“مصدر دبلوماسي”- مارلين خليفة
وكأن وزيرة الاعلام منال عبد الصمد لم تكن تصغي الى كلمة نقيب المحررين جوزف القصيفي الذي قال في لقاء معها في النقابة:” تؤكد نقابة المحررين رفضها مثول أي زميلة وزميل في حال ملاحقة أي منهم لمخالفة نشر إلا أمام محكمة المطبوعات وأن يتولى التحقيق معهم القضاة وليس الضابطة العدلية”. إذ قالت في كلمة لها بمناسبة زيارتها للنقابة اليوم الآتي: ” أما بالنسبة الى الاعلاميين والأحكام بحقهم، نؤكد ان الاعلامي ليس مجرما وحقوقه مصانة وان لديه حرية الرأي والتعبير المصانة في الدستور، وبالتالي لدينا اقتراحاتنا في ما يتعلق بهذا الموضوع من ناحية طبيعة العقوبات التي تفرض على الاعلامي، كما البحث في عقوبة السجن التي يجب ألا تكون في اطار موسع آخذين في الاعتبار بعض الضوابط التي تحمي الدولة وهيبتها واركانها الأساسيين”.
كلام مستغرب جدا، من وزيرة اتت الى وزارة الاعلام على متن حكومة جلبتها صرخات اللبنانيين المألومة من بعض دولة فقدت هيبتها وبعض أركان فاسدين يجب التصويب عليهم وعلى أدائهم يوميا من قبل إعلام رصين وحرّ. أمر مستغرب من وزيرة اعلام تريد نسف كل ما يوجد من قوانين وشرعات سابقة لصنع قانون اعلام غير معروف على مقاس من، وحيث ان بعض مستشاريها يهيمون في عقلية القمع والتهويل. لم تسمع منال عبد الصمد ايضا ما قاله النقيب القصيفي وعلها تسمع هي الآتية من وزارة المالية ولا علاقة لها بمهنتنا لا من قريب ولا من بعيد ومعظم من تعود اليهم لتسألهم إما قانونيين أوقضاة وليسوا اعلاميين وأكاديميين وليسوا أهل المهنة الحقة، وقد أنقذت نفسها اخيرا بالاستعانة بمشرعين اثنين وقانونيين لديهم همّ الحرية هما زياد بارود وغسان مخيبر لكن يبدو أنه لم يكن علينا ان نتنفس الصعداء بعد تصريحها المرفوض اليوم. إقرئي جيدا يا سيدة كلام النقيب القصيفي:
“نرغب في أن نلفتك أيضا إلى الآتي:
“لماذا يخاط قانون الإعلام في غفلة من المعنيين وأوّلي الشأن، وكأنه سر من الأسرار وباختصار نحن غير معنيين بأي أمر يتصل بما يطبخ على مستوى الصحافة والاعلام، من دون أن تكون لنا شراكة فيه ورأي ان أهل مكة ادرى بشعابها”.
بعد تلميح اليوم المقصود بالتأكيد نقول لك: إن شعاب مهنتنا وعرة جدا، ومن يسلك الطريق الخطأ سيقع في فخاخ كثيرة. الحرية هي سمة لبنان، وليس مدرسة للجبن والخوف، الاعلام في لبنان فقد دروه بسبب طبقة سياسة فاسدة أغرقته بالفساد، لكنه سينهض وسيزيح الفاسدين عنه عاجلا أم آجلا وسيكون الرقيب على عملكم وادائكم بدءا من وزارة الاعلام البائدة التي اغلقتها كل الدول باستثناء لبنان، سننتقدكم، وسنكتب ما نشاء وباللغة التي نريدها، وسنتحداكم الى النهاية وسنكون العين التي تصيبكم كيفما تحركتم وعبثا تهديدنا بالسجن.
ثمة ما يشيبأن بعض الدول “تتحسس ” من أقلام بعض الصحافيين، فهذا شأنها، لا يمكن ان تقوم بعض الدول “الصديقة” للبنان بفرض اجندتها على الاعلام اللبناني، تحت حجة الحفاظ على علاقات لبنان الاخوية وحفاظا على مشاعر بعض السفراء الذين يجيدون “ضرب الخناجر “بظهر وطننا وهم يبتسمون لنا، والدليل الحصار الذي يمارس على الشعب اللبناني برمته لتجويعه ولفرض اجندات هذه الدول بالقوة. أي قانون لا يكون على مقاس حريتنا اغلوه واشربوا مياهه العكرة.
