“مصدر دبلوماسي”– مارلين خليفة
استضافت المديرية العامة للامن العام أمس بمبادرة من مديرها العام اللواء عباس ابراهيم “الجيل الطالع الذي سيمسك بزمام مستقبل الوطن”، ممثلا بتلامذة ثانوية عدلون الرسمية الذي احتلوا طبقات وباحات مباني الامن العام مع الهيئة التعليمية وفي مقدمتها مدير الثانوية محمود وهبي الذي قدّم للواء ابراهيم درعا تكريمية باسم الهيئة التعليمية ومنسقة الزيارة سهير الزين وعدد من ضباط الامن العام وفي مقدمتهم رئيس الدائرة الامنية العميد هادي أبو شقرا وضباط آخرون.
انطلقت هذه المبادرة من لقاء عفوي جمع اللواء ابراهيم والمدرّسة في الثانوية السيدة سهير الزين في معرض الكتاب العربي، فقرر المعنيون في الامن العام تنظيم هذه الجولة التي استمرت منذ الصباح الباكر ولغاية ساعات بعد الظهر، وهي لن تكون الاخيرة وخصوصا بعد أن لاحظ المسؤولون في المديرية بأن التلامذة اللبنانيين لا يعرفون الادرات الرسمية، فجاءت هذه المبادرة الفريدة التي جلس فيها التلامذة والتلميذات في مكاتب الضباط وعلى مقاعدهم في قاعة المؤتمرات الكبرى في مقر المديرية على المتحف وناقشوا اللواء ابراهيم وصارحوه بهواجسهم في حوار تخللته محطات ضحك فيها الجميع وخصوصا وأن اللواء خاطب هؤلاء بلغة القلب.
وفي اثناء بث فيديو عن تاريخ المديرية العامة للامن العام، اصغى التلامذة الى الريبورتاج بصمت تام وصفقوا طويلا في نهايته. وعبّر هؤلاء اثناء استصراحهم عن فرحة كبرى بزيارة هذه المؤسسة الامنية التي قبل المسؤولون فيها تعريفهم بجوانب من عملها.
هذا الامر، عبّر عنه بفكاهة التلميذ هادي، الذي قال بأن “الدائرة الرسمية الوحيدة التي زارها هي المدرسة”! والتقى التلامذة المدير العام للامن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم في قاعة 27 آب في مبنى المديرية المركزي قرب المتحف حيث تعقد الاجتماعات الرسمية، وحلّوا ضيوفا في المقاعد التي غالبا ما يشغلها الضباط في الاجتماعات والمؤتمرات.
بعد النشيد الوطني اللبناني، ثم نشيد الامن العام، تم بث شريط فيديو عن تاريخ الامن العام اللبناني ومهامه والحقبة التي تولى فيها اللواء عباس ابراهيم مهامه وما تضمنته من انجازات ادارية وعسكرية وامنية ودبلوماسية فضلا عن وساطاته المختلفة في عمليات اطلاق العديد من الرهائن.
