مقالات مختارة
عربي 21
طه العيسوي
كشف المدير العام للأمن العام اللبناني، اللواء عباس إبراهيم، عن اعتزامه إقامة دعوى قضائية خلال الفترة المقبلة ضد مَن نشروا ما وصفها بـ”الشائعات والأكاذيب المضللة” بحقه في قضية انفجار مرفأ بيروت، خاصة منذ أن تولى القاضي طارق البيطار التحقيق العدلي في هذه القضية.
وأشار، في مقابلة خاصة مع “عربي21″، إلى أن هناك جهات بعينها (لم يُسمّها) تعمل على استهدافه بشكل شخصي انطلاقا من “بعض الأجندات السياسية”، مضيفا: “لديّ الكثير من الإشارات والشواهد التي تؤكد استهدافي شخصيا، وأنا أحتفظ بحقي في الرد قضائيا على كل هذه التلفيقات”.
وأوضح إبراهيم أنه لم يتحرك قضائيا في السابق؛ خشية من أن يُفسَّر هذا التحرك أنه سبب ليعيق التحقيق، مُشدّدا على أن “تلك الإساءات المتكررة يجب أن يكون لها حد، ويجب أن نتصدى لها، ونحن نثق أن القضاء سيظهر الحقائق الغائبة ويدحض الأكاذيب والشائعات.
وانتشرت معلومات على بعض مواقع التواصل الاجتماعي -نُسبت في معظمها إلى المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار-، تحدثت عن تورط اللواء إبراهيم في صفقات تهريب الأمونيوم، وتحويل أموال إلى مصرف إماراتي وفتح حساب هناك، وفق قولهم.
وفي 4 آب/ أغسطس 2020، وقع انفجار ضخم في مرفأ العاصمة اللبنانية بيروت، أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة نحو 6 آلاف آخرين، فضلا عن دمار مادي هائل في الأبنية السكنية والمؤسسات التجارية.
وبحسب تقديرات رسمية، وقع الانفجار في العنبر رقم 12 بالمرفأ، الذي كان يحوي نحو 2750 طنا من مادة “نترات الأمونيوم” الشديدة الانفجار، كانت مصادرة من سفينة ومخزنة منذ عام 2014.
وأكد أن “اللامبالاة العربية في معالجة الملف السوري، والقرار الدولي الذي يرفض عودة النازحين إلى سوريا، وإطالة إقامة العائلات السورية في لبنان واندماجهم في المجتمعات التي تستضيفهم، كلها عوامل ستؤدي إلى بقائهم على أرض لبنان كأمر واقع أولا والخشية من توطينهم لاحقا، وهذا يعني أننا نشهد على عملية تجهيز قنبلة ستنفجر لاحقا في لبنان، ولن يدفع أحد ثمن ارتداداتها وشظاياها سوى الشعبين اللبناني والسوري”.
وحذّر من خطورة استمرار الفراغ الرئاسي في لبنان، قائلا: “أخطر ما في استمرار خلو سدة الرئاسة، هو العجز الداخلي عن إيجاد الحلول والمخارج، والأشد خطورة هو التطلع إلى الخارج والرهان على حدث إقليمي، ينسحب داخليا ويؤدي إلى تغيير الأوضاع وقلبها رأسا على عقب، على الرغم من معرفة الجميع خطورة مثل هذا الأمر وتداعياته على لبنان، أيّا كان مصدر هذا الحدث ونوعه”.
وكشف اللواء إبراهيم أن “هناك تطمينات خارجية تصل إلى حد القرار بأنه ممنوع أخذ لبنان إلى توترات وفوضى أمنية، ونحن نكابد المستحيلات لمنع تحوّل أي فوضى متنقلة إلى فوضى أمنية”.
ونوّه إلى أن “خلو سدة الرئاسة زادت الأعباء على الأمن العام، إلا أننا وبإرادة صلبة مصممون على إمرار هذه المرحلة من خلال مسك الوضع الأمني بكل مفاصله، وتحصين السلم الأهلي والاستقرار، وإعلاء منطق الحوار”.
