“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
إستبعد قائد قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان اللواء ستيفانو دل كول وقوع حرب بين لبنان واسرائيل وسط نجاح آلية الارتباط الخاصة بـ “اليونيفيل” باتصالاتها بين الطرفين اللبناني والإسرائيلي من الحفاظ على وضع “شبه مستقر في الجنوب اللبناني” بحسب ما قال لموقع “مصدر دبلوماسي” في مقابلة وداعية أجراها في مقرّه في بيروت قبيل انتهاء مهامه في لبنان بعد ولاية استمرت 3 أعوام و7 اشهر. وسيخلف اللواء دل كول -وهو ايطالي الجنسية- اللواء الاسباني آرولدو لازارو ساينز الذي سيتسلم مهامه من دل كول رسميا في 28 الجاري في احتفال رسمي مقر قوات حفظة السلام في الناقورة.
وفي مقابلة شملت معظم العناوين المتفجرة بدا اللواء دل كول الآتي مباشرة من نيويورك حيث شارك في الاجتماع الاخير لمجلس الامن الدولي في ما يخص القرار 1701 متحدثا بكثير من الصراحة بعيدا من القيود التي تكبله كقائد لليونيفيل بعد أن شارف على المغادرة. وظهر دل دول في المقابلة شديد التأثر بمغادرة لبنان ووصفه بأنه “بلده الثاني”.
بالنسبة الى حادثة ارسال “حزب الله” مسيّرة حلقت في الاجواء الاسرائيلية يوم الجمعة الفائت وعادت سالمة وما اعقب ذلك من ردة فعل اسرائيلية تمثلت بتحليق الطيران الحربي الاسرائيلي فوق العاصمة اللبنانية بيروت، اعتبر اللواء دل كول الحدث خرقا وقال بأن “حادثا كهذا ليس جديدا، حتى لو أنه في جنوب لبنان حيث نعمل من جنوب الليطاني ولغاية الخط الأزرق تبقى العمليات محدودة جدا، لكن الخروق التي تحصل فوق الخط الازرق نعدّها خروقا. الأمر المهم هو أن آليات الارتباط التي نعمل عبرها تبقى حيوية في ظروف مماثلة من أجل القيام بالاتصال الفوري بين الافرقاء لتخفيض التصعيد والتوتر. نحن لدينا فريق ارتباط خاص يعمل على الجهتين من الخط الأزرق… قمت بالاتصالات بإسم منظمتي مع الجانبين الجيش الاسرائيلي والجيش اللبناني (…)”.ومن خلال تطبيقنا المهام التي يطلبها القرار فنحن قادرون لغاية الآن أن نخفض التوتر والابقاء على وضع شبه مستقر”. وكشف أن ابرز الخروق التي مرّت خلال ولايته كانت اكتشاف الانفاق في العام 2018 ووصف الامر بأنه “كان الخرق الأكثر جدّية”.
وعن الحديث عن تبديل قواعد الاشتباك قال دل كول لموقع “مصدر دبلوماسي”: “كل عام يوافق المجلس على هذا القرار الذي لا يتعلق بتجديد تفويض “اليونيفيل” فحسب، لكن المجلس يضيف ايضا بضعة بنود وخصوصا منذ العام 2017 وأيضا في العام 2018 وفي الاعوام الماضية ايضا”. وشرح اللواء دل كول:” لهذا السبب زادت اعداد الانشطة في الجنوب، والسبب مكتوب في القرار، إذا ينص انه يتوجب اعادة النظر في الطريقة التي يطلب فيها من البعثة ان تتعامل مع التفويض، وبالتالي علينا أن نبدّل القرارات الى مهام للمساعدة في تنفيذها من قبل البعثة”.
