“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة
تجري الانتخابات الرئاسية في دولة كازاخستان في 20 الجاري بعد تقديم موعدها من العام 2024 باقتراح من الرئيس الحالي قاسم جومار توكاييف الذي يسعى منذ توليه الحكم في العام 2019 الى قيادة اجندة اصلاحية دستورية تهدف الى تغيير نموذج الدولة بالكامل، فحصر ولاية الرئيس بـ7 اعوام وحدّ من سلطاته مجيّرا جزءا منها الى البرلمان وداعيا الى تعزيز ثقافة حقوق الانسان. يتنافس في هذه الانتخابات وهي الثالثة منذ استقلال كازاخستان في العام 1991 ستة مرشحين منهم ممثلين للمعارضة بينهم سيدتان، لكن تعبير “منافسة” مبالغ به كون جومار توكاييف هو الاوفر حظا بعد ان نال 51 في المئة من اصوات المواطنين في العام 2019.
في هذا السياق، عقد سفير دولة كازاخستان في لبنان راسول جومالي مؤتمرا صحافيا في مقرّ السفارة في بصاليم شارحا جوانب من هذه الانتخابات، متطرقا الى العلاقات الثنائية الكازاخية اللبنانية، وخصوصا وأن الرئيس الكازاخي قاسم جومارتواكييف قرر رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي في لبنان من ممثلية الى سفارة منذ ثلاثة اشهر. ستفتح السفارة الكازاخية ابوابها للمقترعين من مواطنيها في العشرين من الجاري من الساعة الثامنة صباحا ولغاية الثامنة مساء، علما بأن اعداد الناخبين من كازاخستان في لبنان لا يتعدون الـ60 مواطنا.
وقال السفير جومالي بأن ثمة “سعي لزيادة حجم الاستثمارات بين البلدين، إذ لا يتعدى حجم الاستثمارات المباشرة من لبنان الى كازاخستان الـ125 مليون دولار خلال الاعوام الثلاثة الماضية، وفي الوقت الحاضر تعمل بعض الشركات منها “سي سي سي” وخطيب وعلمي” وغيرها بنجاح في كازاخستان”. وكشف ردا على سؤال لموقع “مصدر دبلوماسي” عن سعي جدي لرفع التأشيرات مع لبنان وقد ابلغ وزير الخارجية والمغتربين اللبناني بهذا الأمر، وقد كان ذلك ساري المفعول لغاية العام 2015. تشارك كازاخستان وحدة من حفظة السلام التابعة للقوات المسلحة الكازاخية في مهمة قوة الامم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان، وقد بدأت المشاركة الكازاخية في اليونيفيل في العام 2017 بـ120 جنديا وضابطا إلا أنها انخفضت اليوم الى 12 جنديا وضابطا بقرار من قيادة اليونيفيل وتحديدا ايطاليا التي فضّلت ان يكون هؤلاء ايطاليين.
تطوير العلاقات مع لبنان
بالعودة الى الانتخابات الرئياسية في كازاخستان قال السفير جومالي:” بعد انتخاب رئيس، سنواصل تطوير العلاقات بين كازاخستان ولبنان، بالنظر الى الاساس المتين الذي بنيناه، لدينا كل الاسباب للتفاؤل بشأن مستقبل العلاقات بين بلدينا”.
جومالي الذي كان يتحدث الى باقة من الصحافيين اللبنانيين هو نفسه صحافي لذا حرص على مخاطبة الحضور بـ”زملائي”، وشغل منصب سكرتير صحفي لرئيس الوزراء الذي هو اليوم رئيس البلاد، وشغل مناصب دبلوماسية فأمضى 15 عاما في وزارة الخارجية الكازاخية ثم سفيرا في كييف وليبيا وقنصلا عاما في الامارات العربية المتحدة. يقول بأن “البلاد كانت تدور في حالة من الاحتكار السياسي وكان الرئيس الحالي رئيسا للبرلمان ولمجلس الوزراء، لذا علق اهمية على التحول الديموقراطي في البلاد وهي عملية لا تزال قيد التنفيذ”.
للتذكير، فقد شهدت بداية العام 2022 حوادث صعبة في كانون الثاني بعد أن وقعت محاولة انقلاب مسلح، وفي 14 شباط اندلعت الحرب في اوكرانيا مما أثر بشكل غير مباشر على اقتصاد كازاخستان. تقع كازاخستان بين آسيا واوروبا وتلعب دورا رئيسيا في تسهيل التجارة بين المنطقتين بالنظر الى العلاقات الدبلوماسية المتوازنة التي تمارسها مع جميع الاطراف، حيث أن الموقف الكازاخي الرسمي هو الحياد في ما يخص اوكرانيا، وتستضيف كازاخستان اليوم آلاف اللاجئين من روسيا واوكرانيا على حد سواء. لكن بالرغم من الحيادية بشأن ادانة طرف معين ودعود البلدين الى تسوية الازمة فقد جاهر الرئيس الحالي بموقف كازاخستان الداعم لوحدة اوكرانيا وعدم سلخ اقاليم عنها لصالح روسيا، ما اثار حفيظة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. تتقاسم كازاخستان وروسيا 7 آلاف كلم مربع من الحدود وهي الاطول دوليا، ولها 1700 كلم مربع من الحدود المشتركة مع الصين، ولديها علاقات جيدة مع دول الاتحاد السوفياتي السابقة وهي 15 جمهورية ولم تتقاتل يوما مع أي منها ممارسة سياسة الصداقة والتفاهم مع الجوار.
دور في الامن الغذائي
تلعب كازاخستان بعد الحرب في اوكرانيا دورا في تحصين الامن الغذائي العالمي، فهي من أكبر الدول المصدرة للقمح، تصدر قرابة الـ8 ملايين طن سنويا، وقد طرح السفير جومالي امكانية تصدير القمح مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير الاقتصاد أمين سلام ويجري البحث في الصعوبات اللوجستية للنقل بسبب عدم وجود طيران مباشر بين البلدين، واقترح سلام توقيع مذكرة تفاهم. وثمة مشكلة بنقل كميات كبرى من القمح الى منطقة الشرق الاوسط لأن كازاخستان تقع بعد بحر قزوين ويجب الانتقال عبر روسيا والقوقاز الى البحر الاسود فتركيا ومنه الى البحر المتوسط، وتوجد طرق مماثلة عن طريق ايران والخليج لكن عمليات النقل باهظة الثمن.
تعتبر كازاخستان دولة غنية يوازي انتاجها اليومي من النفط دولة الامارات العربية المتحدة أي مليون ونصف المليون برميل يوميا، يبلغ معدّل دخل الفرد الـ8 آلاف دولار سنويا، هي غنية بالغاز والمعادن والذهب والرصاص وأكبر مصدّر لليورانيوم في العالم متجاوزة روسيا وافريقيا الجنوبية. بالرغم من هذا الثراء يوجد نقص في المراقبة ما يؤدي الى عدم تمتع جزء كبير من الشعب الكازاخي بهذه الثروات وهذا ما أدى الى اندلاع احتجاجات شعبية ضد ارتفاع الاسعار في غرب الدولة.