والخميس، أخفق البرلمان اللبناني للمرة السابعة في انتخاب رئيس للجمهورية خلفا لميشال عون، الذي انتهت ولايته في 31 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. ومن المقرر عقد جلسة برلمانية جديدة في 1 كانون الأول/ ديسمبر المقبل لانتخاب الرئيس.
وبحسب المادة 49 من الدستور، يُنتخب رئيس البلاد في دورة التصويت الأولى بأغلبية الثلثين 86 نائبا، ويُكتفى بالغالبية المطلقة (النصف +1) في الدورات التالية.
وتاليا نص المقابلة الحصرية مع “عربي21“:
*ما هي آخر التطورات الخاصة بملف إعادة النازحين السوريين في لبنان إلى بلادهم؟
-تستمر عملية تنظيم الرحلات لإعادة النازحين السوريين إلى بلدهم، والعودة هي طوعية وآمنة، ولن نُجبر أي نازح على العودة، وهذا قرار لبناني رسمي؛ نسعى من خلاله إلى تخفيف العبء عن لبنان وتمكين السوريين من العودة إلى وطنهم.
هناك مليونان و80 ألف نازح سوريّ حاليا في لبنان، وهناك قرابة الـ540 ألف سوريّ عادوا طوعا إلى بلادهم منذ بدء تنفيذ خطة إعادتهم من قبل الأمن العام اللبناني عام 2017.
وتم فتح 17 مركزا للأمن العام في جميع المناطق اللبنانية من أجل تنظيم هذه العودة. وكانت قوافل عودة النازحين السوريين من لبنان إلى سوريا، قد بدأت عام 2017، وتوقّفت في نهاية عام 2019، بسبب انتشار جائحة كورونا.
*هل خطة إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم تمضي في مسارها الطبيعي والصحيح؟ ومتى سينتهي تنفيذ هذه الخطة؟
-ملف النازحين السوريين هو ملف “وطني عربي دولي”، وإعادتهم إلى أرضهم واجب قومي علينا أن نؤديه بالسرعة الممكنة، كي لا يخسروا أرضهم ويُمحى تاريخهم، وهذا ما نحاول أن نقوله أولا للجانب السوري الذي لم نلقَ منه إلا كل ترحيب ومساعدة، وثانيا للجامعة العربية، وثالثا للمجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية، الذين -للأسف- يرفضون حتى الآن عودة النازحين إلى سوريا، ويضعون الشروط تلو الأخرى من أجل منع هذه العودة، وهذا أمر خطير جدا لما له من انعكاسات سلبية على لبنان ديموغرافيا واقتصاديا وأمنيا.
ولا أخفيكم القول؛ إن اللامبالاة العربية في معالجة الملف السوري، والقرار الدولي الذي يرفض عودة النازحين إلى سوريا، وإطالة إقامة العائلات السورية في لبنان واندماجهم في المجتمعات التي تستضيفهم، كلها عوامل ستؤدي إلى بقائهم على أرض لبنان كأمر واقع أولا، والخشية من توطينهم لاحقا.
يعني أننا نشهد على عملية تجهيز “قنبلة” ستنفجر لاحقا في لبنان، ولن يدفع أحد ثمن ارتداداتها وشظاياها سوى الشعبين اللبناني والسوري.
*لو تحدثنا عن طبيعة الوضع الحالي في مخيّمات السوريين داخل لبنان؟ وهل هناك إشكاليات ما؟
-يوجد حاليا حوالي 3000 مخيم عشوائي على الأراضي اللبنانية، ونستطيع القول؛ إننا أمام اضطراب “مكاني واجتماعي” حقيقي.
ويتوزع النازحون جغرافيا على الشكل التالي: 39.1% في البقاع، و22.7% في بيروت وجبل لبنان، و27.3% في الشمال، و10.5% في الجنوب. وتشكل الفئة العمرية 18 – 59 النسبة الأعلى من بين الذكور.