وأوضح عن حادثتي شقرا ورامية التي تعرضت فيهما الكتيبتين الفنلندية والغانية الى رمي حجارة من قبل الاهالي:”عندما عانينا من حوادث محدودة حيث كانت استحالة ان نقوم بتفويضنا تقنيا بالطريقة المناسبة، فإن الامر كان في مواجهة شخص واحد او مجموعة صغيرة من المواطنين، وإذا قاموا بارتكاب جريمة فعليهم ان يتحملوا مسؤولة الجريمة التي ارتكبوها. هذا يحدث في انحاء العالم، إذا دمّرت سيارة واحدة فأنت تتحمل مسؤولية ذلك إذا سرقت اغراض شخص ما فأنت عرضة للمساءلة، هذا ما تطلبه الامم المتحدة وما تطلبه “اليونيفيل” أن هؤلاء الاشخاص الذين يرتكبون جرائم عليهم ان يكونوا موضع مساءلة ولكن هذا لا يعني بأننا غير مسرورين من العمل مع كل البلديات”. وعن سبب المشاكل مع كتائب بلدان دون اخرى قال اللواء دل كول:”
دعيني أشير الى أن “اليونيفيل” هي بعثة متكاملة ومتراصة ولا يمكن التفريق بين دولة واخرى، كلهم حفظة سلام وهم سواسية. وبالتالي لم نواجه وجود مواطن ضد بلد بعينه، لأن ذلك يمكن ان يحصل مع كل كتائب البلدان الـ46، لكن ليس هذا المهم، إن المهم هو اننا نعتبر كل البلدان حفظة سلام بهذه الطريقة تعمل “اليونيفيل”. وتمنى أن “يزيد الجيش اللبناني عدد الانشطة التي نقوم بها سويا في منطقة عملياتنا”.
بالنسبة الى الحدود البحرية واستضافة “اليونيفيل” الاجتماعات في الناقورة قال اللواء دل كول بأن “اليونيفيل” تتحمل المسؤولية اللوجستية في ما يخصّ تنظيم عقد الاجتماعات وهي تأخذ حيّزا واسعا من النقاشات، والوسيط الاميركي من صلاحيته أن يقوم بالتعامل مع الاطراف من اجل التوصل الى اتفاق نهائي وهو يحظى بالدعم السياسي من “الأونسكول”، (مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة من اجل لبنان)، والدعم اللوجستي من “اليونيفيل”. آمل من أجل منفعة الطرفين أن يقوما بتوقيع اتفاق بأسرع وقت ممكن”.
وعن تلازم المسارين بين ترسيم الحدود البرية والبحرية قال:” إن التلازم تتركه اسرائيل للنقاش النهائي، إن الحدود البحرية هي تحت مظلة الولايات المتحدة والقانون الدولي، والخط الأزرق هو خط تقني بسبب انه دون أي تحيز او اتفاق آخر، أي اتفاق آخر يعني عملية سلام أي اتفاق سلام. وبالتالي في المستقبل فإن الحالة النهائية للحل هو عملية سلام، وهذا يعني تحويل الخط الأزرق (…) الى حدود حقيقية بين لبنان واسرائيل. من الجهة اللبنانية، هنالك ربط بين النقاشين ولكن بتسلسل، وهذا يعني ترسيم الحدود البحرية ثم لاحقا الخط الازرق. وما طلبته هو أن تتم إجراء الانشطة بالتوازي، اي أن تحصل النقاشات تحت مسؤولية الولايات المتحدة، والخط الأزرق تحت مسؤولية “اليونيفيل”، من اجل القيام بذلك بالتوازي وليس بشكل تسلسلي. وهذا أمر سنراه في المستقبل”. وأخيرا أعرب اللواء دل كول عن تمنّ خاص قائلا:” “اتمنى في المستقبل عندما اعود الى هنا كمدني، ألا اجد أي حفظة سلام في الجنوب، وان تختفي “اليونيفيل” من الجنوب، وبالتالي لا تعود هنالك من ضرورة لتثبيت بعثة حفظة سلام في الجنوب مع 10 آلاف و500 جندي لأنه لا تعود من حاجة لبعثة حفظ سلام، وتكون عملية السلام قد ذهبت قدما”.
