مقالات مختارة
مجلة الأمن العام
مارلين خليفة
نشأت في الاعوام الاخيرة نزاعات في وزارة الخارجية والمغتربين بين الامين العام هاني شميطلي وعدد من السفراء في الادارة المركزية او في البعثات الخارجية، على خلفية الصلاحيات المنوطة بالامين العام للوزارة. بعيدا من الاراء الشخصية والاجتهادات التي اتسم بها السجال، ما هي الصلاحيات الحقيقية للامين العام؟ ومن يفصل في الخلافات بين كبار الدبلوماسيين؟
يحتم الدور المنوط بوزارة الخارجية والمغتربين في المرحلة المقبلة لجهة التواصل مع الدول والتكتلات الاقتصادية والمنظمات الدولية، ممارسة دورها كاملا بروح من التعاون الداخلي. فالوزارة بصلاحياتها ودبلوماسييها وبعثاتها منوط بها تعبيد الطريق السياسية للحكومة بين الدول وهي التي تنفذ برامج الحكومة بشقها الخارجي، مما يرتب على الدبلوماسيين فيها مسؤوليات جسيمة.
يؤثر النزاع على صلاحيات الامين العام لوزارة الخارجية على عمل الادارة، فالامين العام هو الرقم 2 بعد الوزير والاول في الهرم الاداري. احدى القطب المخفية في السجالات التي نشأت، وجود اعراف سادت لاعوام طويلة في العمل الاداري قد لا تتوافق مع مَن يريد تطبيق القانون بحذافيره. صحيح ان المرسوم 59/111 منح الامين العام صلاحيات واسعة، لكن للوزارة خصوصية كون السفراء فيها جميعهم من الفئة الاولى.
نشأت الاشكالية بين مَن يريد انشاء امانة عامة في الوزارة وبين مَن يقول ان ليس للامين العام ان ينشئ امانة مماثلة. الواقع ان ليس من بند محدد في نظام وزارة الخارجية ينص على وجود امانة عامة، بل تنص المادة 4 المعدلة وفقا للمرسوم 2220 تاريخ 18/8/1979 والقانون 13 تاريخ 17/5/1980 على الاتي:
“يمارس صلاحيات المدير العام للوزارة ويشرف على الادارة المركزية والبعثات امين عام يجري تعيينه من بين موظفي السلك الخارجي من الفئة الاولى او السفراء خارج الملاك. يتولى مدير الشؤون السياسية مهام الامين العام في حال غيابه بصفة امين عام بالوكالة”.
لكن موضوع تحديد الصلاحيات اصبح مسألة خلافية بين صلاحيات الامين العام والوزير والمدراء الباقين، وهم ايضا سفراء من الفئة الاولى وخصوصا في الادارة المركزية التي تحوي المديريات الاتية:
- مديرية الشؤون السياحية والقنصلية.
2- مديرية الشؤون الاقتصادية.
3- مديرية المغتربين.
4- مديرية المراسم.
5- مديرية المنظمات الدولية والمؤتمرات والعلاقات الثقافية.
6- مديرية الشؤون الادارية والمالية.
7- مركز الاستشارات القانونية والابحاث والتوثيق.
8- التفتيش.
9- الرموز.
10- امانة المحفوظات.
11- الديوان.
12- دائرة الصحافة.
في العامين الاخيرين، شل موضوع التنازع على الصلاحيات عمل الوزارة بشكل شبه كامل، وبقي الخلاف مستورا الى حين انفجاره اعلاميا مع انتهاء ولاية الوزيرة بالوكالة زينة عكر.
وكان وزير الخارجية والمغتربين السابق شربل وهبه قد ارسل الى هيئة التشريع والاستشارات المؤلفة من قضاة والتي تعتبر المستشار القانوني للدولة، سؤالا في هذا الخصوص فردت وقالت انه لا يوجد كيان اداري اسمه امانة عامة بمعنى مديرية قائمة ومستقلة في ذاتها، لأن المديريات برمتها هي تحت صلاحيات الامين العام، فلم تكون له مديرية مستقلة له وحده؟
كذلك ارسل الوزير وهبه طلب استشارة الى مجلس الخدمة المدنية، ليقف على رأيه وليس من رد بعد لغاية كتابة هذه السطور.
تستند الاراء المروجة لامانة عامة الى المرسوم 2220 الصادر في 18 آب 1979، انشئ بموجب هذا المرسوم مركز الاستشارات القانونية وامانة للمحفوظات. ويجب التنبه الى انه بعد التمحيص في نظام الوزارة للعام 1971، برزت الحاجة الى مديرية قانونية في الوزارة، فصدر هذا المرسوم، وعدل بنظام الوزارة وانشأ مركزا للاستشارات القانونية، وامانة المحفوظات. تشير المادة 9 من نظام الوزارة، (المرسوم الرقم 1306)، الى انه تنشأ في الادارة المركزية ويلحق بالامانة العامة مركز للاستشارات القانونية والابحاث والتوثيق، وامانة للمحفوظات (اي الارشيف) ويستند البعض الى كلمة الامانة العامة الواردة.
