مارلين خليفة
تنطوي مسيرة مدير عام الامن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم منذ تسلمه لمهامه في 18 تموز 2011 على انجازات امنية وسياسية ودبلوماسية عدّة وترفدها مآثر انسانية غير مألوفة لدى قطب أمني. وظّف اللواء المغوار طاقاته العسكرية والامنية وقدراته السياسية وعلاقاته الدولية من أجل خير الانسان والوطن، في انصهار نادر بين شخصية المحارب والامني والدبلوماسي.
“نجتمع اليوم من أجل صديق ساعدنا بسخاء في الاوقات العصيبة عبر تفانيه الاستثنائي من أجل انقاذ أطفال ونساء بؤساء وانتشالهم من براثن الجحيم في مخيمات الحرب السورية، وكما درجت الشاعرة الاميركية مايا أنجيلو على القول:” إن البطل هو ذاك الشخص الذي يقصد فعليا جعل العالم افضل من اجل الناس اجمعين”. ليس من تصوير أدق من ذلك في ما يخص اللواء عبّاس ابراهيم، الموجود اليوم بيننا، وأريد أن أشكره لمجيئه من خلال كلمات الشاعرة”.
هكذا يستعين زعماء في بلدانهم مثل رئيس وزراء البانيا إيدي راما الذي خصّ اللواء ابراهيم بارفع وسام الباني في تشرين الاول 2021 بالشعراء لإيفاء المسؤول الامني اللبناني حقه. في خطابه يصف راما ابراهيم بأنه يشبه “الوالد المجهول للالبان” نظرا لقيادته الرفيعة المستوى لعمليات تحرير واسترجاع عدة اطفال ونساء من مخيم “الهول الشهير”، حيث شكّل اللواء ابراهيم “نقطة الارتكاز من دون أن ينتظر شيئا في المقابل، مهتما فقط للمصلحة الانسانية من اجل اعادة أولئك الاشخاص المنكوبين واخراجهم من الجحيم” بحسب تعبير راما.
لقد كانت الاعوام الـ43 منذ انضوى الشاب عباس ابراهيم في السلك العسكري في الجيش اللبناني وانتقل منه الى الامن العام شاقة. عمل في ظروف شديدة التعقيد محليا واقليميا ودوليا وسط حروب المنطقة وخصوصا حروب سوريا والعراق واليمن والقضية الفلسطينية المستعرة واطماع اسرائيل بالثروات اللبنانية وتزعزع الاستقرار اللبناني نتيجة الانهيار الاقتصادي والمالي في العام 2019 الذي عمّقه انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020.
“الأمني النظيف”
خلال هذه الاعوام كلها، استحق اللواء ابراهيم لقب “الامني النظيف” لأنه سخّر الأمن لخدمة المواطن، وبرع في الوقت عينه في أن يكون سياسيا ودبلوماسيا يتقن فنون “القوة الناعمة”، وكأنه أبرم ميثاقا بتحويل اشد الظروف قساوة الى فرص، جامعا بين عمله الامني ومساعدة الانسان وكأنه يطبق حكمة للدالاي لاما يقول فيها:” إنني ككائن بشري اعترف بأن سعادتي تتوقف على الآخرين، وأن الاهتمام بخير الآخرين وسعادتهم مسؤولية اخلاقية أتحملها بكلّ جدّ، إذ من غير الواقعي أن تفكر أن مستقبل البشرية يمكن تحقيقه بالصلوات والتمنيات الطيبة فحسب، ما تحتاجه هو القيام بالعمل، لذلك فإن التزامي الاول هو الاسهام في اسعاد البشر بقدر ما استطيع”. في هذه السيرة الصحافية، نستكشف محطات لم ترو سابقا من كواليس العمل التفاوضي والامني والسياسي الذي قاده اللواء ابراهيم طيلة عقد وأكثر في الامن العام اللبناني، ما حوّله الى “مواطن عالمي” ايضا بفعل الشهرة التي بثتها اعماله، وأحيط إسمه بهالة من الاحترام والتقدير وخصوصا في ما خصّ فكّ الظلم عن رهائن منسيين وسط حروب امنية وعسكرية دامية تطحن البشر والحجر ولا تترك لحقوق الانسان حيزا. سنكشف بضع أوراق من دوره المحوري في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، ونضيء على علاقته مع السوريين وكيفية اسهامها في مكافحة الارهاب المتطرف في لبنان والاقليم والدول الغربية، ونستعرض جوانب من المفاوضات الحادّة لتحرير مخطوفين مع جبهة النصرة وخططه المستقبلية للامن العام اللبناني. نستكشف في حلقات ثلاث كيف أفضت المحطات الصعبة التي مرت على ابراهيم الى شحذ شخصيته كقائد صاحب رؤية هادئة وجعلته يرى أن أعقد القضايا قابلة للحل.
