“مصدر دبلوماسي”-خاص
أعادت حادثة الكحالة المشؤومة شدّ الانظار الى الدسّ الاعلامي بتوجيهات حزبية لفرض فتنة بين اللبنانيين والسقوط في فخ الحرب الاهلية تمهيدا لفرض خيارات تهدد الكيان والعيش المشترك. في هذا السياق، دعا اللقاء الاعلامي الوطني الى فعالية بعنوان “اعلاميون في مواجهة الفتنة” في فندق “الريفييرا”- عين المريسة الاربعاء 23 آب\اغسطس 2023 الساعة الخامسة عصرا.
تمهيدا لهذه الفعالية، وبدعوة من اللقاء واركانه وفي مقدمتهم الكاتب والمحلل السياسي سمير الحسن، تحدث مسؤول العلاقات الاعلامية في “حزب الله” محمد عفيف في لقاء مع عدد من الصحافيين والناشطين السياسيين انعقد الخميس الفائت في “مطعم الساحة” طريق المطار.
تطرق عفيف الى تفاصيل غير معروفة في حادثة الكحالة ومنها أن الشاحنة التي سقطت كانت جزءا من قافلة شاحنات استمرت بالمرور بعد سقوط الشاحنة بشكل طبيعي، وأن المشاحنات مع بعض المدفوعين لم تبدأ إلا بعد ساعات طويلة جدا.
ودعا عفيف الى التصدي لمحاولات رمي الفتنة بين اللبنانيين تجنبا لحرب اهلية اكلت البشر والحجر، والجيل الجديد لا يعرف مآسيها وكيف كان الناس يتنقلون بين المتاريس وبين بيروت الغربية وبيروت الشرقية، فيما الناس اليوم من الطوائف كلها يعيشون بسلام ويتلاقون ويتناقشون.
وفنّد عفيف مجموعة عناصر اسهمت في تفكيك صاعق الفتنة الذي ترصّد حادثة الكحالة التي وصفها عفيف بـ”العرضية” لكي يبني عليها البعض سردية تستهدف حزب الله وسلاحه وفقا لأجندة وضعتها الدول بعد حرب تموز 2006 منتقلة من خيار الحرب الخشنة الى الناعمة، وذكّر عفيف بما كشفه يوما السفير الاميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان [بعد مغادرته منصبه] عن انفاق الاميركيين مبلغا لا يقل عن 500 مليون دولار لتشويه صورة حزب الله، وقال عفيف:” لقد تمّ دفع مبالغ مرقومة الى عدد من وسائل الاعلام، ونشهد اليوم طفرة في انشاء بعض المواقع الالكترونية المدعومة من السعودية على وجه التحديد ومن الامارات العربية المتحدة”.
واشار عفيف:” بعد ان وقعت حادثة الكحالة، وبغض النظر إن كانوا بدأوا قبل او بعد، إلا أنه يوجد مناخ تحريضي سابق ومستمر، وليس مهما إن كان التحريض بدأ قبل ثوان أو دقائق معدودة، فهذه نظرية غير منطقية وكأن هذه الوسائل الاعلامية تقيس معنا في الدقائق متى بدأ القتل. يوجد تحريض سابق على القتل. تتلقى وسائل الاعلام اموالا لهذا الهدف، بل ربما انشئت بالاصل لهذا الهدف (…) وتوجد مجموعة عناصر مترابطة وليس عنصر واحد مؤثر على سلوكها منها الهوى السياسي ورغبة الحصول على المال وقرارات المشغّلين”.
أضاف:” نحن نتعاطى مع حادثة الكحالة على انها انتهت، وهي بالأصل حادث عرضي والشاحنة كانت من ضمن قافلة، وهذا الموضوع بالنسبة الينا ليس قضية خط امداد، إن السلاح ونقل السلاح هو جزء من المقاومة، إذا لم ننقل السلاح الآن متى ننقله؟ ننتظر الى حين وقوع قصف؟ هل ننتظر الى حين تحدث عملية عسكرية فعلية ثم نبحث عن طلقة من هنا وأخرى من هنالك”؟.
واشار الى دور الجيش اللبناني قائلا:” للانصاف كان الجيش اللبناني في غاية التعاون، ربما تأخرت الدورية الاولى لأسباب… ولكن قرار الجيش وأدائه كانا في غاية التعاون. تعاطينا مع الموضوع على أنه حادثة، ثانيا إن أهالي الكحالة وآل البجاني أرسلوا لنا يقولون انهم لم يعرفوا بمرور الشاحنة ولم يكونوا يتقصدون اطلاق نيران، وبأنهم يرغبون بإنهاء هذا الموضوع. ومن حسن الحظ أن قتيلنا قتل قبل قتيلهم. الشهيد رحمه الله، ومن حسن الصدف وارادة ربنا سبحانه وتعالى، لو كنا نحن الجهة التي بادرت الى اطلاق النيران وقتل فادي البجاني سابقا، لكانت ردود الفعل مختلفة، لكنّ قتيلنا قتل قبل قتيلهم. شقيق فادي البجاني، بيان العائلة وبيان اهالي الكحالة ولاحقا بيان الرئيس ميشال عون وبعدها عظة المطران بولس عبد الساتر كلها صبّت المياه الباردة على الرؤوس الحامية (…). المطران عبد الساتر بالتنسيق مع اهالي الكحالة وآل عبد الساتر هدأوا الرؤوس الحامية، ما جعل سماحة السيد [امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله] يردّ على الرسالة الايجابية بأخرى ايجابية ايضا”.
