مقالات مختارة
مجلة الامن العام
مارلين خليفة
شرّعت المديرية العامة للامن العام ابوابها لـ125 تلميذا وتلميذة من ثانوية عدلون الرسمية في جنوب لبنان، لزيارتها والتعرف الى وظائفها وبعض اقسامها، في مبادرة هي الاولى لجهاز امني لبناني.
انتشر طلاب ثانوية عدلون الرسمية في طبقات المديرية العامة للامن العام المختلفة، واختلطوا بالضباط والعناصر، وكانوا يجوبون في ارجائها ويكثرون من الاسئلة والاستفسارات، ولا عجب في ذلك، فجلهم يزورون دائرة رسمية للمرة الاولى في حياتهم! هذا الامر، عبّر عنه التلميذ هادي الذي قال ان “الدائرة الرسمية الوحيدة التي زارها هي المدرسة”.
والتقى التلامذة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم في قاعة 27 آب في مبنى المديرية المركزي قرب المتحف حيث تعقد الاجتماعات الرسمية، وحلوا ضيوفا في المقاعد التي غالبا ما يشغلها الضباط في الاجتماعات والمؤتمرات.
بعد النشيد الوطني ونشيد الامن العام، تم بث شريط فيديو عن تاريخ الامن العام ومهامه والحقبة التي تولى فيها اللواء ابراهيم مهامه وما تضمنته من انجازات ادارية وعسكرية وامنية وديبلوماسية، فضلا عن وساطاته المختلفة في عمليات اطلاق العديد من الرهائن.
بعدها القى المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم كلمة مرتجلة جاء فيها:
“اليوم يتواجه الماضي والحاضر والمستقبل، فانتم الحاضر على ابواب المستقبل والامل بكم ونحن تقريبا انتهى دورنا. الامل كبير في الشباب ان ينهضوا بلبنان من كبوته لاسيما ان الظروف التي يمر بها الوطن صعبة جدا، ونحن نحمل جزءا من هذه المسؤولية والتي يتحملها ايضا جميع المسؤولين كل بحسب مستواه. يكمن الامل فيكم، انتم الذين تمثلون الجيل الطالع من اجل اصلاح كل الاخطاء التي حصلت، ووضع مداميك العمران لهذا البلد الذي لم يعد يتحمل المزيد. ارى في عيونكم اصرارا وتصميما ومثابرة على بناء لبنان الغد الذي نحلم به جميعنا. للاسف، ان الظروف المحيطة بنا، بالاضافة الى الظروف الداخلية، لم تساعدنا على ان نحقق ذلك على امر الواقع، والامل فيكم لكي تحرروا الوطن. اتمنى اليوم، ان تكون هذه الزيارة قد اثرت فيكم، وان تكونوا قد شعرتم انكم تنتمون الى وطن وليس الى طائفة او الى منطقة او مذهب بل لوطن. تعاطوا مع المستقبل على هذا الاساس، تعاطوا معه على انكم تنتمون الى وطن، لا تتقوقعوا ولا تنعزلوا داخل طائفتكم. لا تقولوا مثلا، نحن شيعة، ونعرف من هذا الوطن هذا المقدار، ان هذا الوطن للشيعة كما هو للموارنة والسنة والدروز. فكروا بعقل منفتح، فكروا بالآخر الذي يعيش معكم على انه رفيقكم وزميلكم واخوكم بالمواطنة. نحن اولاد مدرسة الامام موسى الصدر وانتم اولاد هذه المدرسة. بأي معنى؟ بمعنى الوطنية. حين تعرض الوطن للحرب، اعتصم السيد موسى الصدر في المسجد والكنيسة. نريدكم ان تعتنقوا هذا الفكر، وان تنتموا الى هذه المدرسة، هكذا يبنى الوطن. نحن ابناء المطران غريغوار حداد، نحن اولاد هذا الجيل وعلينا ان نحمل هذه الثقافة، ثقافة المستعد بعمامته وجبته ان يدافع عن الوطن، وليس ان يتمترس وراء العمامة والجبة ليخرب البلد. نتمنى ان يكون ما شهدتموه اليوم قد ادخل جديدا الى ثقافتكم، وانتم بعيدون جدا عن هذه المؤسسات الوطنية التي يجب ان تعيشوا في قلبها وهي في قلبكم. لا تقتصر مهام الامن العام على انجاز باسبور ومنح تأشيرة وختم جواز السفر على المعابر الحدودية، وكما شاهدتم لدى الامن العام الكثير من العمل وهو لا ينام 24 ساعة. هذه مؤسسة نحن نفتخر اننا ننتمي اليها، ونحن نفتخر انها تستوعبكم وتستقبلكم وتطلعكم على بعض ما تقوم به. في هذا السياق، اشكر ادارة ثانويتكم واهلكم الذين سمحوا لكم بزيارتنا، فاهلا وسهلا بكم”.