في ما يأتي النص الكامل للمقابلة
*جنرال، أمس الجمعة أرسل “حزب الله” مسيّرة حلّقت فوق اسرائيل لـ40 دقيقة، أعقب ذلك تحليق للطيران الحربي الاسرائيلي فوق العاصمة اللبنانية، هل ترى أن الحرب قادمة؟
-تستند “اليونيفيل” في عملها الى القرار 1701 الذي تمّت الموافقة عليه في آب من العام 2006 بعد تلك الحرب، (حرب تمّوز 2006)، وأي عبور غير مصرّح به فوق الخط الازرق هو خرق للقرار 1701. إن حادثا كهذا ليس جديدا، حتى لو أنه في جنوب لبنان حيث نعمل من جنوب الليطاني ولغاية الخط الأزرق تبقى العمليات محدودة جدا، لكن الخروق التي تحصل فوق الخط الازرق نعدّها خروقا. الأمر المهم هو أن آليات الارتباط التي نعمل عبرها تبقى حيوية في ظروف مماثلة من أجل القيام بالاتصال الفوري بين الافرقاء لتخفيض التصعيد والتوتر. نحن لدينا فريق ارتباط خاص يعمل على الجهتين من الخط الأزرق… قمت بالاتصالات بإسم منظمتي مع الجانبين الجيش الاسرائيلي والجيش اللبناني. في حادثة مماثلة وأيضا في حوادث اطلاق نيران أخرى منها تلك التي وقعت في اشهر أيار وحزيران وآب من العام الفائت، نحن نقوم بالاتصالات الفورية بين الطرفين، لأنه يتوجب علينا تخفيض التصعيد الفوري للاوضاع، وهذا أمر في غاية الأهمية لأننا نوجه الرسائل ونركز على عملية تخفيض أي تصعيد في الاوضاع.
*هل ترى تصعيدا محتملا أم أنكم نجحتم في احتوائه؟
-منذ العام 2006 ولغاية اليوم يعيش جنوب لبنان هدوءا نسبيا، وبالتالي يجب توجيه الشكر الى “اليونيفيل” لأنها تمكنت من تثبيت هذا الوضع المستقر على الأقل، وهذا هو العمل الذي يجب ان تقوم به قوات حفظ السلام عبر خلق بيئة مفيدة لنقاش الاطراف السياسية والدبلوماسية، هذا ليس عملنا… بل إن عملنا ينصب على ابقاء الوضع مستقرا، وهذا الذي حصل منذ العام 2006.
*نعم جنرال، لكن هل ترى إمكانية وقوع حرب في جنوب لبنان في ضوء التوتر القائم في المنطقة؟
-إن الاوضاع في الشرق الأوسط طالما تأثرت بمجموعة من الظروف، ما يحصل في سوريا واسرائيل وفي كل انحاء الشرق الاوسط. المهم هو كيفية التعامل مع الاطراف، لأن أية اساءة تفسير كفيلة بزيادة التصعيد الموجود حتما، وبالنسبة إلينا ونحن من يتوجب علينا متابعة التفويض، علينا أيضا متابعة تطبيق القرار وهو واضح جدا في العام 2006، ومن خلال تطبيقنا المهام التي يطلبها القرار فنحن قادرون لغاية الآن أن نخفض التوتر والابقاء على وضع شبه مستقر.
* جنرال، سوف تغادر لبنان في غضون اسبوع، ما اكثر امر ستفتقد اليه في الجنوب ولبنان؟
-ليس هذا قدومي الاول الى لبنان، فقد كنت هنا في نهاية العام 2007، وعشت لـ7 اشهر في بلدة صغيرة اسمها “معركة”، ثم عدت الى هنا مجددا بين عامي 2014 و2015 وكنت قائدا للقطاع الشمالي الى أن تسلّمت مسؤولياتي كقائد للبعثة في العام 2018. وبعد 3 أعوام و7 أشهر سأغادر لبنان الذي اعتبره جزءا من بلدي، صحيح أنني اعيش بعيدا من بلدي، لكن العيش في لبنان كان هنيئا. هذا الأمر مثير للمشاعر، فقد عشت في لبنان في ظروف كانت حرجة اقتصاديا واجتماعيا، وان لدي الأمل بأن لبنان سيجد حلا في المستقبل القريب من اجل خير المواطنين لأنهم يحتاجون الى الاستقرار والى عيش حياتهم بطريقة آمنة ولائقة، وهذه مسؤولية السياسيين. نحن كحفظة سلام ينتمون الى 46 بلدا مختلفا مع 10 آلاف جندي وبحّارا يعملون في “اليونيفيل”، لا يجوز ان ننسى ايضا انه يوجد بيننا 900 من العاملين المدنيين معظمهم من اللبنانيين معظمهم من الجنوب ومن انحاء اخرى من لبنان، وبالتالي، حتى لو عملنا باستقلالية من الاطراف لكننا نعيش في لبنان، وشعوري أنني أترك جزءا من حياتي ولبنان هو بلدي الثاني.