تستحق مسيرة اللواء عباس ابراهيم الثرية والمتشعبة والمديدة في الامن العام اللبناني الرواية وتدوين جوانب توثق مقاربته لتحولات الجهاز ومساعيه لانهاضه، وخصوصا وان اللواء ابراهيم عايش في غضون 12 عاما حوادث ثقيلة على المستوى العام ولكن ايضا على المستوى الشخصي بعد أن طاولته أسهم الشائعات والاخبار المضللة على اكثر من صعيد كونه نجح في أن يكون أحد نجوم الحياة العامة في لبنان الى جانب ترسيخ دوره الامني والسياسي والدبلوماسي محليا واقليميا ودوليا ولأنه مفاوض صلب لم تبتلعه الاغراءات الدولية. لم ينتم اللواء عباس ابراهيم المولود في 2 آذار من العام 1959 في بيروت يوما الى الاحزاب،تربّى في كنف والده كاظم ابراهيم ووالدته شفيقة مكي وهما أبعدا أبناءهما الـ4 وابنتهما الوحيدة من مناخ الاحزاب. هكذا أمضى عباس وهو ثاني اشقائه حياته في الدراسة منتقلا في سن مبكرة الى الكويت حيث عمل والده ليعود في سن السادسة ويكمل دراسته الابتدائية في مدرسة “الصادق العاملية” ثم انتقل الى ثانوية رأس النبع وعاش معظم وقته في بيروت ممضيا العطل في بلدته كوثرية السياد قضاء صيدا. بعد انهائه المرحلة الثانوية من الدراسة دخل الى الجامعة اللبنانية حيث تخصص بالعلوم الاجتماعية ثم تلقى دروسا في الانكليزية في الجامعة الاميركية في بيروت، ليدخل في سن الـ18 الى المدرسة الحربية. كان عباس ابراهيم يشعر بمحبة عميقة للجيش لما يمثله من عنفوان، يشبه الى حدّ بعيد شخصيته المتحررة والمتفلتة من القوالب التقليدية، حتى انه كان دوما يقود صفّه، ولم يثنه استشهاد شقيقه محمد من الانضواء في المؤسسة العسكرية بالرغم من معارضة أهله وخصوصا والدته التي رفضت الفكرة وحاولت ابعاده منها دون جدوى.
كان جيل والده متحفظا تجاه الاحزاب ولا يحبذها، فتربى في مناخ عزز انتماءه الوطني، وتأثر بكتابات الاديبين اللبنانيين جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وقرأ موسوعاتهما كلها.
نقل عباس هذه التربية الوطنية الى حياته العسكرية سواء في الجيش أو الى المديرية العامة للامن العام وهي موضوع هذا التقرير.
تقدير وتحية لضباط الأمن العام
إثر تعيينه مديرا عاما للامن العام اللبناني في 18 تموز من العام 2011، حرص اللواء ابراهيم على ان تنتقل معه ثلّة من ضباط الجيش اللبناني باتوا معاونيه اللصيقين في المهام الشاقة التي ستواجهه وخصوصا مع اندلاع الحرب في سوريا في آذار من العام 2011، نشأ جراء ذلك شعور لدى البعض بأنه لا يثق إلا بالمؤسسة العسكرية الأم أي الجيش اللبناني. إلا أن اللواء ابراهيم، يحرص في احاديثه العلنية والخاصة على نفي أي تشكيك بقدرات طاقم الامن العام اللبناني واصفا اياها بـ”العريقة” إذ تضم خيرة الضباط والعناصر والموظفين، ويرى بأن المستوى العلمي الموجود لدى ضباط وافراد الامن العام اللبناني هو الاعلى مقارنة ببقية الاجهزة الامنية، حيث أن معظم ضباط الامن العام هم خريجي كلية الحقوق بالحد الادنى. إن النقص في العديد هو الذي حدا به الى احاطة نفسه بضباط الجيش اللبناني مع العلم بأن عديد الامن العام اللبناني ارتفع في عهده من 3500 ضابط ورتيب الى 8 آلاف.
