبكم، وهي وفيّة لتاريخنا المشترك ولروابط المودّة القويّة التي تجمع بين بلدينا.
وهذا الإلتزام يهدف أوّلاً إلى تجنّب تصعيد إقليمي سيكون كارثياً بالنسبة إلى لبنان المنهك القوى. نحن نؤدّي منذ سنوات دوراً حاسماً من أجل الحفاظ على استقرار جنوب لبنان، لا سيّما في إطار قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، الذي يشكّل ركيزة هذا الاستقرار، كما من خلال مساهمتنا في قوات اليونيفيل. وأوجّه تحيّة خاصّة اليوم إلى الرجال والنساء الذين يشكّلون عديد هذه القوات. ونحن سنواصل حشد جهودنا أكثر من أيّ وقت مضى بهدف حثّ جميع الأطراف على ضبط النفس والعمل مع كافّة الأفرقاء للمساهمة في عودة الاستقرار بشكل مستدام.
ويهدف هذا الالتزام أيضاً إلى إيجاد حلّ للأزمة السياسيّة التي تتسبّب بشلل المؤسّسات والدولة، فمن دون هذا الحلّ لن يكون من المستطاع بذل أيّ جهد من أجل التعافي الجدّي للبلاد. وهذا مغزى المهمّة التي أوكلها رئيس جمهوريّتنا إلى جان-إيف لودريان. إذ يقع على عاتق رئيس الجمهورية العتيد أن يجمع اللبنانيين، وأن يُرمّم أواصر الثقة مع المجتمع الدولي، وأن يعمل مع حكومة جديدة على الإصلاحات الضرورية للخروج من الأزمة، ونحن سندعمه ونواكبه في هذا المسعى. كما أننا نواصل وسنظلّ نواصل بذل الجهود مع شركائنا الدوليين لتقديم دعم مشترك للبنان، وهذا ما يُعبَّر عنه حاليّاً من خلال أعمال المجموعة الخماسيّة بشكل خاص.
ويهدف هذا الالتزام أخيراً إلى مساعدة الشعب اللبناني على مواجهة الصعاب التي يصادفها كلّ يوم، وإلى التحضير معاً لنهوض البلاد. لقد بذلنا منذ بداية الأزمة جهوداً إستثنائيّة للتصدّي لحالات الطوارئ الإنسانيّة ودعم المؤسسات الصحّيّة والقوى الأمنيّة والدفاع المدني، بالإضافة إلى دعم المدارس والجامعات والإبداع الثقافي، فهُنا تكمن ثروة لبنان الحقيقيّة، واللغة الفرنسية تحتلّ مكانة مميّزة على هذا الصعيد. وعندما يتمّ تجاوز الشلل المؤسساتي، سنكون أيضاً إلى جانبكم لدعم التعافي الاقتصادي الذي يتعيّن على السلطات اللبنانية المستقبليّة أن تعكف عليه.
أصدقائي اللبنانيين الأعزّاء، منذ وصولي إلى لبنان، ذُهلت بشكل خاص بالفارق ما بين الوضع المأساوي الذي يعيشه هذا البلد والمواهب الإستثنائية التي يتميّز بها شعبه، أي قدرتكم على الإبتكار والإبداع وروح المبادرة لديكم وحيويّتكم وتضامنكم وإلتزامكم وشجاعتكم في مواجهة المحن. وستكون خسارة كبرى إن لم تجد هذه الصفات، التي تساهم في نجاح شعبكم في مختلف أنحاء العالم، سبيلاً لتعبّر عن نفسها في بلدكم لخدمة مشروع وطنيّ. إذ يجدر بهذه الكفاءات الفرديّة أن تنصهر متحوّلةً إلى نجاح جماعيّ. وفرنسا لن تدّخر جهداً لمساعدتكم في ذلك.
مواطنيّ الأعزّاء، أنتم تشاركون هذا البلد محنه وآماله. إنّ محبّتكم له وتعلّقكم به واضحان للعيان. أودّ أن أعبّر لكم عن تقديري لالتزامكم تجاه العلاقة المميّزة التي تجمع ما بين فرنسا ولبنان، وأن أؤكّد لكم أن السفارة والقنصليّة العامّة ستواصلان تقديم الدّعم لكم، في صعوباتكم كما في مشاريعكم.
أصدقائي اللبنانيين الأعزّاء، مواطنيّ الأعزّاء، أتقدّم منكنّ ومنكم جميعاً بأحرّ التمنّيات للعام 2024. عسى أن يكون بالنسبة إلى لبنان عام سلام وإلتقاء ونهوض.
– كلّ سنة وإنتو بخير-
عاشت الجمهورية، عاشت فرنسا، وعاشت الصداقة بين فرنسا ولبنان.