“مصدر دبلوماسي”:
لا تزال تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي حول حرب اليمن تثير ردود فعل متضاربة في لبنان، وشاجبة خليجيا حيث اعتبر أن “السعودية والإمارات يعتديان على الشعب اليمني”، وأن الحوثيين يمارسون “الدفاع عن النفس“.
وقال قرداحي في تصريحات مسجلة لبرنامج “برلمان شعب” الذي يبث على قناة “الجزيرة” في معرض رده على سؤال حول موقفه مما يحدث في اليمن: “شعب يدافع عن نفسه، هل يعتدون على أحد؟.. في نظري هذه الحرب اليمنية عبثية يجب أن تتوقف”.
ثم اعترضه مقدم البرنامج، قائلا: “الحوثيون يطلقون الطائرات المفخخة المسيرة باتجاه الأراضي السعودية”، فرد قرداحي: “ونرى الأضرار التي تلحق بهم في بيوتهم وجنازاتهم وأفراحهم، وأنهم يقصفون بالطائرات.. حان الوقت لهذه الحرب أن تتوقف لأنها عبثية”.
واعتبر قرداحي أن “الحوثيين يدافعون عن أنفسهم في وجه اعتداء خارجي”، ليوجه له أحد الحضور سؤالا: “هل تعتبر أن الإمارات والسعودية تعتديان على اليمن؟”، ليرد: “أكيد فيه اعتداء، ليس لأنهم السعودية أو الإمارات ولكن لأن هناك اعتداء منذ 8 سنوات مستمرا، وما لا تستطيع تنفيذه في عامين أو ثلاثة لن تستطيع تنفيذه في 8 سنوات”.
كلام قرداحي أثار غضبا سعوديا واسعا عبّر عنه بوضوح سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري الذي أعاد تغريد عدد من التغريدات الشاجبة لكلام قرداحي والداعية الى استقالته، فضلا عن موجة غضب عارمة من قبل مغردين لبنانيين وخليجيين.
من جهته، أكد وزير الاعلام جورج قرداحي خلال مشاركته في اجتماع المجلس الوطني للاعلام اليوم الاربعاء انه “لا يجوز أن يكون هناك من يملي علينا ما يجب القيام به من بقاء وزير في الحكومة أو عدمه”. وقال: “عندما يطالبني أحد الوزراء بالاستقالة أقول انني جزء من حكومة متكاملة ولا يمكنني اتخاذ قرار وحدي على الرغم من انني لست طامحا وراء المناصب واضع مصلحة لبنان فوق كل المصالح”.
وقال: “مستغرب أن المدافعين عن حرية التعبير والإعلام هم أول من بدأوا بالهجوم علي، ومنذ تعييني وزيرا حاولوا تصويري وكأني جئت لقمع الإعلام”.
وأعلن ان “الحلقة التي أثارت الجدل أخيرا تم تصويرها في الخامس من آب أي قبل تعييني وزيرا بأسابيع”، مشيرا الى ان “مواقفي في تلك الحلقة تجاه سوريا وفلسطين والخليج العربي هي آراء شخصية ولا تلزم الحكومة، وبما أنني وزير في الحكومة أنا ألتزم سياستها”.
وقال: “أنا ضد الحروب العربية – العربية وما قلته عن اليمن هو بمثابة صداقة مع هذه الدول، واتهامي بمعاداة السعودية أمر مرفوض، اختلفت سابقا بالرأي معهم وخسرت عملي في MBC، لكنني لست ناكرا للجميل”.
من جهته، اعلن رئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ، ان “ما تعرض له الوزير قرداحي من نقد هو كلام في غير مكانه”، مشيرا الى ان “قرداحي شارك في صياغة البيان الوزاري الذي تطرق إلى بناء علاقات جيدة مع الدول العربية وهو ملتزمه، والمقابلة التي أجريت معه سبقت توليه لمنصبه، ولبنان يحترم الحرية”.
السفارة اليمنية
ووزعت السفارة اليمنية في بيروت بيانا صادرا عن وزارة الخارجية اليمنية جاء فيه:
“تابعت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين باستنكار بالغ واستهجان شديد، التصريحات الاعلامية الصادرة عن وزير الاعلام اللبناني، في أحد البرامج التلفزيونية، والتي تعد خروجا عن الموقف اللبناني الواضح التي عبرت عنه الحكومات اللبنانية المتعاقبة، عبر إدانتها للانقلاب الحوثي على الشرعية الدستورية، ودعمها لكافة قرارات الجامعة العربية وللقرارات الاممية ذات الصلة”.
