كتبت مارلين خليفة في موقع “مصدر دبلوماسي”:
يقبع هنيبال القذافي الابن الاصغر للعقيد معمّر القذافي الذي أطاحت به ثورة العام 2011 فقتل فيها بعد ان حكم ليبيا لاكثر من 40 عاما في احد السجون اللبنانية منذ 8 اعوام، إذ تم سوق “الكابتن هنيبال” وهو يبلغ من العمر 47 عاما من داخل سوريا في عملية اختطاف غير معهودة في 10\12\2015 قام بها نائب لبناني [سابق] هو حسن يعقوب ومجموعة من المسلحين اللبنانيين حيث كان هنيبال يقيم واسرته كلاجئ سياسي منذ العام 2014 . بقي هنيبال في عهدة خاطفيه 7 ايام وبحسب الوقائع الواردة في مراسلة قانونية لأحد محاميه تعرض “للتعذيب الشديد والتهديد بالقتل وصدرت مذكرة توقيف بحقه وتم تسليمه للسلطات اللبنانية بناء على الامر الوجاهي الصادر من القاضي زاهر حماده قاضي التحقيق التابع للمجلس العدلي. وفي وقت لاحق تم بث شريط فيديو عبر قناة تلفزيونية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي يظهر فيها السيد هنيبال وعلى جسده آثار التعذيب ويناشد من لديه معلومات او أدلة بخصوص اختفاء الامام موسى الصدر ان يعلنها”.
يدفع هنيبال المتزوج من لبنانية مسيحية ولديه ابنتان وولد لا يزالون في سن الطفولة ثمن “اخفاء الامام موسى الصدر”، وهو رجل دين شيعي معروف اشتهر في مرحلة الستينيات والسبعينيات ووضع أسس الكيان الشيعي المؤسساتي ومعه بدأت رحلة اعادة تموضع الطائفة الشيعية سياسيا ودينيا وعسكريا في لبنان، إذ أسس حركة المحرومين التي تحولت الى ذراع مسلحة هي حركة أفواج المقاومة “أمل”، التي يرأسها اليوم نبيه بري رئيس المجلس النيابي منذ 31 عاما.
كان هنيبال وهو أصغر أبناء العقيد معمر القذافي الستة في عمر السنتين (ولد في 15 ايلول\سبتمبر من العام 1976) حين حصلت واقعة اختفاء الامام موسى الصدر في العام 1978 مع رفيقين له أحدهم والد حسن يعقوب الذي قام باختطاف هنيبال واودعه السجن بموافقة السلطات اللبنانية، وبمباركة من نبيه بري، بحجة أنه يكتم معلومات تتعلق بمصير الامام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين الذين فقدوا في العاصمة الليبية طرابلس العام 1978.
إلا أن هنيبال ليست لديه معلومات، وكيف يمتلك معلومات من ولد قبل الحادثة وامضى حياته بعيدا من دائرة الحكم الضيقة لوالده الحاكم القوي لليبيا؟ يقول أحد أقاربه الذي تحدث الى موقع “مصدر دبلوماسي” :” لو كانت لديه معلومات لأدلى بها بعد ثمانية اعوام من اختطافه المستمر لغاية اليوم”.
في المقابل، تشير المعلومات الصحافية التي نشرت في لبنان الى أن القاضي زاهر حمادة ارسل مرات عدة مذكرات لتبليغ ضباط وكوادر اساسيين في النظام السابق لكن من دون جدوى.
تعتبر عائلة هنيبال وشقيقه البكر سيف الاسلام القذافي المرشح للانتخابات الرئاسية في ليبيا، والذي كما يخبر ليبيون يتمتع بشعبية واسعة أن “لبنان يختطف هنيبال تعسفيا”. يتوجه قريب هنيبال الى الطائفة الشيعية اللبنانية التي تريد معرفة مصير الامام الصدر قائلا:” أقول لإخوتنا الشيعة، هذه قضية نظام وليست قضية عائلة، وهي تخضع لمزايدات داخلية ليس لهنيبال علاقة بها”.
يقبع هنيبال اليوم في السجن منذ العام 2015، ليس من امكانية لزيارته من قبل أحد من عائلته، يزوره فقط احد اقارب زوجته في فترات متباعدة.
ملفه معلق عند المحقق العدلي القاضي زاهر حمادة ولم يتم البت فيه منذ اعوام. يقول قريبه الذي رفض الكشف عن اسمه:” يتهم هنيبعل بكتم معلومات ليست في حوزته، لكن كتم المعلومات إن ثبت فإن عقوبته لا تتعدى الـ3 اعوام إذا ثبت عليه ذلك، وبحسب معرفتنا أن القانون اللبناني لا يعاقب على كتم المعلومات”. راسلت عائلة القذافي السلطات اللبنانية مرارا عن طريق وزارة الخارجية والمغتربين وبعثت بكتب الى وزارة العدل اللبنانية وذلك منذ تسلم حكومة عبد الحميد الدبيبة السلطة، وتمّ تشكيل لجنة برئاسة وزير العدل الليببي طالبة زيارة هنيبعل ووجه الطلب الى الحكومة اللبنانية الحالية برئاسة نجيب ميقاتي ولم تتم الاستجابة لطلبها.
