“مصدر دبلوماسي”
أطلق وزير الاعلام اللبناني زياد مكاري أمس الثلاثاء “وثيقة بيروت” بالتوازي مع بدء الفعاليات الرسمية لاختيار “بيروت عاصمة للاعلام العربي 2023” وذلك في القاعة المستديرة لطيران الشرق الاوسط في “مطار رفيق الحريري الدولي”.
شهد الاحتفال الذي توّج قرار لجامعة الدول العربية في العام 2021 باختيار العاصمة اللبنانية عاصمة للاعلام العربي لهذه السنة حضورا اعلاميا لبنانيا وعربيا واجنبيا كثيفا وشخصيات سياسية ودبلوماسية واجتماعية واكاديمية وفاعليات من مختلف القطاعات.
كلمة جامعة الدول العربية
بد الحفل بالنشيد الوطني اللبناني الذي اداه طلاب من مدرسة تانيا قسيس، وقدم الحفل الاعلاميان نعمت عازوري وسامي كليب، ثم القى الامين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير أحمد رشيد الخطابي كلمة جاء فيها:
“من دواعي الشرف الكبير الحضور هذا المساء لتمثيل جامعة الدول العربية في حفل بيروت عاصمةالإعلام العربي 2023 تحت شعار هنا بيروت تلك المدينة المتوسطة الكونية الخلابة التي تحمل عبق التاريخ والحضارة الانسانية والتي برهنت في كل الظروف أنها رمز للشموخ و التحدي عصية على الصعاب والنوائب”.
ولفت الخطابي: ” ان قرار مجلس وزراء الإعلام العرب في القاهرة في يونيو 2021 بشأن إختيار بيروت عاصمة للإعلام العربي جاء في نطاق التضامن الثابت مع لبنان اثر انفجار مرفأ بيروت الذي اهتزت له المشاعر
ان تنظيم هذه الاحتفالية في أجواء إيجابية وواعدة التي تندرج في سياق بلورة قرار مجلس وزراءالإعلام العرب عام 2016 للدفع والتعاون الاعلامي في نطاق اهداف ومباديء وتوجهات جامعة الدول العربية مناسبة للسير قدما بهذا النهج التشاوري وفرصة مشجعة كذلك لتعزيز روح التعاون و الحوار بين مكونات الأسرة الإعلامية اللبنانية ذات السجل الحافل بالعطاء الخلاق و الإلتزام و الاحترافية مثمنا هنا الاسهامات المقدمة لسائر المقدمة لكافة الفاعلين الإعلاميين و استعدادهم للانخراط في مد جسور التقارب والتواصل و الإستثمار للقواسم المشتركة في منطقتنا العربية” (…).
مكاري
وبعد عرض فيلم قصير بعنوان “هنا بيروت” جمع شبانا وشابات لبنانيين عبروا عن تكاتفهم مع العاصمة التي مرّت بصعوبات عدة، القى وزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال زياد المكاري كلمة جاء فيها:
هُنا بيروت .. هُنا قلبٌ أبيض، وحبرٌ أحمر، وورقٌ أسمر .. هُنا غسان تويني، وطلال سلمان، وسعيد فريحة،وسليم اللوزي، وميشال أبو جودة، ورياض طاهة، وروز اليوسف، وكامل مروة، وشارل قرم، وصونيابيروتي. هُنا إعلامٌ وأَعْلام ،، وهُنا فيروز! صوتٌ سمائي يُصلّي غِناءً، ويُغنّي صلاةً، ويوقِظُ الأُمّة العربيةمتى يشاء!!
“بيروت عاصمة الإعلام العربي للعام 2023” لَقَبٌ مُستَحَق! بيروت عاصمة الإعلام العربي لِكُلِّ الأعوام. هُنا “حُريّة الصحافة” وهُنا “صحافة الحريّة”، وهنا النجاح والتميّز والتألّق والانفتاح والإبداع!
ـ هل تَعْلَمونَ أنَّ هُنا أوّل مدينةْ إعلاميةْ في العالم؟ وثمانِيَةْ آلاف عام من الحياة؟ مِنْ حاجَةْ ألفينيقيينللتواصُل صَدّروا الحَرْفْ، فكانت بيبلوس مدينةْ الأبجدية وأوّلْ مدينةْ للإعلام!
ـ هل تَعْلمونَ أنّ هُنا أوّل مَطْبعة في الشرق؟ وهُنا أوّل كتاب، وأوّل مجلّة، وأوّل صحيفة، وأوّل تِلفاز، وأوّلإذاعة؟ __ هُنا الشرق كُلّ الشرق.
