“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة:
يصادف اليوم الثلاثاء في 23 فبراير يوم الجيش الروسي، او يوم الدفاع الروسي. وبهذه المناسبة اجرى موقع “مصدر دبلوماسي” مقابلة مع السفير الروسي السابق في لبنان والخبير في شؤون الشرق الأوسط الكسندر زاسبيكين الذي امضى في ربوع هذا الشرق 47 عاما بصفته الدبلوماسية، وهو لا يزال يتابع التطورات في لبنان وسوريا والمنطقة من روسيا وإن بشكل غير رسمي.
في مقابلته مع موقع “مصدر دبلوماسي” أدلى زاسبيكين بمجموعة من المواقف المهمّة، وهو ظهّر الخلاف المستمر بين الادارة الاميركية الديموقراطية بإدارة الرئيس جو بايدن وروسيا، مشيرا الى المزيد من الضغوط الغربية ضد روسيا عبر اوكرانيا. وتحدث عن سياسة الروسوفوبيا التي يعتمدها الغرب ضد روسيا، قائلا بأن الخبراء السياسيين عبروا عن ارتياحهم من تصريح وزير الخارجية سيرغي لافروف عن جاهزية روسيا لقطع العلاقات مع الاتحاد الاوروبي في حال فرض عقوبات جديدة على روسيا. بالنسبة الى الملف السوري، جدد زاسبيكين التأكيد بأنه “بتعاون روسيا مع سوريا وحلفائها فإننا نستطيع اسقاط المخططات العدوانية وتحقيق الانجازات دفاعا عن سيادة الدولة”. وقال ان روسيا لا تقبل باتفاق نووي جديد مع ايران مختلف عن اتفاق 2015. لبنانيا، قال السفير الذي امضى قرابة العشرة اعوام في بيروت بأن ” ان لبنان بحاجة الى الاصلاحات، وهذا سيحدث حتما، واذا حصل في هذا السياق انفجار فسوف يؤدي الى انهيار الدولة، ولذلك يجب الوصول السريع الى الاتفاقات المرحلية وبدايتها تشكيل حكومة واتخاذ خطوات اقتصادية ومالية عاجلة، وفي نفس الوقت التعجيل باصلاحات طويلة الامد لفتح المجال لبناء لبنان الحديث”. وأشار الى أن التدويل بمفهوم ادارة خارجية للبنان لن يتحقق.
في ما يأتي نص الحوار:
*نشهد تدهورا في العلاقات بين الدول الغربية وروسيا ما هي ابعاد هذه المواجهة؟
–لا شك بأن الحملة الغربية ضد روسيا هي احدى الميزات الهامة للمرحلة الراهنة، وعلى هامش وجود اجندة موضوعية للعلاقات الروسية الغربية فهي تشمل الامن الاستراتيجي وايجاد الحلول للنزاعات ومكافحة الارهاب والامن الالكتروني، “فبرك” الغرب اجندة وهمية تشمل القرصنة الالكترونية الروسية والتدخل الروسي وخصوصا في الانتخابات وتسميم سكريبال ونافالتي، بالاضافة الى اختراع غريب عجيب تحت عنوان: الحاق الضرر بالديموقراطية الاميركية، وكأن أحدا ما يعرف ماذا يعني هذا العنوان! على هذه الأسس تتصرف “الدولة الاميركية العميقة” وخصوصا الحزب الديموقراطي، وبطبيعة الحال تمّ تصعيد الحملة المعادية لروسيا في بداية عهد بايدن.
*هل يعني ذلك بأن روسيا هي الخصم الاول للولايات المتحدة الاميركية وليس الصين؟
–جاء الرئيس بايدن وعاد الى مشروع معروف حمل عنوان :”نشر الديموقراطية” الذي يتجسّد بتشجيع الفتن الداخلية في الدول لخلق افضل الظروف لهيمنة حكام الغرب. تعتبر روسيا عقدة رئيسية تعرقل تحقيق هذا المشروع. انطلاقا من هذا الواقع، يسعى الغرب الى زعزعة الاوضاع في روسيا وتكرار سيناريو تفكك الاتحاد السوفياتي. كذلك يريد الغرب استخدام الوضع في اوكرانيا لوضع المزيد من الضغوط، إذ يحمّل روسيا مسؤولية تطبيق اتفاقيات مينسك التي لا تشارك فيها روسيا كطرف.
*هل ثمة احتمال بنجاح الضغوط الغربية ضد روسيا؟
-يدرك الرئيس بوتين اولويات معالجة الاوضاع الاقتصادية ويوجّه بحكمة عمل الحكومة والسلطات المحلية ويتميز هذا النشاط بشفافية وصراحة ورؤية موضوعية للوقائع، ويترافق ذلك مع تثبيت ايديولوجية المحبة للوطن والتمسك بالقيم التقليدية كأساس لقوة الدولة الروسية. كما يجب الاشارة الى تعزيز صلابة المواقف الروسية في وجه الضغوط. يعرب الخبراء السياسيون عن ارتياحهم من تصريح وزير الخارجية سيرغي لافروف عن جاهزية روسيا لقطع العلاقات مع الاتحاد الاوروبي في حال فرض عقوبات جديدة على روسيا. واليوم تؤكد روسيا رسميا وشعبيا انها مستعدة للحوار المتساوي مع الغرب ليس لارضائه، وهي لن تتراجع أو تتردد. ومن المهم الاشارة الى أن روسوفوبيا هي اساس ايديولوجي للحملة المعادية لروسيا، وهذا يتطلب تنشيط الجهود لتوطيد العالم الروسي وتعزيز العلاقات مع الدول والاوساط السياسية والاجتماعية الصديقة.