إن مصلحة “حزب الله هي البقاء على حالة طيبة مع المسيحيين ومع سائر المكونات اللبنانية
النقطة الثالثة التي تطرق اليها وهي سبب ايضا لانهاء الحادثة تكمن في ” أن لحزب الله رؤية محددة، فليس للحزب اية مشكلة مع اهالي الكحالة، أو مع المسيحيين لا سمح الله، أبدا، ونحن لا نفكر على هذا المنوال وليس لدينا هذا النمط من التفكير. يوجد موضوع يتعلق بالمقاومة وبتحرير فلسطين والمعركة الكبرى والمنازلة الخ…إن مصلحتنا هي البقاء على حالة طيبة مع المسيحيين ومع سائر المكونات اللبنانية، وحتى حين يحصل خطأ ما وبغض النظر عن المسؤول عنه، كإنزلاق الشاحنة وسببه الخ فنحن نلملم هذا الموضوع، لأننا لملمنا حوادث اخطر، مثل حادثة شويا بمنطقة ذات غالبية درزية، وحادثة خلدة في منطقة ذات غالبية سنية، وبالمرحلتين تعرضنا احيانا للقتل أو للمهانة. وبالطبع، كانت لدينا قدرة على الرد، لكن الى اي مناخ نأخذ البلد؟ هل نأخذه الى حرب اهلية؟ من لم يمر بآلام واوجاع واحقاد الحرب الاهلية؟ الجيل الجديد لا يعرف شيئا عن الحرب الاهلية وخطوط التماس، وكيف تمشي الناس بين المتاريس، وماذا تعني بيروت الشرقية والغربية؟ (…) إن الحرب الاهلية تعني الحرب بين منزل ومنزل وبين شارع وشارع وحي وحي. الحمد لله، ان اللبنانيين مجتمعين اليوم، إن الحرب الاهلية تعني التقسيم. لهذا السبب نحن حريصون على خطاب سياسي هادئ وعاقل يؤكد على الوحدة الوطنية والعيش المشترك والسلم الاهلي وعلى عدم الذهاب الى خطاب الفتنة وعلى عدم الانجرار الى الحرب والتقسيم”.
قرار مسبق بتوتير الاوضاع في اكثر من منطقة
بالعودة الى تفكيك صاعق الفتنة في الكحالة قال عفيف أنه “يوجد قرار مسبق بتوتير الاوضاع كان يفتش عن حدث ما: يقتل رجل في عين ابل [القيادي القواتي الياس الحصروني] وتظهر التحقيقات أن الامر لا يتعدى الخلافات على لعب الميسر، لكن مقتله وضع في سياق آخر وتم التركيز على انه قتل في منطقة حزب الله لاعطائه بعدا سياسيا متناسين ان حوادث جمة تقع في مناطق حزب الله بخلفيات شخصية ومنها اخيرا انتحار شاب بسبب عقائد دينية متطرفة وذلك في حارة حريك”. واضاف عفيف:” تمّ البناء السياسي ايضا على حوادث القرنة السوداء والضنية بالرغم من الخصومة الموجودة في هاتين المنطقتين وكانت تصريحات واضحة لرئيس بلدية الضنية في هذا الشأن. (…)
أضاف عفيف:”حتى لو لم يكن لحزب الله علاقة بأية حادثة فإن أي تصريح يمكن أن يفبرك أو أن يؤخذ من شخصيات محددة”. وسرد الرواية الآتية:” بين العامين 2005 و2013 كانت توجد غرفة سوداء موجودة في صحيفة “النهار” قوامها مروان حمادة [النائب والوزير السابق] وعدد من الناس، يتصلون ويرسلون اخبارا ومناخات الى صحيفة “السياسة الكويتية”. كانون يقومون بنشر خبر في هذه الصحيفة، وفي اليوم التالي تتبناه وتعيد نشره المواقع الالكترونية في لبنان على أنه اقتباس من السياسة الكويتية. وفي اليوم التالي، تتعاطى معه الصحف المحلية وبينها “النهار” نفسها على أنه خبر. ثم تتعامل شخصيات سياسية بالعشرات مع هذا الموضوع على انه خبر حقيقي وتبدأ عشرات التصريحات السياسية التي لا تترك مجالا لضحدها بالسرعة المطلوبة بسبب الحاجة الى وقت لمعرفة خلفياتها”.