“مصدر دبلوماسي”
وقّع العراق ولبنان اليوم السبت في بغداد اتفاقًا لتبادل الطاقة يمنح العراق بموجبه لبنان مليون طن من مادة زيت الوقود الثقيل مقابل “خدمات وسلع”، كما جاء في بيان لرئاسة الوزراء العراقية.
وكان وزير الطاقة والمياه ريمون غجر غجر والمدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم قد توجها أمس الجمعة الى بغداد ترافقهما المدير العام لوزارة الطاقة اللبنانية اورور فغالي ووفد من الوزارة للتوقيع على الاتفاق الذي حصل بحضور الرئيس الكاظمي وقد وقّع عن الجانب العراقي وزير المالية علي علاوي.
وجاء حضور اللواء ابراهيم للدور المحوري الذي لعبه في تحقيق هذا الاتفاق مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي أصرّ على ابرام الاتفاقية التي يتم العمل عليها منذ اشهر قبل سفره الى الولايات المتحدة الاميركية لعقد لقاء قمّة مع الرئيس جو بايدن.
وفي خلال مؤتمر صحافي في مطار بيروت لدى عودته، السبت، من العراق، قال وزير الطاقة اللبناني، ريمون غجر، إن آلية هذا الاتفاق “معقدة”، موضحًا أن الاتفاق يسمح بـ”شراء مليون طن من الفيول الثقيل من دولة العراق لصالح مؤسسة كهرباء لبنان”، مقابل “خدمات استشارية واستشفائية”.
لكن وبحسب الوكالات فإن زيت الوقود الثقيل غير صالح للاستعمال مباشرة في معامل الطاقة اللبنانية، ولذلك ستلجأ السلطات اللبنانية إلى التزود بنوع آخر من الوقود من مزودين آخرين، يكون أكثر توافقًا مع المعامل اللبنانية. وأوضح غجر أنه لن يتم الدفع لهؤلاء المزودين بالعملة الصعبة، بل سيجري إعطاؤهم زيت الوقود العراقي في المقابل.
وأضاف “نحن لسنا أول من يلجأ لذلك التبادل، هناك شركات كثيرة ودول كثيرة تقوم بمثل هذا النوع من عمليات الاستبدال”.
وأوضح غجر أن تلك الكمية تغطي ثلث حاجات مؤسسة كهرباء لبنان من الوقود لفترة معينة، آملًا أن تكون كافية لتغطية “فترة الصيف”، ومضيفا “يمكننا أن نعطي خلال فترة أربعة أشهر حوالى تسع ساعات أو عشر ساعات من الكهرباء (يوميًا) كحدّ أقصى”.
وفي نيسان الماضي، وقع البلدان اتفاقًا أوليًا ينص على تأمين بغداد النفط للبنان مقابل تقديم لبنان الدعم في مجال الخدمات الطبية والاستشفائية، لا سيما عبر إرسال خبراء لبنانيين وفرق طبية متخصصة للمساعدة في إدارة منشآت طبية جديدة في العراق.
ويعدّ الاتفاق الذي وقّع السبت حيويًا بالنسبة للبنان الذي يعيش أسوأ أزمة طاقة في تاريخه. فمنذ أكثر من شهر، توقفت محطاته الكهربائية عن العمل في شكل شبه كامل، مما جعل مدة انقطاع الكهرباء تصل إلى 22 ساعة يوميا بسبب الشحّ في الفيول الضروري لتشغيل معامل إنتاج الكهرباء وفي المازوت المستخدم لتشغيل المولدات الخاصة، مع نضوب احتياطي الدولار لدى مصرف لبنان وتأخره في فتح اعتمادات للاستيراد.
أما العراق، وعلى الرغم من أنه ثاني منتج للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، فإنه يستورد نحو ثلث حاجته من الغاز والطاقة من جارته إيران، لأن قطاع الطاقة فيه متهالك جراء عقود من النزاعات والفساد والإهمال.
وقائع مؤتمر غجر
شكر وزير الطاقة والمياه ريمون غجر “الدولة العراقية ورئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وكل الجهات التي بذلت جهدا كبيرا خلال الثلاثة أشهر الماضية الى أن وصلنا للاتفاقية التي وقعناها اليوم، وهي شراء مليون طن من الفيول الثقيل من دولة العراق لصالح مؤسسة كهرباء لبنان”.
وأضاف: “طبعا هذا الشيء لم يكن ليحدث لولا الجهود الجبارة من اللواء عباس ابراهيم وفريق عملنا كله، سواء في وزارة الطاقة أم المديرية العامة للنفط والرؤساء الثلاثة”.