*في هذه الحالة، هل يمكن الوصول الى اية اتفاقات دولية آخذين بالاعتبار ان اي تفاهم بين الغرب وروسيا يشكل جزءا مهما للملفات المطروحة كافة؟
-ليس ذلك مستبعدا، والدليل هو تمديد معاهدة الاسلحة الاستراتيجية، وجدير بالذكر ان الرئيس بايدن يريد اعادة النظر في بعض القرارات المتخذة اثناء ولاية الرئيس ترامب او قبلها، كما من الواضح ان الولايات المتحدة الاميركية فشلت في تحقيق بعض اهدافها، وهي اليوم بحاجة الى تصحيح الاخطاء. لا يفيد لأميركا وحلفائها استمرار الحرب في اليمن وعدم تنفيذ الاتفاق مع ايران. من هذا المنطلق، عدّل الرئيس بايدن موقف أميركا، إلا أنّه من الواضح بأن اعلان النوايا شيء وكيفية التطبيق شيء آخر. في كل الاحوال فإن روسيا متمسكة بالاتفاق الخاص بالبرنامج النووي الايراني، واية محاولات لفرض الشروط الاضافية على ايران غير مقبولة.
*أين اصبحت قضية الحل في سوريا؟
-أظن بأن سوريا وحلفاؤها ينفذون خريطة الطريق المتفق عليها بينهم والبنود الاساسية لهذه الخريطة واضحة: تطبيع الاوضاع ومكافحة الارهاب واستعادة سيادة سوريا واعادة الاعمار وعودة النازحين تدريجيا، وقدر الامكان. الامر ذاته يتعلق بالعملية السياسية في إطار اللجنة الدستورية. ويبقى مسار آستانة إطارا خارجيا يعمل على هذا الأساس. أما الأميركان وحلفاؤهم الاوروبيين والخليجيين على ما يبدو لن يغيّروا نهجهم الرامي الى تجويع سوريا. هنا اود التأكيد بأنه بالتعاون روسيا مع سوريا وحلفائها فإننا نستطيع اسقاط المخططات العدوانية وتحقيق الانجازات دفاعا عن سيادة الدولة.
*كيف ترون الى الوضع في لبنان؟
–كنت ادعو دوما الى ايجاد الحلول بين اللبنانيين بغض النظر عن تطورات الاوضاع الدولية او الاقليمية، واليوم يبقى هذا المبدأ ساري المفعول. أما دور روسيا فيكون في التواصل المتساوي مع جميع الاطراف دون الاصطفاف مع طرف ضد آخر. على الصعيد الدولي، ندعو الى تقديم المساعدة للبنان من دون التدخل في شؤونه الداخلية واحتراما لسيادته ولخصوصياته، وبدرجة اولى ضرورة الحفاظ على التوازن السياسي والطائفي. ان لبنان بحاجة الى الاصلاحات، وهذا سيحدث حتما، واذا حصل في هذا السياق انفجار فسوف يؤدي الى انهيار الدولة، ولذلك يجب الوصول السريع الى الاتفاقات المرحلية وبدايتها تشكيل حكومة واتخاذ خطوات اقتصادية ومالية عاجلة، وفي نفس الوقت التعجيل باصلاحات طويلة الامد لفتح مجال لبناء لبنان الحديث.
*سعادة السفير، هنالك دعوات ومنها للبطريرك الماروني بشارة الراعي لتدويل القضية اللبنانية، ويردّد ان الفاتيكان يدعم هذا التوجه، هل فاتحكم أحد بهذا الأمر؟ ماذا يعني ذلك؟ وما هو موقف روسيا؟
– لا أعرف ما هو المقصود واذا كان يعني ذلك المساعدة للبنان فهذا جيد. أما اذا كان يعني ادارة خارجية ففي كل الاحوال هذا لن يتحقق.
*اخيرا سعادة السفير هل من كلمة نهائية في هذه المقابلة؟
-أخيرا أود القول ان شعب روسيا يحتفل بيوم المدافع عن الوطن اليوم في 23 فبراير الجاري، وبهذه المناسبة يجب التذكير بأن الجيش الروسي الأحمر أو الجيش السوفياتي كان دائما منتصرا على العدو واثناء الحرب العالمية الثانية، أنقذ البشرية من الوباء الفاشي، واليوم يواصل خدمة مصلحة الامن والاستقرار وحقوق الشعوب.