أدى وجود عدد كبير من النازحين السوريين وانتشارهم العشوائي على مختلف الأراضي اللبنانية، إضافة إلى الظروف التي يعيشها عدد كبير منهم، ناهيك عن الانقسام السياسي الداخلي حول أزمتهم بين مؤيد للنظام ومعارض له، إلى تداعيات ومخاطر أمنية، حيث بدأت أعداد المتورطين منهم بالجرائم على الأراضي اللبنانية بالارتفاع، ما دفع الأجهزة العسكرية والأمنية بتكريس جزء كبير من نشاطها ومهماتها لمتابعتهم وتوقيف المخلين بالأمن بينهم.
تعددت مخالفاتهم وشملت تأليف عصابات الخطف، والسرقة والنشل، وترويج العملات المزورة، وقطع الأسلاك الكهربائية، وتعاطي وترويج المخدرات.
لكن الظاهرة الأكثر خطورة، كانت عمليات التفجير التي طالت عدة مناطق لبنانية، وراح ضحيتها أكثر من 100 مواطن تبناها تنظيما “داعش” و”جبهة النصرة” (حاليا هيئة تحرير الشام)، الإرهابيان.
وبيّنت التحقيقات أن البعض منهم استخدم مخيمات النزوح بهدف التخفي والانطلاق لتنفيذ عملياته الإرهابية. وقد شكّلت تجمعات النازحين ملجأ آمنا للخلايا النائمة ومصدرا مناسبا لتجنيد عناصر جُدد، أدت دورا في أعمال إرهابية داخل لبنان.
لقد أبدت الدول الأوروبية اهتماما متزايدا بملف النازحين في لبنان، وذلك من وجهة نظر أمنية؛ فهي تخشى أن يصبح لبنان منطلقا للهجرة نحو شواطئها، أو مركزا لتخطيط أعمال إرهابية ضدها.
من هنا حاولت تركيز دعمها في اتجاه تثبيتهم في لبنان من خلال مشاريع مختلفة تعزز بقاءهم ودمجهم في المجتمع المحلي، وساهم وجود النازحين في تشكيل غطاء لنشاطات مالية هدفت إلى تمويل الإرهاب.
ولقد عمدت بعض الجمعيات والهيئات والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية الداعمة للمعارضة السورية، إلى جمع الأموال وتحويلها بطريقة تفتقر إلى الشفافية أو رقابة السلطات الرسمية المحلية، ما أدى إلى استفادة جهات مشبوهة منها.
*كيف تقيّم الوضع الأمني في لبنان اليوم؟ وما مدى تأثر الوضع الأمني بتردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي؟
-الأمن والاقتصاد متلازمان، ولا ثبات واستقرار من دون توفر كل العوامل التي تؤمن الاستقرار الأمني والسلم الأهلي، وتعزز النمو الاقتصادي عبر البدء بخطة تعافٍ، تخرج لبنان من القعر الذي لا قعر له.
الوضع الأمني ممسوك ومتماسك والأجهزة العسكرية والأمنية تبذل كل الجهد المطلوب وأكثر بكثير للإبقاء على عامل الاستقرار؛ لأن بدونه تتفلت الأمور وتذهب إلى مسارات خطيرة جدا.
طبعا التردي الاقتصادي يؤدي إلى ازدياد المطالبات الشعبية بتوفير الخدمات الأساسية التي أصبحت شبه مفقودة، والخشية من الفوضى المجتمعية هي حقيقة وليست وهما. ولذلك، نكابد المستحيلات لمنع تحول أي فوضى متنقلة إلى فوضى أمنية.
إن الأزمة الاقتصادية هي من صنع بعض القيادات التي تعاقبت على الحكم في لبنان، وبدأت بشائر الأزمة منذ العام 2015 واشتدت عام 2019، واليوم يقف البلد على شفير الانهيار، والتقديرات الحالية تضع أربعة من كل خمسة أشخاص في فقر مدقع.
والروابط السياسية مع النظام المصرفي مترابطة ومتينة، مما يشير إلى مخاوف جدية بشأن تضارب المصالح في تعاملهم مع الاقتصاد ومدخرات الناس.