وبعد ان قدم مدير الثانوية محمود وهبي درعا تكريمية الى اللواء ابراهيم، دار نقاش واسئلة بين التلامذة واللواء ابراهيم. وسألت منسقة الزيارة سهير الزين اللواء ابراهيم عن الانجاز الذي يتمنى تحقيقه بعد؟ فأجاب: “ان الانجاز العام الذي اطمح اليه، هو الا ارى جنديا اسرائيليا على ارض لبنان. اعتقد ان هذا الانجاز الاهم وان لم اتمكن من تحقيقه، كونوا متاكدين باننا نضع المدماك لكي نصل اليه، والمسؤولية بعدها تكون في عهدتكم”.
وسألته احدى الطالبات عن تأثير انهيار الليرة اللبنانية على رواتب العسكريين، وهل تسعى الدولة الى رفع الرواتب لكي تتناسب مع غلاء المعيشة؟ فاجاب اللواء ابراهيم: “لا شك في ان القطاع العام وخصوصا العسكريين، هم الاكثر تأثرا بالازمة الاقتصادية التي يمر بها البلد. اعتقد ان القطاع الخاص تمكن من تحسين وضعه الى حد كبير، لكن القطاع العام وتحديدا العسكريين، هم اكثر من يدفعون اثمانا لانهيار القطاع المالي. في الجلسة السابقة لمجلس الوزراء تم اتخاذ قرار بزيادة الرواتب بطريقة قانونية الى حد ما، والمشكلة الراهنة تكمن في الانقسام السياسي الذي ينعكس للاسف على توقيع المراسيم التنفيذية. لكن القرار اتخذ، وموظفو القطاع العام سيستفيدون منه، والحائل الوحيد هو الانقسام السياسي، وهذا امر تتم معالجته”.
وسأل احد الطلبة عن كيف يمكن للشباب ان يؤثروا في الوضع؟ قال اللواء ابراهيم: “في زمن ما كنا نجلس على الكراسي التي تجلسون عليها اليوم، وصرنا هنا، عليك ان تثابر وتتعب وتنجح، الاهم ان تبقى جالسا حيث انت، في الصفوف الامامية. عندما تكون جالسا حيث انت تؤثر في الوطن، وتاثيرك بالوطن هو بما ذكرته من الحرص على الوحدة الوطنية، وان نكون بعيدين من المذهبية والطائفية”.
وسألته احدى الطالبات لماذا لا تكشف الجرائم قبل وقوعها؟ قال: “اطلقنا في المديرية العامة للامن العام منذ قرابة الاعوام الستة فكرة الامن الاستباقي، وهي صارت مرجعا تعمم على كل الاجهزة الامنية في البلد. معك حق، لكن كما في بلدان العالم قاطبة، تكشف الجرائم لاحقا، لكن ثمة الكثير من الجرائم التي تكشف ولا يعلن عنها لأنه تكون لها ارتدادات صعبة على المجتمع اللبناني، وبالتالي ثمة ايضا الكثير من الجرائم التي تكتشف قبل حدوثها”.
كما سأل احد الطلاب: “ما هي النصيحة التي توجهها اذا كان احد منا سيخلفك كمدير عام للامن العام؟ اجاب اللواء ابراهيم ممازحا: “انا اتمنى ان يخلفني احد منكم، هكذا يبقى الامن العام لمنطقة الزهراني. لكنني اقول بجدية، اتمنى ان يتابع من سيخلفني العمل من اجل تحرير البلد”.
