“مصدر دبلوماسي”
وعد اندلاع الحراك طلب رئيس الحكومة سعد الحريري مهلة 72 ساعة قدم بعدها ورقة اصلاحية جوبهت بالرفض من قبل المتظاهرين، ورّدا على سؤال عمّا إذا كانت هذه الورقة كافية؟ كتب هايكو ويمين وهو باحث رئيسي في “أنترناشونال كرايزيس غروب”:”
قد تضع هذه الحلول التقنية في الغالب البلاد على قاعدة مالية أسلم لكنها تبدو غير كافية لتحدي الاحتجاجات التي تتطلب الآن تغييرًا أوسع بالنظام. قوبل تصريح الحريري بعد ظهر الاثنين بالرفض في الشوارع إلى حد كبير. يبدو أن الشعور السائد يتمثل في طرد النخبة السياسية ككل. يتم نشر العديد من المطالب والتي يبدو أنها تتفق على استقالة الحكومة الفورية لصالح حكم جديد سيكون مستقلاً عن الأحزاب السياسية. ستقوم تلك الحكومة الجديدة بعد ذلك بمعالجة الأزمة الاقتصادية وربما الاستعداد لإجراء انتخابات جديدة”.
يضيف ويمن:” إذا ساد هذا المزاج واستمرت الاحتجاجات بالسرعة والحجم الحاليين فقد تقع البلاد في فترة طويلة من الاضطرابات. لا توجد قيادة سياسية بديلة أو معارضة حقيقية للأحزاب الحاكمة. كانت الجولات السابقة من الحركات التلقائية مثل احتجاجات 2015 ضد الفشل الذريع في جمع القمامة تحت عنوان “طلعت ريحتكم” ، قد ولدت محاولات لتشكيل برامج مناهضة حققت نجاحات طفيفة في الانتخابات البلدية والوطنية الأخيرة. ومع ذلك فمن غير الواضح ما إذا كانت هذه المجموعات على استعداد للمشاركة الفعالة في التغيير السياسي ناهيك عن قيام إصلاح جذري للمؤسسات السياسية. إذا بقيت أعداد كبيرة من المتظاهرين في الشوارع واستمروا في عرقلة الدورة الدموية للبلد فإن الشركات والمؤسسات العامة التي ظلت مغلقة منذ 18 تشرين الأول الحالي ستظل مشلولة. وقد تؤدي محاولات استعادة الإنتظام عبر نشر الجيش مثلا الى موجة اخرى من العنف”.
ماذا حصل في الأسبوعين الأخيرين قبل اندلاع الحراك الشعبي؟
في استعادة للمناخ الذي ساد لبنان في الأسبوعين اللذين سبقا اندلاع الحراك يمكن تسجيل الآتي: تداعى عدد من الشباب اللبنانيين منسقين في ما بينهم بعفوية عبر وسائل التواصل الإجتماعي، ونزلوا الى شوارع العاصمة متظاهرين يوم الخميس الفائت في 17 الجاري ضد قرار اتفقت عليه الحكومة اللبنانية بفرض ضريبة 20 سنتا على المكالمات عبر تطبيق “واتساب” المجاني برسم مقطوع هو 6 دولار شهريا. “أب” هذا الإقتراح هو وزير الإتصالات الحالي محمّد شقير و”المروج” له وزير الإعلام جمال الجراح.
اتسعت رقعة التظاهرات في 18 الجاري، بحيث شملت الجغرافيا اللبنانية برمتها من الشمال الى الجنوب متخطية الإنقسامات المذهبية والحزبية والهدف هو تغيير الطبقة السياسية ومحاكمة الفاسدين. تشبه هذه التظاهرات الى حد بعيد تلك التي انطلقت أخيرا في العراق بسبب الفساد المستشري وانعكاسه على الحياة المعيشية للناس. من أبرز الأرقام التي يمكن إيرادها في ما يخص الإقتصاد اللبناني الذي انعكس سلبا على حياة الناس عجز الموازنة الذي بلغ 5،11 في المئة من الناتج المحلي عام 2018، علما بأن المصارف اللبنانية هي من أكبر الدائنين للدولة اللبنانية ويملكها سياسيون فاعلون. تخطى الدين العام اللبناني نسبة الـ150 في المئة من الناتج القومي وتخطت خدمة الدين العام الـ50 في المئة من عائدات الدولة، وتم تخفيض تصنيف لبنان من قبل وكالات التصنيف العالمية مثل “فيتش” وسواها كبلد لديه مخاطر كبرى للإستثمار. كذلك زادت المصارف الفوائد بشكل غير اعتيادي ما اسهم في الركود وحدث أيضا شح في العملات الصعبة لا سيما الدولار ما هدّد عمليا استيراد المواد الأولية كالمحروقات والأدوية والغذاء والطحين. وفي الأسبوع الأخير قبل اندلاع الحراك حصلت حرائق في مناطق لبنانية عدة وخصوصا في الشوف وعاليه والدامور أتت عل جزء واسع من الثروة الحرجية ولولا العناية الإلهية وهطول الأمطار لما تمكنت الدولة اللبنانية من اطفائها بسبب اكتشاف اللبنانيين ان الدولة لم تقم بصيانة 3 طائرات متخصصة بإطفاء الحرائق إذ تبين أنها خارج العمل وتمت الإستعانة بطائرات من قبرص واليونان لإطفاء الحرائق.