“مصدر دبلوماسي”-خاص
إفتتح “متحف نابو” في منطقة الهري (في جوار شكّا) معرضين اثنين الاول عن “مشهد الفن التشكيلي في لبنان بين عامي 1920 و1948” ويتضمن لوحات تشكيلية من مجموعات خاصة يعرض بعضها للمرة الاولى، ويعرّف بالظواهر الفنية التي عرفتها بيروت منذ مرحلة الانتداب الفرنسي الى الاستقلال. والمعرض الثاني هو صور فوتوغرافية عن “البترون الصورة والذاكرة”، ويتضمن صورا من ارشيف شخصيات تخلد تاريخ وعادات وتقاليد البترون وقد التقطها مصورو القرى وكانت غير معدة للاستهلاك. يستمر المعرضان من 5 شباط ولغاية 12 حزيران 2022. حضرت حفل الافتتاح نخبة من الفنانين التشكيليين وشخصيات دبلوماسية وسياسية واجتماعية وعسكرية، ووقعت الدكتورة مهى عزيزة سلطان كتابها الصادر حديثا عن “الفن في لبنان من الانتداب الفرنسي الى الاستقلال- 1920-1943”. في هذا السياق يشرح مؤسس متحف “نابو” جواد عدرا لموقع “مصدر دبلوماسي“:” بأن “أهمية معرض “مشهد الفن التشكيلي” تكمن في أنه يظهّر الوقائع التاريخية سواء دخول الجنرال غورو الى المنطقة كمحتل في دمشق أو ما اعقب ذلك من اعلان دولة “لبنان الكبير” في بيروت، واستشهاد يوسف العظمة، ولكن كان يوجد في الوقت نفسه شيء من الايجابيات التي انعكست لاحقا على الفن التشكيلي، وهذا ما يظهره كتاب الدكتورة مهى سلطان التي توقع كتابها القيّم عن هذه الحقبة التاريخية بالذات، ونحن دورنا هو رواية التاريخ عبر الفن”.
من جهته، قال الفنان التشكيلي والناقد فيصل سلطان لموقعنا بأن هذا المعرض كان يجب أن ينظّم منذ 3 أعوام بمناسبة مرور ذكرى مئة عام على اعلان دولة “لبنان الكبير” في العام 1920، لكن الانتفاضة التي حصلت في العام 2019 أرجأت تنظيمه، وكذلك انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020″.
يشرح سلطان بأن المعرض “يرصد أثر الانتداب الفرنسي”. ويقول:” في تلك المرحلة بدأت الصالونات الفنية، وكان الصالون الاول في العام 1921 في منطقة المعرض في بيروت، وصولا الى العام 1948 عقب اعلان استقلال لبنان (1943) وتأسيس متحف الاونيسكو. في هذه المرحلة تكاثرت الصالونات الفنية في بيروت وخصوصا بين عامي 1921 و1939. في العام 1939 كان معرض دولي ضخم في نيويورك شارك فيه فنانون تشكيليون لبنانيون، وفي هذه المرحلة ظهرت مجموعة من الفنانين اللبنانيين المهمين.في العشرينيات بر جيل الرواد مثل داود القرم وخليل الصليبي، ثم جاء الجيل الانطباعي الذي كان له أثر من مدرستي باريس وروما…وبالتالي يرصد المعرض الاتجاهات التي ظهرت في بيروت في تلك الحقبة”.
تحف فنية تعرض للمرة الاولى في لبنان
في هذا المعرض لوحات مهمة جدا لوحة للفنان لاليزيار منها دخول الجنرال غورو الى دمشق وهي جدارية كبرى تعرض للمرة الاولى في لبنان، ولوحة “أرز لبنان” وهي من مجموعة الشيخ حسن آل سعيد في قطر وتمثّل الارزة، وهي عرضت في المعرض الدولي في نيويورك الذي نظمه شارل قرم، وكان لبنان يشارك فيه للمرة الاولى وذلك في العام 1939 ، وهي بريشة فيليب موراني وهو كان رسام السلطة اللبنانية في مرحلة الانتداب الذي عمل الطوابع والملصقات ومنها ملصق عن السياحة موجود في المعرض. وثمة لوحات من الفن التشكيلي الكلاسيكي لداود القرم حبيب سرور وفيليب موراني وفيها مظاهر استشراقية. ويعتبر فيليب موراني من اهم الفنانين اللبنانيين في باريس. لوحة السيدة الفرنسية “مدام بازورو” في العام 1924 وهي كانت تسكن في الاشرفية وهي من اجمل لوحات مرواني.
ومن اللوحات المميزة لوحات للفنان الذي بشّر بالإنطباعية خليل الصليبي، وهو قتل في بيروت في العام 1932. وبحسب ما يروي الرسام والناقد فيصل سلطان فقد كان الصليبي يمتلك قطعة ارض تحوي نبع مياه، فقطعها عن الفلاحين الذين تآمروا عليه وذبحوه هو وزوجته الاميركية كاري في العام 1928. واثناء محاكمة المتهمين، ولكي يبرر القتلة انفسهم قالوا انهم وجدوا في منزله في بيروت لوحة عري لزوجته الاميركية، واتهم بالتهتك. على أثر ذلك، حفلت معارض بيروت منذ العام 1931 بلوحات العري، إذ قرّر الفنانون اللبنانيون التركيز على اللوحات التي تمثل العري انتقاما لخليل الصليبي. وهذا مهّد لاحقا للعودة الى الموديلات واهمهن مريم التي برزت اثناء تأسيس الاكاديمية اللبنانية في العام 1944 والتي اسسها قيصر الجميل وألكسي بطرس.