* ما هي اصعب المطبات التي مررت بها في الاعوام الثلاثة الماضية لناحية الحفاظ على التفويض في القرار 1701؟ وهل وصلت الامور في بعض الحوادث الى خطر الانزلاق الشامل؟
-مرّ جنوب لبنان بحوادث مختلفة منذ العام 2006 لكن مع وجود “اليونيفيل” فإن الامور لم تتفاقم الى صراع. تعاملت في الاعوام الماضية (3 اعوام وسبعة اشهر) مع حوادث عدة
وخصوصا قضية الانفاق على سبيل المثال في العام 2018 وبقيت لغاية العام 2019، وكان حدثا جديا وخصوصا ان اخذنا في الاعتبار مصادفة اللحظة السياسية على الجهتين من الخط الازرق، ثم اطلاق مضادات للصواريخ وقذائف والخروق الاسرائيلية للاجواء اللبنانية. الخروق تحدث مرارا، وأكثرها جدية كان اكتشاف الانفاق في العام 2018. من خلال خبرتي، فإن الحدث الابرز الذي يبقى في ذهني يتمثل بانفجار مرفأ بيروت في العام 2020. ليس لأنه كانت لدينا سفينة جرح فيها اثنان من حفظة السلام، ولكن لأننا شاركنا كقوات “يونيفيل” في مساعدة القوات المسلحة اللبنانية في تنظيف مساحات المرفأ والطرق في الاشرفية ومبنى وزارة الخارجية (قصر بسترس)، وبالتالي نحن لمسنا هذا الدمار بأيدينا.
*أين كنت اثناء انفجار مرفأ بيروت؟ هل كنت في الناقورة؟
-في تلك اللحظات سرعان ما حرّكنا طوافة من الناقورة مباشرة الى المطار من اجل المساعدة في الوضع عبر امكاناتنا. توجهنا مع فريقنا مباشرة الى مرفأ بيروت، ولم يكن الأمر سهلا، وللأسف الشديد لقد قضى الكثير من الناس. وهذا أمر لا يصدّق.
*ثمة سؤال يطرح دوما هنا في لبنان، هل من تغيير في قواعد الاشتباك؟ ويقال أن الأمين العام للامم المتحدة السيد انطونيو غوتيرس ألمح الى ذلك في زيارته الاخيرة الى لبنان؟
-جاء الأمين العام جاء الى لبنان في زيارة استمرت 3 ايام في كانون الاول الماضي، وكانت لدينا الفرصة لاستقباله في الناقورة، وكانت الزيارة مهمة جدا لأنه ايضا مدح عمل حفظة السلام في الجنوب و”اليونيفيل” من اجل تثبيتها الاستقرار في منطقة العمليات الخاصة بها. لقد أشار الأمين العام الى الحوادث التي وقعت على طول الخط الازرق وقواعد مجلس الامن في التعامل مع الحوادث التي حصلت في الاعوام الفائتة. إن مجلس الامن الدولي يوافق على تجديد تفويض قوات “اليونيفيل” في نهاية آب من كل سنة، وبالتالي إن ما يحصل في مجلس الأمن هو نقاش سياسي بحت، وإن الاداة الرئيسية لمجلس الامن موجودة في القرار، وكل عام يوافق المجلس على هذا القرار الذي لا يتعلق بتجديد تفويض “اليونيفيل” فحسب، لكن المجلس يضيف ايضا بضعة بنود وخصوصا منذ العام 2017 وأيضا