“مصدر دبلوماسي”
بقلم مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات: حسان القطب:
خطاب سعد الحريري في ذكرى اغتيال والده الشهيد رفيق الحريري، يتطلب قراءة في مواقف سعد الحريري السابقة على انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية من ارتياح واطمئنان وثقة… وصولاً الى ما تضمنه الخطاب الاخير من مواقف وشروحات وشكوى وتحذير واستهداف..
مع اقتراب نهاية ولاية الرئيس السابق للجمهورية اللبنانية الجنرال ميشال سليمان، وانطلاق الحملة الانتخابية لاختيار رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، تقدم سعد الحريري باعلان تاييده لترشيح الدكتور سمير جعجع لموقع الرئاسة، ولم تفهم ساحة الحريري وغيرها ايضاً حيثيات هذا التاييد واهميته، وهل بالامكان تأمين اجماع او على الاقل تأييد اكثرية نيابية لايصال جعجع للرئاسة… وهل هناك رضى اقليمي ودولي لهذا الاعلان..؟؟ ولم تعرف هذه الساحة ما هي خطة سمير جعجع لاخراج لبنان من ازمته ورفع الهيمنة عن قراره، والنهوض باقتصاده… والغاء وجود الميليشيات المسلحة وتسلطها على لبنان وشعبه..؟؟؟؟ والتي استدعت اعلان سعد الحريري تاييد هذا الترشيح وتبنيه رسمياً..؟؟
وبعد فترة وجيزة انتقل تاييد سعد الحريري الى تاييد وصول سليمان فرنجية الى سدة الرئاسة متخلياً عن تاييده السابق لحليفه سمير جعجع.. والسبب كما اشار احد المقربين من الحريري، هو ان هناك استحالة موضوعية لوصول جعجع لسدة الرئاسة وبما ان فرص سليمان فرنجية وحظوظه اكثر حضوراً، وبما ان صداقة تجمع سعد الحريري، بالسيد سليمان فرنجية، الذي هو في الوقت ذاته حليف حزب الله وجزء من تحالف قوى الثامن آذار وتربطه علاقة شخصية خاصة بديكتاتور سوريا بشار الاسد..؟؟ فلا مانع من التخلي عن سمير جعجع وتبني ترشيح سليمان فرنجية..؟؟؟
ومع عجز سليمان فرنجية عن الحصول على تاييد حزب الله لتبني ترشيحه رغم حصوله على تاييد سعد الحريري، واصرار حزب الله على تاييد الجنرال ميشال عون للرئاسة … تحول سعد الحريري ملتحقاً بالدكتور سمير جعجع في تاييد الى تاييد وصول الجنرال عون الى سدة الرئاسة… رغم العداء غير المسبوق الذي اعلنه التيار الوطني الحر في مواقفه وسلوكه وتصريحاته وممارساته ضد اتفاق الطائف وقوى الرابع عشر من آذار/مارس… وضد الدول العربية ومواقفها واعلان التحاقه بمحور ايران ومن معها وتاييده لما يقوم به نظام سوريا ضد الشعب السوري وتعاطفه مع تدخل حزب الله في سوريا وغيرها…؟؟؟
وبالفعل تم الانتخاب ووصل لبنان ووصلنا الى ما نحن عليه الان من انهيار سياسي واقتصادي ومالي واحتلال مقنع على يد ميليشيات مسلحة مرتبطة بمحور اقليمي لا يقيم وزناً لمصالح الشعب اللبناني والامة العربية والاسلامية… بل إن كل ما يهمه هو حماية ايران ورعاية مصالحها وديمومة وجودها…؟؟؟؟
بالعودة الى ما تقدمنا به من واجبنا ان نسأل كيف تبنى المواقف وما هي المعايير … وكيف يتم الاختيار وما هي الاسس والثوابت التي بناءً عليها تتحول المواقف وينتقل التاييد من من شخصية في اقصى اليمين الى اخرى في يسار اليسار…؟؟؟
هذا المشهد يدفعنا للوقوف على النقاط التالي:
هل هناك ماكينة سياسية تقرا الواقع وتستقريء التاريخ من عام 1988 حين تم تشكيل الحكومة العسكرية برئاسة ميشال عون، وصولاً الى تفاهم مار مخايل وما تضمنه من نقاط…وموقف الفريقين (حزب الله والتيار الوطني الحر من اتفاق الطائف والعلاقة مع الامة العربية..)….؟؟؟ ومن ثم تتخذ القرار النهائي…؟؟
هل تدارس الحريري مع فريقه الخطة المفترضة التي قدمها المرشحون الثلاثة وبناءً عليه تم الاختيار والمفاضلة..؟؟؟
ما هو رد او تبرير سعد الحريري على الشخصيات التي نصحته بعدم تاييد وصول ميشال عون الى سدة الرئاسة ومن بينها الرئيس فؤاد السنيورة والرئيس نبيه بري… وغيرهم..؟؟؟ وخاصةً قاعدته الشعبية..؟؟؟
كيف يتجاهل الحريري ان من قام بنشر كتاب الابراء المستحيل من الصعب ان يكون حليفاً وصديقاً بل ربما مستحيل..؟؟؟
عندما اعترضت قاعدة تيار المستقبل وجمهور الطائفة السنية في لبنان على هذا التاييد رفض الحريري الاستماع لهم باعتبار انه لاعب وقائد يقود جمهوره ولا ينقاد لجمهوره..؟؟؟ وهذا ما ذكرته احدى الشخصيات المقربة منه جداً جداً..؟؟؟ إضافةً الى ان تيار المستقبل عابر للطوائف ولا يمثل السنة والجماعة الا في الانتخابات النيابية…؟؟ فإلى اين وصلنا ومن كان على خطأ ومن كان على صواب..؟؟؟