الامن الاستباقي يلاحق الشبكات الارهابية
مهّد اللواء ابراهيم لعمله في الامن العام اللبناني بانشاء وحدة لمكافحة الارهاب خاضت مهاما عدة ولمّا تزل بالرغم من الظروف. في عهده، تمّ تفكيك الكثير من الشبكات الارهابية بوجهيها أي الارهاب المتطرف والارهاب الاسرائيلي. أدخل اللواء ابرهيم مفهوم الامن الاستباقي الى الاجهزة اللبنانية، وكانت العملية الاولى في هذا الاطار هي عملية فندق “الديروي” في الحمرا حين اقتحم عناصر الامن العام اللبناني غرفة تأوي ارهابيين قاموا بتفجير انفسهم بالغرفة وذلك في العام 2013. وبعدها كرّت سبحة العمليات الاستباقية فأحبطت المديرية العامة للامن العام اللبناني بقيادة اللواء ابراهيم 61 مخططا لارهابيين متطرفين قبل وقوعها اعتبارا من العام 2011. أما عدد المخططات الارهابية التي كانت تنوي شبكات تجسس اسرائيلية القيام بها فبلغ مجموعها منذ العام 2011 قرابة الـ8 بحسب الارقام الرسمية للامن العام اللبناني، مع ضرورة التنبيه الى أن هذه العمليات الاستباقية حقنت دماء آلاف الابرياء في لبنان.
في هذا السياق، تخلّد العملية التي القي خلالها القبض في العام 2014 على احد ابرز الرؤوس الارهابية شادي المولوي سريان مفهوم الامن الاستباقي الذي ادخله اللواء ابراهيم الى فلسفة العمل الامني اللبناني وتبنّتها بقية الاجهزة اللبنانية. أدّت عملية القاء القبض على المولوي الى مدّ وجزر وتدخلات سياسية وعملية “تهريب” للمولوي وحملات عدة طاولت الامن العام اللبناني ومديره، في حين أثبتت السنون دقة معلومات هذا الجهاز إذ أن المولوي ملاحق اليوم كإرهابي ومن غير المعروف لصالح أي تنظيم ارهابي يعمل.
ملحمة التفاوض لاطلاق مفقودين ومحتجزين
بعد نجاح اللواء ابراهيم في تحرير الحجاج اللبنانيين الذين خطفتهم جبهة النصرة في منطقة أعزاز التابعة لمحافظة حلب في سوريا في العام 2012 والاتصالات الاقليمية التي تطلبها هذا العمل التفاوضي الشاق بين قطر وتركيا وسوريا ولبنان، بزغ نجم عباس ابراهيم في المجال التفاوضي: تمكّن من اقناع الجانب السوري تسليم جثامين ثلاثة لبنانيين وفلسطيني قتلوا في العام 2012 في كمين للقوات الحكومية السورية في بلدة تلكلخ السورية (محافظة حمص) حين كانوا في طريقهم للانضمام إلى صفوف المعارضة المسلحة، وفي هذا السياق أعاد اللواء عباس ابراهيم حسان سرور أحد المقاتلين اللبنانيين الذين انضموا [من طرابلس] الى صفوف المعارضة السورية المسلحة الى لبنان بعد وساطته مع الدولة السورية وإثر مناشدة والدة سرور له، فعاد اليها نجلها في آذار 2013 يوم عيد الأم.
نجح بتحرير راهبات دير “مار تقلا” الأرثوذكسي في بلدة معلولا بالقلمون شمال دمشق في العام 2014، وايضا في فكّ أسر 17 عسكريا لبنانيا من قوى الامن الداخلي من يد جبهة النصرة وذلك في العام 2015 في عملية تبادل أعقبت مفاوضات شاقة وذلك في محيط بلدة عرسال، ثم تمكن من استعادة جثامين 8 جنود من الجيش اللبناني قتلهم تنظيم داعش الارهابي.
انتقل اللواء عباس ابراهيم الى ملف تحرير الرهائن الاجانب من سام غودوين السائح الاميركي الذي فقد في سوريا، الى الرحالة الكندي كريستيان لي باكستر الذي فقد ايضا في سوريا، وصولا الى تحرير رجل الاعمال الاميركي اللبناني نزار زكا من السجون الايرانية والاطفال والنساء الالبان الذين أسهم اللواء ابراهيم بخروجهم سالمين من مخيمي “الروج” و”الهول” في سوريا، الى العديد من العمليات تمّ فيها تحرير أجانب من جنسيات مختلفة ورفض اللواء ابراهيم ان تظهر على الاعلام. ذاع صيت اللواء ابراهيم في عمليات تحرير الرهائن الاجانب نظرا الى شبكة علاقات واسعة نسجها مذ كان مساعدا لمدير المخابرات في الجيش اللبناني ومع السفارات الاجنبية، وبعد عملية تحرير مخطوفي اعزاز صار الملحقون الامنيون الغربيون يقصدونه للمساعدة كلما فقدوا مواطنا لهم في الشرق الاوسط، فكان اللواء ابراهيم يسهل مهامهم أو يستعيد أشخاصا مفقودين بفضل علاقاته ونجح في عدة عمليات على المستوى الغربي تحدث عنها الاعلام وخصوصا إبان زيارتين رئيسيتين للواء ابراهيم الى الولايات المتحدة الاميركية في 2020 و2022.