وراسل البرلمان الليبي في 28 آب \اغسطس 2019 السلطات اللبنانية في مراسلة جاء فيها: “يفيد مجلس النواب الليبي ان السيد هنيبال معمر القذافي المعتقل حاليا في لبنان منذ شهر ديسمبر 2015 لم يسبق له أن تبوّا أي مركز امني سياسي وان ما نسب له من تولي قيادة اجهزة امنية ليس إلا اصطيادا في الماء العكر لغرض تلفيق تهم اضافية للمعني. كما ينتهز مجلس النواب الليبي الفرصة ليطالب مجددا الحكومة اللبنانية بضرورة الافراج العاجل عن السيد هنيبال معمر القذافي لاستحالة ادانته في قضية السيد موسى الصدر حيث كان عمره حينها سنتان”.
كذلك وجه المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني كتابا في العام 2019 الى وزير العدل اللبناني آنذاك. البير سرحان بالمضمون نفسه وانهى الدكتور فتحي عبد الحفيظ المجبري نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني كتابه قائلا:”معالي الوزير، ورد في القرآن الكريم في سورة فاطر الآية (18) :” ولا تزر وازرة وزر أخرى”، كما ورد في الكتاب المقدس سفر حزقيال الاصحاح (18): 20-22 :” الابن لا يحمل اثم ابيه والأب لا يحمل اثم الابن”. وهذا يجعلنا جميعا كمؤمنين مسخّرين لخدمة عدالة السماء فيما بيننا كبشر، ويلزمنا باستحضار روح العدالة الالهية في تجاوز ما ينشب بيننا من منازعات وخلافات، لتطمئن انفسنا جميعا بأن تحقيق العدل وجبر الضرر وردّ الحق وانصاف المظلوم ومعاقبة الظالم هي المهمة الاسمى التي يمكن ان ننجزها عندما نولّى أمور الناس وشؤونهم”.
التوقيع: عقيلة صالح عيسى رئيس مجسل النواب الليبي.
يقوم هنيبال بإضراب عن الطعام منذ 3 حزيران \يونيو 2023، “وضعه الصحي متذبذب ويتدهور احيانا بشكل مخيف فينقل الى المستشفى بين حين وآخر، هو يتلقى علاجا لآلام في المعدة والظهر ظهرت لديه بسبب السجن، لديه مشاكل صحية تحتاج لأن يأكل لتناول الدواء” يروي قريبه.
وعن الخطوات القادمة التي تنوي عائلة القذافي القيام بها يقول قريبه:” الخطوات القادمة هي عند السلطات القضائية اللبنانية التي يجب ان تصحو وتقول كلمتها وتوقف هذه المهزلة”. اشارة الى أن عائلة القذافي تواصلت مع العديد من المنظمات الحقوقية الدولية التي راسلت بدورها السلطات اللبنانية من دون جدوى وهي لم تتلق أية اجابة في الكثير من الاحيان وتم تجاهل طلباتها، وإذا اجابت الدولة اللبنانية في احيان نادرة فيكون الجواب تردادا لما ينشر عبر وسائل الاعلام اللبنانية.
وفي تصريح نادر له قال شقيقه سيف الاسلام في 3 حزيران\يونيو الفائت بأنه “يستغرب اتهامه بكتم واخفاء معلومات تتعلق بمصير الامام موسى الصدر رجل الدين اللبناني، في حين كان عمره وقت اختفاء الصدر عاما واحدا”.
عمل هنيبال القذافي أثناء حكم والده مستشارا في شركة النقل البحري، وهو قبطان خريج الاكاديمية البحرية في القاهرة. عاش في سوريا منذ العام 2014 كلاجئ سياسي بموافقة السلطات السورية. قامت الدولة السورية بمجموعة ضغوط على السلطات اللبنانية من دون جدوى وتأمل عائلة هنيبال أن تتبدل الظروف وخصوصا مع انتهاء الحرب في سوريا. وعمّن تتهم العائلة باختطاف هنيبال يقول قريبه:” إنه المستفيد من سجنه، والوحيد المستفيد اليوم هو نبيه بري رئيس حركة أمل الذي يشكل اختفاء الامام الصدر الموضوع الوحيد الذي يمكّنه من اقامة مهرجان شعبي له سنويا”.