“مصدر دبلوماسي”
كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن “تبادل إطلاق النار بين “حزب الله” وإسرائيل في نهاية شهر آب الفائت أثار الخوف من تمدد الصراعات الإقليمية باتجاه لبنان” وكشف أنه” تدخل”شخصيا في هذا الوقت لدى مختلف الأطراف لتفادي التصعيد بالتنسيق الوثيق مع الرئيس سعد الحريري”. أضاف ماكرون:” يبقى اليوم أن يظهر الجميع ضبط نفس كامل”.
كلام ماكرون جاء اثناء استقباله اليوم رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في قصر “الإيليزيه” والذي يقوم بزيارة رسمية لفرنسا التقى فيها وزير الخارجية جان-ايف لودريان ووزير المالية والإقتصاد برونو لومير ورؤساء شركات فرنسية مهمة.
من جهته، قال رئيس الحكومة سعد الحريري أنه تمّ اليوم “توقيع خطاب نوايا مع الحكومة الفرنسية بشأن شراء معدات فرنسية لتعزيز قدرات لبنان الدفاعية والأمنية”.
وقال الحريري انه “سيتم استخدام الجزء الأكبر لتجهيز قواتنا البحرية وتزويدنا بقدرات النقل الجوي البحري هذا الاستثمار أساسي للبنان لضمان سلامة حقولنا النفطية والغازية البحرية والتنقيب فيها. ان فرنسا تبدي مرة أخرى دعمها من خلال تقديم ضمانها للحصول على قرض بشروط سخية يصل إلى 400 مليون يورو”.
ووعد الحريري في حوار مع الصحافيين أنه سيكون لقاء ثان ما ماكرون في نهاية تشرين الثاني المقبل في باريس.
اللقاء مع الرئيس ماكرون
أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل ظهر اليوم الجمعة في قصر الإليزيه محادثات مع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، تركزت حول آخر التطورات في لبنان والمنطقة وسبل تنفيذ مقررات مؤتمر “سيدر” ودعم الاقتصاد اللبناني.
وكان الحريري قد وصل إلى قصر الإليزيه عند العاشرة والربع بتوقيت باريس الحادية عشرة والربع بتوقيت بيروت حيث كان في استقباله الرئيس الفرنسي عند الباحة الخارجية وأدت له التحية ثلة من حرس الشرف.
بيان الرئيس الفرنسي: يمكن للبنان الإعتماد الدائم على فرنسا
ثم أدلى الرئيس الفرنسي ببيان إلى الصحافيين قال فيه: “أرحب بداية برئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري. أنا سعيد للغاية بأن ألقاكم هنا، كصديق قبل كل شيء، في ظرف حساس للبنان الذي يعلم جيدا أنه يمكنه أن يعتمد على التزام فرنسا تجاهه. والحقيقة أنه خلال مداولاتنا السابقة، أكدنا في اتصالاتنا الهاتفية خلال الأسبوع الماضي حرصنا على أمن واستقرار لبنان. فتبادل إطلاق النار بين “حزب الله” وإسرائيل في نهاية شهر آب المنصرم أثار الخوف من تمدد الصراعات الإقليمية باتجاه لبنان، وقد تدخلت شخصيا في هذا الوقت لدى مختلف الأطراف لتفادي التصعيد، بالتنسيق الوثيق مع الرئيس سعد الحريري. يبقى اليوم أن يظهر الجميع ضبط نفس كامل.
كذلك أؤكد للرئيس الحريري أن فرنسا ستبقى ملتزمة بأمن واستقرار لبنان، ضمن إطار قوات “اليونيفيل”، كما في إطار التعاون الوثيق الذي أطلقته والذي يربطها بالجيش والقوى العسكرية اللبنانية. كما سنثير أيضا الأجندة التنفيذية للالتزامات التي اتخذناها سويا بروما في آذار 2018 لتزويد الجيش اللبناني بالعتاد اللازم.
وأؤكد في النهاية للرئيس الحريري أن فرنسا ملتزمة بالكامل بتطبيق القرارات التي اتخذناها في مؤتمر “سيدر” بباريس في نيسان 2018. إنها مسألة إعطاء لبنان الوسائل للقيام بالإصلاحات الطموحة لكي يستعيد وضعه الاقتصادي، بدعم شركائه الدوليين، وبثقة كاملة.