لذلك، يجب تضمين خطة التعافي بندا أساسيا وجوهريا؛ هو المساءلة، وهي ضرورية لاستعادة الثقة المفقودة لدى الشعب اللبناني.
نحن نتحدث عن ثروة وطنية، ملك للشعب في لبنان، بُدّدت على مدى عقود بسبب سوء الإدارة وفقدان برامج الاستثمارات المنتجة من قِبل الحكومات المتعاقبة، عدا عن أن السياسات الاقتصادية غير المدروسة، أدت إلى دوامة هبوط العملة، وتدمير الاقتصاد، والقضاء على مدخرات الناس، وإغراق المواطن في براثن الفقر المدقع.
والمدخل إلى الاستقرار المجتمعي، يكمن في إيجاد حل حقيقي وليس وهميّا للقضايا الملحة الآنفة الذكر، التي من شأنها أن تبقي الاستقرار الأمني راسخا.
*ما انعكاسات الفراغ الرئاسي على الأمن العام في البلاد؟ وإلى أي مدى تأثرتم بهذا الفراغ؟
إن المرحلة التي نمر بها، دقيقة على المستوى الوطني والتحديات في هذا الإطار متنوعة. خلو سدة الرئاسة يترك تحديات ومسؤوليات ومخاوف؛ لأن عمل مؤسسات الدولة يصبح بلا غطاء رئيس الجمهورية الذي يمثل رمز وحدة البلاد، وهو الضابط والحكم لعملها.
في كل ظرف سياسي ووطني مشابه تزداد المخاوف من أي تحديات أمنية، ومن ثم يزداد الدور المُلقى على القوى العسكرية والأمنية؛ باعتبارها الضابطة لكل الوضع الأمني، لا سيما المديرية العامة للأمن العام؛ فنحن نعيش في ظل حالة سياسية قائمة، وكلما اشتدت الأزمات، تضاعفت المسؤولية وصارت الحاجة أكثر إلحاحا للتنسيق الدائم، والتعاون المستمر بلا انقطاع بين الأجهزة العسكرية والأمنية لتدارك الأحداث والمفاجآت.
بلا أدنى شك، فإن خلو سدة الرئاسة زادت الأعباء على الأمن العام، إلا أننا وبإرادة صلبة مصممون على إمرار هذه المرحلة من خلال مسك الوضع الأمني بكل مفاصله، وتحصين السلم الأهلي والاستقرار، وإعلاء منطق الحوار.
*برأيكم، ما الأسباب الحقيقية التي تحول دون التوافق على رئيس جديد للجمهورية؟
-السبب الأساسي والجوهري يتمثل في فقدان الإرادة الوطنية الجامعة التي تحتكم إلى نص الدستور وروحه، بالإضافة إلى تركيبة المجلس النيابي الحالي التي تفتقد أيضا لأكثرية حاسمة، وهو يتشكل من مجموعة قوى غير قادرة على إيصال رئيس جمهورية من دون الاتفاق والتحاور في ما بينها؛ إذ لا يمتلك أي من الفرقاء القدرة على انتخاب رئيس من دون التفاهم مع الفريق الآخر؛ فالدستور ينص على ضرورة أن ينال الرئيس المُنتخب ثلثي أصوات النواب في الدورة الأولى، والأكثرية العادية في الدورات التالية.
وتتفق معظم القوى السياسية اللبنانية على تفسير للدستور يقول بضرورة حضور ثلثي أعضاء البرلمان لجلسة الانتخاب في أي وقت، مما يعطي أي فريق يمتلك أكثر من ثلث المقاعد قدرة التعطيل وحق “الفيتو” على اسم الرئيس، وهو ما يحدث الآن، حيث لا يمتلك أي من الطرفين الأكثرية اللازمة لانتخاب الرئيس، ومن ثم تبقى الأمور معطلة تقنيا.
أما الناحية السياسية، فهي الأكثر تعقيدا؛ حيث يتحكم أطراف الأزمة في الجانب التقني، ويستطيع أي منهما التعطيل، من دون القدرة على الحل منفردا.
