“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
في ظل مسارعة دولية للاستفادة من غاز شرق المتوسط توجت أمس بتوقيع كل من مصر واسرائيل والاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم ثلاثية في القاهرة لتصدير الغاز الى اوروبا، في محاولة لايجاد بدائل للوقود الروسي في ظل الحرب في أوكرانيا، لا يزال لبنان في مقاعد الانتظار. آخر جواب ينتظره هو من اسرائيل التي نقل اليها الوسيط الاميركي آموس هوكستاين مطالب لبنان المختصرة بأن الخط الحقوقي له هو الخط 23 مع تعرج قبالة حقل قانا بسقف يبلغ قرابة الـ200 كلم الى الامام باتجاه البلوك 72، ومطالبة اسرائيل بوقف الاعمال في المنطقة الحدودية الى حين التوصل الى اتفاق يوقع في الناقورة، وسط تخلي لبنان عن المطالبة بالخط 29 ما يعطي حقل كاريش كليا لاسرائيل.
أبلغ الوسيط الاميركي بشكل واضح وصريح بأن لبنان لن يتنازل عن مطالبه وأي تلكؤ اسرائيلي سيؤدي الى مواجهة عسكرية، فوعد بنقل الرسالة اللبنانية بحذافيرها.
في هذا السياق المتوتر، يقول مدير المؤسسة الوطنية للدراسات والاحصاء الدكتور زكريا حمودان العارف بمناخ محور الممانعة لموقع “مصدر دبلوماسي” بأن خيار الحرب مطروح جديا لأن كلام هوكستاين لا ينذر بالخير.
*بعد زيارة الوسيط الاميركي في المفاوضات غير المباشرة حول الحدود البحرية مع اسرائيل آموس هوكستين ودعوته للبنان الى ان يقبل بالمتاح الى اين يتجه هذا الملف؟
-لا شك بأن آمووس هوكستاين لم يعد وسيطا بعد التصريح التلفزيوني الذي اعطاه لقناة “الحرة”، إذ بات من الواضح ان الاميركي والاسرائيلي يقولون بوضوح بأن ثمة خيارات متاحة محددة قابلة للتفاوض، أما الترتيبات القانونية فهي خارج التداول. إن ما يطرحه الوسيط الاميركي غير مقبول داخليا مما يعني ان الملف يتجه نحو المزيد من التعقيدات.
*كيف يمكن للبنان الاستفادة من الثروة التي يبدو انها باءت بجزء منها للاسرائيلي؟
-حتى الآن لا يمكن ان نجزم بأن العدو الاسرائيلي استطاع الاستيلاء على الثروة، وبالتالي فإنَّ جميع الاحتمالات مطروحة، الحلول والتعقيدات متساوية. اذا اراد لبنان الافادة من ثروته، عليه ان يجبر الشركات التي طرحت نفسها للتنقيب في الاراضي اللبنانية بمباشرة عملها دون قيد او شرط وخصوصا في البلوكات الآمنة، او ان تنسحب ويتم فتح الباب لشركات جاهزة لأن تكون خارج العباءة الاميركية وان تستثمر في الثروة الباطنية في المياه اللبنانية.
*اذا لم توقف إسرائيل الاستخراج وهذا مرجح لا سيما بعد اتفاقها مع الاوروبيين للتصدير الى اوروبا ما هي الخيارات المتاحة امام لبنان ؟
-بداية لا بد والتذكير بأن الخطوة الاولى التي ينبغي على لبنان القيام بها اليوم هي ان يقوم بتعديل المرسوم 6433 الذي ارسلته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في العام 2011 الى الامم المتحدة، واعادة ارساله مجددا من اجل تثبيت الحدود المتنازع عليها مع العدو الاسرائيلي.
على المستوى الدبلوماسي يمكن للبنان ايداع شكاوى لدى مجلس معدلا بالمرسوم 6433 للخط 29.
*ما ستكون هوية الغاز اللبناني؟ هل سيكون روسيا ام اوروبيا؟
-إن الصراع في المنطقة مفتوح، وبالتالي قد يكون الاهم للبنان ان يبدأ بانهاء خطوات التنقيب ومن ثم الاستخراج. بالنسبة لهوية الغاز اللبناني، فغالبا ما تحدد الشركات المستثمرة الوجهة بحسب الكميات المكتشفة، بالاضافة الى حسابات جيو سياسية وجيواقتصادية، بالتالي لا يمكن تحديد هوية الغاز فعليًا، مع التشديد بأن الوجهة الاقرب على مستوى الطلب هي اوروبا. بالنسبة لروسيا التي تعتبر احدى عمالقة الغاز في العالم، فدورها يرتكز على حماية مصالحها الاستثمارية على مستوى خطوط الغاز في العالم ووجهة هذه الخطوط، دون ان ننسى ان لروسيا شركة موجودة ضمن الكونسورتيوم الدولي الذي اسسه لبنان بهدف التنقيب واستخراج الغاز، بالتالي فان روسيا جزء من هذه التركيبة.
*هل يمكن لحزب الله المقيد بالداخل وبالمعطيات الاقليمية ان يدخل في حرب؟ وخصوصا مع عودة الحياة الى مفاوضات الاتفاق النووي؟ هل نتجه الى مواجهة عسكرية ام لا؟
-لم يكن حزب الله يوما مقيدا بالداخل، اليوم اللبنانيين محاصرين اقتصاديا من قبل الاميركي وحلفائه والاقل تأثرا هو حزب الله بسبب قدرته على التحرك اكثر ضمن بيئته المحافظة على الاستقامة ويغيب عنها الفساد، مقابل انحلال القوى السياسية داخليا وبالرغم من كل ذلك استمرت تلك القوى بالمتاجرة في انهيار الشعب اللبناني ودولته. بالتالي، اليوم حزب الله لديه جدية في تقديم كل شيء من اجل انقاذ لبنان، لا يتخلى عن الضوابط الاساسية التي وضعها سماحة الامين العام لحزب الله في خطابه الاخير، كما لن يسمح بأن تتم سرقة ثروات الشعب اللبناني. هذه الضوابط اذا لم يلتزم بها العدو الاسرائيلي فإنه لا خيار سوى الحرب دفاعا عن حقوق لبنان وثروات اللبنانيين.
بالعودة الى سقف حديث الموفد الاميركي بعد لقاءاته في لبنان، فان الامور لا تنذر بشيء ايجابي.