الان وخلال الخطاب الاخير وبعد ان وصل سعد الحريري الى الطريق المسدود، اطلق خطاباً عرض فيه كافة المشاكل والصعوبات التي تمنعه من تشكيل حكومة..؟؟؟؟ وليس ليعلن عن خطته للعمل على خلاص لبنان من ازمته، بل حتى انه تجاهل الازمة الحقيقية المتمثلة بارتباط لبنان بمحور عدائي للامة العربية والمجتمع الدولي وانه في الواقع كان سابقاً وسيكون مستقبلا رئيس هذه الحكومة ..؟؟؟؟ التي مطلوب منها تغطية هذه السياسات، وهذا ما حصل طوال سنوات عهد ميشال عون..؟؟؟؟
لم يحدثنا سعد الحريري عن محاولته الفاشلة خلال زياراته الاخيرة لبعض الدول العربية وفرنسا وتركيا العمل لاعادة تسويق ضرورة وجود حزب الله ممثلاً في الحكومة باعتباره امر واقع وقوة مسلحة اساسية ولا يمكن تجاوزها، وبالتالي يجب ان تشارك في السلطة والتفاهم معها ولو على حساب اللبنانيين ومصلحة الشعب اللبناني ومصالحه في الداخل والخارج..؟؟ محاولاً بذلك تجاوز القرار العربي والدولي الهادف الى منع حزب الله من وضع يده على لبنان… ووقف اي دعم مالي وسياسي طالما ان لبنان خاضع لسلطة الولي الفقيه في طهران ومرشد الجمهورية في حارة حريك..؟؟؟؟
فشل سعد الحريري في تسويق مشاركة حزب الله في الحكومة دفعه لتقديم خطاب غير عادي حيث طالب بتسليم سليم عياش المشارك في اغتيال والده ولكن دون ذكر الجهة التي تحميه..حتى لا يزعج حزب الله .. ؟؟؟
كما دفعه ليتذكر بعد ان نسي طويلاً .. ان مدينة بيروت مدينة منكوبة ويجب العمل على خدمة اهلها واعادة اعمارها، ومن يتجول في وسطها التجاري وشوارع مار مخايل والجميزة والمدور وغيرها يشعر بعميق الازمة وحجم المصيبة التي وصل اليها الشعب اللبناني …بكافة مكوناته دون استثناء..؟؟
ولكنه اي الحريري تجاهل واقع شمال لبنان ومدينة طرابلس التي وعدها بالكثير طوال سنوات ولكن لم ينفذ من وعوده شيء..؟؟
ولم يأت على ذكر مدينة صيدا التي احتضنت العائلة وليس العكسوهي تعاني من ازمة اقتصادية غير مسبوقة نتيجة غياب السياسات الاقتصادية والمشاريع التنموية وغياب الرئيس السنيورة عنها لاسباب معينة نتمنى ان يتجاهلها خدمة لمدينته واهلها ..؟؟
ولم يشر الحريري الى ما يعانيه اهلنا في البقاع بكافة مدنه وقراه، ومدينة بعلبك بشكلٍ خاص من حرب شوارع شبه يومية وفلتان امني..؟
وماذا عن جنوب لبنان اقصى جنوب لبنان، وبالتحديد منطقة العرقوب التي تعاني الحرمان..؟؟
الخلاصة: الجمهور الذي تم تجاهله وحرمانه من الاستشارة كما من الخدمات، ومن الرعاية كما من الحضور السياسي..وعزله داخلياً كما اقليمياً.. لا يمكن العودة اليه عند الضرورة لاستعادة موقع او تعزيز حضور… القيادة مسؤولية وليست سلطة وتسلط..؟؟ ومن قال عن سعد الحريري بانه يقود ولا ينقاد، يؤكد عدم وعيه السياسي، لان المطلوب دراسة القرارات قبل اتخاذها مع فريق حقيقي يفهم الامور ويدرك خطورة اتخاذ اي قرار خاطيء…؟؟
إن جمهور اهل السنة والجماعة في لبنان كما جميع اللبنانيين الوطنيين والسياديين، امام مفترق صعب وعليهم مواجهة تداعيات ضعف وتردد وجهل هذه القيادة.. لذلك المطلوب العمل على تظهير قيادات وطنية اسلامية تدرك اهمية بناء فريق وطني يتعاون مع كافة المكونات الوطنية لانقاذ لبنان مما يعاني منه وابعاد هواة السياسة الذين يتخذون القرارات بناءً على ما يتناسب مع مصالحهم وليس لخدمة وطنهم..؟؟؟
وفي نفس الوقت يمكن القول ان كلام سعد الحريري من عدم القدرة على تشكيل حكومة بمشاركة حزب الله، نتيجة قرار عربي واقليمي ودولي.. معناه ان تصعيداً سياسياً سوف يمارسه حزب الله على الساحة اللبنانية وربما يصل بنا الامر الى التعايش مع تشنجات امنية محدودة للضغط على المجتمع الدولي والعربي، لتغيير موقفهم او تليين سلوكهم، والا عاش الشعب اللبناني معاناة حقيقية في حين ان ايران تدعم ميليشيا حزب الله وبعض جمهوره..؟؟
لذا علينا الصمود وتعزيز وحدتنا ومواجهة كل التداعيات واغتيال لقمان سليم ليس عفوياً او تصرف فردي فهو رسالة متعددة الاتجاهات… وقد يكون هناك رسائل اخرى..؟؟