“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
تدور النقاشات الدبلوماسية لدول أوروبية وازنة في لبنان حول القرار الذي ستتخذه الحكومة اللبنانية قبل الاثنين المقبل في ما يخص استحقاق تسديد سندات “اليوروبوندز” للدائنين وقيمتها مليار و200 مليون دولار أميركي، وسواء كان القرار بالدفع او بالتخلّف فإنه يجب أن يستند الى خطّة واضحة لإعادة هيكلة الدين العام وجدولته وضرورة ان تكون الدولة على أهبة الاستعداد لأي خيار تتخذه وخصوصا خيار التخلف لأن تداعياته عميقة وبعيدة الامد.
يتساءل سفير دولة أوروبية كبرى عن “الخيارات التي وضعتها الحكومة امامها والطريق الذي ستسلكه سواء كانت ستواصل الدفع ام لا، مشيرا الى أن التخلف عن الدفع سيؤدي الى خضوع لبنان للتدويل وما له من عواقب قانونية وقضائية، فهل إن الدولة اللبنانية مستعدة لهذا المسار؟
ويشير السفير ودولته بطبيعة الحال هي إحدى أعضاء مجموعة الدّعم الدولية، بأن الثقة متزعزعة بكل المسار القائم إذ لم ترصد الدول رؤية واضحة وصريحة وشاملة ومتكاملة لما بعد استحقاق 9 آذار، سواء لاستحقاقات الديون المقبلة او للتعاطي مع الدائنين الأجانب واللبنانيين…
لا تحبذ دول مجموعة الدعم الدولية ومن ضمنها الولايات المتحدة الأميركية “كثرة المشورة” التي تطلبها الحكومة اللبنانية، ويقول سفير الدولة المذكور:” إن هذه الملفات مزمنة ومطروحة منذ أعوام طويلة، ومن المفترض أن يكون لبنان قد شرّحها بشكل كاف، وبات يمتلك الإجابات عنها، حتى صندوق النقد الدولي لن يقدّم للبنانيين إجابات أفضل منهم، فالإجابات الشافية هي لبنانية محض، لأن اللبنانيين وحدهم سيقررون ماذا سيفعلون ولا أحد يمكنه أن يفرض أمرا عليهم”.
بالنسبة الى صندوق النقد الدولي توجه دول أوروبية نقدها لـ”حزب الله” لرفضه الاستعانة بصندوق النقد الدولي معتبرة بأن “الحزب” يعمد الى سياسة التعمية عن أهمية دور الصندوق مدعيا بأن امواله قد تتبدد”. ويقول السفير المذكور:” لا يدفع صندوق النقد الدولي أموالا إلا بموجب خطط معيّنة، ولكن هذه الخطط تضعها الدولة اللبنانية”.
ضمن هذا المنطق السائد أوروبيا ودوليا حيال لبنان، يبدو أن مقررات مؤتمر “سيدر” مؤجلة حاليا بسبب انعدام اية رؤية واضحة للمشاريع وعدم جدولتها بحسب الأولويات كما طلب الإجتماع الأخير لمجموعة الدعم الدولية في باريس في كانون الأول الفائت، ولعدم بدء لبنان برزمة الاصلاحات المطلوبة سواء في المالية العامة أو النظام الضرائبي او في القضاء او قوانين مكافحة الفساد او تعيين هيئات ناظمة وسواها، وان التسويف لا يزال مستمرا منذ الحكومة السابقة التي ترأسها سعد الحريري ولغاية اليوم.
وتتطلع الدول الأوروبية أيضا الى معايير سياسية غير متوافرة للمساعدة على الحل ولحث الدول على دعم لبنان. فما يحدث من حرب في إدلب حاليا ومشاركة “حزب الله” في المعارك الى جانب الجيش السوري أعاد التساؤلات الأوروبية والدولية حول دور سلاح “حزب الله” في الإقليم ولماذا لا يزال هذا السلاح يسجّل مشاركات في سوريا.
الى ذلك، تتخوف الدول الأوروبية من مسألة اللاجئين لكنها لا تعتبر بأن لبنان سيشكل ممرا لهؤلاء اليها، يقول السفير الأوروبي:” من يخيفنا هو أردوغان وليس جبران باسيل، لأن أردوغان قادر على اتخاذ قرار وتنفيذه أما باسيل كما عرفناه فهو يتكلّم بلا ان يكون لكلامه أي معنى فعلي”.
يوجد حرص أوروبي كبير على استقرار لبنان، ولكن لا توجد مصالح استراتيجية كبرى لمعظم الدول الاوروبية في لبنان باستثناء فرنسا.
تنتظر الدول الاوروبية حلولا لبنانية، وتطلب أن تكون الدولة اللبنانية هي التي تضعها، وهنالك تساؤلات جدية عن مدى قدرة الوزراء الجدد في حكومة الرئيس حسان دياب على التصرف بإستقلالية بعيدا من ضغوط الأحزاب التي يبدو بأنها هي التي تتحكم بعمل هذه الحكومة وبقراراتها وبتوجهاتها لغايات غير واضحة لغاية الآن. ويحذر السفير المذكور بأنه إذا استمر هذا التعاطي فإن لبنان ذاهب الى الخراب وبالتالي يجب أن تحسم الحكومة اللبنانية أمرها وأن تجد إجابات واضحة وشافية ومحددة للمسائل بطريقة سريعة بلا تأجيل إضافي لأن الإنهيار الشامل لن يكون سهلا.