ويُعدّ اسم رئيس الجمهورية عنوانا للمرحلة، ولهذا يُصرّ كل من الأطراف اللبنانية على رئيس يحظى بثقته، وهو أمر متعذر لغياب التلاقي بالحد الأدنى في الجانب السياسي، حيث يقف الفرقاء على تناقضات كبيرة وكثيرة.
*ما خطورة استمرار الفراغ الرئاسي في لبنان؟ وما أبرز التحديات الأمنية التي تواجه عملكم في الوقت الحالي؟
-أخطر ما في استمرار خلو سدة الرئاسة، هو العجز الداخلي عن إيجاد الحلول والمخارج، والأشد خطورة هو التطلع إلى الخارج والرهان على حدث إقليمي ينسحب داخليا ويؤدي إلى تغيير الأوضاع وقلبها رأسا على عقب، على الرغم من معرفة الجميع خطورة مثل هذا الأمر وتداعياته على لبنان، أيّا كان مصدر هذا الحدث ونوعه.
لذلك، نحن نركز جهدنا الأمني على متابعة وملاحقة الخلايا الإرهابية النائمة، ومنع إيقاظها مُجددا بأوامر خارجية؛ لأنه في ظل ما يحصل في الإقليم يجب عدم التراخي إطلاقا ونحن نبقي العين مفتوحة في هذا الاتجاه، علما بأن هناك تطمينات خارجية تصل إلى حد القرار بأنه ممنوع أخذ لبنان إلى توترات وفوضى أمنية.
*لماذا لم يصدر قانون “العفو العام” حتى الآن، رغم تفاقم المشاكل التي تواجه السجون اللبنانية؟ وهل من أفق لإقرار هذا القانون قريبا؟
-هذا الأمر من صلاحيات المجلس النيابي، ونحن إذا طُلبت منا المساعدة في هذا المجال فلن نتأخر لحظة عن القيام بواجباتنا على أكمل وجه؛ لأن هناك الآلاف ممن يقبعون في السجون في ظروف صعبة وبلا محاكمة، ويمكن إخلاء سبيلهم بعدما أمضى الكثير منهم المدة الزمنية لا بل تجاوزوها بأضعاف، ولو أنهم اُخضعوا للمحاكمة لكان قد تم إطلاق سراحهم بعد قضائهم فترة العقوبة. وأنا من الداعين إلى وضع قانون العفو العام على نار حامية وإنجازه سريعا، مع استثناء الحالات الخطيرة التي لا يمكن شمولها بأي عفو عام.
*هناك أنباء تشير إلى أن رئيس مجلس القضاء الأعلى، سهيل عبود، يعمل على صياغة حل جديد يعيد تحريك قضية انفجار مرفأ بيروت، حيث إنه يدرس مخارج قانونية تسمح بإعادة تحريك الملف سواء على صعيد متابعة التحقيقات أو البت في قضايا الموقوفين.. ما صحة تلك الأنباء؟
-هذا الأمر يُسأل عنه رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي سهيل عبود، ولست المرجع الذي يفيد بهذا الخصوص.
*من وجهة نظركم، متى سيتم غلق ملف انفجار مرفأ بيروت؟ وما تعليقكم على الشائعات والأخبار التي تناولتكم بخصوص هذه القضية؟
-أؤكد القول مُجددا بأن القضاء هو الذي يقرر في هذا الملف وسبق أن مثلت أمام القضاء في حينه وبصفة شاهد.
أما في ما يتعلق بالأخبار والإشاعات التي تناولتني على مواقع التواصل الاجتماعي منذ أن تولى القاضي البيطار التحقيق العدلي في هذه القضية، فمن الواضح أن هناك استهدافا شخصيّا بحقي، وهو أمر غير مفهوم، إلا إذا تمت قراءته أو تفسيره في بعض الأجندات السياسية.