وأعربت الوزارة عن “استغرابها الشديد من هذه التصريحات التي تسيء للعلاقات اليمنية اللبنانية، وتتناسى جرائم الميليشيات الحوثية ضد الشعب اليمني، وانقلابها على الحكومة الشرعية، ومحاولتها الاستيلاء على السلطة بالقوة المسلحة واستمرار رفضها لكل دعوات السلام، في تحد واضح للقرارات الاممية كافة، داعية الحكومة اللبنانية الى توضيح موقفها من هذه التصريحات التي لا تخدم العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين”.
وزارة الخارجية والمغتربين في لبنان
صدر عن وزارة الخارجية والمغتربين في لبنان البيان الآتي:
” صدر كلام شخصي سابقا” عن وزير الاعلام اللبناني جورج قرداحي قبل تعيينه وزيرا ونشر بالامس وهو لا يعكس موقف الحكومة اللبنانية الذي عبر عنه رئيسها في البيان الصادر بالأمس، ولا بيانها الوزاري الذي يتمسك بروابط الأخوة مع الأشقاء العرب.
كما وكانت وزارة الخارجية اللبنانية قد ادانت مراراً وتكراراً الهجمات الارهابية التي استهدفت المملكة العربية السعودية وهي لازالت عند موقفها في المدافعة عن أمن وسلامة اشقائها الخليجيين التي تكن لهم كل محبة واحترام وتقدير وتنأى عن التدخل في سياساتهم الداخلية والخارجية”.
مجلس التعاون الخليجي
رفض الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور نايف فلاح مبارك الحجرف، “جملة وتفصيلا تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي والتي تعكس قراءة سطحية للأحداث في اليمن”.
واستنكر “تعرض الوزير اللبناني للمملكة العربية السعودية التي تقود التحالف العربي لدعم الشرعية اليمنية، ودولة الإمارات العربية المتحدة خلال حديثه متهما إياهما بالاعتداء على اليمن، في الوقت الذي يعمل التحالف العربي لدعم الشرعية على إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح قبل الانقلاب الحوثي على الشرعية في أيلول 2014”.
واستنكر “دفاع وزير الإعلام اللبناني عن جماعة الحوثي الانقلابية في الوقت الذي يتجاهل فيه تعنت الحوثي ضد كل الجهود الدولية الرامية لإنهاء الازمة اليمنية، وفي الوقت الذي تستهدف جماعة الحوثي المملكة العربية السعودية بالصواريخ والمسيرات، وفي الوقت الذي تستهدف جماعة الحوثي أبناء الشعب اليمني الأعزل وتمنع وصول المساعدات الإغاثية للمناطق المنكوبة”، مطالبا قرداحي “بعدم قلب الحقائق”، و”بالاعتذار عما صدر منه من تصريحات مرفوضة”، مؤكدا أن على الدولة اللبنانية أن توضح موقفها تجاه تلك التصريحات”.
أمين عام منظمة التعاون الاسلامي
أعرب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين في بيان، “عن استنكاره ورفضه لتصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي في شأن الوضع في اليمن والإساءة للمملكة العربية السعودية رئيسة القمة الإسلامية والإمارات العربية المتحدة”.
وشدد الأمين العام على “أن تصريحات وزير الإعلام اللبناني تصرف غير مسؤول ولا يبالي بمصلحة الشعب اليمني”. وأكد “أن منظمة التعاون الإسلامي تثمن الجهود التي تقوم بها السعودية من خلال قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن ومساندة الحكومة الشرعية لإعادة الأمور إلى نصابها ووقف الانقلاب على الشرعية الذي قامت به ميليشيا الحوثي الإرهابية منذ سبتمبر 2014، بالإضافة إلى الدور الإنساني الكبير لمساندة الشعب اليمني من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية”.
وشدد العثيمين على “أن وزير الإعلام اللبناني تجاهل الجهود المبذولة التي تقوم بها المملكة العربية السعودية لتحقيق السلام ووقف إطلاق النار والتي تواجه تعنتا من الحوثيين وإصرارهم على توجيه الصواريخ الباليستية والطائرات المفخخة إلى الشعب اليمني والمدنيين في السعودية، واستهداف أراضي السعودية والمواطنين والمقيمين على أراضيها”.
ودعا العثيمين “وزير الإعلام إلى الاعتذار للسعودية والإمارات واحترام مشاعر الشعب اليمني الذي يعاني ويلات الانقلاب على الشرعية أمنيا وإنسانيا واقتصاديا”، مشيرا إلى “أن المملكة العربية السعودية دوما تدعو للحوار، للوصول إلى حل شامل للأزمة اليمنية وفقا للمرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار اليمني، وقرار مجلس الأمن رقم 2216”.