فقد تم تخصيص عشرة مليار يورو، وأنا سعيد لكوننا أقمنا اتفاقا مع الحكومة اللبنانية لإطلاقها بأسرع وقت ممكن. آمل أن يسمح ذلك لمجلس الوزراء ورئيسه أن يتقدما في المشاريع، ولا سيما في قطاع الكهرباء والبنى التحتية والإصلاح الإداري، لما فيه مصلحة مباشرة لكل اللبنانيين.
كذلك سنبحث في آخر تطورات الوضع في الشرق الأوسط. وفرنسا تقف هنا أيضا إلى جانب لبنان لمواجهة التداعيات الكبيرة للأزمة السورية، كما سنواصل تقديم دعمنا الكامل لملف اللاجئين السوريين، مع مراعاة كاملة لاحتياجات المجتمعات المضيفة. كما ستواصل فرنسا العمل على حل دائم للأزمة السورية يسمح للاجئين بالعودة إلى بلدهم. إنه الهدف الأسمى، ويجب ألا يكون هناك لدى أي طرف سطحية في التفكير بأن هذا الأمر يمكن حله في غضون أسابيع ونسيان الأسباب العميقة خلف هذا النزوح.
أنا أعتمد على التزام الرئيس الحريري في كل من هذه المواضيع، بقدر ما يمكنه أن يعتمد على التزامي، وهو يعرف ذلك. كما سأبقى إلى جانب رئيس الوزراء اللبناني ورئيس الجمهورية اللبنانية، لنعمل معا من أجل الصداقة التي لا تتزعزع والتي تجمع بلدينا، لكي تسمح للبنان بمواجهة تحدياته المختلفة. ففي مثل هذه الظروف يُعرَف أين هم الأصدقاء. فرنسا هي صديقة لبنان، وأنتم تعرفون ذلك.
كلمة الرئيس الحريري
بعد ذلك ألقى الرئيس الحريري بيانا، قال فيه: “شكراً سيدي الرئيس على ترحيبكم وعلى هذا اللقاء. يشرفني ويسرني كالعادة إن التقي معكم اليوم.
إنها فرصة لي لأشكركم، باسم جميع اللبنانيين، على دوركم ودور فرنسا في دعم استقرار وأمن لبنان واقتصاده.
هذا الدعم تجلى بشكل واضح مؤخرًا في تمديد ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان وفي الجهود التي بذلتموها شخصيًا لوقف التصعيد بعد الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق منذ عام 2006 على ضاحية بيروت.
ان لبنان ملتزم بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي يحافظ على الهدوء والاستقرار على حدودنا الجنوبية منذ 13 عامًا.
على المستوى الاقتصادي، شرعت حكومتي في الإصلاحات وسأشرح لكم، سيدي الرئيس، كيف ستتم متابعة هذا الجهد خلال السنوات المقبلة. الأمر يتعلق الآن بإطلاق الاستثمارات وآمل أن أدعو لجنة CEDRE الاستراتيجية إلى الانعقاد في باريس في منتصف تشرين الثاني المقبل.
عقدت للتو اجتماعًا ممتازًا مع الوزير برونو لومير وقادة الأعمال الفرنسيين حول المشاريع الاستثمارية في بنيتنا التحتية. وسنناقش معاً بالتأكيد الوضع الإقليمي المقلق وكيفية حماية لبنان. ونحن من جهتنا، نواصل جهودنا لتعزيز مؤسسات الدولة.
في هذا السياق، وقعنا هذا الصباح خطاب نوايا مع حكومتكم بشأن شراء معدات فرنسية لتعزيز قدراتنا الدفاعية والأمنية.
سيتم استخدام الجزء الأكبر لتجهيز قواتنا البحرية وتزويدنا بقدرات النقل الجوي البحري. هذا الاستثمار أساسي للبنان لضمان سلامة حقولنا النفطية والغازية البحرية والتنقيب فيها. ان فرنسا تبدي مرة أخرى دعمها من خلال تقديم ضمانها للحصول على قرض بشروط سخية يصل إلى 400 مليون يورو.
شكرا لكم مرة أخرى سيدي الرئيس.