والدليل على ذلك، أنه منذ أن عُيّن القاضي البيطار محققا عدليا، انتشرت على بعض مواقع التواصل الاجتماعي معلومات نُسبت في معظمها إليه، وتحدثت عن مزاعم بتورطي في صفقات تهريب الأمونيوم، وغيرها من الأمور، وصلت إلى الادعاء أني قمت بتحويل أموال إلى مصرف في دولة الإمارات العربية وفتح حساب هناك، وقيل أيضا إن القاضي البيطار هو مَن سرّب رقم الحساب المصرفي المزعوم في دبي، وما إلى ذلك من ادعاءات واهية.
وهنا أقول؛ إنه عندما بدأت هذه الأخبار المُلفقة عني تنتشر، نقلا عما نُسب إلى القاضي البيطار وأحد أقاربه، كلّفت أحد الإعلاميين بمراجعة القاضي البيطار حول الأخبار التي نُقلت عنه من أجل نفيها أو تأكيدها، لكن الملفت أن القاضي البيطار رفض التكلم في هذا الموضوع بحجة أنه لا يتكلم عن هذا الملف في الإعلام، ولكن كلنا يعلم، ولدينا ولديكم ولدى الرأي العام من الشواهد ما يدحض هذه الحجة.
وبناء عليه، اضطررت إلى تقديم شكوى قضائية طلبت فيها من المصرف المزعوم في دبي الإجابة على ما نُشر زورا عن وجود حساب باسمي لديه، ولكن لم نحصل على جواب. ولديّ الكثير من الإشارات التي تؤكد استهدافي شخصيّا.
وإنني أغتنم هذا الحوار لأقول من خلالكم بأنني أحتفظ بحقي في الرد قضائيا على كل هذه التلفيقات التي نُشرت أو التسريبات التي سيقت بحقي ضد هؤلاء، وضد على كل مرجع لم ينفِ ما نُقل عنه. وأنا لم أتحرك قضائيا حتى الآن؛ خشية أن يُفسَّر هذا التحرك أنه سبب ليعيق التحقيق، و”إنّ غدا لناظره قريب”.
لكننا مضطرون لإقامة دعوى قضائية خلال الفترة المقبلة ضد مَن نشروا هذه الأخبار المُلفقة والشائعات الكاذبة، وكلي ثقة في أن القضاء سيُظهر مَن يقف خلف هؤلاء؛ لأنه بالتأكيد هناك جهات تعمل على استهداف شخصي لأسباب بعينها.
*وهل تأثرتم بـ “حملة استهدافكم”؟
-لم نتأثر بهذه الحملة المشبوهة والممنهجة؛ لأن لدينا من الحصانة الأخلاقية والعملية والعملية والشعبية ما يحول دون ذلك، وهذا بفضل عملنا على المستوى الداخلي والخارجي، لكن تلك الإساءات المتكررة يجب أن يكون لها حدّ ونهاية، ويجب أن نتصدى لها، ولم ولن نكون في موقف الضعيف مطلقا، ولذلك نسعى لحفظ حقوقنا من خلال اللجوء إلى القضاء الذي سيظهر الحقائق الغائبة، وسيدحض الأكاذيب والشائعات.
*وما تفسيرك لصمت القاضي البيطار ضد “حملة استهدافك”؟
-يمكنكم أن تطرحوا عليه هذا السؤال.
*وكيف هي علاقتك بالقاضي البيطار؟
-هي علاقة عادية جدا، وليست هناك معرفة سابقة.
*وزير الداخلية، بسام مولوي، أعلن مؤخرا أن “شعبة المعلومات (المخابرات الداخلية) تمكّنت خلال عام 2022 من توقيف 8 خلايا إرهابية”.. فما الذي وصلت إليه التحقيقات بخصوص تلك الخلايا؟
-شعبة المعلومات تقوم بعمل أمني ممتاز، ونحن نتعاون في كل المجالات وفي كثير من الملفات، أما اعترافات الموقوفين وما تم التوصل إليه، هو من الأسرار التي لا يُكشف عنها إلا عند اكتمال التحقيق وإقفال الملف، وعدم تحوّل أي مادة منشورة إلى سبب يجعل إرهابيين يفلتون من القبضة الأمنية والعدلية، ومن ثم من العقاب. ويعود لشعبة المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي تقدير الموقف بشأن المعلومات والمعطيات التي يمكن الإفصاح عنها.