هُنا مَحَطّات ومَسيرات ومَسَارات، ونريد أن نبقى في هذا “الهُنا”، وأن يبقى هذا “الهُنا” لنا، لا أنْ يُهَجَّرَأبناؤنا بسِلاحِ الاقتصاد، ويَغْرَقْ لُبنانُنا في بحرِ اللجوءِ والنزوح.
أمواجٌ كثيرة ارْتَطَمت بالسَفينةِ اللُبنانيّة، ولَمْ تَغْرّق، لأنَّ سُفُنَنا من “أرزِ الرب” و”الله حاميها” ،، ورغمَالأزمة الاقتصادية الخانِقة، ها نُحنُ هُنا، نَحْتَفِلُ تحتَ مِظَلّةِ الجامعةْ العربيةْ ببيروتِنا، وفي هذا الاحتفالنعْتَمِدُ على رأسِمالِنا البشري، لا على رأسِمالِنا المالي. وهُنا كلِمةُ شُكر واجِبَة لكلِّ مَن ساهمَ.
نحن نُقطة في بحرِ المُحيط، ومراكِبُنا حَمَلَت إلى العالم “النبي” جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة،ومارون عبود، ومي زيادة، وأمين الريحاني، وإيليا بو ماضي، وسعيد عقل، وعمر فاخوري، وجرجيزيدان، والياس أبو شبكة، وأحمد فارس الشدياق، وخليل مطران، واللائحة تطولْ ولا تنتهي. “هنا بيروت”،ومن
هنا، من بيروت، وضعَ لُبنانيونَ نِقاطاً على حُروفِ العرب!
“بيروت عاصمة الإعلام العربي” ليست مُناسَبة لتظهيرِ ريادتِنا فقط، ولا مُناسَبة لتظهيرِ ثقافتِنافقط .. “بيروت عاصمة الإعلام العربي” مُناسبة لتظهيرِ عروبَتِنا وتطهيرِها من شوائِبِها، ولذلك أُطلِقُ نداءًإلى كلّ أشقائِنا العرب، لعلّ “الصوت يودّي”، لتكون هذه السنة، سنة الانفتاح الإعلامي بين عواصِمِناالعربية، سنة نتمكّن فيها من تظهيرِ ثقافتِنا الحيّة ،، وَلْنَجْعَل شعارَها “ثقافةٌ تجمعُنا لا جهلٌ يُفرّقُنا”.. ماضينا مكتوب ومرئي ومسموع، وحاضِرُنا منذورٌ للتواصل.
ـ نريدُ هذا العام إعلاماً هادفاً، يُناصرُ قضايانا العربية، وينتصرُ لها. إعلامٌ ينتصرُ للإنسان. ينتصرُللنساء والأطفال والشباب. إعلامٌ يُسلّط الضوء على قضايا البيئة والصحّة والاقتصاد، على السلام لا علىالحروب، على البيئة والتنمية والعلم والرياضة. نريدُ
إعلاماً يُنْشِدُ ثقافةَ الانفتاح ويُغلِقُ البابَ على الانعزال.
نريدُ لهذا الاحتفال أن يكونَ نافِذَةَ أمل، وطاقَةَ فَرَح وفَرَج، وباب لِعَودة المياه اللبنانية ـ العربية إلىمجاريها الطبيعية.
“هُنا بيروت” ،، هُنا “أُم الصحافة” و”أُم الثقافة” و”أُمّ الشرائع” و”أُم القانون”.
هُنا أوّل كنيسة، وأوّل مسْجِد، وأوّل مُختَبر للكلمة الُحرّة، وأوّل ساحة لشهداء الصحافة.
هُنا ذَخَائِر جرجي الحداد، وسعيد فاضل عقل، وعمر حَمَدْ، وعبد الغني العريسي، وأحمد طبّارة، وتوفيقالبساط.
“هُنا بيروت” ،، هُنا عاصمة اسْتَرْشَدَت العواصم العربية بضوئِها. هنا شَرارات الضوء وضوء الثقافة. هنامليكة المدائِن وتاج العواصم وقُصور الحريّة. هنا بيروت وبيروت لا تموت!
وبعد فاصل مع السوبرانو هبة قواس تم اعلان وثيقة بيروت بأصوات عدد من الاعلاميين اللبنانيين وهنا نصّها الحرفي:
وثيقة بيروت
تهدف “وثيقة بيروت” الى تحديد الرؤية اللبنانية لوظيفة الإعلام ودوره وأغراضه، والتذكير بمسلّمات مهنية انطلاقا من فعالية “بيروت عاصمة للاعلام العربي 2023″، وتأسيسا على مبدأ الإيمان بالحريات العامة.
