مارلين خليفة
@marlenekhlaife
لا يزال رئيس تيار المردة سليمان فرنجية المرشح الاوفر حظا لتولي رئاسة الجمهورية اللبنانية في ظل التفاهمات الاقليمية السائدة وخصوصا بين المملكة العربية السعودية من جهة وإيران من جهة ثانية، وفي وقت تعمل فرنسا بإدارة إيمانويل ماكرون جاهدة من اجل اعادة الانتظام الى المؤسسات الدستورية اللبنانية ملقية وشاحا من الرضى على فرنجية ولو لم تعلن عن ذلك جهارا.
ما يزيد من حظوظ فرنجية هي المصالح الاقليمية وقاسمها المشترك هو اعادة الوصل مع النظام في سوريا بقيادة بشار الاسد بعد قطيعة استمرت منذ العام 2011، وما يزيد من حظوظ فرنجية أنه صديق لعائلة الاسد ولبشار الاسد شخصيا ولم يسجل يوما أي طعنة غدر في ظهر نظام الحكم في سوريا محافظا على صداقة نسجها جده رئيس الجمهورية الراحل سليمان فرنجية مع الرئيس الراحل حافظ الاسد واستمرت منذ خمسينيات القرن الفائت وصانها الحفيد لغاية اليوم. فرنسا، تتطلع كما معظم دول الاتحاد الاوروبي الى اعادة العلاقات الطبيعية مع سوريا وفتح ابواب الاستثمار امام شركاتها، ومن افضل من سليمان فرنجية ليكون جسر الوصل مع الاسد؟
أما المملكة العربية السعودية، التي كانت بدأت خطوات انفتاحية في اتجاه دمشق منذ أكثر من سنة أعادت فرملتها بسبب الضغوط الاميركية، فهي كسرت اخيرا شوكة الضغوط وتبادلت الزيارات الرفيعة المستوى على صعيد وزير الخارجية الامير محمد بن فرحان. صحيح بأن المسؤولين في المملكة العربية السعودية لا يعطون لغاية اليوم أي إجابة واضحة حول الاستحقاق الرئاسي اللبناني ولا يشيرون الى اسم بحدّ ذاته، وصحيح بأن كثر من الاعلام اللبناني والمسؤولين الحزبيين الذين يرتبطون بصداقات وثيقة مع السعودية يحذرون من الاتيان برئيس من الممانعة وصديق لحزب الله خشية تمديد الانهيار المالي والاقتصادي 6 اعوام بسبب الغضب الذي قد يسببه ذلك للمملكة لدول الخليج، إلا أن واقع مصالح الدول لا يؤكد هذه النظرية. صحيح بأن سليمان فرنجية هو صديق لحزب الله، ومحسوب على محور الممانعة، لكن رئيس تيار المردة لم يتردد يوما بالمجاهرة بعروبته وبصداقته مع السعوديين التي ورثها ايضا عن جدّه. ومن يعرفه شخصيا، يؤكد أنه لا يخون العهود، وأنه سيكون في حال انتخابه رئيسا متّزنا ومتوازنا لا يمكن أن يخرج لبنان من العباءة العربية. وبالتالي، وهذا من باب التحليل لا المعلومات فليس افضل من رئيس لبناني يجاهر بعروبته وبصداقته مع السعودية ودول الخليج وهو في الوقت ذاته قادر على محاورة خصم السعودية اللدود في لبنان اي حزب الله.
في هذا السياق، فإن بعضا من المداولات والتعهدات التي تم نشرها اليوم الثلاثاء في صحيفة الشرق الاوسط وقيل ان فرنجية قدمها للفرنسيين ومنها المداورة في الحقائب وعدم اعطاء الثلث الضامن لأية جهة والصلاحيات الاستثنائية للحكومة المقبلة والاتفاق مع البنك الدولي كلها بحسب مصدر سياسي واسع الاطلاع مطروحة على بساط البحث الاقليمي ضمن رزمة متكاملة وهي ليست بجديدة، لكن الاكيد بحسب المصدر الذي تحدث الى موقع “مصدر دبلوماسي” بأن سليمان فرنجية لا يوقّع على أية ضمانات بشكل مكتوب.
تبقى العقدة الداخلية المتمثلة بالمعارضة الشرسة التي يقودها رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
جعجع، لم يتمكن لغاية الآن من “هضم” تداعيات الاتفاق السعودي الايراني وهو كان رأس الحربة في المواجهة مع ايران وحزب الله وهو يبدو وكأنه فقد الغطاء الاقليمي لحركته الداخلية، والامر سيان مع باسيل الذي قرر في لحظة استراتيجية اقليمية دولية مفصلية فك التحالف مع حزب الله والدخول في خلافات عميقة معه ما افقده ايضا أي قدره على الضغط، لأنه عند اتفاق الدول ومصالحها لا مكان للمكونات الطائفية التي تعزل نفسها ولو كانت مكونا رئيسيا. فضلا عن أن وجود نواب مسيحيين مستقلين هو أمر لا يمكن الاستخفاف به في المجلس النيابي المشرذم بغير اكثرية نيابية نظيفة.
بكل الاحوال، لا يجب ايضا الاستخفاف بمعارضة المكون المسيحي الداخلي، وهنا نسرد واقعة ذكرها كتاب عن فؤاد بطرس بعنوان “مذكرات موازية ومتقاطعة” لجورج فرشخ جاء فيه:” “زار فؤاد بطرس فرنسا وقابل الجنرال ديغول عام 1968 في عز اندفاعة الثورة الطلابية في فرنسا ودار حوار مهم:
-قال الجنرال ديغول لضيفه:” إذا قامت اسرائيل بالاعتداء على لبنان بقصد ضمّ أرض لبنانية، فليكن لبنان على يقين بأن فرنسا ستضغط على مجلس الأمن الدولي من أجل القيام بعمل عسكري إذا لزم الأمر، وإذا لم يكن بإمكان الأمم المتحدة أن تتحمل مسؤولياتها، فسترسل فرنسا قواتها الخاصة لتدافع عن لبنان. ثم استوى الرئيس الفرنسي في مقعده ونظر محدقا في عيني بطرس، وأردف:” ولكن لسوء الحظ، إذا نشبت أزمة في لبنان بسبب نزاع بين البسطا والجميزة، لا فرنسا ولا أحد بامكانه أن يفعل شيئا من أجلكم وسيكون على اللبنانيين الاعتماد على عبقريتهم للخروج من هذا المأزق”. في ذلك الوقت كان لبنان منقسما بين الشهابية وخصومها بين الحلف الذي يضم ريمون اده وكميل شمعون وبيار الجميل والنهج الذي يضم النواب الموالين للشهابية.