هنا الخبر الرسمي:
زارت وزيرة الإعلإم منال عبد الصمد “نقابة محرري الصحافة اللبنانية، في مقرّها في الحازميّة، وإلتقت النقيب جوزف القصيفي وأعضاء مجلس النقابة وبحثت معهم في شؤون الإعلام وشجونه في ظلّ الأزمة الخانقة التي يعيشها لبنان والعالم.
إستهل النقيب القصيفي اللقاء بكلمة ترحيب جاء فيها:
“صاحبة المعالي
نرحبّ بك ضيفة عزيزة في هذه الأحوال الصعبة والمعقدة التي يمر بها الوطن. ولئن كانت جائحة ” الكورونا” قد شلت دورة الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وقلصّت الى الحدود الدنيا حركة الانتاج، فان الجائحة التي أصابت الصحافة اللبنانية والاعلام على اختلافه، هي أشد وادهى وتنذر بكوارث قد تفضي إلى سقوط هذا القطاع ،أو على الأقل تحوله إلى قطاع شليل ، هامشي لا تأثير له ولا حضور فاعلا.
وفي خضم الورشة التي شرعت في إطلاقها من أجل تنظيم قطاع الاعلام فقد دعاك مجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية لدى زيارتك في وزارة الاعلام مهنئا لمناسبة تقلدك مهماتك على رأسها، إلى ترك بصمة تشي أن مرورك فيها لن يكون عابرا ، مبدية استعدادها لكل تعاون مخلص وبان من أجل إنقاذ القطاع ، مما يعاني من مشكلات ويواجه من تحديات.
على أن المعبر الرئيس لهذا التعاون ، هو في الإسراع بإقرار مشروع القانون الذي يعدل قانون إنشاء نقابة المحررين الراقد في إدراج مجلس الوزراء منذ العام ٢٠١٧، وهو مشروع على درجة عالية من الأهمية لأنه يجيز انتساب الإعلاميين في قطاعي المرئي والمسموع والصحافة الإلكترونية إلى النقابة ، بما يوسع قاعدتها، ويجدد خلاياها ويمكنها من تحصين المنضوين إليها بصورة أفضل. فهل يحتاج الأمر إلى ” فانوس” علاء الدين ليخرج” سمسم” من ” القمقم”؟
وهل ستكونين هذا العلاء الدين الذي سيفتح الأبواب المستغلقة في وجه هذا المشروع؟ صاحبة المعالي
نرغب في أن نلفتك أيضا إلى الآتي:
لماذا يخاط قانون الإعلام في غفلة من المعنيين وأولي الشأن، وكأنه سر من الأسرار وباختصار نحن غير معنيين بأي أمر يتصل بما يطبخ على مستوى الصحافة والاعلام، من دون أن تكون لنا شراكة فيه ورأي. ان أهل مكة ادرى بشعابها.
اين الدولة من مشكلات الاعلام: هل هي عازمة على الانتقال من الإعلام الرسمي إلى الإعلام العمومي . وفي انتظار التشريعات الحديثة الموعودة ، اين هو دور الدولة في توفير العناية والرعاية اللازمتين لقطاع الإعلام العام منه والخاص أسوة بالقطاعات الإنتاجية الوطنية الأخرى، وهو كان لعقود خلت أحد أعمدة الازدهار، وقطبا جاذبا للاستثمارات، ومعيلا لآلاف العائلات؟
انطلاقا مما تقدم نطالب بصندوق وطني لدعم الصحافة وتمويل صناديق تعاضد وتقاعد الصحافيين، ينشئ من القطاعين العام والخاص،وذلك وفق نظام خاص
يضعه خبراء واخصائيون ، ولا تكون مساعداته مشروطة ومقيدة بما لا ينسجم مع رسالة المهنة القائمة على الحرية والديموقراطية.