نأمل أن تكون هذه الوثيقة خريطة طريق محلية سقفها مبادىء واخلاقيات العمل الصحفي والاعلامي التي منها ينبري كل قلم، ويصدح كل صوت، وتسطع كل صورة، ومنها نُذكّر بحقوق وواجبات الإعلام في وطن الاشعاع.
وتوخيا للمواءمة بين النظرية والتطبيق، ارتأى واضعو الوثيقة تسطير مبادئ عريضة كتوصية يمكن الاسترشاد بها في فضاء الإعلام الوطني، مرتكزين على شرعة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومنها تتفرع الحقوق كلها، سواء المتصلة بالأفراد أو بالمهن، واستتباعا بالمقاربة الإعلامية المتوخّاة.
لا يفوت المجتمعين أن القضايا الجوهرية، مهما بلغت أهميتها، تبقى قاصرة عن إدراك هدفها ما لم يرفع الإعلام لواءها وينطق بأحقيتها ويسارع الى تبنيها واستنقاذها من اليُتم.
وعليه، إن الوثيقة الحاضرة هي أقرب الى حجر الزاوية لإعادة تشكيل الإعلام وفق التطوّرات المجتمعية والثورة الرقميّة ، دون المساس بالثوابت المرتكزة على المهنية وصوت الضمير ولغة العقل وانعكاس الواقع ، وحرية الرأي قولا وكتابة كما نص عليه الدستور اللبناني.
أولا- حرية التعبير:
هي حريّة صانها الدستور اللبناني، وعزّزتها مناخات الحريّة والديمقراطية والانفتاح في لُبنان منذ فجر استقلاله، نريدها دائمًا حريّة مسؤولة لا متفلّتة، جامعة لا مُفرّقة، حامية للمجتمع لا فتنوية، مساندة للفكر لا قامعة، ناصرة للحق لا صارخة بالباطل، موحّدة باسم الضمير والمهنية، لا شاهرة سيفًا ضد الآخر
من هذه المنطلقات، نأمل مشاركة الأشقاء العرب من خلال “وثيقة بيروت”، هذه القيم لإنعاش عمقنا العربي، وتعزيز دور الاعلام المسؤول، لحفظ مجتمعاتنا وأمننا القومي، ونبذ كلّ خطاب فتنوي، عنصري، أو محرّض على العنف.
ثانيًا: التطور الرقمي
في عصر الإعلام التقليدي، تحوّل العالم الى قرية صغيرة، ومع الثورة الرقمية والتطور الرقمي والذكاء الاصطناعي، تحوّل العالم الى بيتٍ صغير، فما عاد شيءٌ يُخفى، ولا أمرٌ يُحجب، ولا خبرٌ يغيب. ما كان خيالاً قبل عقود صار واقعًا، ما يُحتّم رفع منسوب المسؤولية للحاق بسرعة معلوماتية تفوق سرعة الصوت بأضعاف.
نُريد ل ” وثيقة بيروت” أن تؤسس لمشروعٍ مهنيّ احترافيّ أخلاقي، يواكب هذه الثورة التي تخطّت كلّ الحواجز، وكسرت كلّ المحرّمات، فنفيدُ من الجسور التي شُيّدت في العالم الافتراضي، لنحمي عالمنا الواقعي، ونعزّز الحريّة والمسؤولية معًا. فنشجّع لغة التسامح والحوار، ونعزل لغة القدح والتهشيم ونبذ الرأي المُختلف.
ثالثا– حقوق الإعلاميين
حين نُطالب الإعلامي باحترام واجباته المهنية والأخلاقية، علينا أن نوفّر له حقوقَه في الحريّة والوصول الى المعلومات وحريّة التنقل ونقل المعلومة دون خوف، والضمان الصحي والراتب التقاعدي والأجر اللائق، والحماية الشخصية والقانونية، وحريّة التنقّل ونقل المعلومة دون خوف. كيف لصحافي أن يكرّس حياته باحثا عن الحق، وهو محروم من حقوقه؟ كيف له أن يناضل لنصرة الناس، وهو قد يعاني أكثر مما يعانيه مَن يوصل أصواتهم؟
المسؤولية في هذا المقام مثلثة الأضلع: نقاباتٌ تُحصّن وتدافع، تشريعات تحمي وتحاسب، ومؤسسات تعدل وتعطي الصحافي حقّه.
رابعًا – مراعاة الخصوصيات
تحصينا للعلاقات العربية الاعلامية، واحتراما لخصوصيات الدول العربية الشقيقة والصديقة، وحرصًا على التمايزات والتنوع، نسعى للمساهمة في تقوية الجسور القائمة بين دولنا، وتشجيع لغة الحوار والتلاقي والتكامل، ونبذ لغة التحريض والكراهية والعنف.