وسألت طالبة لماذا لا تخوّل الكفاية الدخول الى اسلاك الدولة؟ اجاب: “الطائفية هي السبب ولا يجب ان تدخل الى عقولكم”.
وسألت طالبة عن سبب غياب اللحمة الوطنية لدى الشباب وجميعهم يطمحون للسفر وعن الكلمة التي يوجهها الى هؤلاء، قال اللواء ابراهيم: “اولادي من ضمن هؤلاء الشباب المهاجرين واتمنى ان يعودوا الى احضان الوطن والعائلة. ان الضائقة التي يمر بها لبنان تحتم على الشباب والصبايا السفر والعمل. لكن في النهاية، وهذه نقطة تسجل للبناني، انه يعود الى الوطن. نحن نلاحظ ان من يسافر من القرى اول ما يفكر به هو بناء بيت في الضيعة. نحن اكثر شعب متعلق بارضه، ونحن لا نزال صامدين ولو بالحد الادنى بالشباب والصبايا الذين سافروا ويحوّلون اموالا الى البلد. يتم التحويل الى لبنان سنويا بين 6 الى 7 مليارات دولار، وهؤلاء من ينعشون البلد لوحدهم. فالسفر ليس خطأ، الخطأ هو في الهجرة”.
“الامن العام” جالت على بعض التلامذة وسألتهم عن انطباعاتهم، وجاءت المحصلة كالاتي:
وائل جابر: “انها المرة الاولى التي ازور فيها المديرية العامة للامن العام، وقد انبهرت وفوجئت كثيرا باقسامها، وتعرفنا الى طريقة عمل الضباط. هذه الزيارة عززت انتمائي الى وطني وحبي له”.
نور سعد: “زرنا قسم المطبوعات والاعلام في الامن العام وقد تعرفنا الى امور جديدة”.
لان شاهين: “كانت هذه اول زيارة لي مع ثانوية عدلون الرسمية للمديرية العامة للامن العام. تعرفنا الى كل الاقسام الموجودة فيها، وكل الخدمات التي يوفرها لنا الامن العام. كان “الشباب” مهضومين وعرّفونا كيف تتم عملية اعداد جوازات السفر لكل لبنان، وتفاصيل مختلفة”.
المدرّسة مريم غزالة قالت: “ترافقنا مع عدد من التلامذة الى مركز الامن العام اللبناني، وقد ابدوا الكثير من الاهتمام. كان اللقاء شديد التنظيم، وقد وضع المعنيون الافكار التي يريدونها. بالنسبة الى طلابنا، استفادوا في امور عدة منها الاطلاع على مهام الامن العام، وطريقة عمله ووظائفه المختلفة”.
وكان الطلاب قد بدأوا يومهم في ساحة المديرية حيث استقبلوا من رئيس الدائرة الامنية في المديرية العامة للامن العام العقيد هادي ابوشقرا الذي رحب بهم، وشرح المهام المنوطة بالمديرية للحفاظ على الامن في الوطن.
بعدها انتقل الطلاب الى مكتب شؤون الاعلام حيث كان في استقبالهم رئيس المكتب العميد سليم البرجي الذي رحب بالطلاب، وجال معهم على اقسام المكتب حيث تعرفوا على المهام المنوطة بالمكتب استنادا الى القوانين التي ترعى عمله في ما يتعلق بالانتاج الاعلامي في دائرتي المطبوعات والمرئي والمسموع. واكد العميد برجي ان العمل يرتكز على حسن تطبيق القوانين والانظمة المرعية الاجراء وحماية الساحة الوطنية من اختراقات العدو، وتعزيز السلم الاهلي ومنع اثارة النعرات الطائفية.
ثم انتقل الطلاب الى دائرة الجوازات للتعرف على كيفية اصدار جوازات السفر.
بعدها شاهدوا عرضا لتمارين قتالية قدمته فرقة من دائرة الرصد والتدخل، التي كانت لها انجازات عدة في مكافحة شبكات التعامل مع العدو الاسرائيلي وشبكات الارهاب التكفيري، في اطار العمليات الامنية الاستباقية.