في العام 2018 وفي الاعوام الماضية ايضا. اعطي مثالا، في العام 2020 تمّ السماح لنا بالعمل للمرة الاولى كـ”يونيفيل” في خارج منطقة عملياتنا حيث كان لنا انتشار في مرفأ بيروت، وأيضا العام الماضي وفي فقرة محددة طلب منا مساعدة القوات المسلحة اللبنانية في الجنوب من خلال مواردنا (اتحدث عن التزويد بالمواد الغذائية والادوية والوقود) لمساعدة الجيش اللبناني للتعامل مع الازمة. في العام 2017 ايضا، طلب منا ان نكثّف حضورنا في الجنوب من اجل القيام بالمزيد من الانشطة، لهذا السبب زادت اعداد الانشطة في الجنوب، والسبب مكتوب في القرار، إذا ينص انه يتوجب اعادة النظر في الطريقة يطلب فيها من البعثة ان تتعامل مع التفويض، وبالتالي علينا أن نبدّل القرارات الى مهام للمساعدة في تنفيذها من قبل البعثة. لا شك بأن الاطراف سواء في اسرائيل او لبنان ينظرون الى القرار من وجهة نظر سياسية، لكن “اليونيفيل” تعمل بشكل مستقل من الاطراف وبطريقة شفافة، وبالتالي إن مسؤوليتنا الوحيدة تنصبّ فقط على تطبيق ما هو مكتوب في القرار وان توافق الاطراف على هذا القرار، ولغاية الآن نحن عملنا بشكل وثيق مع الاطراف والدليل ان الوضع بقي مستقرا.
*تعني بأن الطرفين لا يريدان تبديل قواعد الاشتباك؟
-لقد قلت إنها مسؤولية بحتة لمجلس الامن الدولي على المستوى السياسي والنقاشات السياسة التي تحصل، لا يمكننا أن نتدخل في هذه النقاشات. إن الأمر متروك لهم للنظر بم تقوم به بعثات حفظ السلام في العالم ولا اتحدث عن “اليونيفيل” فحسب، هم يقررون ما يمكن لهذه البعثات ان تقوم به وما لا يمكنها. وعلينا ايضا التذكر بأن هذا القرار جاء بناء على طلب لبنان، سواء الـ1701 وهو الاول، ثم عاد لبنان وطلب وجود قوات بحرية في العام 2006 من اجل المساعدة في مراقبة المياه الاقليمية اللبنانية، وسنويا يطلب لبنان في نهاية شهر آب من مجلس الامن الدولي اعادة التجديد لـ”اليونيفيل”.
*لقد كنت في نيويورك أخيرا، ما هي الانطباعات التي كوّنتها عن التفويض بحسب القرار 1701 ودور “اليونيفيل”؟
-دعيني اقول بان مجلس الامن الدولي يمدح ايضا دور “اليونيفيل”، لأنها بعثة حفظ سلام قادرة بتعاون الاطراف على تطبيق التفويض بطريقة مناسبة. انا كنت حاضرا في النقاشات المخصصة للاحاديث التقنية وهي مغلقة وتنعقد كل 4 اشهر حيث يتلقى مجلس الامن الدولي تقاريرنا من الأمين العام للأمم المتحدة حول تطبيق القرار 1701، وانا كنت حاضرا في الاجتماع الاخير، وكان جميع أعضاء الدول سعداء ويشكرون “اليونيفيل” على العمل الذي تقوم به.
