الدكتور إيلي أبو عون
لم أنتم يوما الى حزب ولا تربطني أي علاقة بأي من المنصات الانتخابية في لبنان. لست مرشحا للانتخابات ولا اعمل في أي من الماكينات الانتخابية لذا رأيي نابع من قناعات شخصية متجردة. ان مواقف شربل نحاس وبعض حاشيته تعكس بوضوح عقلية الأخير الالغائية وغوغائية نهجه وتاريخه وعقم أفكاره. لست متفاجئا لأنني اعتبرته دوما انتهازيا ومتسلقا ولكنني أمل ان يستوعب من لا يزال يتأثر بأفكاره مدى خطورة مقاربته في السياسة.
- أخطر ما يمثل شربل نحاس هو اعتبار نفسه “اعلى” مرتبة من كل الاخرين و “مولج” بمهمة إنقاذ لا يستطيع القيام بها سوى شربل نحاس نفسه الذي خلقه الله و “كسر القالب”. فلشربل نحاس الحق بان يصبح وزيرا من ضمن حزب سياسي يدافع عن مكون طائفي محدد وشارك في منظومة الحكم منذ 2005 (وبالتالي يتحمل جزءا من المسؤولية) ومن ثم التنكر لهذه المسؤولية وركوب موجة الثورة. اما الأخرين فاذا شموا ريحة أي حزب او تنظيم سياسي في حياتهم فيتم شيطنتهم وتخوينهم. إذا شربل نحاس يعمل وفق عقلية الغائية وفوقية لا تختلف عن عقلية داعش الا بكونها علمانية بدل ان تكون دينية. ولو قدر لشربل نحاس الوصول للسلطة (لا سمح الله) فلا استبعد ان يقيم حد السيف على كل من لا يمشي ممشاه في تكرار لمشاهد الرقة والموصل.
- اما من ناحية التكتيك السياسي، فمن ينسى مطالعات شربل نحاس البهلوانية مع مجموعته من المراهقات والمراهقين السياسيين في الأشهر الأولى من الثورة حين بشر الجميع ان السلطة سقطت وانه لا ينام الليل لأنه يحضر “صيغة حكم انتقالي”. اين نحن من هذه البشرى ايها الرفيق شربل؟ الم يحن الوقت ان تعترف بعدم جدوى افكارك وتكتيكك السياسي من أيام النضال الأحمر الى أيام الوزارة الى الفشل الذريع بعد 2019 وان يكون لك جرأة الإقرار بالمسؤولية السياسية والمعنوية وترك الساحة للأخرين علهم يضطلعون بمقاربات أجدى وأنجز؟ ما الفرق الذي صنعته في وزارة الاتصالات غير الاستعراض امام الشاشات التلفزيونية؟ وما هي انجازاتك، كوزير للعمل, في قضية مستخدمي\ات سبينيز مثلا؟ وهل وجدت حلا لانتهاكات حقوق العمالة الأجنبية خلال توليك وزارة العمل؟
- يستكمل نحاس فشله السابق بمحاولة مشبوهة اليوم تقوم على شيطنة المرشحات والمرشحين الاخرين (من داخل وخارج الأحزاب) والذهاب ابعد من ذلك الى اغراق الساحة الانتخابية بعشرات المرشحين\اتضذ غالبيتهم\ن من الوجوه المجهولة والذين لا يتمتعون بأي حيثية سياسية او حتى مجتمعية\محلية. والقلة المؤهلة من المرشحات والمرشحين (من ضمنهن صديقة وصديق عزيزين يتشرف لبنان بوصولهما الى سدة البرلمان) لا تعدو سوى الاستثناء الذي يؤكد القاعدة.
- اما ذروة الفحش السياسي تكمن بخطة نحاس لما بعد الانتخابات. فتبريره لإقحام عشرات المرشحين\ات في لوائح شبه منفردة انه يريد انشاء “مجلس وطني بديل” وانه ذاهب الى المجتمع الدولي لنزع الشرعية من المجلس المنتخب والاعتراف بمجلس نحاس. وكأن المجتمع الدولي لا ينام الليل بانتظار ان يأتيه قزم سياسي مدعي وفوقي كشربل نحاس لأن يمنحه الشرعية.
- اذا افترضنا- و في افضل الأحوال- ان شربل نحاس ومرشحيه سوف يحصلون على 10% من مجموع من سيصوت في 15 أيار وان نسبة المشاركة كانت حوالي 30% (حوالي 1.3 مليون صوت) فنقطة ارتكاز نحاس لسحب الثقة الوطنية والدولية من المجلس القادم لن تتعدى 2% من الشعب اللبناني.
- يشبه نحاس الطالب الكسول الذي يبرر فشله المتكرر بأداء المعلم\ة. اذ انه لم يعترف يوما بأي خطأ ارتكبه منذ عشرات السنين رغم عدم نجاحه في أي مبادرة أو عمل سياسي قام به. شأنه شأن أي ديكتاتور وزعيم شعبوي, يتكلم بالمبادئ والعموميات ويصوب على اهداف خيالية أو وهمية رغم علمه (وان كان لا يعلم فالمصيبة أكبر) بعدم إمكانية الانجاز. يختمر بمن يصفق له من الساذجين\ات حواليه و يظن انه زعيم متناسيا ان اهم مزايا القيادة هي التواضع وقبول الرأي الأخر والخضوع للمساءلة.