تنص المادة 9 على الاتي وهي معدلة وفقا للمرسوم 2220 تاريخ 18/8/1979 والقانون 13 تاريخ 17/5/1980:
“تنشأ في الادارة المركزية ويلحق بالامانة العامة مركز للاستشارات القانونية والابحاث والتوثيق وامانة للمحفوظات ويحدد نظام كل منهما وملاكه وصلاحياته وشروط الانتساب اليه والعمل فيه بمرسوم يصدر في مجلس الوزراء خلال مهلة سنة من تاريخ العمل بهذا القانون، على ان تراعى فيه الاحكام التالية:
1- ان الغرض من انشاء المركز تزويد وزارة الخارجية والمغتربين ما تحتاج اليه من استشارات قانونية ودراسات ووثائق ومعلومات حول علاقة لبنان السياسية والاقتصادية والثقافية بالدول الاجنبية والمنظمات الدولية الاقليمية”.
ماذا يؤثر وجود هذا الغموض في صلاحيات الامين العام؟
تقول اوساط ديبلوماسية عليمة بالملف بأن “لبنان يحتاج الى نهضة تشريعية تتمثل بتحديث التشريعات والانظمة. فنحن منذ العام 1959 اي منذ عهد الرئيس فؤاد شهاب، لم نقم بعمل جدي في الادارات العامة. لذا لا تزال قوانيننا قديمة العهد، علما بأن القوانين والانظمة الادارية لا تدخل في التفاصيل عادة، بل تضع اطرا للعمل مع ضرورة اعتماد مفهوم التعاون واخلاقيات التعاطي بمهنية مطلقة مما يفرض القبول باراء نشأت وممارسات عبر مدى زمني طويل صارت اعراف موجودة حكما”.
هل يؤثر هذا السجال القائم على التشكيلات والمناقلات وعمل البعثات؟
تشير الاوساط الديبلوماسية الضليعة بالملف الى انه “حين يأتي مطلق رئيس قسم او دائرة او مدير ويحصر المواضيع بشخصه فحسب وتتراكم عنده المهام، او يضع معاملات في الادراج، ينشأ ارباك لدى المديريات التي تتمتع بحد ادنى من الاستقلالية وتتطلب نوعا من تفويض بعض الصلاحيات، ولا يمكن للمدراء وهم سفراء اي فئة اولى مواكبة البعثات والقضايا السياسية والاقتصادية المستجدة والتقارير الملزم ان يتابعها لبنان، اذا كانت توجد مركزية صارخة لذا يجب التركيز على روح التعاون”.
عندما يقع خلاف بين الامين العام لوزارة الخارجية وبعض الزملاء هل يمكن للوزير الفصل؟
تشير الاوساط الى انه بطبيعة الحال “يمكن للوزير الفصل، حتى لو كان الوزير من خارج الملاك، فيمكنه بسرعة التعرف الى نظام وزارة الخارجية لانه ليس معقدا بمعنى ان وزيرا من خارج الملاك الديبلوماسي لن يشعر بالارتباك. اللجنة الادارية مثلا التي تضم الامين العام ومدير الشؤون السياسية ومدير الشؤون الادارية، من المفترض ان تجتمع وان تتباحث في مواضيع التشكيلات الى مواضيع جمة، منها على سبيل المثال لا الحصر تعديل بدلات الاغتراب وبدلات التمثيل واذونات الزواج، هنالك نوع من الديموقراطية في عمل الوزارة، او نوع من روح الفريق، لانها وزارة ضخمة تتابع عددا كبيرا من المسائل ومن البعثات، وبالتالي يتعذر على شخص واحد ان يقوم بها لوحده”.
تشير الاوساط الديبلوماسية الى انه “من المفترض بالوزير حين لا تجتمع اللجنة الادارية على مدى عامين ونصف عام، وهي المخولة ضمان حسن سير الادارة وذلك لخلافات شخصية بين اعضائها، ان يوجه اليها الوزير بحسب القوانين كتبا خطية يأمرها بالاجتماع. واذا لم تنصع يكون له الحق في محاسبة اعضائها مسلكيا”.
في حال لم يتدخل الوزير وكان الامين العام على خلاف مع الدبلوماسيين، فمن هي الجهة المخولة الفصل بين الطرفين؟
تقول الاوساط: “القضاء الاداري اي مجلس شورى الدولة، وتوجد دعاوى عدة في مجلس شورى الدولة في هذا الخصوص”.