* منذ قيام “اليونيفيل” المعززة حصل استقرار في الجنوب، لكن ثمة عناوين لا تزال تطرح وكأنه لا يوجد حل لها: ترسيم الخط الازرق، حرية حركة قوات الطوارئ الدولية، خطف الرعيان، الخروق الاسرائيلية، العلاقة الملتبسة بين “اليونيفيل” والاهالي، جمعية اخضر بلا حدود…لماذا؟
-إن تطبيق التفويض ليس سهلا في بعض الاحيان لاننا نحتاج الى تعاون الاطراف، وخصوصا عندما نقود استقصاءاتنا وهي ملزمة لنا وخصوصا عند وقوع حوادث واين وقعت (…) لذلك نحن نطلب فورا ودوما تعاون الاطراف من اجل ان تسمح لنا بالعمل وفهم ما حصل بالضبط وكيف يمكن التعامل مع حادث مماثل. وكما أشرت، منذ العام 2006 ولغاية اليوم حصلت حوادث محدودة عبر الخط الازرق او في داخل منطقة العمليات. في ما يخص “اليونيفيل”، نحن نعمل بشكل وثيق مع كل البلديات وهنالك اكثر من 140 بلدية في بقعة عملياتنا ونحن على علاقة متينة مع كل البلديات والمخاتير والقائمقامين، ونعمل مع مواطني جنوب لبنان بطرق مختلفة، لأنه لدينا العديد من المشاريع التنموية، لذا نستخدم موارد من الامم المتحدة من اجل القيام بمشاريع مع البلديات، وبالتالي فإن “اليونيفيل” تعمل بطريقة ثنائية مع الدول المتعاونة ومع مركز التعاون العسكري والمدني “سيميك” والبلديات، من دون اي تفريق بين بلدية واخرى. وعندما عانينا من حوادث محدودة حيث كانت استحالة ان نقوم بتفويضنا تقنيا بالطريقة المناسبة، فإن الامر كان في مواجهة شخص واحد او مجموعة صغيرة من المواطنين، وإذا قاموا بارتكاب جريمة فعليهم ان يتحملوا مسؤولة الجريمة التي ارتكبوها. هذا يحدث في انحاء العالم، إذا دمّرت سيارة واحدة فأنت تتحمل مسؤولية ذلك إذا سرقت اغراض شخص ما فأنت عرضة للمساءلة، هذا ما تطلبه الامم المتحدة وما تطلبه “اليونيفيل” أن هؤلاء الاشخاص الذين يرتكبون جرائم عليهم ان يكونوا موضع مساءلة ولكن هذا لا يعني بأننا غير مسرورين من العمل مع كل البلديات.
*لكن لم تحصل معظم الحوادث مع بلدان معينة، وليست كل الكتائب لديها مشاكل؟
-دعيني أشير الى أن “اليونيفيل” هي بعثة متكاملة ومتراصة ولا يمكن التفريق بين دولة واخرى، كلهم حفظة سلام وهم سواسية. وبالتالي لم نواجه وجود مواطن ضد بلد بعينه، لأن ذلك يمكن ان يحصل مع كل كتائب البلدان الـ46، لكن ليس هذا المهم، إن المهم هو اننا نعتبر كل البلدان حفظة سلام بهذه الطريقة تعمل “اليونيفيل”.
* ماذا عن التحقيقات في حادثتي شقرا ورامية ورمي الحجارة من بعض الاهالي على الكتيبة الفنلندية ثم الغانية؟ ما الذي حصل؟ وهل لذلك علاقة بما وجهه السيد غوتيرس من رسائل حول الجنوب؟
-إن حوادث مماثلة ليست بجديدة…
*وماذا عن تنسيقكم مع الجيش اللبناني؟
-ليست هذه الحوادث بجديدة فقد عانينا كـ”يونيفيل” من حوادث محدودة منذ العام 1978 ومرورا بالعام 2006. إن المهم أن من يرتبكون جرائم مماثلة عليهم أن يكونوا عرضة للمساءلة، لذا نحن نطلب من حكومة لبنان أن تحقق بطريقة مناسبة (…) وأن تحاكم من قام بالجريمة. وبالتالي لا يتعلق الامر برعيان أو بقرويين او بمواطنين او بحفظة سلام انها فقط جرائم، والناس الذين يرتكبونها عليهم ان يكونوا عرضة للمساءلة. وبالتالي أشار ايضا الامين العام عندما كان هنا أنه ليس مقبولا البتّة أن يعاني حفظة السلام من حوادث مماثلة، كذلك فإن مجلس الامن الدولي بقرارين اثنين طلب بأن يتمكن حفظة السلام في “اليونيفيل” عليهم ان يكونوا قادرين على تنفيذ تفويضهم. أولا لأننا موجودون هنا بناء على طلب حكومة لبنان، وثانيا لأن مجلس الامن الدولي هو من وافق على هذه البعثة ونحن موجودون هنا من اجل لبنان.