*هل تنتابكم مخاوف من احتمالية حدوث انفلات أمني حال استمر تدهور الأوضاع؟
-مَن في موقع المسؤولية الأمنية، ليس عمله هو التعبير عن المخاوف، إنما طمأنة المواطن والمُقيم وعدم إشاعة الهلع. لذلك، نحن نقوم بعمل أمني على ثلاثة مستويات، الأول: العمل الأمني الظاهر لحفظ النظام العام، والثاني العمل الأمني الصامت، وهو العمل الاستباقي ويشهد تنسيقا وتعاونا كبيرين بين الأجهزة الأمنية، والثالث التعاون مع الأجهزة الأمنية الشقيقة والصديقة.
يبقى القول؛ إنه إذا كان الأمن الأمني قائما وبفاعلية كبيرة، فإنه يجب أن يرفد بالأمن السياسي والأمن الاجتماعي؛ لأنه كلما تعاظمت الأزمات السياسية والاقتصادية ازدادت الأعباء علينا.
وفي يومنا الحاضر، الأزمة السياسية تترافق مع أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية، الأمر الذي يجعل المهمة أكثر دقة وصعوبة وحساسية.
*وزير المهجرين، عصام شرف الدين، قال في مقابلة سابقة مع “عربي21″؛ إنه “تم استغلال الفقر وتردي الوضع الاقتصادي بلبنان في موضوع ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، فلم ترفض أي قوى أو أحزاب سياسية خطة الترسيم التي أدت لخسارتنا مئات الكيلومترات”.. ما تعقيبكم؟
-هذا رأي سياسي للوزير الصديق عصام شرف الدين، ولكن سأكتفي بالقول؛ إنني كنت شخصيا في صلب عملية التفاوض غير المباشر لترسيم الحدود البحرية وقبلها النقاط البرية المُتحفّظ عليها، وقريبا سيكون لي إطلالة أتحدث فيها عن التفاصيل الأساسية التي أدت للوصول إلى الترسيم البحري، وطبعا هناك أسرار لن أتطرق إليها كونها من المحظورات، وحينها أعتقد أن الوزير شرف الدين سيغيّر رأيه.
*ما الذي تنوي فعله بعد تقاعدكم خلال شهر آذار/ مارس المقبل؟ وهل لديكم طموح سياسي ما؟
الأمور مرهونة بمواقيتها على كل المستويات، وعند كل ميقات ستعلمون ما الذي سأكونه-
*هل من المحتمل أن يقوم مجلس النواب بتمديد ولاية اللواء عباس إبراهيم؟ وهل ستقبل بذلك إن حدث؟
-أيضا أسارع إلى القول بأن هذا الأمر يعود إلى المجلس النيابي، وهو سيد نفسه، وما اعتدت يوما أن أتنحى عن مسؤولية أو مهمة محل إجماع لبناني.
*هل أنت مع أم ضد تمديد سن التقاعد؟
-لست في الموقع التشريعي كي أجيب على هذا السؤال، يعود للمشرّع أن يقدر الموقف والظرف والحاجة.
*كيف تنظر لخلو لبنان من قيادات أمنية وعسكرية بارزة في ظل الأوضاع الراهنة؟
-هذا أمر علاجه سهل، ويتمثل في الإسراع بإنجاز الاستحقاقات الدستورية، وعلى رأسها انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة، مما يجنبنا الوقوع في هذا المحظور، وأعتقد أن العقلاء في هذا البلد ينظرون في هذا الأمر بعين المسؤولية الوطنية، ولا بد أنهم في الوقت المناسب سيجدون الحلول الاستثنائية التي من شأنها تأمين استمرارية المرفق العام، لا سيما على مستوى المؤسسات العسكرية والأمنية.