في منطقة مشتعلة منذ ما يقرب من عقد من الزمن، كان لبنان مصدرًا نادرًا للأخبار السارة: فالتطرف لم يجد له مكانًا وتم ضمان الاستقرار من خلال إجماع سياسي داخلي، كما أثبت نموذجنا للتعايش والحوار جدارته.
أنا واثق اليوم انه مع إصلاحاتنا ومشروعنا لتحديث الاقتصاد والإدارة والبنية التحتية، سيظل لبنان مصدرًا للأخبار السارة، حتى في منطقة صعبة. وهذا بفضل صداقة ودعم فرنسا وصداقتكم ودعمكم سيدي الرئيس.
شكرا لكم وتقبلوا صداقتي وامتناني.
حوار مع الصحافيين
في ختام محادثاته مع الرئيس الفرنسي والتي دامت ما يقارب الساعة ونصف الساعة تحدث الحريري الى الصحافيين وقال:
لقد كان لقاء وديا، وفرنسا تقف دائما إلى جانب لبنان. وقد تحدثنا في أمور المنطقة، وبموضوع “سيدر” الذي هو الأهم بالنسبة إلينا، خاصة في الوضع الاقتصادي الذي نواجهه. كما اتفقنا على مزيد من التواصل لا سيما وأننا أنجزنا لجنة المتابعة، وإن شاء الله سيكون هناك اجتماع آخر لنا في باريس بشهر تشرين الثاني المقبل.
الأمور بالنسبة إلى “سيدر” سائرة، وعلينا أن نقوم بالإصلاحات اللازمة والتي ناقشناها في مجلس الوزراء وفي الموازنة أخيرا.
هذا الأمر يعطينا جوا إيجابيا بإذن الله لكي تعود الأمور اقتصاديا بشكل تدريجي إلى ما كانت عليه، وخصوصا حين يرى العالم أننا نقوم بواجباتنا تجاه اقتصادنا.
فنحن لا نستطيع أن نكمل بالطريقة التي كنا نعمل بها. وقد كان الرئيس الفرنسي حريصا جدا على مساعدة لبنان وعلى استقراره، وهذا أمر مطمئن، وهو مستعد أن يكمل بهذا الاتجاه وأن يساعد لبنان بأية وسيلة ممكنة، والمهم لديه هو أن يكون اللبنانيون والأفرقاء السياسيون حريصين على القيام بالإصلاح. فهذا الإصلاح ليس مطلوبا من أجل الحصول على الأموال، بل لكي نحسن أداء الدولة في لبنان بما فيه مصلحة المواطنين ولكي نحارب الفساد القائم. نحن متفائلون بسيدر، وإن شاء الله نتقدم على هذا الصعيد.
كذلك تحدثنا بالوضع الإقليمي، والرئيس ماكرون يعمل على التهدئة في المنطقة، خاصة بعد التصعيد الذي حصل مؤخرا”.
سئل: هل الفرنسيون راضون عما يقوم به لبنان حتى الساعة لناحية الإصلاحات والإجراءات أم كانت لديهم ملاحظات؟
أجاب: بالتأكيد كانت هناك ملاحظات، وقد أخذنا هذه الملاحظات بعين الاعتبار، لكن المهم هو الإسراع بهذه الإصلاحات، فلم يعد لدينا المزيد من الوقت. ولو قمنا بهذه الإصلاحات قبل تقارير “فتيش” و”أس أند بي” لما كنا اليوم هنا. لذلك يجب ألا نتقاعس أو نتأخر بالإصلاح لأنه هو ما يساعد لبنان.
سئل: ماذا عن الـ400 مليون يورو التي تحدثتم عنها كقرض جديد من فرنسا؟
أجاب: هي ليست قرضا جديدا، ففي مؤتمر روما كان هناك دعم للجيش اللبناني، ونحن لدينا برنامج بحوالي مليار دولار لتجهيز الجيش اللبناني، وإذا أردنا أن نصرف نحن هذا المبلغ فإنه سيكلفنا نحو 14 أو15 في المئة فوائد لكي نسلح أنفسنا بالبواخر التي نحتاجها، كوننا نعمل على موضوع استخراج النفط والغاز في البحر، وبالتالي يجب أن نحمي هذه الصناعات.
من هذا المنطلق، نتفاوض اليوم مع الدولة الفرنسية حول كيفية الحصول على هذا القرض الممتد على مدى 10 أو 15 سنة، للتمكن من شراء هذه البواخر.