*هل كان الجيش اللبناني موجودا في هاتين الحادثتين؟
–إننا نصف الجيش اللبناني كشريكنا الاستراتيجي، ونحن تعاون بشكل رائع مع الجيش اللبناني، نحن نعمل يوميا معهم، نحن ندربهم ونحن جزء من الحوار الاستراتيجي الذي يزيد من قدرات الجيش ككل، وبناء على طلب مجلس الامن الدولي فإننا نساعد الجيش في الجنوب في بعض الاحتياجات الاساسية، ونحن نخلق بيئة تفضي الى المزيد من الاستقرار في الجنوب. وبالتالي فإن الجيش اللبناني هو جزء من المجتمع اللبناني، في وسط الازمة السياسية والاقتصادية، (…) ونحن نأمل أن يزيد الجيش اللبناني عدد الانشطة التي نقوم بها سويا في منطقة عملياتنا.
*تستضيف الامم المتحدة اجتماعات ترسيم الحدود البحرية، اعلم انك ستقول لي ان “اليونيفيل” تستضيف تلك الاجتماعات فحسب، لكن أليس من انطباع معين حول دور ممكن ان تلعبه “اليونيفيل” في ترسيم الخط البحري ايضا؟ وماذا عن زيارة الوسيط الاميركي السيد هوكستين الاخيرة؟ هل يمكن ان تكون المفاوضات غير المباشرة المقبلة برعاية الامم المتحدة فقط؟
-من المعلوم أنه بالنسبة للحدود البحرية فإن اليونيفيل تتحمل المسؤولية اللوجستية في ما يخصّ تنظيم عقد الاجتماعات وهي تأخذ حيّزا واسعا من النقاشات، والوسيط الاميركي من صلاحيته أن يقوم بالتعامل مع الاطراف من اجل التوصل الى اتفاق نهائي وهو يحظى بالدعم السياسي من “الأونسكول”، (مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة من اجل لبنان)، والدعم اللوجستي من “اليونيفيل”. آمل من أجل منفعة الطرفين أن يقوما بتوقيع اتفاق بأسرع وقت ممكن.
*هل من الممكن أن تحصل مفاوضات غير مباشرة برعاية الامم المتحدة فحسب مثلا؟
-إذا حصلت الاجتماعات عندنا نعم فنحن نستضيف المفاوضات…
*أعني دون وجود الوسط الاميركي..
-إن الوسيط الاميركي هو من يتعاطى مع الاطراف.
*وهو سيبقى وسيطا؟
-إن الولايات المتحدة هي الوسيط المفاوض وليست اليونيفيل ولا الامم المتحدة.
*هل سيكون تلازم بين ترسيم الحدود البرية والبحرية؟
-الأمر مختلف في ما يخص الخط الأزرق، لأن الخط الأزرق ليس حدودا، إنه خطّ تقني رسمته الامم المتحدة في العام 2000 عندما قرر الاسرائيليون الانسحاب من جنوب لبنان (…).
*كم هو عدد النقاط التي لم ترسّم بعد عند الخط الأزرق؟
-كما سبق وقلت فقد رسّمت الامم المتحدة الخط الازرق في العام 2000 بالتعاون مع الاطراف وهذه نقطة لا يجب نسيانها، فقد كنّا فريقا. أخذنا في الاعتبار منطقتين: الحدود بين لبنان واسرائيل استنادا الى كل الخطوط الموقع عليها في العام 1948 والآخر في العام 1923 والحدود بين لبنان وسوريا ايضا أي الجولان المحتل الآن. بعد حرب العام 2006 بدأت اليونيفيل بالتعاون مع الاطراف بترسيم الخط الازرق، وقد طلب لبنان في هذا الخصوص أنه يجب نقاش 13 منطقة لأن بعض الاراضي الموجودة تقنيا في جنوب الخط الازرق أي في الجانب الاسرائيلي يطالب بها لبنان كأراض لبنانية. وعندما تسلمت مسؤولية البعثة طلبت من الافرقاء أن يتعاطوا مع هذا النقاش وأن يسمحوا لي أن أتعاطى مع الافرقاء وإيجاد حلّ (…). إن سلفي في العام 2017 فعل ذلك، وفي العام 2018 تمّ تعليق النقاش غير الرسمي، وآمل أن يتم استئناف هذا النقاش مجددا كما يطلب مجلس الامن الدولي.