كشفت صحيفة “الواشنطن بوست” الاميركية في تقرير نشرته في 26 أيار
2022 أن “رئيس المخابرات اللبنانية اللواء عباس ابراهيم التقى بمسؤولي ادارة الرئيس جو بايدن للبحث في تأمين اطلاق سراح ستة اميركيين محتجزين او مفقودين في سوريا ومن ضمنهم الصحافي المستقل (واحد اعضاء البحرية الاميركية السابقين) أوستن تايس الذي كانت له مساهمات كتابية في “الواشنطن بوست”. وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية نيد برايس بأن ابراهيم التقى المبعوث الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن روجر كارستنز. صادفت هذه الزيارة بحسب الصحيفة ذاتها زيارة اولى في أقل من عامين للواء ابراهيم بدعوة من البيت الابيض الذي طلب مساعدته في تحديد مكان المفقودين الاميركيين. هدفت رحلته السابقة في تشرين الاول 2020 الى تعزيز التفاوض مع الحكومة السورية بمبادرة من الرئيس دونالد ترامب للمساعدة في تأمين الافراج عن الأميركيين.
في وقت سابق من ذلك العام زار اثنان من كبار المسؤولين الاميركيين وبينهم كارستنز دمشق بوساطة مباشرة من اللواء عباس ابراهيم وبحضوره وقاما بمباحثات سرّية مع رئيس وكالة الاستخبارات السورية حول مصير تايس، ما شكّل أول محادثات رسمية بين البلدين منذ العام 2012.
في العام ذاته، ساعد كبير خبراء التجسس اللبنانيين في تأمين إطلاق سراح رجل الأعمال اللبناني المقيم في الولايات المتحدة نزار زكا الذي احتجز في جمهورية إيران الإسلامية العام 2015 بتهمة التجسس لصالح الاميركيين. في زيارة سابقة لواشنطن، حيث التقى أيضا بوالدي أوستن تايس، حاز ابراهيم جائزة منظمة جيمس فولي الدولية لحرية الرهائن لدوره في تحرير زكا وباكستر وغودوين. يطلب منه البيت الأبيض حاليا كذلك والدا تايس ان يستخدم مهاراته في التفاوض من اجل تحرير أوستن.
لم يقم اللواء ابراهيم بالتواصل مع اية جهة غربية عارضا عليها المساعدة، كانت الطلبات تصله دوما من الجهات المعنية.
تحرير الاميركي سام غودوين
في قضية الرحالة سام غودوين، لم يكن اهله يعرفون عنه شيئا، ولما كان إسم اللواء عباس ابراهيم قد اكتسب شهرة عالمية، اتصلوا بضابط متقاعد في الجيش اللبناني يعيش في شيكاغو ويعلم في الجامعة يدعى جوزف عباس، قصده الاهل طالبين منه “الاتصال برفيقه عباس ابراهيم الذي يمكنه أن يساعدنا في الشرق الاوسط”، وقالوا له أنه:” بعد اتصالاتنا مع الـ”أفي بي آي” والاجهزة الاميركية لم يفدنا أحد بمصير ابننا”. اتصل الضابط المتقاعد جوزف عبّاس باللواء ابراهيم، وسأله عن امكانية مساعدته لأهل سام غودوين. فجاء الجواب: أجرّب. قصد اللواء سوريا، وسأل عن سام غودوين، أرجأ السوريون الاجابة للزيارة الثانية وكان الجواب ايجابا، وأن حالته جيدة ويعيش في السجن وقد تمّ توقيفه على أنه جاسوس لأنه دخل الى سوريا من جهة المداخل غير الشرعية. أرسل اللواء ابراهيم هذه المعلومات عبر جوزف عباس الى اهل غودوين. فعاد الاهل، وطلبوا من صديقهم المشترك أن يطلب من اللواء ابراهيم تحرير ولدهم واعادته اليهم. عاد الرجل واتصل باللواء ابراهيم وسأله المساعدة بإسم أهل غودوين، فقال اللواء له بأنه سيبذل جهده لاستعادته. بعد مفاوضات استمرت شهرين، وافق السوريون على تسليمه للواء ابراهيم وتمّ تحديد تاريخ، اتصل اثناءها اللواء ابراهيم بجوزف عباس، وطلب منه أن يدعو اهل سام غودوين للمجيء الى مكتبه في المديرية العامة للامن العام اللبناني. وصلت والدة سام غودوين ووالده وجوزف عباس من الولايات المتحدة الاميركية مباشرة الى مكتب اللواء عباس ابراهيم، وكان اللواء قد ارسل الى دمشق دورية لجلب الشاب الاميركي، وتأخرت الدورية بالعودة. وبعد عودة اللواء ابراهيم من موعد، جلس مع العائلة، وفجأة يدخل الابن سام الى المكتب حيث كان مشهد مؤثر. من بعد تحرير سام، تواصلت مع اللواء ابراهيم سفيرة كندا لتحرير مواطنها كريستيان لي باكستر من سوريا وهذا ما أتمّه اللواء ابراهيم بنجاح.