تؤكد نقابة المحررين رفضها مثول أي زميلة وزميل في حال ملاحقة أي منهم لمخالفة نشر ، إلا أمام محكمة المطبوعات ، وأن يتولى التحقيق معهم القضاة وليس الضابطة العدلية. كما تطالب النقابة من محكمة العمل الإسراع في بت الدعاوى المقامة من الزملاء المصروفين على مؤسساتهم، بروح الإنصاف وليس بانصاف الحلول. داعية ادارات الصحف وسائر المؤسسات التي أقفلت ، إلى سداد ما يتوجب عليها لهؤلاء . كما إلى سداد الرواتب المتأخرة للعاملين في المؤسسات المتعثرة، والكف عن اقتطاع نسب مرتفعة من معاشاتهم الشهرية.
صاحبة المعالي
نجدد الترحيب بك، وإننا ننهد إلى إنجازات تلبي طموحات الصحافيين والاعلاميين الذين لن يرتضوا قانونا أو مشروعا لا يحقق ما يصبون إليه، ولا يوطد مرجعيتهم ودورها في رسم السياسات الناظمة لهذا القطاع.
لا يمكن للنقابة إلا أن تكون في خط الدفاع الأول عن حرية الصحافة والاعلام، وإلى جانب أهل المهنة، تأخذ بعضدهم ، ساعية إلى وحدتهم ، متمثلة قول الشاعر:
اصابع كف المرء في العد خمسة
لكنها في مقبض السيف واحد”.
وردّت الوزيرة عبد الصمد بكلمة جاء فيها:
“أشكر لكم دعوتكم لي، أيها الزملاء الكرام. خصوصًا أننا نعتبر أن دور نقابة محرّري الصحافة هو دور أساسي لأنها حافظة وضامنة لحقوق الإعلاميين وكلّ المنتسبين إليها. وللأسف وبحسب القوانين المرعيّة الإجراء، لا يمكنها تغطيّة كلّ الإعلاميين، وهذا يتطلّب تعديلات للقوانين تأخذ في الإعتبار هذا الموضوع”.
وتابعت: “لقد تحدّث النقيب القصيفي في كلمته، عن سمسم خرج من القمقم. وأن مشروع القانون المتعلّق بنقابة المحرّرين والموجود في مجلس الوزراء قد وضعنا تعديلاتنا عليه وسنأخذ، بطبيعة الحال، برأي النقابة وبرأي المعنيين في هذا القطاع، لنرى ما إذا كانت هذه التعديلات تتوافق مع مطالب النقابة التي يجب أن ينتسب إليها كل الإعلاميين الذين يتمّ توصيفهم في قانون الإعلام، وطبعًا، لا أعني القانون الحالي، الذي نحن في صدد تعديله، والذي هو إقتراح قانون موجود حاليًا في لجنة الإدارة والعدل النيابيّة الذي يُعرِّف وبشكل واضح وصريح، من هو الإعلامي أو الصحافي، وعلى ضوء ذلك فإن كل من يستوفي الشروط يحقّ له الإنتساب إلى النقابة التي يجب أن تكون نقابة موّحدة وتضمّ كل الإعلاميين تحت سقف واحد.
وقالت: إقتراح القانون الذي تكلّم النقيب القصيفي عنه، يتم البحث فيه اليوم في ظلّ تغيير ملحوظ على العمل الإعلامي في العالم. ومن المواجب أن يكون لدينا في لبنان قانون إعلامي يواكب هذا التطوّر العالمي وفي الوقت نفسه يجعلنا نفكّر في الأدوار التي يمكن أن يلعبها الإعلام الخاص والإعلام العام في عصرنا هذا. ولا
أعني بالإعلام العام، الإعلام الرسمي والحكومي. الإعلام العام، هو الذي يلّبي كلّ حاجات الشعب ومتطّلباته، والذي يشكّل صلة تواصل وإتصال بين الدولة والشعب، ومن الضروري أن يلحظ القانون هذا الأمر.