*نعم، ماذا تلازم المسارين بين ترسيم الحدود البرية والبحرية؟
– إن التلازم تتركه اسرائيل للنقاش النهائي، إن الحدود البحرية هي تحت مظلة الولايات المتحدة والقانون الدولي، والخط الأزرق هو خط تقني بسبب انه دون أي تحيز او اتفاق آخر، أي اتفاق آخر يعني عملية سلام أي اتفاق سلام. وبالتالي في المستقبل فإن الحالة النهائية للحل هو عملية سلام، وهذا يعني تحويل الخط الأزرق (…) الى حدود حقيقية بين لبنان واسرائيل. من الجهة اللبنانية، هنالك ربط بين النقاشين ولكن بتسلسل، وهذا يعني ترسيم الحدود البحرية ثم لاحقا الخط الازرق. وما طلبته هو أن تتم إجراء الانشطة بالتوازي، اي أن تحصل النقاشات تحت مسؤولية الولايات المتحدة، والخط الأزرق تحت مسؤولية “اليونيفيل”، من اجل القيام بذلك بالتوازي وليس بشكل تسلسلي. وهذا أمر سنراه في المستقبل.
* ماذا عن اليونيفيل البحرية ودورها؟ والكتيبة النموذجية مع الجيش؟ مسألة بناء ابراج كتب عنها مرة في الصحافة اللبنانية تعوض النقص في عديد اليونيفيل؟
-إن فرق العمل البحرية في لبنان تقودها حاليا 5 بلدان مختلفة تحت قيادة المانيا، تقع علينا مسؤولية مناداة السفن ونحن لا يمكننا أن نفتش السفينة بشكل مباشر، السفن التجارية التي تدخل المرافئ اللبنانية، فقط السلطات اللبنانية لديها هذه المسؤولية، وهي تحتفظ بها. وبالتالي، نحن نعمل بشكل وثيق مع بحرية الجيش اللبناني، وهذا يعني أن قواتنا البحرية تدرّب بحرية الجيش، ونحن نقوم بدوريات في تعاون وثيق مع البحرية اللبنانية. ولكن نحن ننادي على سفينة تجارية وأي قبول لدخولها أو لتفتيشها يبقى من مسؤولية السلطات اللبنانية.
*سؤالي الاخير، قلت أنك لا ترى أي خطر لنشوب حرب في جنوب لبنان؟ هل هذا صحيح؟
–آمل ذلك.
*ماذا عن حرب أهلية في لبنان؟ هل من مخاوف من اندلاع حرب داخلية في لبنان؟
-أعتقد أن حرب العام 1975 هي بعيدة جدا من هنا، إذا أراد لبنان أن يحدث تقدّما في المستقبل، عليه أن يتذكر الماضي وما حدث في حرب 1975، وهذا ينبغي ان يبقى الماضي وليس المستقبل. تمنياتي، ان يفكر لبنان في المستقبل وليس بالماضي، وان يتقدم في داخل لبنان في ما يتعلق بالنقاشات السياسية وهو أمر لا يقع في نطاق صلاحياتي، ومع الاطراف ومنهم اسرائيل هذه تمنياتي لكنه امر منصوص عنه في القرار. واتمنى في المستقبل عندما اعود الى هنا كمدني، ألا اجد أي حفظة سلام في الجنوب، وان تختفي “اليونيفيل” من الجنوب، وبالتالي لا تعود هنالك من ضرورة لتثبيت بعثة حفظة سلام في الجنوب مع 10 آلاف و500 جندي لأنه لا تعود من حاجة لبعثة حفظ سلام، وتكون عملية السلام قد ذهبت قدما.