بعدها القى مدير عام الامن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم كلمة افتتاحية مرتجلة جاء فيها:
“اليوم يتواجه الماضي والحاضر والمستقبل فأنتم الحاضر على أبواب المستقبل والامل بكم ونحن تقريبا انتهى دورنا والامل كبير بالشباب أن ينهضوا بلبنان من كبوته سيما ان الظروف التي يمر بها الوطن صعبة جدا ونحن نحمل جزءا من هذه المسؤولية والتي يتحملها ايضا جميع المسؤولين كلّ بحسب مستواه. يكمن الامل فيكم أنتم الذين تمثلون الجيل الطالع من اجل اصلاح كل الاخطاء التي حصلت، ووضع مداميك العمران لهذا البلد الذي لم يعد يتحمل المزيد. ارى في عيونكم اصرارا وتصميما ومثابرة على بناء لبنان الغد الذي نحلم به جميعنا. للأسف، ان الظروف المحيطة بنا بالاضافة الى الظروف الداخلية لم تساعدنا على أن نحقق ذلك على أمر الواقع والأمل فيكم لكي تحرروا الوطن. أتمنى اليوم، أن تكون هذه الزيارة قد أثرت فيكم، وأن تكونوا قد شعرتم أنكم تنتمون الى وطن وليس الى طائفة او الى منطقة أو مذهب بل لوطن. تعاطوا مع المستقبل على هذا الأساس، تعاطوا معه على أنكم تنتمون الى وطن، لا تتقوقعوا ولا تنعزلوا داخل طائفتكم. لا تقولوا مثلا، نحن شيعة، ونعرف من هذا الوطن هذا المقدار، إن هذا الوطن للشيعة كما هو للموارنة وللسنة وللدروز. فكروا بعقل منفتح، فكروا بالآخر الذي يعيش معكم على أنه رفيقكم وزميلكم وأخاكم بالمواطنة. نحن اولاد مدرسة الامام موسى الصدر وانتم اولاد هذه المدرسة. بأي معنى؟ بمعنى الوطنية. حين تعرض الوطن للحرب، اعتصم السيد موسى الصدر في المسجد والكنيسة. نريدكم أن تعتنقوا هذا الفكر، وأن تنتموا الى هذه المدرسة، هكذا يبنى الوطن. نحن ابناء المطران غريغوار حداد، نحن أولاد هذا الجيل وعلينا أن نحمل هذه الثقافة، ثقافة المستعد بعمامته وجبّته أن يدافع عن الوطن، وليس ان يتمترس وراء العمامة والجبة ليخرّب البلد. نتمنى أن يكون ما شهدتموه اليوم قد أدخل جديدا الى ثقافتكم، وانتم بعيدين جدا عن هذه المؤسسات الوطنية التي يجب أن تعيشوا في قلبها وهي في قلبكم. لا تقتصر مهام الامن العام على انجاز باسبور ومنح تأشيرة وختم جواز السفر، كما شاهدتم لدى الامن العام الكثير من العمل وهو لا ينام 24 ساعة. هذه مؤسسة نحن نفتخر أننا ننتمي اليها، ونحن نفتخر أنها تستوعبكم وتستقبلكم وتُطلعكم على بعض ما تقوم به.
في هذا السياق اشكر ادارة ثانويتكم واهلكم الذين سمحوا لكم بزيارتنا.
فأهلا وسهلا بكم”.
ودار نقاش واسئلة بين التلامذة واللواء ابراهيم. وسألت مديرة الثانوية السيدة زين عن الانجاز الذي يتمنى اللواء عباس ابراهيم تحقيقه بعد؟ فأجاب اللواء ابراهيم: “ان الانجاز العام الذي اطمح اليه، هو الا أرى جنديا اسرائيليا على ارض لبنان. اعتقد ان هذا الانجاز الاهم وان لم اتمكن من تحقيقه، كونوا متأكدين بأننا نضع المدماك، لكي نصل اليه والمسؤولية بعدها تكون بعهدتكم”.
وسألت احدى الطالبات عن تأثير انهيار الليرة اللبنانية على رواتب العسكريين وهل تسعى الدولة الى رفع الرواتب لكي تتناسب مع غلاء المعيشة؟
أجاب اللواء ابراهيم:” مما لا شك فيه بأن القطاع العام وخصوصا العسكريين هم الاكثر تأثرا بالازمة الاقتصادية التي يمر بها البلد. اعتقد بأن القطاع الخاص تمكن من تحسين وضعه الى حد كبير، لكن القطاع العام وتحديدا العسكريين هم اكثر من يدفعون اثمانا لانهيار القطاع المالي. في الجلسة السابقة لمجلس الوزراء تم اتخاذ قرار بزيادة الرواتب بطريقة قانونية الى حد ما، والمشكلة الراهنة تكمن في الانقسام السياسي الذي ينعكس للاسف على توقيع المراسيم التنفيذية. لكن القرار اتخذ وموظفي القطاع العام سيستفيدون منه، والحائل الوحيد هو الانقسام السياسي، وهذا امر تتم معالجته”.
وسأل احد الطلبة عن كيف يمكن للشباب أن يؤثروا بالوضع؟ قال اللواء ابراهيم:” في زمن ما كنا نجلس على الكراسي التي تجلسون عليها اليوم، وصرنا هنا، عليك أن تثابر وتتعب وتنجح، الاهم أن تبقى جالسا حيث انت، في الصفوف الامامية. عندما تكون جالسا حيث انت تؤثر في الوطن، وتأثيرك بالوطن هو بما ذكرته من الحرص على الوحدة الوطنية، وان نكون بعيدين من المذهبية والطائفية”.