وأشار غجر الى أن هذه الاتفاقية “تشمل استيراد وشراء مليون طن من الفيول الثقيل لصالح مؤسسة كهرباء لبنان لمدة سنة، ووفقا للأسعار التي يحددها الجانب العراقي، وهذا الفيول نحن في لبنان لا نستطيع استعماله، لان مواصفات الفيول التي نستعملها في معاملنا مختلفة، والذي سيحدث أننا سنقوم تباعا وحسب الحاجة بمناقصات لشراء فيول من خلال سبوت كارغو لمؤسسة كهرباء لبنان وللقطاع الخاص يعني الى منشآت النفط، وتتم هذه المناقصات حسب premium لكل شركة. ولكن الفرق أنه بدلا من أن ندفع من خلال مصرف لبنان، سنقول لهم أن يستبدلوا النفط الذين سيعطوننا إياه بنفط عراقي”.
وأشار الى أن “كمية الفيول التي تقدر بثلاثة ملايين طن هي ثلث الكمية التي نحتاجها عادة في لبنان، فنحن نحرق عادة ثلاثة ملايين طن من فيول grade A وفيول grade B او Gaz oil. وعن كمية الكهرباء التي ممكن أن تعطينا، فهذا يتوقف حسب الكمية التي سنعطيها نحن، وممكن أن تعطي لمدة أربعة أشهر وحسب الطلب، فالوضع يتغير بين الصيف والشتاء، ففي الصيف يمكن إعطاء تسع ساعات أما في الشتاء يمكن إعطاء اربع عشرة ساعة”.
وأضاف: “مؤسسة كهرباء لبنان تحاول تطويل أمد الفيول الموجود من خلال السلفة التي اخذناها من مجلس النواب، والتي هي بقيمة مئتي مليون دولار، والتي لا ولن نستعملها ولم نصرف غيرها الا من الوفر العائد لعام 2020 أو من خلال شراء الفيول أو استبداله من العراق. فكلنا نقرر، كم والى اي مدة، الى حين نجد حلا مستداما ولمدة أطول”.
وردا على سؤال قال غجر: “نحن نريد مصلحة الدولة اللبنانية والشعب اللبناني، ولم نذهب شرقا أو غربا، وفي حال جاءنا عرض كمثل عرض العراق، فإننا نستجيب بطريقة ايجابية، لأنه في حال العرض العراقي نحن نأخذ فيولا مقابل خدمات”.
وتابع: “أما بالنسبة الى العرض الإيراني، فلم يأتنا أي شي رسمي لا بالليرة ولا بالدولار، وما نقوله عندما يكون هناك عرض فندرسه ويتم التوافق عليه بأي عملة أو طريقة. وطبعا هذا موضوع يتطلب موافقات استثنائية من كل الجهات المعنية، من رئيس الجمهورية الى رئيس مجلس الوزراء الى وزير المالية الى مصرف لبنان، وكلهم يجب أن يتفقوا بأن هذا عرض إيجابي ولصالح لبنان، إذا عرض بشكل رسمي سندرسه ونوافق عليه أو نرفضه حسب المعطيات الموجودة”.
وردا على سؤال قال غجر: “لم يحك أي مرة عن موضوع الهبة من العراق، فالحديث دائما كان يدور حول الفيول مقابل خدمات استشارية، فموضوع الهبة هو كلام إعلامي. فإذا وجد عقد بين مديرية النفط وشركة سومو لاستيراد نفط من العراق له ثمن حسب السعر العالمي”، نافيا أن “يكون لبنان قد دفع بالدولار”، مؤكدا أن “الدولة العراقية قبلت بفتح حساب بمصرف لبنان مقابل هذا الفيول أو المحروقات، وهذا الحساب تحركه وزارة المال، ولكن تشتري فيه داخل لبنان ولا تصدر دولارا واحدا خارج لبنان، يعني الخدمات تدفع بالليرة اللبنانية حسب السعر بلبنان. لذلك لن نمس بالاحتياطي الإلزامي لأن الدفع داخل لبنان وأيضا هذه ليست هبة، فالعراق يحق له التصرف بثروته واستعمالها لصالحه. ونحن سألنا الشركات التي نتعامل معها بخصوص عملية الاستبدال ولم ترفض”.
وأشار غجر الى أن “النفط العراقي عنده قيمة لانه من ثاني أكبر دول العالم بتصدير النفط”.
وعن جهود اللواء عباس ابراهيم قال غجر: “إن اللواء عباس ابراهيم لديه علاقات جيدة جدا، وحكومة العراق تثق به، وهو ملم بكل التفاصيل وفتح لنا كل الأبواب. ونحن جهدنا كان صغيرا، والفضل يعود للواء عباس ابراهيم”.
وتمنى الوزير غجر من دول عربية شقيقة أن “تحذو حذو دولة العراق وتعطينا فرصة مثل العراق، لانها فرصة ذهبية بالنسبة الينا”.