سئل: لكن كان هناك تململ من الجانب الإيطالي؟
أجاب: كلا ليست هناك مشكلة، إنه الإعلام اللبناني الذي يحب أن “يزكزك فينا”.
سئل: هل تحدثتم عن وضع لبنان في ظل الصراع الأميركي الإيراني بعد أزمة أرامكو؟
أجاب: أزمة “أرامكو” خطيرة جدا ويجب ألا نستسهل بها، كما يجب ألا نمر عليها مرور الكرام. ما حصل في أرامكو أخذ الأمور إلى مرحلة تصعيدية أكبر بكثير. نتمنى ألا يكون هناك مزيد من التصعيد، والمملكة لها حق الرد بما تراه مناسبا، ففي النهاية، إنه هجوم على أراضيها وعلى سيادتها.
سئل: هل سيكون هناك دور فرنسي في هذا الإطار؟
أجاب: بالتأكيد، الدور الفرنسي دائم ومستمر في هذا الموضوع لتخفيض التصعيد الحاصل.
سئل: كيف كان اجتماعك صباحا مع أصحاب الشركات الفرنسية؟
أجاب: الاجتماع كان ممتازا، وجميعهم متحمسون للاستثمار في سيدر.
سئل: زرت بالأمس الرياض، ويحكى عن دعم مالي سعودي للبنان، فهل سمعتم كلاما بهذا الإطار؟
أجاب: نحن نعمل لعقد اجتماع للجنة العليا السعودية اللبنانية، وقد أنجزنا نحو 19 اتفاقية للتوقيع، كما سنتحدث في كيفية مساعدة المملكة لنا في ما يخص وضعنا المالي. الأهم أنها المرة الأولى التي تعقد فيها لجنة عليا بيننا وبين المملكة العربية السعودية لتوقيع اتفاقيات اقتصادية وتسهيلات بين الدولتين، لكي نتمكن من العمل بطريقة أفضل.
وزير الخارجية الفرنسي
وظهرا، استقبل الرئيس الحريري في دارته بباريس وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان وعرض معه الأوضاع في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين.
استهل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري لقاءاته في باريس اليوم الجمعة باجتماع عقده صباحا مع وزير المالية والاقتصاد الفرنسي برونو لومير في مقر وزارة المال، وعرض معه العلاقات الثنائية بين البلدين ولا سيما على الصعيد الاقتصادي وسبل الدعم الفرنسي للبنان.
ثم التقى الحريري أصحاب الشركات الفرنسية الكبرى على فطور عمل، حضره الوزير لومير السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه، الموفد الرئاسي الفرنسي المكلف متابعة تنفيذ مقررات مؤتمر “سيدر” السفير بيار دوكان، السفير اللبناني في فرنسا رامي عدوان وعدد من مستشاري الحريري.
اللقاء مع وزير المالية والإقتصاد الفرنسي وأصحاب الشركات الفرنسية
في التفاصيل التي ظهّرها المكتب الإعلامي للحريري عن لقاه مع وزير المالية والاقتصاد الفرنسي برونو لومير في مقر وزارة المال، أنّه تمّ عرض العلاقات الثنائية بين البلدين ولا سيما على الصعيد الاقتصادي وسبل الدعم الفرنسي للبنان.
بعد ذلك، التقى الرئيس الحريري أصحاب الشركات الفرنسية الكبرى على فطور عمل، ضم شركاتTotal S.A ، Group ADP – Aéroports De Paris، General Electric France ، Bouygues S.A، CMA CGM Group وSuez S.A.
وخلال الاجتماع، أكد الحريري أنه بالرغم من الصعوبات التي يمر بها لبنان والمنطقة، لا يزال لبنان محطة أساسية للاستثمار داخله وفي محيطه، عارضا مع أصحاب هذه الشركات فرص الاستثمار الحالية على صعيد برنامج الإنفاق الاستثماري والنفط والغاز والمشاريع المشتركة.
وأتى هذا الاجتماع في إطار التواصل مع القطاع الخاص الفرنسي المهتم بالعمل على إعادة تأهيل البنى التحتية في لبنان، لا سيما وأن مؤتمر “سيدر” يلحظ دورا للقطاع الخاص بحدود 5 إلى 8 مليار دولار على مدى السنوات الثماني المقبلة.