وسألت احدى الطالبات لماذا لا تكشف الجرائم قبل وقوعها؟ اجاب اللواء ابراهيم:” اطلقنا في المديرية العامة للامن العام منذ قرابة الاعوام الستة فكرة الامن الاستباقي، وهي صارت موضة تعممت على كل الاجهزة الامنية في البلد. معك حق، لكن كما في بلدان العالم قاطبة، تكشف الجرائم لاحقا، لكن ثمة الكثير من الجرائم التي تكشف ولا يعلن عنها لأنه تكون لها ارتدادات صعبة على المجتمع اللبناني، وبالتالي ثمة ايضا الكثير من الجرائم التي تكتشف قبل حدوثها”.
وسأل احد الطلاب: “ما هي النصيحة التي توجهها ان كان احد منا سيخلفك كمدير عام للامن العام اللبناني؟
وسألت طالبة لماذا لا تخول الكفاءة الدخول الى اسلاك الدولة؟ اجاب اللواء ابراهيم: “الطائفية هي السبب ولا يجب ان تدخل الى عقولكم”.
وسألت طالبة عن سبب غياب اللحمة الوطنية لدى الشباب وجميعهم يطمحون للسفر وعن الكلمة التي يوجهها الى هؤلاء، قال اللواء ابراهيم: ” اولادي من ضمن هؤلاء الشباب المهاجرين واتمنى ان يعودوا الى احضان الوطن والعائلة. إن الضائقة التي يمر بها لبنان تحتم على الشباب والصبايا السفر والعمل، ولكن في النهاية، وهذه نقطة تسجّل للبناني انه يعود الى الوطن. نحن نلاحظ ان من يسافر من القرى اول ما يفكر به هو بناء بيت في الضيعة، نحن اكثر شعب متعلق بأرضه، ونحن لا نزال صامدين ولو بالحد الادنى بالشباب والصبايا الذين سافروا ويُحوّلون اموالا للبلد. يتم التحويل الى لبنان سنويا بين 6 الى 7 مليار دولار، وهؤلاء من ينعشون البلد لوحدهم. فالسفر ليس خطأ الخطأ هو في الهجرة”.
وقد استصرح موقعنا بعض الطلاب الذين شددوا على اللواء ابراهيم منحهم القوة للتشبث بارضهم، ولتعزيز ثقتهم بأنفسهم وبقدرتهم على مواجهة المستقبل وحثهم على نبذ الطائفية. (الفيديو الكامل عن الزيارة سينشر عبر موقع “مصدر دبلوماسي” الرسمي عبر يوتيوب).
Masdar Diplomacy Official
وكان بدأ الطلاب يومهم في ساحة المديرية حيث استقبلوا من قبل رئيس الدائرة الامنية في المديرية العامة للامن العام العقيد هادي أبو شقرا الذي رحب بهم في رحاب المديرية شارحا عن المهام المنوطة بالمديرية للحفاظ على الأمن العام في الوطن.
وبعدها انتقل الطلاب إلى مكتب شؤون الإعلام حيث كان في إستقبالهم رئيس المكتب العميد سليم البرجي الذي رحب بالطلاب وجال معهم على أقسام المكتب حيث تعرف الطلاب على المهام المنوطة بالمكتب استنادا الى القوانين التي ترعى عمله في ما يتعلق بالانتاج الاعلامي في دائرتي المطبوعات والمرئي والمسموع. وأكد العميد برجي أن العمل يرتكز على حسن تطبيق القوانين والأنظمة المرعية الاجراء وحماية الساحة الوطنية من اختراقات العدو، وتعزيز السلم الأهلي ومنع اثارة النعرات الطائفية.
ومن ثم إنتقل الطلاب إلى دائرة الجوازات للتعرف على كيفية إصدار الجوازات.
فيديو
وبعدها شاهدوا عرضا لتمارين قتالية قدمته فرقة من دائرة الرصد والتدخل والتي كان لها إنجازات عدة في مكافحة شبكات التعامل مع العدو الإسرائيلي وشبكات الإرهاب التكفيري في اطار العمليات الامنية الاستباقية.