خامسًا – تعزيز كليات الإعلام
تبدأ المهنية وشرعة الاعلام والحقوق والواجبات في جامعات وكليّات الاعلام، فهي التي تؤسس للفكر النظيف، والمهنيّة الحقيقية، والكلمة الصادقة، والمعالجة الأخلاقية. هذا يتطلّب تطوير هذه المؤسسات التعليميّة وتجهيزها وتعزيز قدراتها البشرية والتقنيّة، لتخريج إعلاميين يرفعون راية المهنة عاليًّا ،ويدافعون عن الحق ويواكبون العصر لغةً وتكنولوجيا ومضمونًا جاذبًا ومفيدا. |
|||
سادسا- رفض التمييز ومكافحة الأخبار الكاذبة |
صونا لمبادئ المساواة وضنّا بكرامة الإنسان، يجد الإعلام نفسه في حرب دائمة على كل أشكال التمييز العنصري والتعصب، وفي دفاع مستميت عن حق الشعب في تقرير مصيره، وحماية حرية الأفراد وكرامتهم، وذلك من خلال إتاحة فرصة التعبير وحق النشر للجميع، من دون قيود مجتمعية أو عرقية أو طائفية، طبقا لما تمليه الموضوعية الإعلامية.
سابعًا- الإعلام ونصرة القضايا العربية
لأسباب كثيرة لا داعي لذكرها، تراجعت صورة العرب في الغرب والشرق، وبات بعضُ العرب يخجلون حتّى بلغتهم. هذه مسؤوليتنا جميعًا حتّى ولو كانت خلف عمليات التشوية مؤامرات كثيرة حُبكت في الغرف السوداء، ولا شكّ في انّ الاعلام يُشكل الوسيلة الفُضلى في عصرنا، لتحسين الصورة، وإظهار الحقيقة، وردّ الباطل، وحماية لغتنا الأم، وإعادة الاعتبار لتاريخنا وحاضرنا، ومواكبة العصر، وهذا يتطلب نشاطات عربية جامعة، تهدف الى تعزيز التعارف بين الإعلاميين العرب، وإقامة ورشات عمل مشتركة، وتبادل الخبرات، وتكامل المعارف، وتخصيص جوائز للمبدعين في الدفاع عن حقوقنا، والدفاع عن القضايا المُحقّة، وفي مقدمها القضية الفلسطينية وحق اللاجئين والنازحين بالعودة إلى أرضهم في فلسطين وسوريا.
ثامنًا – الإعلام والثقافة
لا شيء يُدمر المجتمعات أكثر من انعدام الثقافة والأخلاق، ولا شيء يساهم في بنائها ورفعتها أكثر من الثقافة والأخلاق. فالثقافة توأم الحضارة ومرآة الشعوب. من هنا ضرورة إيلاء الإعلام التثقيفي ركنا خاصا وبارزا في كل وسائل إعلامنا، عبر سياسة إعلامية تعلي شأن المحمول الثقافي لدى المتلقي وتطوّر التفاعل بين الأفراد والجماعات.
ويحسُن أن يولي إعلامنا قضايانا البيئية والصحية والعلمية والتكنولوجية والثقافية والسياحية والتربوية اهتماما دائما، فيضيء على كل ما يوسّع مدارك المواطن ويبسّط له ما قد يبدو معقّدا من مصطلحات ومفاهيم في مجالات شتى وملفات مختلفة.
تاسعًا – الأرشيف والتشريعات
يمثل الأرشيف ذاكرة الشعوب وإرثها ووجدانها، لذا وجب الاهتمام بتاريخ الصحف القديمة و المؤسسات الإذاعية والتلفزيونية القائمة على كنوز من الوثائقيات والبرامج والصور والأعمال الفنية القيّمة. وكذلك تطوير التشريعات الراعية لقانونية المؤسسات والصحف والمواقع الإلكترونية وحقوق الملكيّة .
عاشرا- تعزيز الصحافة الاستقصائية
في عصر كثرت فيه الجرائم البشرية والالكترونية، وتشعبت فيه الملفات وتداخلت القضايا، لا بد من تعزيز علم الصحافة الاستقصائية ورفده بكل ما يمكّنه من الإحاطة الوافية بالقضايا ذات الصلة.
حادي عشر: الملكية الفكرية للاعلاميين
الاعلام صاحب فكر ثاقب، وفكر لا يستولده إلا كل حصيف عليم بعواقب الامور. تأسيسا على هذا، من الواجب حماية حق الملكية الفكرية لكل اعلامي، وسنّ التشريعات الضامنة لعدم التهاون في أي سرقة أدبية قد يتعرض لها أي إعلامي في ما ينشر .