“مصدر دبلوماسي”
مارلين خليفة:
شكلت المواطنة اللبنانية #زهراء_قبيسي “تراند” أول على “تويتر” الى جانب #سعد_الحريري، لكن، شتّان بين زهراء الصبية العصامية والموسيقية التي صرفت من عملها بسبب الأزمة الحاصلة في لبنان وبين الشيخ سعد، إبن العزّ ورئيس الحكومة (المستقيل) ومهندس السياسات الإقتصادية في لبنان مع فريق يعود الى حقبة كان والده الراحل رفيق الحريري رئيسا لوزراء لبنان منذ عام 1992 والذي استشهد عام 2005.
شتّان بين زهراء، الصبية التي انتقلت من العزف الى تأسيس فرن صاج صديق للبيئة في النبطية أسمته “عالبال صاج” متخطية أزمتها وداعية اللبنانيين الى التفاؤل ومحاولة ايجاد طرق بديلة لمصادر العيش رافضة اليأس.
بمبادرة فردية، وبقدرات شبه معدومة هي أقل بكثير مما لديه سعد الحريري تعمل زهراء بحسب أكثر من “فيديو” انتشر على مواقع التواصل الإجتماعي على عملية فرز للنفايات ومساعدة ذوي الإحتياجات الخاصة…مصدّرة رسائل الأمل في زمن البؤس والقهر.
هي مواطنة لبنانية، هي فرد ومثلها كثر لا نعرف قصصهم تمكنوا من الخروج من كبوتهم بالمتيسّر معتمدين على معجزة العقل الإنساني الذي لا ينضب أفكارا.
أما الشيخ سعد الحريري، فماذا يفعل؟ منذ أن قرر إبان الأزمة اللبنانية التي تظهرت منذ اندلاع انتفاضة 17 تشرين، قرر بناء على طلب “ملهميه” أن يستقيل من الحكومة من دون وضع خارطة طريق قابلة للتنفيذ، متشبّثا بحكومة تحاكي أذواق “ملهميه” والذين هم اصلا ليسوا معجبين فيه لكنهم يريدون احكام الكماشة على لبنان واللبنانيين تنفيذا لأجنداتهم السياسية الدولية والإقليمية.
لا يلام هؤلاء، فنحن في لبنان لا نعيش في جزيرة منعزلة، وحق كل دولة أن تنفذ أجندتها الخاصة وواجبنا التحصّن. لكن الشيخ سعد نسي أنه “أم الصبي” وأنه مواطن لبناني ورئيس حكومة مسؤول عليه انقاذ بلده، ماذا فعل؟ جمّد تصريف الأعمال في حرد سياسي ليس وقته الآن وسط تدحرج الفقر والبطالة وقلة المال التي أوصلت بعض اللبنانيين الى الإنتحار، قرّر أن يصبح “حرّيف” سياسة، وان “يتمرّن” بشخصيات سنية من أبناء طائفته يرشحها ثم يتلذذ بحرق أسمائها، علما بأننا على عكس كثر نعتبر بأن هذه الأسماء لم تحرق بل طعنت في الظهر في عملية خبيثة توّجت أمس بتلطي الحريري بعباءة المفتي ليؤكد المؤكد والمعروف من قبل المعنيين بأن الحريري يريد رئاسة الحكومة لنفسه بأي ثمن، لكن قراره ليس بيده بل بيد “ملهميه” الذين لا تهمّهم مصلحة لبنان بل مصالحهم الخاصة.
لم يقم الشيخ سعد بأية مبادرة انقاذية سوى ورقة اصلاحية عطلت تلقائيا، في حين كان يمكنه أن يتعلم ممن يقودون الإنتفاضة الذين ابتدعوا أفكارا كثيرة لابقائها حية، كان يمكنه أن يتعلم من زهراء هو وفريقه النيابي والوزاري، وأن يحثهم على القيام بمبادرات فردية مثل زهراء ومثل المنتفضين اللبنانيين تعزز ثقة اللبنانيين وتضمد جروحهم ولو بالمتيسّر عوض تركها تتفاعل وتؤلمهم حتى الموت.
شتّان بين الشيخ سعد وبين زهراء، شتّان بين من يمتهن سياسة الحرق وبين من يعتمد سياسة البناء.