هيثم زعيتر
صحيفة “اللواء”
رُبّما هي مُصادفة أنْ يكون رحيل المُهندس سمير محمود الخطيب، فجر يوم السبت في 25 آذار/مارس 2023، وهو اليوم ذاته الذي أبصر فيه النور بتاريخ 25 آذار/مارس 1945.
الولادة كانت في بلدة مزبود – قضاء الشّوف، التي عاد إليها ليُوارى الثرى بعد 78 عاماً.
بين الولادة حين اختار والداه محمود الخطيب وفاطمة الحاج، اسمه، ورحيله، مسيرة خطّها لنفسه، استطاع خلالها تحقيق الكثير من الإنجازات.
سار على هدى قيمٍ تربّى عليها في الوحدة الإسلامية بين مُختلف المذاهب، والعيش مع الشريك المسيحي، مُنطلقاً بأخوّةٍ إنسانيّة في المجالات والمحطات في مراحل حياته.
المُهندس الذي عمل في شركة “خطيب وعلمي” التي أسّسها عمّه (والد زوجته) المُهندس منير الخطيب مع شريكه الدكتور زهير علمي، أضحت واحدة من أكبر الشركات، ليست فقط في لبنان، بل في العالم العربي والشرق الأوسط.
استطاع سمير الخطيب مُنذ أنْ تسلّم مهامه في الشركة في العام 1983، كمُدير عام ونائب الرئيس التنفيذي ومسؤولية أعمالها في الشرق الأوسط، أنْ يُؤسّس ويُدير مكاتب الشركة، ما ساهم في ريادتها.
وفّرت الشركة فُرص عمل للبنانيين وفلسطينيين وعرب وأجانب، ساهموا في تألُقها.
رُغم كل العلاقات التي تميّز بنسجها سمير الخطيب، إلا أنّه بقي على تواضُعه، والابتسامة لا تُفارق ثغره في أصعب الظُروف وأحلكها.
لم ينسه كل ذلك من استمراره بمدّ يد الخير إلى كل مُحتاجٍ، وفي بناء المساجد والحسينيات، كما الكنائس والخلوات، والمُستشفيات والمدارس ودعم “الصليب الأحمر اللبناني” والأندية والجمعيات.
مد يد العون في ظُروف دقيقة مرّ بها لبنان، خاصة خلال العدوان الإسرائيلي المُتواصل.
أيضاً كان صلة الوصل بين لبنان وأشقائه العرب، وفي الطليعة الخليج، وترأس “اتحاد مجالس رجال الأعمال اللبنانية – الخليجية”، حيثُ حرص على إصلاح ما أفسده بعض “الموتورين” بضرب العلاقة التاريخية بين لبنان ومُحيطه العربي.
عندما طُرح اسم سمير الخطيب كمُرشّحٍ لتشكيل الحكومة اللبنانية، بعد إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2019، بتداعيات ثورة 17 منه، انطلق في مُشاوُرات التشكيل، عبر الاتصال مع القيادات المعنية، قبل أنْ يُعلن اعتذاره عن ذلك في 8 كانون الأول/ديسمبر 2019.
في تلك الفترة تعرّض لاستهدافٍ وحملة تشهير، بزج اسمه بأنّه مُجنّسٌ، وشارك في أحداث الدامور في العام 1976 كضابط في “جيش التحرير الفلسطيني”، وهو ما جرى دحضه بالأدلة والوثائق، بأنّه لبناني أباً عن جد، وأيضاً أنّه في تلك الفترة كان في الكويت، وغير الشخص المعني، الذي تمَّ التأكُد من أنّه كان يُقيم في الأردن.
كل ما جرى، لم يمنع سمير الخطيب من أنْ يُواصل مسعاه، بتعزيز العلاقات مع الأصدقاء، وفي الطليعة السُفراء العرب، وهو الذي ارتبط بعلاقات وطيدة مع اللواء عباس إبراهيم، الذي تزوّج نجله محمد من كريمة سمير الخطيب، لارا.
رحل بتوقيت رباني موعود، في فجر اليوم الذي شهد خلافاً بين المسؤولين، حول التوقيت الصيفي والشتوي، لأنه لم يكن إلا وحدوياً.
رحيل بعد مُعاناةٍ مع مرض عضال عانى منه لفترةٍ طويلة، كانت في آخرها قاسية ومؤلمة، وجَمَعَ في وداعه وتقديم واجب العزاء، مُحبّون كانت تربطهم علاقات وطيدة بالراحل، أو سمعوا عن أعماله الخيّرة، من كلِ الطوائف والمذاهب والمناطق اللبنانية، والمُخيّمات الفلسطينية، تماماً كما كان هو يعملُ عليه.
تغمّد الله الراحل بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته، وألهم عائلته وأهله وذويه ومُحبيه الصبر والسلوان.