طلب من القطريين إعادة مخطوفي اعزاز الى جبهة النصرة!
لم يخضع اللواء ابراهيم يوما لابتزاز بهدف إنجاح عملية تحرير لرهائن، رافضا الاساءة الى مصداقيته.
في موضوع أعزاز، في اللحظة الاخيرة كان تم الاتفاق على تبادل المخطوفين مع سجناء في السجون السورية، طرأ أمر ما في اللحظة الاخيرة، جعل الجانب السوري يتردد في عملية تنفيذ عملية اطلاق سراح النساء المتطرفات أو يؤجله. ولأن اللواء ابراهيم كان أعطى الجانب القطري التزاما بالوقت والتاريخ ليتم اطلاق سراحهم، وبعد أن علم بالرغبة السورية بالتأجيل انطلق برحلة مكوكية على متن طائرة خاصة من تركيا الى بيروت، ثم استقل سيارة من بيروت الى دمشق، ثم عاد برّا من العاصمة السورية الى مطار بيروت ليستقل الطائرة مرة جديدة الى اسطنبول، كل ذلك في غضون ساعات ولما وصل الى اسطنبول التقى بوزير الخارجية القطري وطلب منه ابلاغ الامير عن لسانه أن يعيد اللبنانيين الى الارهابيين، وكان هؤلاء قد اصبحوا في عهدة الاجهزة التركية. ولمّا سأله وزير الخارجية عن السبب قال له اللواء ابراهيم بأن الجزء المتعلق بالاخوة بسوريا سيتأجل وبالتالي أنا لم أعد أريدهم، إما أن أنفذ التعهد الذي قدّمته بشقيه أو ألغيه ولو كنت متضررا وذلك حفاظا على مصداقيتي. حكى وزير الخارجية مع أمير قطر، وجرت اتصالات على مستوى عال وتمّ اطلاق المخطوفين، نفّذ اللواء ما أراده وتمت العملية بنجاح وعاد المخطوفون الى لبنان.
وكاد يعيد راهبات معلولا ايضا لخاطفيهم!
قاد اللواء ابراهيم عملية تحرير راهبات معلولا بالعقلية ذاتها متنقلا بين الحدود اللبنانية السورية. وكان ثمة ضباط في الميدان ينتظرون استلام الراهبات، في اللحظة الاخيرة وقبل قرابة النصف ساعة على انتهاء العملية، ابلغه الضباط بأن الارهابيين يفرضون شروطا جديدة، ولما أخبروه، طلب اللواء ابراهيم مغادرة عرسال وترك الراهبات، والتراجع عن كل الوعود، لأنكم أنتم (أي الارهابيين) من ابتدأتم بالخربطة.
ترك الضابط المكلف المكان، وقد أبلغه اللواء ابراهيم أن هؤلاء سيعاودون التواصل معه في غضون ربع ساعة، اغلق اللواء ابراهيم خطه معلنا انتهاء التفاوض وأبقى الضابط المعني خطّه مفتوحا، وعلى اتصال مع اللواء ابراهيم على خطّ خاص. عاد الضابط المسؤول عن العملية ميدانيا ادراجه بعد تلقيه اتصالا يفيده بتراجع الارهابيين عن مطالبهم وتمت الصفقة. يروي أحد الضباط المعاونين له في مهامه بأن اللواء ابراهيم يسهر الليالي، ولا ينام وهو يعمل في المكتب أو ينزل الى الميدان، فحين قيامه بالوساطة لتحرير العسكريين اللبنانيين من براثن النصرة وداعش كان يمكث احيانا في جرود عرسال.
*تنشر هذه الثلاثية بالتزامن مع صحيفة “اللواء” اللبنانية