ولا بدّ لي من شكر كلّ المعنيين ولجنة الإدارة والعدل ولجنة الإعلام والإتصالات النيابيتين اللتين نتعاون معهما لنبدي ملاحظاتنا على إقتراح القانون ليكون مواكبًا لكلّ التطورّات التي حصلت والتي تواكب الخطة الإستراتيجيّة التي أعدّتها وزارة الإعلام وهي في طور عرضها كاملة على مجلس الوزراء قريبًا لأبداء ملاحظاته وتصوّراته ضمن القانون الذي نعمل عليه ليكون قانونًا واحدًا.
وتابعت: أما بالنسبة إلى الإعلاميين والأحكام بحقّهم، نؤكد أن الإعلامي ليس مجرمًا وحقوقه مصانة وأن لديه حريّة الرأي والتعبير المصانة في الدستور، وبالتالي لدينا إقتراحاتنا في ما يتعلق بهذا الموضوع من ناحيّة طبيعة العقوبات التي تُفرض على الإعلامي، كما البحث في عقوبة السجن التي يجب ألا تكون في إطار موسّع، أخذين بالإعتبار بعض الضوابط التي تحمي الدولة وهيبتها وأركانها الأساسيين.
وبالنسبة إلى حقوق الإعلاميين الماديّة، كما تطالب بكلمتك نقيب، نحن نعمل ليس فقط على الحقوق القانونيّة للإعلامي، بل كذلك على الناحيّة الماديّة التي هي ضرورة ملّحة لإستقرار الإعلامي، خصوصًا في ظلّ الأزمة التي وصل إليها القطاع الإعلامي الذي إنعكس بصورة مباشرة على الإعلاميين ومعيشتهم، وهنا لدينا تصوّر لكيفيّة المحافظة على حقوقهم. وندعو لتأسيس صندوق تعاضد للإعلاميين لنحمي حقوقهم من خلال وجود نظام تقاعدي. وهذا بحاجة إلى أليّة مفصّلة بتأنٍ مع الأخذ بعين الإعتبار ما تمرّ به الدولة اللبنانيّة بأزمة ماليّة كبيرة. وعلينا بحث
هذا الموضوع بتأنٍ ليأخذ كلّ صاحب حقٍ حقّه، ومن دون أن نتسبب بأي ضرر لأي شخص ولخزينة الدولة. وهذا الموضوع هو من أولوياتنا.
أما ما خصّ الضمانات الماليّة والصرّف التعّسفي سنأخذها في الإعتبار، وسنقوم بالتنسيق مع وزارة العمل بالنسبة للعاملين في قطاع الإعلام، ونأمل أن نحقّق كلّ هذه المطالب بتعاون وجهود الجميع، خصوصًا أن هذا الموضوع يصبّ في خدمة المجتمع، ونحن نعتبر الإعلام رسالة ساميّة يجب الدفاع عنها.
وختمت الوزيرة عبد الصمد، بشكرها إستضافة النقابة لها، وأملت بتقدّم قطاع الإعلام “لأنني أعتبره واجهة البلد أكان في لبنان أو في العالم. فالإعلام يظهر الصورة الجميلة التي قد تعطي إنطباعًا عن بلدنا وتعيد المستثمرين إليه والثقة بالدولة وبكل القطاعات العاملة في لبنان. مسؤولتنا كبيرة ونأمل أن نكون جميعنا على قدر هذه المسؤوليّة الملقاة علينا، وفي التعاون قوّة”.
ثمّ عُقدت خلوة بين الوزيرة عبد الصمد ومجلس النقابة، تمّت فيها مناقشة المشروعات التاليّة:
1- مشروع قانون إنشاء نقابة محرّري الصحافة اللبنانيّة (الصحافيين) والتعديلات المقترحة عليه.
2- العناوين الرئيسيّة لخطة وزيرة الإعلام من أجل إعلام جديد وعصري.
3- مشروع قانون الإعلام الذي تدرسه اللجان النيابيّة.
4- مستحقّات وحقوق النقابة السنويّة المتأخرة.
وكانت أجواء اللقاء إيجابيّة ومثمرة وتمّ الإتفاق على سلسلة لقاءات بين الوزارة والنقابة، لمتابعة البحث في الموضوعات المطروحة حتى بلوغ خواتيمها.